افتتح اليوم بصنعاء الدورة التدريبية الخاصة بمفاهيم العدالة الانتقالية والتي تعد ضمن أنشطة وفعاليات مشروع الشباب والعدالة الانتقالية مؤسسة شركاء المستقبل للتنمية (FPFD ) وبدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية ( NED) أن المهمة الحقيقية ستبدأ الآن وان هناك عمل مجتمعي وثقافي وتوعوي لتعزيز مفهوم العدالة الانتقالية وعلى الحكومة أن تستغل الدعم الداخلي والدولي في تعزيز مبادئ حقوق الإنسان وقيادة اليمن إلى التغيير المنشود .
وفي الاففتاح كشف الدكتور محمد المخلافي وزير الشئون القانونية عن تعرضه للتهديد من قبل جماعات دينية في حال صدور قانون العدالة الانتقالية مشيرين إلى أنهم سيواجهون تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة بإعمال إرهابية وتصفيات جسدية للحيلولة من قيامها بعملها .
متهما طرفان في العمل على إعاقة إقرار هذا القانون احدهما الطرف الذي حصل على العفو لان لديه أحلام غير حقيقية في أن هذا التغيير لن يصل إلى طريق واضحة وانه سيعود إلى الوراء , وعدم رغبته أيضا في أن يحصل ضحاياه على العدل , بالإضافة إلى وجود من يريدون العفو على سبيل التمييز بحيث يحصلون عليه دون غيرهم وهذا غير جائز , واتهم أيضا بعض المنظمات الحقوقية وممن ساندوا الثورة ودعموها باعتقادهم أن اليمن بحاجة إلى السلام الذي لن يتحقق إلا بعفو شامل وان يتحقق العقاب على جزء فقط ممن قاموا بانتهاكات وليس على الكل وهذا أيضا تمييز مرفوض , لان هؤلاء لم يفهموا أن العملية السياسية كان الهدف منها إنقاذ اليمن وانه لا يجوز العفو أو العقاب على سبيل التمييز وإنما يجب أن يشمل أي منهما الجميع , وان العفو المنشود هو الذي يكمل بإنصاف الضحايا بطرق مختلفة ويمنع التكرار لتلك الانتهاكات .
ونوه المخلافي إلى أن مشروع العدالة الانتقالية قد تعثر في مجلس الوزراء ولم تصل الحكومة الى قرار بشأنه , وسيتم إحالته وفقا للمبادرة الخليجية إلى كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وإذا لم يكن القرار مشتركا بينهما سيناط الأمر برئيس الجمهورية ليقرر بشأن هذا القانون , قائلا ( نحن نأمل أن يحيله إلى مجلس النواب لإقراره وبهذه الطريقة نضمن عدم حصول أي خلاف في مجلس النواب حوله لأنه لا يمكن مناقشته وإنما إقراره فقط ) مناشدا رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالعمل على تحقيق العدالة الانتقالية في اليمن لإحلال الاستقرار والسلام فيها .
وبين المخلافي أن كلا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء سيكون مناط بهم الاعتذار للضحايا ومن تعرضوا للانتهاكات بالإضافة إلى الجهات التي كانت مسئولة بشكل كبير عنها , والعمل على منع تكرار انتهاك حقوق الإنسان وخلق ذاكرة وطنية يجري من خلالها اتخاذ تدابير تجعل المجتمع ينظر إلى الجانب السلبي لتلك الانتهاكات ويمنع تكرر حدوثها . منوها إلى أن الحوار الوطني القادم سيقترح الطرق التي تؤدي إلى تحقيق العدالة , ويضع توصيات للتدابير التي يجب على الدولة اتخاذها لكي تزال الأسباب التي أدت لهذه الانتهاكات حتى لا تتكرر .
وأوضح المخلافي أن هيئة الإنصاف و المصالحة المزمع إنشائها ستكون مستقلة عن الحكومة والجهات التي كانت مصدر للانتهاكات وستكون تمثيلية من قبل منظمات المجتمع المدني ذات العلاقة والنقابات والمشتغلين في مجال الدين والأحزاب وسيتم اختيار أعضائها أيضا بصورة مباشرة عبر المجلس التشريعي .
وأكد المخلافي أن العدالة الانتقالية المنشودة مختلفة تماما عن العدالة العادية في آلياتها وأهدافها فهي تجمع بين العفو والعدل وتستهدف بالدرجة الأولى إنصاف الضحايا واتخاذ تدابير من قبل الدولة تلتزم بها وتكون غايتها في الأخير تحقيق السلام , وأنها منتوج العصر الحديث خصوصا في البلدان التي عانت من الصراعات الدامية والحروب والاستبداد للانتقال للسلام
مشيرا إلى أن العدالة الانتقالية هي تصالحية بالدرجة الأولى وليست عقابية وان كانت هناك دول أخذت بالعدالة العقابية , وأنها تساهم في العدالة الفردية والمجتمعية في نفس الوقت .
وأضاف ( نحن بحاجة شديدة لها منذ زمن بعيد وكان من المفيد لو أنها تحققت بعد حرب 94م وحلت الإشكاليات التي ترتبت عليها لكن القيادة السياسية حينها لم تستوعب ذلك ) .
وأكد المخلافي في نهاية حديثه أن موضوع العدالة الانتقالية هو جزء من العملية السياسية التي تم التوافق عليها بين القيادات السياسية المحلية والمجتمع الدولي ووفقا للمبادرة الخليجية وان أي إخلال في أي جزء منها سيهدد اليمن بخطر العودة إلى شبح الحرب والإشكاليات الأخرى منوها إلى أن مشروع قانون العدالة الانتقالية صار ناضجا بما فيه الكفاية وشاملا لكل شيء عدا موضوع العقاب .
مشيرا إلى أن مشروع القانون قد ارتكز على أربع عناصر رئيسية هي الحق في الكشف عن الحقيقة والاستماع إلى شهادة الشهود على الوقائع التي شاهدوها في انتهاكات حقوق الإنسان وقيام هيئة الإنصاف والمصالحة بتقصي الحقائق والتحقيق فيها , وأخيرا جبر ضرر الضحايا ماديا ومعنويا وفق النصوص كأفراد وعوائل وجبر ضرر جماعي من خلال المناطق التي تعرضت للضرر من خلال الصراعات
واستعادة الملكية التي تم الاستيلاء عليها سواء عامة او خاصة واعتراف الدولة بما حدث من انتهاكات والتزامها بالتعويض وتقديم الاعتذار للضحايا وأهاليهم عما حدث نتيجة ذلك , وإقامة نصب تذكارية للضحايا في المحافظات الرئيسية وتحديد يوم وطني للضحايا .
من جانبه أكد المدير التنفيذي لمؤسسة شركاء المستقبل الاستاذ/ عبد الاله سلام على أهمية الحاجة لتطبيق المفاهيم والآليات الخاصة بالعدالة الانتقالية خلال المرحلة الجديدة المقبلة بشكل صحيح حتى لا نقع في قضايا انتقامية أخرى .
مشيرا إلى أن المؤسسة سعت لتبني قضية العدالة الانتقالية لإيجاد آليات شبابية ضاغطة على متخذي القرار لاختيار هذه القضية والياتها , وتحويل ثقافة العدالة الانتقالية الى مطلب شعبي , وان تتحول منظمات المجتمع المدني بكافة أطيافها إلى عنصر ضغط لإيجاد عدالة انتقالية تنقذ البلاد مما قد تكون مقدمة عليه .
هذا ويتلقى ثلاثون شابا وشابة من امانة العاصمة تدريبا على مدى خمسة ايام حول العدالة الانتقالية والتحولات الديمقراطية وذلك ضمن مشروع الشباب والعدالة الانتقالية الذي تنظمه المؤسسة بدعم من الصندوق الوطني للديمقراطية .
وفي تصريح خاص اوضح منسق المشروع ابراهيم النظاري ان المشروع الذي يتكون من ثلاث مراحل يستهدف في مرحلته الاولى 30 شابا وشابة من امانة العاصمة ويستهدف في مرحلتيه الثانية والثالثة نفس العدد في كل من محافظتي عدن وتعز , ويهدف المشروع الى اكساب المشاركين مهارات حول المفاهيم والآليات والوسائل والمناهج فيما يخص العدالة الانتقالية في العالم كله ,
وسيتضمن المشروع في نهايته اعلان مبادرة شبابية حول المصالحة والبناء وتأسيس موقع الكتروني تحت عنوان ( المنبر الشبابي للمصالحة والبناء الديمقراطي )