أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

لن تحكموا اليمن

- بقلم : أكرم الثلايا
إن من مسببات تخلف اليمن في بناء دولته الحديثة ، هو التنوع الإجتماعي الذي كان يفترض أن يكون أحد أهم ركائز بناء الدولة الحضارية، بسبب الجهل الذي شاع حقبة الحكم في عصر الإستعمار الأجنبي للمنطقة.
 
في هذه الحقبة نجد تفصيل التنوع الإجتماعي اليمني الذي ينقسم من منطلق واقعي إلى  مناطقي من قبائل في الريف وأعراب في المدن ،  وينقسم أيضا من منطلق عقائدي محدود في النخبة المتعلمة طبقيا ، وينقسم كذلك من منطلق إجتماعي مدني تلقى تعليما لابأس به في فترة مابين ثورة 26 سبتمبر و14 أكتوبر تبنته الدولة بالشطرين اليمنيين حتى دولة 22 مايو الوحدوية وصولا لنهاية حقبة التعليم العام الحكومي الذي تم تخصيصة وانتهى ببداية ما سمي حراك الشعوب في الربيع العربي الذي سرعان ما تحول إلى ربيع عبري خدم الدولة الإسرائيلية عن عمد وتخطيط وهو ما ساتناولة في مقال آخر،  فلست هنا في معرض تاريخي للأحداث بقدر ما أقصد وضع خلفية تاريخية للشباب اليمني عن التنوع المجتمع اليمني وتأثيراته القدرية على مستقبل بناء دولة اليمن الحديث.
 
- إن هذا التنوع الإجتماعي المبسط لطالما كان سببا رئيسيا في الصراعات السياسية لدى النخبة الحاكمة في أغلب حقب الحكم التي بفهمها سيطر السلطان والأمير والملك والحاكم  والرئيس بموجبه على التفرد بالسلطة والحكم.
إبان حقبة الثورات العربية ضد المستعمرين وحركة التنوير العربية التى صاحبتها نهضة تعليمية وثقافية وصحية وإجتماعية بالمنطقة العربية ،  نال اليمن قصد ضئيل من حركة التنوير والتعليم لأن اليمن قبلها كان محكوم بالحديد والنار ومعزول علميا وثقافيا عن العالم في آخر حقبة لحكم الائمة والسلاطين في الشطرين شمالا وجنوبا ، ولم يكن الإستعمار قد نقل العلوم لليمن بإستثناء مدينة عدن درة التاج البريطاني بحقبة المستعمرات التي لا تغيب عنها الشمس.
- كل ذلك التاريخ الإجتماعي المنغلق والمحصور في نطاق ضيق ومجتمعات متناثرة ومبعثرة في السهول والجبال والوديان ، طغئ على اليمنيين وجعلهم بلا هدف واحد ولا مصير واحد ولا دولة واحدة تجمعهم في أي شكل من أشكال الدولة سوء كان وطنيا أو مركزيا أو إتحادي او شبه إتحادي.
 
كانت أهم مرحلة في العصر الحديث لنشوء الدولة اليمنية هي مرحلة ولادة دولة الجمهورية اليمنية على جزئين جغرافيين (الشطر الشمالي والشطر الجنوبي من اليمن ) من أرض اليمن الطبيعي الممتدة بعض اجزاءة إلى صحاري وقفار وجبال وسهول واسعة شمال وشرق شبه الجزيرة العربية.
 
- فترة الوحدة اليمنية كانت الأمل في بناء دولة بمعنى الكلمة،  إلا أنها أسست على خطأ إجرائي ، فبينما أخذت موافقة المجلسين النيابين في شطري اليمن على إتفاقية الوحدة مدفوعة بزخم شعبي يمني واسع في الشمال والجنوب، سرعان ما أتضح انه زخم عاطفي لا علاقة له بالإجراءات الطبيعية لبناء الدول ، حيث كان ساسة الشطرين يحيكون لبعضهم المؤمرات التي لم تسلم من تدخلات وتأجيج خارجي ، ولأن الوحدة كانت من منطلق عاطفي شعبوي وهذا طبيعي جدا ، فليس من مهمة الشعوب صياغة وسن القوانيين ،فهذه مهمة السياسين والقادة ولأن اغلبهم جهلة علميا وتقنيا ،  فلم يقم سياسيوا مجلسي النواب بالشطرين بصياغة إتفاقية وحدة سياسية موضوعية تراعي التنوع الإجتماعي والثقافي لليمنيين وتضمن خروج مستقلبي آمن من الوحدة اليمنية للأرض والإنسان ناهيك عن صياغتهم لإتفاقية وحدة هشة لم تصمد 5 سنوات ، ولم تقم كلا القيادتين في الشمال والجنوب بحياكة وطنية لتكييف سياسي لتسلسل الأحداث السريع قبل وبعد الوحدة غير تلك الخطابات الرنانة الجوفاء التي كانت تلهب عواطف اليمنيين وتحرك كفوف القيادات والسياسيين والنواب للتصفيق لموقعي إتفاقية الوحدة اليمنية الهشة التي استمرت حتى اليوم بفضل صبر عامة اليمنيين شمالا وجنوبا وليس لاي رئيس أو قائد أو عسكري أو شيخ أو سيد أو صاحب مسؤولية أو نفوذ فضل على أي يمني صابر على الفقر والجوع والمرض وإنعدام الخدمات الآدمية في مقابل صيانة وبقاء الوحدة اليمنية حتى الساعة ، ليس لكم فضل علينا ، فقد تحققت الوحدة اليمنية بتعطش شعبي وطني وبظروف موضوعية ودولية وإقليمية مواتية لرياح الوحدة اليمنية.
 
عانئ اليمنيين ودولتهم الهشة مثل غيرهم من شعوب الدول العربية من الفساد ، والمفسدين الذين تعلموا هندسات الفساد الرسمي على أيادي خارجية ، بعدة مسميات وصور، أما منظمات أو وهيئات دولية للتنمية ومعاهد ديمقراطيات ومراكز دراسات كلها لها إرتباطات لدول معادية وبأقل تقدير لها مطامع إقتصادية في ثروات العرب ، وفي اليمن شاع الفساد إلى أن صار ظاهرة طبيعية على حساب الإنتماء والوطنية.
 
- جاء العام 2011م الذي دق جرس الإنذار الاخير للطبقة الحاكمة في المنطقة العربية لمخطط تقسيم المقسم وتجزئة المجزاء المعلن غربيا لفائدة إسرائيل وعلى حساب الفلسطينين لفك الجمود العربي حول القضية الفلسطينية ، وحدثت الثورات العربية التلقائية الجاهلة واصفها بالجهالة لأنها تأثرت بشكل مباشر بعصر العولمة الإلكترونية والفضاء الرقمي وخاصة وسائل التواصل الإجتماعي التي حلت محل المخابرات العالمية التي كانت تدبر الإنقلابات والثورات لدول العالم الوطنية الخارجة عن فلك السياسات الاقتصادية الدولية المصلحية للدول العظماء التي تطلق علنا شعار البقاء للأقوى.
 
- بعد إنحسار ماسمي بثورات الربيع العربي سوء بوعي أو بدون وعي ، اليمنيين جزء من هذا الفشل الذي شكل عمودا جديدا إلى جانب العمود الأول إلا وهو التنوع الإجتماعي اليمني الطبيعي الإيجابي الذي استغلة الحكام بصورته السلبية .
- واقع اليمنيين اليوم الذي يدور بسبب إستخدام التنوع الإجتماعي من قبل الحكام بصورتة السلبية ويعرفة الجميع،  فكل طرف في الصراع اليمني مدعوما خارجيا وغير مدعوم ، في الداخل وفي الخارج ، الكل مازال يحاول التفرد بالسلطة والحكم على حساب البقية من منطلقة الإجتماعي او المذهبي او الطائفي ، ومن مراجعة التاريخ هذا لن ينجح في اليمن ، ولنفس السبب الذي يستغلة رجال السلطة لبسط سيطرتهم، ولكن في صورتة الإيجابية التنوع الإجتماعي اليمني ، الذي لا يمكن حكم اليمن بدون مراعاة أبجديايتة التي بإعتقادي لايمكن مجارتاها بدون حرية وديمقراطية في إطار قانوني صرف لا يستثني أي مكون إجتماعي يمني ، أي أن التنوع الإجتماعي يفرض على كل يمني قبول الآخر بايجابياتة وسلبياتة ، وأن كان من الضرورة تغيير السلبيات لدى الآخر فلايكون بإستعمال القوة ، بل بالطرق السلمية من تشريعات وقوانين يتوافق عليها طيف التنوع الإجتماعي اليمني بواسطة التشريع ،  وتطبيقه على الجميع بداية بالرئيس والمرؤس ، بالكبير قبل الصغير .
 
- إذن عاجلا أو أجلا لن يستطيع طرف في اليمن ، أن يبسط سلطته ويحكم أقاليم اليمن بدون تطبيق أبجديات حكم اليمن الطبيعي القديم لانة قدر اليمن ان يحكم بهذه الأسس لأن اليمن الأصل وليس الفرع ، وهذه الأسس 
1- قبول التعايش مع الآخر من منطلقة الإجتماعي والعقائدي بما تظمنة الشريعة الإسلامية السمحاء.
2- سن تجريم محاولات التفرد بالحكم على أساس طائفي أو مناطقي أو قبلي.
3- تأسيس نظام الحكم على أساس وطني مجتمعي عام فلا نظام حكم بدون الإستفتاء عليه.
4- القبول بمبدأ التنافس السياسي عبر صناديق الاقتراع وإنتخابات عامة.
هذا هو قدر اليمن أن يحكم على أساس التنوع الإجتماعي ، أي ان القدر يقول لكم يا فرقاء اليمن السياسين مهما حاولتم ومهما تلقيتم الدعم من الخارج، 
ولن يستطيع اي يمني إقصاء اي يمني اخر إلى الأبد ، فلا بد من التسامح والبحث عن القواسم المشتركة بين جميع الفرقاء وتأطيرها في حدود القانون والتعايش السلمي والمدني وفقا لضوابط قانونية صارمة، 
لن تستطيعوا أن تحكموا اليمن بغير التشارك السياسي والمشاركة الشعبية وقبول الآخر كما كنتم عبر الزمن.

Total time: 4.312