أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

العلاقات السعودية- اليمنية لمحات بارزة نحو ولوج المرحلة الذهبية المنشودة

- د.طارق الحروي
  •  من الجدير بالذكر الإشارة إلى أن اليمن والسعودية تقفان منذ مطلع العقد الماضي على مشارف بوابة أهم مرحلة في تاريخ العلاقات الثنائية بينهما، سيما في ضوء استمرار تنامي حالات التقارب والتجاذب بينهما التي دخلت منحنيا جديدا غير مسبوق منذ مطلع النصف الثاني من العام الماضي، بصورة تؤشر للبعيد والقريب على حد السواء إلى وجود احتمالات متنامية حول إمكانية دخول العلاقات بين البلدين أتون المرحلة الذهبية المنشودة، التي سوف تقوم على أسس من الشراكة الحقيقية والمصير الواحد والتي برزت بعض أهم معالمها الرئيسة واضحة في العام الماضي.
  •  على خلفية طبيعة ومستوى ومن ثم حجم التحديات المصيرية التي تواجه البلدين، ومن ثم البيئة الإقليمية لدول الخليج العربية برمتها التي اتضحت معالمها الرئيسة- تباعا- في ضوء استمرار تنامي حالات التقارب والتجاذب الثنائية النسبية التي ظهرت بعض أهم ملامحها الرئيسة ابتداء في الملف الأمني أكثر منها الملفات الأخرى، ومن ثم العسكري في العام 2009م، على خلفية انخراط البلدين في المواجهة المحتدمة التي فرضتها المعطيات الظرفية للبيئة المحلية والإقليمية والدولية؛ سواء أكان ذلك على صعيد التنظيمات والجماعات الإرهابية والخارجة عن النظام والقانون وتنظيمات القاعدة منها- بوجه خاص- من خلال تبادل المعلومات والتعاون والتنسيق في كثير من المواجهات المخطط لها والدعم المادي والمعنوي السعودي اللازم بـ(الأموال، والمعدات، الدورات التأهيلية،..)، التي بلغت حد الذروة منذ توحد هذه التنظيمات تحت قيادة واحدة (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب) عام 2010م على سبيل المثال لا الحصر أو على صعيد الجماعات الطائفية، على خلفية الدور شبه المحوري الذي لعبته السعودية في المساهمة في عملية الحسم السريعة لإرهاصات الحرب اليمنية السادسة مع حركة التمرد المسلح الحوثية عام 2009م.
  •  وانتهاء بالملف السياسي، الذي برزت بعض أهم معالمه الرئيسة واضحة على صعيد العلاقات السياسية في بعدها الثنائي أكثر منه متعدد الأطراف، التي كانت أكثر وضوحا على صعيد العلاقات الأخوية بين قيادات البلدين وكلا من شخص الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السابق على عبد الله صالح على وجه الخصوص، بمعنى أخر غلب عليها الطابع الأخوي والذاتي أكثر منها السياسي والموضوعي، بالرغم مما شهدته العلاقات في بعدها السياسي من تطورات مهمة لا بأس بها، إلا أنها لم تكن تشكل حتى الحد الأدنى من المستوى المنشود في ضوء ما فرضته البيئة الداخلية والخارجية من معطيات ظرفية طارئة واستثنائية، لعدة اعتبارات أساسية. 
  • وهو الأمر الذي تتضح بعض أهم معالمه الرئيسة أكثر في مسألة مهمة تتعلق بإشكالية إمكانية انضمام اليمن للتكتل الخليجي التي مضى عليها قرابة عقد ونيف، على الرغم من حصول اليمن على عضوية بعض دوائره منذ مطلع العام 2001م، إلا أن الملف السياسي شهد عمليات حراك شبه نوعية في الفترة الواقعة بين عامي (2009-2010م)، سواء أكان ذلك عندما قررت دول المجلس ضم اليمن إلى دوائر أخرى  في ضوء الدور المحوري الذي لعبته السعودية أو أكان ذلك جراء تبنى الملك عبد الله في رسالته الموجهة لاجتماع وزراء الخارجية لمشروع قرار يقضي بدراسة ضرورة حصول اليمن على العضوية الكاملة، التي توجت أخير بقرار مجلس التعاون الخليجي في قمته الأخيرة عام 2011م بضم اليمن إلى المجلس الاقتصادي، بالاستناد إلى ما تناولته من مؤشرات في مقالتي المنشورة على صدر الصحافة المحلية الورقية والالكترونية؛ تحت عنوان (اليمن ومجلس التعاون الخليجي من وإلى أين؟)، في تحول محوري للعلاقات الخليجية- اليمنية، سوف تتضح أهميته تباعا مع مرور الوقت، باعتبارها الخطوة العملية الأكثر ضرورة في وقتنا الحاضر، نظرا لما يتوقع- الكاتب- أن يترتب عليها من سياسيات إجرائية نوعية لضمان مرونة وانسيابية سياسة الإيفاء الخليجي- السعودي ومن ورائه المجتمع الدولي بالجزء الأكبر والمهم من التزاماته السابقة والحالية إزاء اليمن ضمن إطار خارطة الطريق الجديدة.  
  •   في حين بلغ هذا الأمر حد الذروة منذ نهاية النصف الأول من العام الماضي في ضوء الدور المحوري الذي لعبته السعودية في إرهاصات الملف السياسي الشائك، الذي حال دون انفراط عقد البلاد إلى أشلاء صغيرة متناثرة، والذي ابتدأ بإعلان ومن ثم توقيع المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة، وانتهي بالمساهمة في ضمان توفر الحشد الدولي لها، وتوج أخيرا بالتعهد الكامل أمام العالم على تقديم كافة التسهيلات المادية والمعنوية اللازمة لإنفاذها على أرض الواقع.
  • وصولا إلى ما يتوقع أن يفضي إليه استمرار تنامي حالات الحراك (النوعية/الكمية) في العلاقات السعودية- اليمنية من حدوث تغييرات جذرية أو شبه جذرية في مدركات ومن ثم آليات دوائر صنع القرار السعودي ومن ثم سياساتها المتبعة إزاء اليمن التي سوف تؤسس لقيام شكل جديد ومتقدم من أشكال الشراكة الاستراتيجية بل والمصيرية ضمن منظومة شبه متكاملة من الرؤى والتوجهات ومن ثم الآليات والسياسات النوعية الحالية والمستقبلية التي من خلالها ستضمن وجود مرونة وانسيابية في سياسة الإيفاء بالجزء الأكبر والمهم من التزاماتها السابقة إزاء اليمن، والتي سوف تبرز ملامحها الرئيسة واضحة وجلية في المدى القريب، سيما في تلك الملفات التي سوف تشكل إمتداد طبيعي للسياسات الإجرائية في المرحلة الماضية والحالية التي برزت في بعض أهم معالمها الرئيسة،
  •  ابتداء بمواصلة سياساتها السابقة الحاضنة لمسار حركة التغيير الجذرية شبه الصامتة التي شهدتها اليمن دولة وشعبا وبصورة غير مباشرة منذ نهاية عقد التسعينيات، بصورة أسهمت في مرونة وانسيابية تهيئة مستلزمات البيئة المناسبة لأول مرحلة من مراحل عملية الانتقال الآمنة لليمن إلى مصاف الدولة المدنية الحديثة، على خلفية طبيعة ومستوى ومن ثم حجم التغيرات الجذرية التي شابت المشهد اليمني منذ نهاية عقد التسعينيات، وطالت بعض مكونات الجهاز الإداري والعسكري منه- بوجه خاص.
  •  ومرورا بالتخلي شبه التدرجي عن سياساتها التقليدية ومن ثم حلفائها المحليين والسعي وراء إقامة علاقات رسمية مسئولة وشفافة مع كيان الدولة اليمنية الجديدة، وصولا إلى الإعلان ومن ثم ضمان التوقيع على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة لحل الأزمة اليمنية المستفحلة سواء أكان ذلك بالتكفل بتوفير كافة مستلزمات إنجاح حفل التوقيع على المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية المزمنة والحضور النوعي لأركان السلطة السعودية في بادرة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، أو أكان ذلك بالتعهد أمام العالم بتحمل كافة تبعات المسئولية التاريخية في إنفاذ المبادرة على أرض الواقع، والحفاظ على أمن واستقرار ومن ثم وحدة التراب اليمني.
  • وانتهاء بطبيعة ومستوى ومن ثم حجم ما تقدمه المعطيات الظرفية في البيئتين الداخلية والخارجية السعودية ومن ثم اليمنية من ضمانات رئيسة ومهمة لإمكانية الانتقال الآمنة لليمن دولة وشعبا إلى مصاف الدولة المدنية الحديثة المنشودة، بمراعاة عامل الزمن والسرعة والتكلفة، في ضوء ما أصبح يمثله هذا الأمر من ضرورة قصوى للاستقرار والأمن الخليجي- السعودي، ومن ثم العالمي، سيما في ضوء ما توصلت إليه دوائر صنع القرار السعودي- الخليجي والأمريكي- الغربي من قناعات راسخة مهمة حول أهم الطرق الأكثر كفاءة لمعالجة معضلة الاستشراء المخيف لظاهرة التطرف والجماعات الإرهابية الأكثر خطرا على مصالحها والجماعات الخارجة عن النظام والقانون في الأراضي اليمنية منها- بوجه خاص- تتمحور في الحيلولة دون وجود أية احتمالية حول إمكانية انفراط عقد البلاد والسعي الجاد وراء تأمين ولوج اليمن بقوة إلى أتون مرحلة النظام والقانون والتنمية الشاملة والمستدامة المنشودة.     

                                                                                         والله ولي التوفيق

 

 

 

 

 

 

 

                                                                                                                       



([1]) باحث في العلاقات الدولية والشئون الاستراتيجية وكاتب ومحلل سياسي.

 

المصدر : الكاتب

Total time: 0.055