نشرت مجلة "ذي دبلومات" مقالا للسفير الباكستاني السابق في الأمم المتحدة حسين حقاني ومديرة مبادرة مستقبل وجنوب آسيا بمعهد هدسون في واشنطن، أبارنا باندي، أشارا فيه إلى أن الرد الهندي على كارثة في وسوريا لم يكن بدوافع إنسانية بحتة.
وأوضح أن الرد الهندي على كارثة الزلزال في تركيا وسوريا يعكس التحولات في السياسة الخارجية الهندية لكي تكون لاعبا في السياسة الدولية وبعمق في منطقة .
وقالا إن تحرك الهند السريع للمساعدة يعكس سياسة نيودلهي بالتواصل مع الشرق الأوسط.
وتأتي بعد زيارة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وتوسيع العلاقات مع "إسرائيل" والدول العربية المترافقة مع العلاقات القوية والقديمة مع إيران.
فتقارب الهند مع تركيا و"إسرائيل" والدول العربية يعطيها فرصة للعب دور في الشرق الأوسط وسط ما يبدو تراجعا أو تخفيضا للتواصل والتأثير الأمريكي بالمنطقة.
وأقامت الهند علاقات مع الشرق الأوسط ومنذ استقلالها، لكن نوعية وكفاءة التواصل تغيرت في السنوات الأخيرة وعكس رغبة الهند في أن تكون لاعبا دوليا في عالم متعدد الأقطاب.
اظهار أخبار متعلقة وكان رد الهند السريع على الكارثة في تركيا وسوريا صورة عن رغبتها بالنظر إليها كدولة أولى في الرد السريع وتقديم المساعدات الإنسانية لجوارها الواسع.
إلا أن الرد الطارئ الأخير والذي شمل مستشفى ميداني وفريق طبي وأدوية ومعدات وأسرة مستشفى، كان استراتيجيا وليس إنسانيا فقط، وهو جزء من تحسين صورة الهند وتعزيزها في الشرق الأوسط.
وزار الرئيس المصري السيسي الهند في 26 كانون الثاني/يناير، وكان الضيف الرئيسي في يوم الجمهورية الـ 74.
وقبل ذلك أعلنت الهند عن استثمارات واسعة في الرباعية لغرب آسيا "أي تو يو تو" والتي تضم الهند و"إسرائيل" والإمارات والولايات المتحدة.
وتهدف الهند التأكيد على حماية مصالحها وسط الفراغ الحادث في الشرق الأوسط بسبب انشغال الولايات المتحدة بالمنافسة مع الصين أو مواجهة أفعال روسيا في أوراسيا.
ويعتبر الشرق الأوسط مصدرا مهما للإستثمار والطاقة وتحويلات الهنود.
وتشترك المنطقة مع الهند في قلقها الأمني وبخاصة التطرف الإسلامي والإرهاب.
وتريد الهند التحضير لتداعيات انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط.
ويتحدث الهنود عن العلاقات التاريخية والحضارية مع الشرق الأوسط التي تعود إلى ألفي عام وكذا العلاقات الوثيقة بين قادة حركات الإستقلال.
وفي أثناء الحرب الباردة كانت دول الشرق الأوسط في حركة عدم الإنحياز التي أنشأتها الهند ومصر مع دول أخرى.
ورغم ما تحمله العلاقات الحالية من عاطفية تاريخية وإقبال على مشاهدة أفلام بوليوود إلا أن جوهر العلاقات الهندية الجديدة يقوم على التجارة والإستثمار.
ويعيش في منطقة الخليج حوالي 8.9 مليون هندي، منهم 3.4 مليون في ، و 2.5 مليون في السعودية.
وتمثل تحويلات الهنود السنوية من الخليج نسبة 50 بالمئة من مجمل تحويلات الهنود في الخارج وهي فوق 80 مليار دولار سنويا.
اظهار أخبار متعلقة وزادت العلاقات التجارية بين الهند ودول الشرق الأوسط بشكل كبير خلال العقد الماضي، فالتجارة المتبادلة مع مصر تصل إلى 7.26 مليار دولار، وتستثمر 50 شركة هندية في الإقتصاد المصري 3.15 مليار دولارا.
وتعتبر الإمارات ثالث شريك تجاري عالمي، ومنذ توقيع اتفاقية الشراكة التجارية الشاملة في 2022، زاد حجم التجارة الهندية مع الإمارات بنسبة 38 بالمئة إلى 88 مليار دولار.
والعلاقة الإستراتيجية الهندية مع الإمارات هي في قلب مجموعة أي تو يو تو".
وكذا زاد التعاون التجاري الهندي – السعودية، مصدر نسبة 18بالمئة من النفط الخام الذي تستورده الهند.
وزادت الإستثمارات السعودية التي تعتبر رابح شريك تجاري للهند في مجال السكك الحديدية والطرق والمطارات والملاحة البحرية وهي متزايدة في التصنيع والقطاعات الرقمية.
وتحصل الهند التي تستورد نسبة 80% من احتياجاتها النفطية على نسبة 60% منه من دول الخليج.
وتعمل الإمارات على مساعدة الهند مواجهة مشاكل الأمن في مجال الطاقة من خلال المساهمة في مجال احتياطات النفط الإستراتيجية.
وزاد التعاون بين الهند ودول الشرق الأوسط في مجال الطاقة المتجددة.
ولم تقتصر علاقات الهند مع دول الخليج فقط، بل ومع تركيا و"إسرائيل" وإيران.
وتعتبر "إسرائيل" ثالث مزود للسلاح لها بنسبة 43 بالمئة من صادرات السلاح الإسرائيلية تذهب للهند.
وفي الوقت ذاته، كانت حذرة في عدم عرقلة علاقاتها مع إيران رغم التحديات الجيوسياسية.
في التسعينات من القرن الماضي تبنت الهند سياسة "التوجه للشرق" حيث قوت علاقاتها مع دول شرق وجنوب شرق آسيا.
ويبدو أن الهند اليوم تتبنى سياسة مماثلة ولكنها موجهة نحو الغرب لأسباب اقتصادية واستراتيجية أيضا.