اخبار الساعة
مع رصد وجود ازدحام شديد وطوابير أمام بعض محال الرياض هذه الأيام، أو ما باتت تعرف بــ “تقليعة اللاين”، استدعى ذلك العديد من التساؤلات والشكوك حولها.
إذ يرى الدكتور بدر بن سعود في مقال نشرته صحيفة “الرياض”، أنها “لا تشكل جزءًا من الثقافة المحلية ولا تاريخ يربطها بالمجتمع السعودي، وبالأخص مسألة الانتظار لساعات في طابور محل قهوة أو مطعم أو متجر”.
وقال إن الظاهرة الجديدة التي تناولتها قناة الإخبارية في 25 يوليو “لا توجد في بقية المدن الرئيسة كجدة والدمام”، مما جعله بصفها بـ “الطوابير الوهمية والمفتعلة”، التي “توظف لأغراض الدعاية والإعلان”.
وأشار إلى أن “معظم من يقفون في الطابور أو حتى يجلسون بداخل المحال هم زبائن مستأجرون، ويتقاضون مبالغ مالية أو وجبات مجانية، وينشرون ما يقدم لهم في منصات السوشال ميديا، أو كما اعترف بعضهم في المقابلات الميدانية للإخبارية”.
وحتى من يأتي بإرادته، يراه الكاتب “مقلدًا لغيره أو مستسلمًا لغواية الزحام، أو لمشاهدة مؤثر أو مشهور يوجد في المكان”.
ووصف الأمر بأنه “أسلوب تسويقي لا يكلف شيئًا ويحقـــق المطلــــوب، ولعله يدخل فيما يعرف بـ(الغوريلا ماركتنجط)، ويخفض من التكاليف الإعلانية، والتي تصل عالميًا إلى ترليون دولار في العام الواحد”.
وأوضح بن سعود أن “استخدام الطوابير الطويلة في التسويق بدأته شركة “أبل” قبل أكثر من عشرة أعوام، وذلك بعد أن قامت بمنع الطلبات المسبقة على إصدارتها الإلكترونية مثل: آيفون وآيباد، وفي كل دول العالم”.
وقال إن “هذا أعطاها أفضلية إعلامية، والمتـابع سيلحظ أن طوابير إصــــدارات أبـل تأخذ مساحات بارزة، وتحديدًا في المواد الإخبارية لوكالات الأنباء، والقنوات التلفزيونية المحلية والعالمية، ومعها المواقع الشهيرة والسوشال ميديا”.
وذكر أن المختصين يرون بأن “استخدام استراتيجية الطوابير المزدحمة في الوصول إلى المواد بأنواعها، يمارس دورًا مؤثرًا على العقل الباطن عند الناس، ويعطيهم الإحساس بضرورة الإسراع للحصول عليها قبل نفاذها”.
وقال إن “التصرف في حد ذاته مجرب في حالة الشركات العملاقة صاحبة الشعبية، وبلا تكاليف أو مصروفات إضافية”.
وأوضح أنه “في الولايات المتحدة يقضي الأمريكيون قرابة 37 مليار ساعة سنويًا في طوابير الانتظار، لدرجة أنهم يأتون إلى الطابور أحيانًا بمقاعد وخيام، تحسبًا للانتظار يومًا أو أكثر، ما يعني أنه يمثل سلوكًا اجتماعيًا مقبولاً لديهم، وخصوصاً في مواسم التخفيضات الكبرى خلال شهري نوفمبر وديسمبر”.
وقال الكاتب إن “أول من وقف في طابور بالإيجار هو الأمريكي روبرت صامويل في 2012″، والذي وصفه بأن “بمثابة الأب الروحي لكل واقف مستأجر في طابور طويل”.
وذكر أنه أسس شركة وظف فيها ثلاثين شخصًا لهذا الغرض، وكان يقبض من كل مستفيد 85 دولارًا عن أول أربعة ساعات انتظار، و40 دولارًا عن كل ساعة إضافية.
وبين أنه “في 2015 ونتيجة للأزمة الاقتصادية في فنزويلا، لجأ بعض الفنزويليين إلى الوقوف في الطوابير الممتدة نيابة عن الآخرين، وذلك لمساعدة من يرغبون في استلام حصتهم من السلع الأساسية قبل أن تنفذ، وتقدر مداخيلهم الشهرية بنحو 79 دولارًا شهريًا، وهو مبلغ معقول في فنزويلا ويعادل راتب أستاذ جامعي”.
ولفت إلى أن “من أمثلة الانتظـــار الطـــويل، انتظــــار تناول طبق اللحم البقري المقرمش المعروف بـ(الكروكيت) في اليابان، والذي يمتد لمدة تصل إلى 29 عامًا، فهناك من سيستلم طلبه في 2052”.
وينتهي الكاتب بالمطالبة بـ “قطع الطريق على من يحاولون التربح بطوابير مصنوعة تضر بمنافسيهم، وعلى وجه الخصوص أصحاب المشروعات القائمة والمتميزة”.
وشدد على أن هذا “يحتاج إلى ابتكار حلول إبداعية من نوع ما قامت به أمازون في 2018 بواسطة تطبيقها (أمازون جو)، والذي وفرت عن طريقه متجراً ذكياً للمواد التموينية، خالٍ تمامًا من طوابير الانتظار، فلا يوجد في المتجر كاشير، ولا يقوم المشترون بالوقـــوف لدفع قيمة مشترياتهم”.
وشرح التجربة المبتكرة في التسوق، قائلاً: “كل ما عليهم هو تحميل التطبيق ومسحه عند المدخل، ومن ثم يقوم الشخص باختيار ما يريد ويخرج، وأثناء تسوقه تعمل أجهزة الاستشعار على تعقب حركته وما أخذه معه، وتضاف القيمة إلى حسابه في أمازون”.
وشدد الكاتب على أنه “لا بد من الاستثمار في هذه الفكرة العبقرية بالمشاركة مع صاحبهـــا، وتوسيـــع استخداماتها في أكثر من مجال، وبما يضمن الخصوصية والسرية لبيانات المستفيدين، ويتواءم مع (إنترنت كل الأشياء) وقدومه المتوقع في المستقبل القريب”.