اخبار الساعة - د. أحمد الفراج *
مقال رقم ٣
انقلاب روسيا وفضيحة المعلقين العرب!
في لحظات جنون هستيري رغبوي، هبّ معلقوا العرب، الذين يمتهنون التحليل السياسي، مبشرين بسقوط بوتين، واستنسخوا بروباغندا اعلام امريكا الحر جدا، الذي استضاف الخبراء والمعلقين، وفزع معهم فريدمان واقناتوس، حتى تخيل الناس جيش امريكا بقيادة الجنرال بايدن، ومعه ابنه هنتر يقود ميمنة الجيش، ولينزلي قرام يقود الميسرة، وبايدن يصرخ "لا نجوت إن نجا بوتين.. اللهم احفظ الملكة" ، وسط صليل سيوف هنتر وقرام ووكيل وزارة الطاقة والهان عمر وكوتيز وسولويل، ثم جهزت منصات الاعلام الغربي الورقية عناوين تليق بسقوط الامبراطور على يد الطباخ الخاص، ولم تمض ساعات، حتى تبين خيط الإنقلاب الأبيض من الأسود، فأصيب الاعلام الامريكي والغربي بالشلل التام، ولم يستطع المعلقون العرب منهم والعجم تبرير ما حدث، فأصبحوا يتخبطون كمن به جنّة، فأحدهم قال إنه لم يقل إن بوتين سقط، بل قال إن بوتين سوف يسقط بعد سنة أو عقد من الزمان أو ربما بعد قرن ونيف، ثم قال آخر إن الإنقلاب لم يفشل، لأن أحد الفلاسفة أكّد أن بوتين خضع لشروط المنقلبين، لكنه سينفذها بعد قرن من الزمان، ثم رفع متحلحل سياسي عتيد عقيرته بأن بوتين سقط لكنه لم يسقط، وعندما سئل عن شرح ذلك، قال إنه سقط لعدة ساعات ولكنه لم يسقط نهائيا.
لا.. أيها المتحذلقون. هذا ليس تمجيدا لبوتين، بل نقلا لواقع تعترف به امريكا نفسها، وكتبت عنه مرارا في هذا الحساب، فامريكا لم ولن تدخل حربا ضد روسيا، لو كان يحكمها يلتسين آخر، اذ هي في حرب مع بوتين شخصيا، لما يمثله ذكاؤه وطموحه وتخطيطه لإعادة أمجاد الامبراطورية الروسية من تهديد لسيادة امريكا على العالم، وتذكروا أن معلقي العرب الكارهين لبوتين بسبب سوريا، هم ذاتهم الذين يقدّسون امريكا، التي احتلت ودمرت العراق وليبيا وحتى سوريا ذاتها، في ازدواجية مقرفة وعجيبة.
كيف سقط معلقوا العرب كل هذا السقوط المروع، وفكروا أن ميليشيا ستسقط امبراطورية تسمى الإتحاد الروسي ، تتكون من ٨٩ كيان فيدرالي (اتحادي)، منها ٢٤ جمهورية، وأحد هذه الجمهوريات هي الشيشان، التي يستطيع جيشها الشرس والموالي لبوتين بقوة، أن يسحق انقلاب فاغنر في دقائق، وكيف سقطوا كل هذا السقوط المروع، وكأنهم لا يعرفون شيئا عن بوتين، رجل الإستخبارات القوي، والداهية السياسي بشهادة مفكري الغرب أنفسهم، وكأنهم لا يعرفون شيئا عن الاستخبارات الروسية، ولا عن دور روسيا العسكري الحاسم في الحرب العالمية الثانية.
لقد كان السقوط مروعا لمنصات العرب ومعلقيهم، ولا أظنهم سيتعلموا الدرس، لأن ما يقومون به ليس تحليلا سياسيا، بل تعبيرا عن رغبات وأمنيات مجالس خاصة.
* نقلا من حسابه على تويتر