في الواقع أن الاغتيالات السياسية عادة ما تكون منظمة من قبل أطراف أو جماعات لها علاقة مباشرة بما يحدث في المحيط السياسي بهدف إزاحة أو الفتك بمن يمثل عقبة كبيره أمام مطامع ينوي كل طرف البلوغ إلى ما يصبو إليه بمثل هكذا اغتيالات.. وبالتالي تسهل العملية السياسية أو الهدف المراد تحقيقه لتلك الجهة أو الجماعة أو الحزب..أضف إلى ذلك أن الاغتيالات تزداد بكثرة في البلدان التي تتعدد فيها المكونات السياسية الحزبية والطائفية والمذهبية والجهوية خاصة المتصارعة على السلطة ومقاليد الحكم حيث نجد أن كل طرف يبحث عن مكيدة أو كمين يغتال به الآخر لاسيما إذا كان ذلك الطرف يتمتع بقوة كاريزمية وتأثير مباشر على الجمهور الاجتماعي الذي يعشه..
ولعل ما يحدث اليوم في اليمن من سلسلة اغتيالات طالت العديد من رجال السياسة تنم عن الفكر الرجعي العقيم الذي مازال متقوقع في مستنقع الماضي البعيد والذي لم يعد يؤمن به احد سوى أولئك النفر الذي يدعي قربه من الله وحده من دون الآخرين..
وبالتالي فان ما تمر به اليمن اليوم من مرحلة انتقالية محفوفة بالمخاطر تزداد فيها مثل هكذا اغتيالات وهو الأمر الذي بلا شك يزيد الوضع تعقيداً بل يسعى إلى عرقلة وإعاقة المسار السياسي الذي تمضي به اليمن نحو التغيير المنشود للشعب اليمني..
واعتقد أن ما تعرض له الدكتور ياسين سعيد نعمان -مؤخراً-وكذا الدكتور محمد المتوكل–مسبقاً- دليل واضح ودامغ على الحقد الدفين الذي يمارس ضد الشخصيات السياسية لكونها تحمل قضايا وطنية تحاول إيجاد حلول ناجعة لها في حين أن الأطراف المتسببة بإنتاج مثل هكذا قضايا لا تحبذ حل تلك المشكلات بطرق سلمية مرضيه للجميع عبر حوار حضاري بناء بل لديها طرق اعتادوا على فعلها عن طريق العنف والقمع اللانساني لإخضاع أي جماعة أو طرف باعتبار أن ذلك هو الحل الوحيد..!
على كل حال لا اعتقد أن الحد من ظاهرة الاغتيالات يمكن أن تنحسر البتة لطالما وان من نرجو منهم محاربتها وتقليص الفجوة لهذه الظاهرة وكذا واستئصالها هم أصلاً مخططيها ومدبريها ومديريها حيث أنهم اعتادوا العيش على الاغتيالات وتذوق الدماء وتصفية حساباتهم مع الأخر بهكذا طريقة مقيتة لا تمت للإسلام بصلة.. وبالتالي فان الذين يمارسون فنون الاغتيالات اليوم هم من يسعون إلى اغتيال الوطن والمواطن معاً . ولا استبعد أن من اغتال الرئيس الحمدي-رحمه الله- والذي كان يحمل في جنباته مشروع وطني آنذاك هو ذاته من يستهدف رجال السياسة اليوم..
وفي الأخير ..أن الإرهاب الحزبي السياسي المتدين والتقليدي المتمدن أكثر خطورة من الإرهاب العقائدي المتطرف لان هذا الأخير بات معروف عنه كعدوا وخصم يجب مواجهته لكن الأول يتقمص دور الناصح والمخلص للوطن وهو في الحقيقة عكس ذلك..