اخبار الساعة - د.طارق عبدالله ثابت الحروي
-
من نافلة القول بهذا الشأن أني كنت قد بعثت إلى الأستاذ عبده الجندي برسالة عنوانها (عمي الأستاذ عبده الجندي ليس مجرد سؤال: لماذا ترتعد فرائصك عند ذكر أسمي)، توجهت إلية فيها من القلب إلى القلب بحزمة صغيرة من التساؤلات التي تهم كثير من أقرب وأعز الناس إليه وصولا إلى عموم الرأي العام الذي يعيش ليس خائفا ومرتعبا أمام حساسية ورهبة اللحظات التي يقف عندها والتي سوف تقرر حاضره ومستقبله فحسب، لا بل ومشدوها ومتحيرا في تحديد ماهية وطبيعة الإجابة المرغوبة لديه لواحدة من أهم التساؤلات المصيرية، التي تدور حول بمن يجب عليه أن يثق أمام استمرار تنامي سيل حالات التدليس والنفاق والكذب والمخادعة التي تعج بها الساحة اليمنية من أقصاها إلى أقصاها، فالكل يتكلمون باسمه ويدعون أنهم مجرد موظفين عنده ويعملون تحت إرادته ومستعدون لتقديم الغالي والنفيس في حال تطلب الأمر ؟ أي بمعنى أخر من هم الذين يجسدون بأقوالهم وأعمالهم أولويات المصلحة الوطنية العليا ومن هم ضدها ؟
-
وفي نفس الوقت كانت رسالة وجهتها من القلب إلى القلب إلى كل أبناء جيله في السلطة وخارجها ممن تولوا إدارة الشأن العام كلا باسمه وصفته، أطالبهم فيها بأن يكونوا عند مستوى ما تمليه المسئولية الوطنية والأخلاقية والدينية والتاريخية أثناء التعامل مع المعطيات الظرفية للبلاد التي أصبحت بحاجة ماسة أكثر من أية وقت مضى إلى تنحي هذا الجيل من كل مفاصل الدولة وإدارة الشأن العام لصالح جيل الشباب الجديد المتسلح بالعلوم والمعارف والمهارات التي تتطلبها المرحلة الحالية والقادمة والمشبع بالروح والقيم الوطنية والدينية والأخلاقية؛ أي بمعنى آخر الجيل الجديد صاحب المصلحة الحقيقة، القادر على إدارة الدولة بكفاءة واقتدار ووطنية تتناسب مع عامل السرعة والوقت والكلفة.
-
إلا أنه مما تجدر الإشارة إليه بهذا الشأن- أيضا- أني لم أتلقى أي رد أي كان شكله منه ومن غيره حتى لحظة كتابتي لهذه المقالة بالرغم من مرور ما يقرب من الشهر منذ نشرها في عدد محدود جدا من المواقع الالكترونية (دون الورقية) غير الرسمية المستقلة التابعة للصحافة المحلية غير الحزبية، في حين امتنعت الصحافة الرسمية قاطبة والصحافة الحزبية التابعة لحزب المؤتمر وحلفائه وأحزاب اللقاء المشترك وشركائه عن إنزالها، ما عدا صحيفة 26 سبتمبر التي أنزلتها مشكورة ولكن كجزء من تصفية الحسابات مع الأستاذ عبده الجندي في الأسبوع الثالث (قرصة وذن) كما يقول المثل الدارج، سيما أن هذا الأمر لم يكتمل إلى آخره لقيام إدارة التحرير بالامتناع عن نشره في موقعها الالكتروني "سبتمبر نت" في سابقة خطيرة لم أتوقعها ؟؟؟؟).
-
أما عن السبب الرئيسي الكامن وراء أن يأخذ موضوع مقالي هذا العنوان هو التأكد أن الأستاذ عبده الجندي وكافة المعنيين الذين قصدتهم قد وصلتهم رسالتي وإني مازلت أنتظر منهم الرد الشافي الكافي علي وعلى أبناء جيلي من الشباب وصولا إلى عموم الأمة اليمنية، كواحد من أهم حقوقنا عليهم التي لن نتنازل عنها، على خلفية ما طاف بمخيلتي في ذاك اليوم الذي بعثت فيه بنص مقالتي إليهم، ابتداء بذلك السيل شبه العارم من الاتصالات المختلفة إلى تلفون الأستاذ الجندي من هيئات التحرير الحزبية وغير الحزبية بشكل شخصي أو رسمي لإعلامه بها، التي تواصلتُ بها لنشر تلك المقالة، ومرورا بعشرات الفاكسات التي تصله وتصل المشمولون بها من هنا وهناك، وانتهاء بذلك السيل شبه العارم من الاتصالات التي يقف ورائها كافة معارف الأستاذ الجندي من مسئولين في الدولة أو من عموم الرأي العام يستفسرون وفي أنفسهم سؤال وحيد محير فقط هل ما قراناه صحيح ؟ أو هل هذه هي حقيقتك يا أستاذ ؟ وما الذي اقترفته بقلبك قبل يديك ولسانك مع اعز وأقرب الناس إليك ؟ وما حقيقة موقفك من اليمن دولة وشعبا ؟ وأخيرا هل أنت في حقيقة الأمر عدوا لدود للنجاح ولدولة النظام والقانون وللشباب ولاستقرار اليمن...، لأنها تتعارض نصا وروحا مع مصالحك الشخصية غير المشروعة ؟....الخ.
-
وضمن هذا السياق- أيضا- لا أخفيكم سرا أنه عند قيامي بتقييم هذا الأمر فأني قد فوجئت إلى حد كبير بردة الفعل السلبية غير المباشرة التي لم أكن أتوقعها أثناء تعامل الصحافة المحلية الرسمية وغير الرسمية الورقية والالكترونية من قريب أو بعيد مع موضوع نشر مقالتي الأنفة الذكر؛ سواء أكانت تلك التي تتبع الدولة أو التي تتبع كافة الأحزاب من قريب وبعيد (والمعارضة منها- بوجه خاص-) أو المستقلة، والمتجسد بالامتناع قطعا عن نشر مقالتي بعد مرور قرابة شهر من إعادة إرسالها إليهم، ولعل مصدر الدهشة التي ألجمت لساني أمرين لا ثالث لهما.
-
الأمر الأول يهتم بالجوهر أكثر منه الشكل، وأقصد به هنا تحديدا أننا إذا كنا نقف بالفعل- كما أوهمونا- على عتبة بوابة التغيير الذي أوجعوا رأسنا به وهددوا أمننا وحاضرنا ومستقبلنا وأهدروا مواردنا وطاقاتنا ودمروا منجزاتنا بشقها المعنوي والمادي...الخ، لدرجة توقعت عندها أمام دوران عجلة ما يسمي بالتغيير عكس عقارب الساعة أنني أستطيع أن أقول وأنشر ما شئت (وكل إناء ينضح بما فيه، بالاستناد على أن الأراء المنشورة لا تعبر عن وجهة نظر الصحيفة)، وإن حقي في نشر ما أريد قد أصبح شبه مكفول ولن تتجرأ أية جهة كانت على مصادرته، وخاصة في ضوء استمرار تنامي حالات الانفلات الحادة في الوسط الصحفي التي طغت عليه منذ العام الماضي على أقل تقدير.
-
بحيث أصبحت معظم أروقة الصحافة المحلية ما هي سوى ساحات إعدام وتنكيل وفضح وتعرية وتهديد ومحاسبة بين الفرقاء والخصوم في اتجاه تصفية الحسابات الشخصية وعروض القوة، وصولا إلى الإلهاء والتغرير بالعامة وبأولويات مصالحها الحيوية بهدف واحد لا ثاني له إعادة صياغة وبلورة ومن ثم توجيه آراء وقناعات بما يخدم مصالحها الجهات والعناصر التي تقف ورائه، ليس إلا، وأتحداهم أن يثبتوا لي أنهم يجسدون بذلك أولويات المصلحة الوطنية العليا حتى في أدنى حدودها.
-
والأمر الثاني يهتم بالشكل أكثر منه الجوهر، حيث أني سألت نفسي وبعضا من حولي سؤالا محيرا وشائكا لم أجد له إجابة شافية وافية لحد الآن؛ مفاده لماذا امتنعت كل هذه الأحزاب وكل الصحف والمواقع الرسمية وغير الرسمية (التي يزيد أعدادها عن 150 صحيفة وموقعا) لحد الآن من إنزال مقالتي ونشرها على الملا ؟ سيما أني قلت في نفسي الأمارة بالسوء آنذاك كيف لا وقد سلمت عمي الأستاذ عبده الجندي خصمهم السياسي الإعلامي- هذا إن لم نقل عدوهم اللدود- إليهم على طبق من ذهب إذا ما صح لنا القول ذلك، بحيث أصبح بين أياديهم لقمة سايغة من باب تصفية بعض الحسابات الشخصية معه؟- هذا أولا.
-
إلا ان هذا الأمر قد أزداد غرابة بالنسبة لي ولمن يعرف الأستاذ الجندي عن قرب عندما توقعت في نفسي إنه سيكون أكثرهم فرحا وطربا بمفردات هذا الرسالة التي أخرجتها من خلاله وسيعمل بكل ما يمتلكه من جهد في نشرها وتعميمها، على خلفية ما اعرفه عن طريقته في التعامل مع هذا النوع من المقالات التي تستهدفه بشكل شخصي إذا ما صح لنا القول ذلك أما لماذا ؟ فأرد بالقول بأن لها شأن كبير عنده في سياقها العام؛ حيث تدلل الوقائع التاريخية أنه يستفيد منها كثيرا وفوق ما يمكن أن يتصوروه (مالا وحظوة...الخ) لدي عناصر بعينها كانت محسوبة على دائرة الرئيس السابق حفظه الله ورعاه أو المؤتمر الشعبي العام على أقل تقدير، لدرجة أني في أحيان كثيرة كنت أتصور هذا إن لم أقل أسمع من دوائر مقربة جدا منه، فضلا على تقيمي لشخصية الأستاذ أنه يقوم بتكليف البعض من الصحفيين المقربين منه بكتابة هذا النوع من المقالات، التي يستخدمها كأوراق ضغط إذا ما صح لنا القول ذلك لقضاء بعض حوائجه لدي أرباب العمل، وكان هذا الأمر الوحيد الذي ينغص علي حالي من احتمالية قيامه بهذا الأمر من خلال مقالتي وما سوف يترتب عليها من تداعيات- ثانيا.
-
وهو الأمر الذي يدفعني- في نهاية المطاف- إلى طرح تساؤل من نوع أخر مفاده ما الذي حدث لك يا أستاذ أنت ومن تدعي أنهم خصومك أو يدعون ؟ أو هل توقيتي لم يكن مناسبا ؟ أو ما الذي تغير في أجندة إدارة صراعاتكم التي مازلتم توهمون بها الشعب الطيب دون خجل ولا حياء، والتي أثبتت الدلائل التاريخية أنها لم تخرج عن كونها مجرد اكليشه سياسية ليس إلا، تختفي ورائها تحالفات ومصالح ليس لها نظير على حساب المصالح الوطنية العليا ؟
-
ثم دعني أعود قليلا إلى الوراء لسؤالك لماذا كنت صارما معي إلى هذا الحد بمنع نزول هذه المقالة تحديدا من على صدر الصحافة المحلية الرسمية الورقية والالكترونية ؟ هل لأن د.طارق الحروي هو كاتب هذه المقالة وهذا بالنسبة لك تعده خطا أحمر، لأسباب ناقشتها في مقالتي، سيما في حال تنامي إلى مخيلتك ان الرد علينا في الأساس هو أحد أهم أهدافي وهذا ما أنت حريص على عدم حصوله، فضلا عما يمكن أن تترتب عليه الرد علينا من نتائج كارثية في حال اعتبرنا أن الرد علينا هو رد على أبناء جيلي من الشباب... ؟
-
ولماذا لم تتجرأ أنت ومن شملتهم حتى الآن من الرد علي كافة أسئلتي المطروحة عليكم ؟ أو هل لديكم النية في الأساس للرد أم لا ؟ وهل يمكن اعتبار عدم ردكم علينا هو موافقتكم لما طرحته كما يقول المثل الدارج (السكوت علامة الرضا)، ولكن هذا ليس من عوائدك فأنت أكثر شخص يتكلم في اليمن قاطبة على ما أظن ؟ أو أن هنالك صعوبات جمة تمنعك من تقديم إجابة وافية شافية عن أسئلة حساسة ومعقدة، قد تتقاطع مع بعض أولوياتك المرحلية، لدرجة تفضل معها التزام الصمت الذي لا يعني الموافقة على كل ما طرحته، وفي نفس الوقت لا يعني وجود صعوبة لديك تحول دون تقديم إجابات أولية عما أثرته من تساؤلات ؟....الخ.، أم أن قلم الباطل الذي تمسك به قد عجز أن يثبت بين يديك، كي تتمكن من الرد علي؛ جراء استمرار تنامي حالة الراجفان لقلبك الذي بت اسمع دقاته بكلتا أذني، سيما أنك كنت ترقب مثل هذه اللحظة منذ فترة ليست بالقصيرة بعد حالة الصمت الرهيبة التي استمرت عشرات السنوات من أعمارنا، لدرجة صورت لك نفسك الأمارة بالسوء إننا لسنا بقادرين أن نقف أمامكم وإيقافكم ومن ثم إعادتكم إلى جادة الصواب حبا فيكم وخوفا عليكم من يوم الحسرة والندم في الدنيا والآخرة.
-
وعند هذا الحد سأتوقف كي يتسنى لي الانتقال إلى مستوى أخر من الأطروحات بهذا الشأن ممهدا لإثارة ذلك النوع من الجدل قبل أن أختم مقالي هذا، أقول أن كان الشئ الذي فاجئني وأنا أخوض هذا المعترك وسأظل أكرره مرارا وتكرارا يتمحور حول كيف يسعني تفسير موقف الصحافة المحلية للمعارضة والورقية خاصة بكل أطرافها خصومك السياسيين، هذا إن لم نقل أعدائك كـ(الإصلاح والاشتراكي والناصري.... الخ)، وصولا إلى ما يسمي بالصحافة المستقلة (ما عدا 10-15 صحيفة الكترونية تقريبا) ؟ هل يخافون جرح مشاعرك لأني كنت صريحا معك، أو أنهم فهموا فحوى الرسالة فعرفوا أنك لم تكن سوى وسيلة للوصول إليهم ؟ أم أن هنالك تحالفات ومصالح لها شأنها تربطك بهم وتربطهم بك لدرجة تمنع تجاوزها؟.
-
ومهما كان طبيعة الجواب كيف تستطيع أن تفسر لي أستاذي هذا العواء المخيف الذي أوجعتم رأسنا وأقلقتم سكينتنا به وهددتم حاضرنا ومستقبلنا وأهدرتم مواردنا وفرصنا ودمرتم حاضرنا؛ على خلفية ما تعج به الحياة السياسية والعامة من توترات وعويل وأخبار وتحليلات وأراء...الخ، تجسد في الظاهر قمة الخلاف أكثر منه الاختلاف، وصولا إلى ذلك النوع من حالات الافتراق السياسي التي وصلت في الآونة الأخيرة إلى حد الصراع، الذي رجح من احتمالية وجود إمكانية لانزلاق البلاد نحو الهاوية والمجهول، حتى بدون ان تهتز رموش أعينكم، بصورة توحي لنا أنه لا يوجد بينكم سواء الجفاء والضغينة والكبر والحسد.
-
إلا أن حقيقة ما يحدث بينكم لا يخرج عن كونها مجرد تمثيلية سياسية على هذه الأمة ومصالحها كي تستمروا في أكل خيراتها وإست غبائها وزيادة أوجاعها وألأمها ضمن إستراتيجية ذر الرماد على العيون، وهو لا يمت بأية صلة بقواعد اللعبة السياسية التي تدعون أنكم تسيرون على هداها، والتي ارتضينا بها منذ العام 1990م لخدمة اليمن دولة وشعبا، وأتحداكم أن تثبتوا لي عكس ذلك.
-
وتأسيسا على تقدم أريد أن أتوجه إليك ومن خلالك إليهم بسؤالي هذا مفاده هل طبيعة حقيقة ومن ثم مستوى وحجم التغيير الذي تتغنون به في أيامنا العجاف التي نعيشها له أكثر من شكل ولون ورائحة بالنسبة لكم، تتحكم فيه معايير مصالحكم وأهوائكم ونزواتكم وتدعون بأنها معايير المصلحة الوطنية العليا وهي منكم براء، بحيث تفتحون الأبواب على مصراعيها للصحافة المحلية الرسمية وغير الرسمية لتناول مواضيع بعينها دون أخرى واستهداف أشخاص بعينهم دون آخرين ؟ فكيف بالله عليكم على سبيل المثال لا الحصر تفسرون لي هذه الهجمة الشرسة الممنهجة ضمن إطار إستراتيجية معدة لمثل هذا الغرض، سواء أكنتم تدركونها أم لا التي تستهدف من ورائها بعض رموزنا السياسية الذين نكن لهم وافر التقدير والعرفان تحت مسمى مناهضة النظام السياسي الذي كان وراء ما وصلت إليه اليمن، وتعفون أنفسكم من تحمل أية شكل من أشكال المسئولية كلا باسمه وصفته، وهي في الأساس لا تستهدف سوى دائرة واحدة من دوائر النظام المتهالك، ألا وهي دائرة الرئيس الصالح والتي تنضوي تحتها عناصر التيار التحديثي التحرري (التيار الوطني المعتدل) على امتداد (1962- 2012م)، تاركين الدوائر الأخرى (الشيخ المرحوم عبدالله بن حسين، اللواء علي محسن الأحمر، الشيخ عبد المجيد الزنداني) الأكثر أهمية ونفوذا والأشد فتكا ووحشية بحاضر ومستقبل اليمن دولة وشعبا، التي تنضوي تحتها عناصر التيار التقليدي المحافظ والمتطرف وشركائه ؟
-
وعندما يذهب كتاب كثر ومنهم كاتب هذه المقالة إلى عمل تقييم شبه موضوعي في مراحله الأولية يراعي فيه قدر الإمكان تناول بعض أهم إيجابيات قبل سلبيات هذا الشخص أو التيار أو الدائرة....الخ مع ضرورة قراءتها ضمن المعطيات الظرفية التي عاشها كي نتمكن من أن نعطي لكل شخص وتيار ودائرة حقه، ينقلب عليهم كُثر من الجهات والأفراد تحت مبررات واهية شتى.
-
لكن في حقيقة الأمر يمكن تفسير ذلك بأن ما يكتبه ونكتبه والزوايا التي أعتدنا تسليط الأضواء عليها أصبحت تتعارض شكلا ومضمونا مع السياسة الإعلامية- الدعائية الممنهجة التي تخدم مصالح عناصر وجهات بعينها، ولكنها قطعا ليست المصلحة الوطنية العليا من قريب أو بعيد، على الرغم من ان هذا الأمر برمته (التقييم) يخضع لشروط أخري أكبر من مستوى إمكانية فرد أو حزب كما أشرنا إليها في مقالنا المنشور في صدر الصحافة المحلية الالكترونية (الجمهورية وأكذوبة التغيير الكبرى)، بحكم أننا لسنا مؤهلين لولوج مثل هذا الأمر الجلل ولا ممثلين للأمة التي لها الكلمة الفصل، فالتاريخ سيكون كلمة أخرى.
-
وكي أعطى مثالا توضيحيا على صحة ما أقول سوف أشير إلى حالتين على سبيل المثال لا الحصر الأولي تتعلق بالطريقة التي اعتمدتها في تقييم مسيرة التيار التحديثي التحرري (التيار الوطني المعتدل) الذي يقف على رأسه الرئيس السابق حفظه الله ورعاه، سيما أني أركز فيها على زوايا بعينها غير مطروقة وغير ظاهرة للعيان، بصورة تضفي عليها طابعا موضوعيا تبرز أهم معالمها الرئيسة في إظهار جزء من الصورة المشرقة لأعمال عناصره وقياداته الوطنية لا يمكن أن ينكرها إلا جاحد، في وقت أصبح فيها النكران ظاهرة لها شانها في مجتمعاتنا، فقالوا عني ما قالوا محاولين التقليل من أهمية ما أقدمه من وجهات نظر وتحليلات تعيد تسليط الأضواء على زوايا ومحطات بعينها من تاريخنا الوطني.
-
والحالة الثانية تتعلق بما أوردته من نقد شبه موضوعي في ثنايا مقالتي الأنفة الذكر محور هذه المقالة لأول مرة منذ احترافي الكتابة في الوسط الصحفي، تناولت فيه الخاص والعام، فاعتبرته الجهات الرسمية ومن ورائها غير الرسمية بكل ما تمتلكه من أدوات إعلامية دعائية أمرا غير مسموح به، وهذا أمر نستنتجه من خلال امتناعها عن إنزال هذه المقالة وطريقة التجريح والشتم والسب العلني التي تناولتني في بعض المواقع الالكترونية، إلا أن التساؤل الأهم الذي طاف بذهني آنذاك مفاده هو كيف يمكن أن يصبح أمر تناول الأستاذ الجندي بشخصه خطا أحمر علينا يحرم الاقتراب منه، في وقت فتح الباب على مصراعيه لاستهدافه من قبل الكثيرين ليس هذا فحسب، لا بل أين موقع الأستاذ الجندي في تسلسل هرم المسئولية السياسية إذا ما صح لنا القول ذلك والتي يقف على رأسها أناس كثر في مقدمتهم شخص بحجم الرئيس السابق حفظه الله ورعاه الذي فتحت أبواب الجحيم عليه.
-
إلا أني توقفت لبرهة أمام نفسي قائلا إن فحوى الرسالة التي يجب أن أفهمها من خضم تقيمي لهذا الأمر برمته مفادها إن الخلاف معي هو حول أسلوبي الذي يصعب عليهم مجاراتي فيه وليس حول القضايا والأشخاص المثارة التي يدور حولها الجدل والنقاش، سيما أن الرئيس الصالح والدائرة المحيطة به- أولا- والأستاذ عبده الجندي- ثانيا- هم محور ارتكاز لمعظم ما تعج به الصحافة المحلية.
-
وفي الختام أود ان أبعث بفحوى رسالتي هذه إلى عمي الأستاذ عبده الجندي ومن خلاله إلى كل أبناء جيله أدعوه فيها- أولا- بان يغادر خوفه الذي تأسس على منظومة من الوساوس والأوهام والأحقاد...الخ، التي تعيش في صدره وترتجف منها فرائص رجليه، كي يتمكن من أن يبعث بأجوبته لي ومن خلالي لأبناء الأمة الذين أطلعوا على رسالتي إليك، لأني سوف أحتفظ بحقي كاملا غير منقوصا بالحصول على الرد الكافي والشافي لأسئلتي المثارة.
-
وثانيا أريده أن يعلم- أيضا- بأنه لن يستطيع تكميم فمي من الآن فصاعدا، سيما أني أبشره اليوم بأن لدي حزمة مقالات تخصه سوف ألقي من خلالها حزمة من الأضواء على بعض المحطات في مسيرته العملية، التي أتوقع أن أبدء بكتابتها ونشرها قريبا، كي يتسنى لي إرسالها له عبر الصحافة المحلية، ولن أتوقف إلا بعد ان يرفع (هو وأبناء جيله) لي ولأبناء جيلي الراية البيضاء عبر الصحافة، على الرغم من أني مازالت بهذا الشأن أدرك أنه مازال (قويا) له كلمة مسموعة فكيف لا، فالحقائق الدامغة على أرض الواقع تفيد أنه مازال عضوا في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام والناطق الرسمي باسم المؤتمر وحلفائه وقبل ذلك نائبا لوزير الإعلام.