أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

عدم الاستقرار غير المسبوق في مصر بالأرقام

- ميشيل دنّ : معهد كارينغي

 

 

في الأشهر الثمانية التي أعقبت عزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي، عانى المصريون من أشدّ التجاوزات في تاريخهم الحديث في مجال حقوق الإنسان والإرهاب. وقد تم حجب حجم وأبعاد هذه القصة عن الأنظار إلى حدّ كبير نظراً إلى عدم توفّر بيانات دقيقة، غير أن التقديرات تشير إلى أنه تم قتل أكثر من 2500 من المصريين، وإصابة أكثر من 17 ألفاً، واعتقال أكثر من 16 ألفاً في المظاهرات والاشتباكات التي جرت منذ 3 تموز/يوليو. وقتل مئات آخرون من المصريين في هجمات إرهابية.

 

تتجاوز هذه الأرقام تلك التي ظهرت حتى في أحلك الفترات التي مرّت على مصر منذ ثورة العام 1952 التي قادها الجيش وجاءت بجمال عبد الناصر إلى السلطة. وهي تعكس استخداماً للعنف على نحو غير مسبوق في التاريخ السياسي الحديث لمصر.

 

ميشيل دنّ هي باحثة أولى في برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، حيث تتركّز أبحاثها على التغييرات السياسية والاقتصادية في البلدان العربية، وخصوصاً في مصر، وعلى السياسة الأميركية في الشرق الأوسط.

أصدر أحد القضاة المصريين يوم 24 آذار/مارس أحكاماً بالإعدام على 529 من أنصار جماعة الإخوان المسلمين (147 منهم معتقلون والباقون هاربون) بتهمة قتل ضابط في الشرطة في سياق أكبر حكم بالإعدام في مصر الحديثة. وعلى الرغم من أنه لا يزال من الممكن الطعن على الأحكام، فإنها تقدّم مثالاً صارخاً على عمق الصراع السياسي الذي دخلت فيه مصر.

 

وعلى الرغم من تصريحات المسؤولين المصريين بأن التدابير التي يتّخذونها ضرورية لتحقيق الاستقرار في البلاد، فإن العكس هو الصحيح. فقد أصبحت مصر أكثر عنفاً وعدم استقرار مما كانت عليه قبل تموز/يوليو 2013 أو مما كانت على مدى عقود طويلة، حيث يثير القمع الذي تمارسه الحكومة دورة متصاعدة من العنف السياسي. وليس ثمّة ما يشير إلى الآن إلى أن الأوضاع ستهدأ قريباً.

الأرقام الحالية

 

من الصعب معرفة عدد المصريين الذين لقوا مصرعهم أو أصيبوا أو سجنوا خلال موجة الاضطرابات التي شهدتها البلاد مؤخّراً، بسبب زيادة التعتيم الحكومي منذ استيلاء الجيش على السلطة، وترهيب الجماعات الدولية التي تتابع التطورات، والخلافات في أوساط جماعات حقوق الإنسان المصرية. المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية هو إحدى المنظمات التي حاولت متابعة الوضع، واعتمدت مبادرتها "ويكي ثورة – Wiki Thawra" على معلومات مفتوحة المصدر لتجميع قاعدة بيانات إحصائية للعنف السياسي منذ ثورة 25 كانون الثاني/يناير التي أدّت إلى إطاحة حسني مبارك.

 

وفي حين لايرجّح أن تكون أرقام "ويكي ثورة" صحيحة وكاملة – في الواقع يأمل مصنّفوها في أن يتمكّن الآخرون من تقديم أرقام أكثر دقّة – فإنها تعتبر الأرقام الأكثر شمولاً المتوفّرة في الوقت الحالي. فهي توفّر شعورا مقنعاً بحجم العنف الذي تعاني منه مصر حالياً.

 

منذ إطاحة مرسي في تموز/يوليو2013، أوردت ويكي ثورة الإحصاءات التالية:

 

القتلى: يُقدَّر أن ما مجموعه 3143 مصرياً قتلوا في أعمال عنف سياسي مختلفة بين 3 تموز/يوليو 2013، و31 كانون الثاني/يناير 2014 (انظر الشكل 1). من بين تلك الوفيات، قتل 2528 مدنياً على الأقل في أحداث سياسية مثل الاحتجاجات والاشتباكات. وقتل 60 من أفراد الشرطة والجنود على الأقلّ أيضاً في تلك الحوادث.

 

الجرحى: ويُقدَّر أن أكثر من 17 ألف مصري قد أصيبوا بجروح في أكثر من 1100 مظاهرة واشتباك بين 3 تموز/يوليو و28 شباط/فبراير.

 

المعتقلون: تم اعتقال مايقدَّر بـ 18977 مصرياً لأسباب تتعلّق بالاضطرابات السياسية في البلاد بين 3 تموز/يوليو و31 كانون الأول/ديسمبر، بمن فيهم 16387 اعتقلوا خلال الأحداث السياسية و2590 آخرين اعتقلوا باعتبارهم قادة سياسيين، هم في الأساس من جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإسلامية الأخرى (انظر الشكل 2). وتتماشى هذه الأرقام إلى حدّ كبير مع تلك التي ذكرتها مصادر في الحكومة. وقد تم إطلاق سراح ما لايزيد عن ربع إلى ثلث هؤلاء السجناء، وفقاً لمحامين في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

 

الإرهاب: يُقدَّر أن ما مجموعه 281 مصرياً لقوا مصرعهم في هجمات إرهابية في الفترة بين 3 تموز/يوليو و31 كانون الثاني/يناير، بمن فيهم 224 من ضباط الشرطة والجنود و57 مدنياً (انظر الشكل 1). تم الإبلاغ عن أكثر من 180 حادثة إرهابية حتى 28 شباط/فبراير. ويبدو أن الأرقام التراكمية للضحايا من المتشدّدين ليست متاحة، غير أن المتحدث باسم الجيش أعلن أنه في شباط/فبراير 2014 وحده قتل 56 متشدّداً على الأقل في شبه جزيرة سيناء.

كيف يبدو حجم هذا العنف مقارنة مع الفترات السابقة من القمع في مصر منذ العام 1952؟ عندما تسارعت وتيرة عدم الاستقرار بعد الانقلاب في أعقاب إطاحة مرسي، وصف المراقبون الحملة على جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها الأكثر شراسة منذ خمسينيات القرن الماضي، كما تساءلوا عما إذا كانت مصر ستشهد عودة عنف التسعينيات الإرهابي. ولكن إذا كانت الأرقام السابقة تصوّر بدقة حجم الاضطرابات الحالية، فإنه يبدو واضحاً أن مصر قد تجاوزت بالفعل هذين الحدثين المدمِّرين.

 

هجمات إرهابية أوسع نطاقاً وأسرع وتيرة

 

بين عامي 1992 و1998، واجه نظام مبارك تمرّداً إسلامياً متشدّداً صغيراً لكنه خطير (ليس من جانب جماعة الإخوان في حدّ ذاتها) استهدف المسؤولين الحكوميين والسياح والمثقفين الليبراليين والمسيحيين. وتشير تقديرات موثوقة إلى أن ما يقرب من 1500 شخص قد قتلوا على مدى سبع سنوات.

 

كانت السنوات بين 1993 وحتى 1995 هي الأكثر دموية، حيث وقعت هجمات شبه يومية شملت اغتيال مسؤولين حكوميين وضباط شرطة وإطلاق النار على السياح وتفجيرات صغيرة. وفقاً لأرقام جمعها مركز ابن خلدون، فإن ما مجموعه 332 شخصا لقوا مصرعهم في العام 1993 (120 من رجال الشرطة و111 من المتطرفين و101 مدنياً)، وقتل 304 أشخاص في العام 1994 (93 من رجال الشرطة و159 من المتطرفين و52 مدنياً)، وقتل 415 شخصاً في العام 1995 (108 من رجال الشرطة و217 من المتطرفين و90 مدنياً). كما شهدت مصر موجة من الإرهاب في العقد المنصرم، استهدفت أبرز الهجمات فيها الفنادق السياحية في سيناء وأسفرت عن مقتل نحو 150 شخصاً بين عامي 2004 و2006.

 

في الأشهر السبعة الأولى التي أعقبت إطاحة مرسي، تجاوزت وتيرة الوفيات ذات الصلة بالأعمال الإرهابية في مصر أسوأ سنوات التسعينيات. وكما تمت الإشارة أعلاه، فإن ما يقدَّر بـ 281 مصرياً لقوا مصرعهم في هجمات إرهابية في الفترة بين 3 تموز/يوليو و31 كانون الثاني/يناير، بمن فيهم 224 من أفراد الشرطة والجيش و57 مدنياً. ولا يشمل هذا الرقم المسلحين الذين يتم احتسابهم ضمن الأرقام منذ التسعينيات.

 

كما أن مواقع الهجمات الإرهابية الحالية مهمة هي الأخرى. فقد كانت مثل هذه الهجمات تحدث في مصر قبل تموز/يوليو 2013. وفقاً لويكي ثورة، فقد سقط نحو 28 ضحية خلال السنة التي أمضاها مرسي في منصبه (تموز/يوليو 2012-حزيران/يونيو 2013)، كلهم أو معظمهم في سيناء. ولكن في الفترة ما بين تموز/يوليو وكانون الثاني/يناير، وقعت 106 من 281 من حالات الوفاة الناجمة عن الإرهاب في البر المصري في اثنتي عشرة محافظة مختلفة. ولا تظهر وتيرة الهجمات أي مؤشّر على التباطؤ. إذ تكشف قراءة متأنّية ووجيزة لمقالات الأهرام على الإنترنت في شباط/فبراير 2014، والتي بالكاد تقدم ملخصاً شاملاً للهجمات، أن 23 من أفراد قوات الأمن قد قتلوا في الهجمات في ذلك الشهر وحده، وجميعهم من خارج سيناء.

 

تبدو أعمال العنف التي تتم ضد ضباط الشرطة والجيش الآن مزيجاً متطوّراً من عمليات أكبر يجري التخطيط لها وتنفيذها من جانب جماعات تتمركز في سيناء وهجمات ثأرية أصغر حجماً تُنفَّذ ضد المسؤولين المحليين، بدوافع محلية محدَّدة. وفيما يتعلق بالهجمات الأكبر، فقد أظهر المتشدّدون قدرتهم على إلحاق ضرر أكبر بكثير إن هم اختاروا القيام بذلك. وقد شملت معظم الهجمات حتى الآن عمليات قتل تستهدف ضباط الشرطة والجنود وضباط الأمن، وحفنة من المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى ولم ترمِ إلى إيقاع خسائر جسيمة في الأرواح. ومع ذلك فقد وقعت حوادث مثيرة للقلق تشير إلى زيادة في تطور الهجمات، بما في ذلك عدة تفجيرات لمبانٍ أمنية واستخدام صواريخ أرض-جو لإسقاط طائرة هليكوبتر عسكرية. وقد تتّسع قائمة الأهداف كما يدلّ على ذلك التفجير الانتحاري الذي وقع في 16 شباط/فبراير على حافلة سياحية في سيناء والذي أدّى إلى مقتل العديد من الكوريين الجنوبيين. وقد أظهر المتشدّدون أيضاً قدرة على تكثيف عملياتهم إحياء لمناسبات معيّنة، حيث جلبت الذكرى الثالثة لثورة كانون الثاني/يناير 2011 سلسلة من الهجمات الفتاكة لمنطقة القاهرة.

 

قمع لا يقل سوءاً عن قمع الخمسينيات

 

شكّلت الحملة القاسية التي شنّها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على جماعة الإخوان المسلمين أسوأ فترة من القمع في تاريخ مصر الحديث، ولكن يبدو أن الأحداث الأخيرة قد تجاوزتها أيضاً.

 

بعد محاولة اغتيال عبد الناصر في تشرين الأول/أكتوبر 1954، اعتقلت الحكومة الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان. خلال أول يومين من الحملة، تم اعتقال 700 من قادة التنظيم، وبحلول نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر ارتفع العدد إلى 1000. وفي يوم 9 كانون الأول/ديسمبر، تم إعدام ستة من زعماء جماعة الإخوان شنقاً، على الرغم من الاحتجاجات الغاضبة في العالم العربي ومشاعر الصدمة في مصر. وسرعان ما وسّع عبد الناصر قائمة الأهداف لتشمل خصومه الليبراليين واليساريين، وخلال العام 1955 سجن ما لا يقلّ عن 20 ألف مصري. تعرض الكثيرون للتعذيب ووضعوا في معسكرات اعتقال كانت قد بنيت لاستيعاب تزايد أعداد نزلاء السجون. استمر القمع طيلة معظم سنوات حكم عبد الناصر حيث أعدم ستة آخرون من زعماء جماعة الإخوان في العام 1966، وظل خصوم عبد الناصر في السجن لسنوات.

 

يستذكر المصريون أيضاً العام 1981 باعتباره زمناً للقمع السياسي الشديد. فخلال شهر أيلول/سبتمبر من ذلك العام، سجن الرئيس الراحل أنور السادات أكثر من 1500 من المعارضين (معظمهم من الإسلاميين، ولكن كان منهم أيضا يساريون وناصريون وليبراليون بارزون)، وهي الأحداث التي تعتبر جزءاً من الفترة التي سبقت اغتياله في تشرين الأول/أكتوبر. غير أن الحملة الحالية تفوق في حجمها تلك الحملة كثيراً.

 

وعلى غرار عبد الناصر، اعتمدت حكومة ما بعد مرسي على الاعتقالات إلى حدّ كبير بهدف سحق المعارضة. فقد تم اعتقال ما يصل إلى 3 آلاف مصري بعد وقت قصير من إطاحة مرسي في 3 تموز/يوليو، وبحلول نهاية العام 2013، تجاوز مجموع المعتقلين وفق تقديرات ويكي ثورة 18 ألفاً، بمن في ذلك قادة الإخوان والآلاف من المصريين الذين ألقي القبض عليهم في الاحتجاجات والمظاهرات. ويقال إن السجون تغصّ بالسجناء، وتنتشر المزاعم عن حصول عمليات تعذيب على نطاق واسع. لم تقتصر الحملة على الإسلاميين، حيث تم أيضاً زجُّ ثوار بارزين من ثورة 25 كانون الثاني/يناير في السجون.

 

تجري حالياً محاكمة قادة جماعة الإخوان، بمن فيهم مرسي، بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام، وحكم على أكثر من 500 من أنصار الرئيس السابق بالإعدام في 24 آذار/مارس 2014، في محاكمة استمرّت ثلاثة أيام. لايزال من الممكن الطعن في الأحكام وإبطالها. ويبقى أن ننتظر لنرى ما إذا كانت السلطات الحالية ستسير على خطى عبد الناصر وتستخدم المحاكم لإعدام خصومها السياسيين.

 

في كلتا الحالتين، فإن الاستخدام المستمر للقوة ضد احتجاجات الإخوان أمر غير مسبوق في تاريخ مصر في فترة ما بعد العام 1952، حيث أسفر عن مقتل أكثر من 2500 من المتظاهرين بين تموز/يوليو 2013 وكانون الثاني/يناير 2014. وفقاً لـ ويكي ثورة، فقد قتل 982 مصرياً أثناء فض اعتصام رابعة العدوية يوم 14 آب/أغسطس وحده، وهو الحدث الذي وصفته منظمة هيومن رايتس ووتش " أخطر حادث قتل جماعي غير مشروع في التاريخ المصري الحديث".

 

لم يقتصر الأمر على اعتصام رابعة. فمنذ تموز/يوليو وقع ما لا يقلّ عن 36 حادثة قتل فيها عشرة أو أكثر من المصريين في الاحتجاجات السياسية والاشتباكات.

 

إلى أين تتجّه مصر؟

 

في أقل من سنة اكتسب حكام مصر فارقين مثيرين للجدل. فمنذ العام 1952، لم تشهد مصر نظاماً أكثر قمعاً من النظام الحالي، ولم يواجه أي نظام على مدى أكثر من جيل كامل تحدّياً إرهابياً أكثر قسوة.

 

الفترة الزمنية هي المجال الذي لم تصل فيه السلطات الحالية إلى مستوى أسلافها في سنوات عبد الناصر ومبارك. إذ ترك عبد الناصر (ومن جاءوا بعده) آلاف المصريين يقبعون في السجن لسنوات، واسـتمرّ تمرّد التسعينيات على مدى نصف عقـد على الأقلّ. ولكن في النهـاية لم يستأصل عبد الناصر جماعة الإخوان، وهي الحركة الحاضرة في المجتمع المصري والحياة العامة منذ العام 1928. وفي حين تم إيقاع الهزيمة بتمرّد التسعينيات في نهاية المطاف، فإن الحملة ضدّه جلبت معها تركة ثقيلة من القوانين الاستبدادية التي زرعت بذور الاضطرابات. كما انتعش دعم الجماعات السلفية المشاركة في التمرّد في وقت لاحق.

 

يبدو أن تصرفات الحكومة الحالية تسير بالبلاد إلى طريق طويلة مماثلة. إذ يستمرّ مسؤولو الحكومة المصرية في تبرير الحملة باعتبارها ضرورية لقمع التهديد الإرهابي، متجاهلين حقيقة أن التهديد كان مجرّد جزء ضئيل من حجمه الحالي قبل بدء الحملة الأمنية في صيف العام 2013.

 

تبنّى بعض أعضاء المجتمع الدولي، ولاسيّما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل وروسيا، رواية الحكومة المصرية بالكامل. غير أن أعضاء آخرين، كالولايات المتحدة والعديد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إن لم يكن كلها، بدوا متناقضين. فما من شكّ في أن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين يودّون أن يروا نهاية لانتهاكات حقوق الإنسان والإرهاب في مصر، وقد أبدوا إلى الآن استعدادهم لإعطاء الحكومة بعض الوقت وكتم انتقاداتهم، في البيان الصادر عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في آذار/مارس 2014 وفي تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان، على سبيل المثال. ولكنهم منزعجون بسبب شكوكهم من أن الأمور لاتسير على ما يرام في مصر.

 

تستعد مصر الآن لتمرير قرار تاريخي آخر في خريطة الطريق السياسية التي وضعت غداة عزل مرسي يتمثّل بانتخاب رئيس جديد، سيكون على الأرجح وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي الذي أقصى مرسي. ومع اقتراب موعد التصويت، فإن السؤال الذي ينبغي طرحه لا يتعلق كثيراً بما إذا كانت حملة القمع السياسي الواسعة وانتهاكات حقوق الإنسان قد تؤدّي، من الناحية النظرية، إلى تهدئة الأوضاع في مصر، بل بما إذا كانت تسهم بالفعل في تهدئة الأوضاع فيها. غير أن الأدلّة والمؤشّرات إلى الآن تبيّن أن الأمر ليس كذلك.

 

ثمّة حاجة في مصر إلى مسار مختلف. وفي ظل عدم وجود استراتيجية اقتصادية وسياسية وحقوقية شاملة تحلّ محلّ القمع الوحشي وتساعد المصريين في أن يسهموا بقدر أكبر في نجاح الحكومة، فإن استمرار دورة الاحتجاج والقمع والإرهاب والانتقام يمثّل نتيجة أكثر احتمالاً من تحقيق الاستقرار.

 

سكوت وليامسون: زميل مبتدئ في برنامج الشرق الأوسط في مؤسّسة كارنيغي للسلام الدولي.

المصدر : معهد كارينجي

Total time: 0.0471