اخبار الساعة
منذ إعلان السلطات المصرية القبض على القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان محمود عزت داخل فيلا في منطقة التجمع شرق القاهرة، وقيادات الإخوان في تركيا وكذلك قيادات التنظيم الدولي في العاصمة البريطانية لندن، في اجتماعات مستمرة لبحث عدة ملفات خلفتها عملية القبض على الصيد الثمين ومخزن أسرار الجماعة.
أسرار الجماعة ووفق معلومات حصلت عليها "العربية.نت" فإن الاجتماعات ناقشت كيفية المواجهة والتعامل إزاء المعلومات التي يمكن أن تحصل عليها أجهزة الأمن المصرية من محمود عزت، والبيانات التي تحويها أجهزة الحواسب الآلية والهواتف التي كانت بحوزته، وبها كل تفاصيل أسرار الجماعة وشبكاتها وتمويلاتها واستثماراتها في الداخل والخارج، وخلاياها النوعية ولجانها الإلكترونية، واتصالاتها مع التنظيمات والدول الداعمة لها.
وما زاد من مخاوف الجماعة أن تكون عملية القبض على عزت قد تمت قبل فترة، حيث أعلنت في بيان رسمي أنها فقدت الاتصال بمحمود عزت تماما، وهو ما عزز شكوكها من أن تكون أجهزة الأمن قد أخفت خبر ضبطه حتى تحصل على اعترافاته وكافة المعلومات التي بحوزته قبل إعلان نبأ القبض عليه فعليا، فيما كشفت مصادر أخرى أن عزت وعقب ثورة 30 يونيو من العام 2013 واختفائه، سلم نسخا أخرى وأقراصا مدمجة تتضمن كافة بيانات وملفات وأوراق الجماعة التنظيمية والمالية لأحد قيادات التنظيم الدولي خارج مصر تحسبا لضبطه في أي وقت.
خليفة محمود عزت أما الملف الثاني الأبرز في نقاشات الإخوان ومجلس شورى الجماعة في تركيا حسب مصادر "العربية.نت" فهو من سيخلف محمود عزت؟ وسط تزايد الرغبة في أن يظل المنصب قاصرا على المصريين، وهو تقليد اتبعته الجماعة منذ تأسيسها في العام 1928، ولذلك انحصرت الاختيارات بين اثنين فقط من قادة الجماعة بالخارج، وهما محمود حسين أمين عام الجماعة والمقيم في تركيا، وإبراهيم منير نائب المرشد العام للجماعة، فيما زادت أسهم محمود حسين للفوز بالمنصب على أن يدير أمور الجماعة من تركيا التي يتواجد فيها عدد كبير من قادة الجماعة الفارين من مصر.
وبعد اقتصار المرشحين لخلافة عزت على اسمين فقط طفت خلافات على السطح، حيث طلبت قيادات كبيرة من المحسوبين على الجناح الإصلاحي إبعاد مجموعة التنظيم الخاص وتنظيم العام 65 التي تربت حسب تعبيرها على أفكار سيد قطب وأطلق عليها المستشار مأمون الهضيبي مرشد الإخوان الأسبق المجموعة العشرية نسبة للعشر سنوات التي حُكم عليهم فيها إبان حكم عبد الناصر في 65، وطرح أسماء من المحسوبين على التيار الإصلاحي.
نهج التنظيم القطبي ويقول أحمد عطا، الباحث في شؤون حركات الإسلام السياسي لـ"العربية.
نت"، إن مجلس شورى جماعة الإخوان سيلتزم بالاستمرار على مواصلة نهج التنظيم القطبي، ولذلك لن يخرج منصب القائم بعمل المرشد عن قيادات هذا التنظيم، وسيكون من المصريين بعد استبعاد القيادات الأخرى من غير المصريين، مضيفا أن التنظيم الدولي يرى أن المصريين هم الأحق بالمنصب لكون الجماعة تأسست في مصر، ويتولى منصب المرشد منذ نشأة الجماعة مصريون، فضلا عن أن الجماعة ترفض إسقاط مركزية التنظيم، ولذلك فضل التنظيم الدولي اختيار خليفة عزت من بين القيادات المصرية بالجماعة.
وأشار إلى أن التنظيم وبنسبة كبيرة سيستقر على اختيار من يكون الأدرى بشؤون الجماعة إداريا وتنظيميا وماليا، وأن يكون على علم بكافة أدق بياناتها وشبكاتها وملفاتها التنظيمية ومحافظها المالية والاستثمارية، مضيفا أن الجماعة ستمارس مهامها تنظيميا من مكتب إرشاد خاص بها تم تدشينه في إسطنبول.
فيما يؤكد عمرو فاروق الباحث في ملف حركات الإسلام السياسي، أن القبض على محمود عزت يشكل ضربة موجعة لجماعة الإخوان وقواعدها التنظيمية، لاسيما التي تعيش حاليا مرحلة من الكمون التنظيمي أو ما يسمى وفقا لأدبيات الجماعة باستراتيجية "دار الأرقم".
مخاوف من فراغ تنظيمي وقال لـ"العربية.نت" إن الجماعة ستشهد حالة من الفراغ التنظيمي في ظل وجود المرشد ونوابه والقادة المؤثرين داخل السجن، ما يعني أن الجماعة ستشتعل بالصراعات والخلافات حول مصير إدارة ملفات السلطة والمال والتنظيم، مشيرا إلى أن القبض على عزت سيفتح الباب على مصراعيه أمام طرح قضية "تدويل منصب المرشد"، والتخلص من فكرة قصره على إخوان مصر، لاسيما في ظل وجود أزمة حقيقية موجودة منذ تسعينات القرن الماضي بين إخوان مصر وإخوان الكويت ولبنان وتونس، والتي تولد عنها ما عرف بـ"بيعة المقابر" تهربا من الصدام المباشر مع قيادات التنظيم الدولي وقتها.
وأضاف أنه من الضروري أن تعلن جماعة الإخوان خلال الساعات القليلة المقبلة خليفة محمود عزت، من خلال بيان رسمي، لقطع الطريق على جبهات وأطراف كثيرة ترغب في اقتناص المنصب، وكرسالة تطمينية للقواعد التنظيمية داخل مصر وخارجها بأن الجماعة مازالت قادرة على الاستمرار والمواجهة.