أخبار الساعة » الرياضية » عربية ودولية

كيف فاز الريال؟ ولماذا خسر السيتي؟

- ahmed alabsi

أمتع ريال مدريد وضيفه مانشستر سيتي جميع عشاق كرة القدم بمباراة من العيار الثقيل بينهما انتهت لصالح بطل إسبانيا بنتيجة 3-2 في سيناريو مثير للغاية، المتعة لم تكن فنية فقط بل كذلك تكتيكية حيث لعب المدربان جوزيه مورينهو وروبيرتو مانشيني مباراة كبيرة.

____________________________

 

 

الساعة الأولى | أجاد مورينهو وأخطأ، ومانشيو بدأ جيدًا

بدأ مورينهو المباراة بطريقة مختلفة عما اعتاد بعدما أخرج مسعود أوزيل من التشكيل الأساسي ولعب بطريقة 4-1-2-2-1 بدلًا من 4-2-3-1 المعتادة، وبالأسماء التالية ...



كاسياس

مارسيلو        فاران        بيبي      أربيلوا

ألونسو

إيسيان                 خضيرة

رونالدو                             دي ماريا

هيجواين

 

ريال مدريد هاجم من الجبهة اليُسرى بالثنائي رونالدو ومارسيلو فيما تم التأمين دفاعيًا بإيسيان وتلك نقطة إيجابية جدًا من مورينهو لأنه يُدرك تمامًا أن كريستيانو لا يعود للدفاع كثيرًا وأن مارسيلو يتقدم كثيرًا ولذا الأفضل تغطيتهم بمحور ارتكاز قوي دفاعيًا وقد اكتفى الغاني بالدور الدفاعي أغلب الوقت، أما الجانب الأيمن فقد لعب أربيلوا وخضيرة ودي ماريا أدوارًا متزنة بين الهجوم والدفاع ولذا كنا نرى دي ماريا كثيرًا يدافع في نصف ملعبه ورأينا فرصتين من داخل منطقة الجزاء للألماني والإسباني فالجميع هنا يُهاجم ويُدافع وذلك أيضًا فكر جيد للغاية من المدرب البرتغالي.

أجاد مورينهو اللعب بتلك الطريقة لأنها أمنت له ضغطًا دفاعيًا قويًا جدًا في عمق الملعب منع السيتي من استغلال قوة عُمقه هجوميًا بتواجد سيلفا وتوريه، بل جعل وسط الفريق الإنجليزي تحت الضغط دومًا وإن كانت عقلية مانشيني في الشوط الأول ساهمت في ذلك.

أين أخطأ مورينهو؟ أخطأ حين أفرغ عمق الملعب من الملامح الهجومية لأن كلًا من إيسيان وخضيرة لا يمتلكان القدرات الهجومية القادرة على إزعاج دفاع السيتي ودعم هجوم الريال، ولأن كلًا منا رونالدو ودي ماريا تحركا في الطرف كثيرًا وأهملا الاختراق للعمق بجانب أن أداءهما تميز بالفردية خاصة البرتغالي إذ اعتمد على التسديد كثيرًا وربما يعود ذلك لعدم وجود حلول أخرى أكثر منه رغبة بالتسديد !.

كان الأفضل، أن يُشارك لوكا مودرتش بدلًا من خضيرة في الجانب الأيمن وهنا لن يخل بالأداء الدفاعي لأن الكرواتي يُدافع جيدًا بجانب أن أربيلوا ودي ماريا لديهم واجبات وقدرات دفاعية جيدة للغاية بل إن مشاركته ستؤثر إيجابًا على الجانب الهجومي بتواجد لاعب في العُمق يُجيد الهجوم .... أو أن يمنح التعليمات لرونالدو باللعب في عُمق الملعب وليس على الطرف الأيسر، وذلك حل ممتاز لأن انتقال رونالدو للطرف سيترك المساحة في اليسار لمارسيلو المنطلق والمهاري والسريع والقادر على التفوق على مايكون، وكذلك سيزيد من خطورة تسديدات رونالدو والكرات الثابتة التي سيحصل عليها.

على الجانب الآخر، لعب مانشيني بطريقة 4-3-2-1 على الورق لكنها في الملعب كانت 5-4-1 وأحيانًا 6-3-1، ويُمكن أن أبرر ذلك الأداء الدفاعي جدًا من السيتي في الشوط الأول بالرهبة والقلق خاصة بعد مشوار الفريق المخيب في بطولة الموسم الماضي .. لذا أراد مانشيني تخطي تلك الرهبة وذلك الحاجز النفسي قبل الانطلاق واللعب الند بالند أو أقل قليلًا، علينا ألا ننسى أنه يُواجه ريال مدريد في ملعبه وتلك مهمة ليست سهلة على فريق "وليد" أوروبيًا.

مانشيني لعب بالطريقة التالية ...




جو هارت

كليشيه         ناستاسيتش         كومباني        مايكون

باري       جارسيا

سيلفا          توريه           نصري

تيفيز


ذلك كان على الورق، لكن على الملعب كان جارسيا أو باري يعود ليلعب بين ناستاسيتش وكومباني (وجارسيا بشكل أكبر) بحيث يسمح لأحدهما بالخروج للطرف للمساعدة في صد الهجمة المدريدية، وكذلك يلعب ثلاثي الوسط المهاجم أدوارًا دفاعية واضحة ومجرد أن تُستخلص الكرة ينطلق الثلاثي معًا خلف تيفيز لصناعة الهجمة المرتدة السريعة .... لكن الفريق لم ينجح في تنفيذ الشق الهجومي نتيجة قوة الضغط الدفاعي المدريدي وزحمة وسط الملعب التي خلقت ما يُشبه "القفص" حول سيلفا تحديدًا وهو المحرك الأساسي للمنظومة الهجومية في أبطال إنجلترا.

أي أن الشكل على الملعب كان ...



جو هارت

كليشيه     ناستاسيتش    جارسيا     كومباني     مايكون

سيلفا       باري       توريه     نصري

تيفيز


ولكن مع تأخر واضح لباري عن بقية الثلاثي حيث كُلف بواجبات دفاعية فقط، وبعد خروج نصري ومشاركة كولاروف انتقل سيلفا للعمق أكثر بحيث أصبح المهاجم الثاني خلف تيفيز فيما أصبح الصربي الجناح الأيسر في الوسط وبأدوار دفاعية هجومية وذلك الأمر سمح لكومباني أن يُساعد مايكون كثيرًا في التصدي للجبهة اليُسرى الخطيرة لأصحاب الملعب، أي بالشكل التالي ...



جو هارت

كولاروف    كليشيه     ناستاسيتش    جارسيا     كومباني    مايكون

باري               توريه

سيلفا          

تيفيز


تلك الأدوار الدفاعية المتداخلة للاعبين نُفذت بشكل شبه مثالي في الشوط الأول (باستثناء بعض الأخطاء في التمركز أو الخضوع لمهارات المنافس الفردية خاصة رونالدو)، وإن ساعدها خطأ مورينهو بالتركيز على الطرف وإهمال العمق لأن ذلك جعل مدافعو السيتي يتحركون من العُمق للطرف دون القلق كثيرًا للاختراق الهجومي من العمق بل كان الهدف الأكبر إيقاف خطورة الأطراف خاصة الجبهة اليُسرى التي يقودها رونالدو ومارسيلو ولكن يُحسب لمورينهو أنه أوقف خطورة هجوم السيتي من العمق بأن أخرج توريه وسيلفا من المعادلة الهجومية إلا نادرًا.



نقطة التحول | الدقيقة 62
 

ما سبق عن الفريقين استمر حتى مرور ساعة على المباراة وتحديدًا حتى الدقيقة 62 حين حدثت نقطة التحول الكُبرى بإخراج مانشيني للإسباني سيلفا وإقحام المهاجم إيدين دجيكو، وهنا تحرك مورينهو فورًا في رد فعل ممتاز للغاية يؤكد قيمة المدرب البرتغالي وأشرك أوزيل بدلًا من إيسيان في الدقيقة 65.

ما الذي حدث ؟؟ مانشيني لاحظ أن سيلفا لا يكاد يُقدم أي دور هجومي والدليل غياب الهجمات عن مرمى كاسياس طوال تلك الساعة، ولذا أراد إنعاش الهجوم من الوسط بإعادة تيفيز للوراء وذلك بإشراك دجيكو في الهجوم وجعل من توريه لاعب الوسط الذي يتقدم من العمق ومنح حرية أكبر لكولاروف ليتقدم مع إيقاف مايكون لخطورة جبهته.

هنا جاء الرد مباشرة من مورينهو بإخراج إيسيان لأنه لم يعد يحتاج لأدواره الدفاعية القوية وإشراك أوزيل صاحب الأداء الهجومي الشرس من عُمق الملعب وذلك دليل واضح على أن البرتغالي ما لجأ لاستخدام 3 محاور دفاعية إلا للقضاء على خطورة الإسباني وبإخراجه لم يعد هناك حاجة للثلاث محاور بل اكتفى بلاعبين خاصة أن وسط السيتي لم يعد به سوى توريه الذي يقوم بأدوار هجومية من عمق الملعب ويُمكن إيقافه بلاعبين (خضيرة وألونسو) بجانب الدعم من أحد قلبي الدفاع.

مورينهو أجاد للغاية هنا وأثبت أنه مدرب يحسب كل شيء ويضع كل السيناريوهات ويُرتب خطواته جيدًا، لكن مانشيني أخطأ كثيرًا بإخراج سيلفا بدلًا من تيفيز لأن الأول يُجيد صناعة الهجمة فيما الثاني يُجيد إنهائها وخلال تلك المباراة كان الفريق بحاجة لمن يصنع الهجمة أولًا ثم لمن يضع النهاية المثالية لها .... كان الأفضل إخراج تيفيز والزج بدجيكو وترك سيلفا ليحافظ على لعب دور المهاجم المتحرك ولاعب الوسط المهاجم أو إشراك لاعب وسط مهاجم بدلًا منه وترك تيفيز في الأمام وهنا يبرز سؤالًا مهمًا "هل يمتلك السيتي بديلًا جيدًا في مركز لاعب الوسط المهاجم أو بديلًا جيدًا لسيلفا؟"، هنا كان مانشيني سيحافظ على قوة وسط ملعبه الهجومية بتواجد توريه وسيلفا معًا ومع تقدم كولاروف وتمركز دجيكو كان سيُشكل خطورة أكبر على مرمى كاسياس وربما ما كان مورينهو لحظتها ليُشرك أوزيل الذي زاد المصاعب على مدافعي أبطال إنجلترا.

تقدم السيتي بالهدف الأول، ويُمكن القول أنه جاء مثاليًا لتفكير المدرب مانشيني الذي جعل من توريه لاعب الوسط المهاجم الذي يخترق من العمق خلف تيفيز ودجيكو ... حدث ذلك لكن بالكثير الكثير من الجهد والتفوق الفردي من الإفواري الذي اخترق كل وسط ودفاع مدريد ثم مرر تمريرة حاسمة لزميله البوسني.



الدقائق الـ20 المجنونة | أخطأ مانشيني ولم يرحمه مورينهو
 

هدف السيتي جعل مورينهو يُلقي بكافة أوراقه، المدرب أدرك تمامًا أن المشكلة في غياب الهجوم من العُمق ولذا أشرك مودرتش بدلًا من خضيرة وأخرج هيجواين واشرك بن زيما في تغيير عادي ... ما حدث أن وجود مودرتش وأوزيل في عمق الملعب جعل الحياة صعبة للغاية على دفاع السيتي لأنه لم يعد قادرًا على الخروج للتصدي لانطلاقات مارسيلو ورونالدو يسارًا ودي ماريا وأربيلوا يمينًا، أي هنا يُمكن القول أن المعادلة أصبحت 6 مهاجمين من الريال مقابل 6 مدافعين من السيتي خاصة أن توريه لم يعد يعود للخلف كثيرًا بل بدأ يلعب الأدوار الهجومية أكثر وربما يكون ذلك بسبب التعب وتراجع الحالة البدنية.

مانشيني أخطأ الخطأ الأكبر في المباراة في الدقيقة 74 وذلك حين أخرج مايكون وأشرك زاباليتا وفقد بذلك تغييره الثالث في المباراة .... السيتي وقتها كان متقدمًا بهدف دون رد والريال يضغط بكل قوته ويُجري تغييرات هجومية واضحة، لماذا الحفاظ من مانشيني على مهاجمين ؟؟ بجانب أن مايكون كان سيئًا لكنه لم يكن كارثيًا والدليل أن القليل من الهجمات من الجانب الأيسر اكتملت لتكون فرصًا خطيرة على مرمى هارت !.

ما فعله مورينهو جعل كومباني يلتزم البقاء في العُمق وهنا كان يجب دعم الجبهة اليُمنى بلاعب وسط مدافع آخر من مانشيني مثل ميلنر أو زاباليتا نفسه لكن بدلًا من أحد المهاجمين، بحيث تُصبح الجبهة اليُمنى مشابهة لليسرى بتواجد زاباليتا ومايكون وهناك كولاروف وكليشيه.

ما حدث فيما بعد أن توريه أهدر فرصة كبيرة لإحراز الهدف الثاني، من ثم جاء هدف التعادل لمارسيلو وأنعش معنويات زملاءه ولذا ازداد ضغطهم وباتت هجماتهم أخطر وأكثر شراسة على مرمى جو هارت خاصة أنها تنوعت من اليمين للعمق لليسار، لكن الهدف كان من نصيب كولاروف من كرة ثابتة أخطأ دفاع الريال وكاسياس التعامل معها.

لم يكن لمانشيني أو مورينهو قدرة على التدخل هنا، ولكن ما فعله البرتغالي قبل دقائق أتى بالفائدة وما فعله الإيطالي أتى بالسلب .. فقد اشتد ضغط الريال الهجومي وتنوع من كل مناطق الملعب خاصة مع اندفاعه بالكامل للهجوم وخروج 3 لاعبين من معادلة الدفاع الإنجليزية وهم دجيكو وتيفيز وتوريه لأن قدرات الأول والثاني الدفاعية محدودة فيما نال الإرهاق من الثالث، لذا أحرز أصحاب الملعب هدف التعادل من العمق ومن ثم هدف الفوز بتسديدة من الجانب الأيسر بواسطة رونالدو وخرجوا فائزين بالمباراة والنقاط الثلاثة.

المصدر : تحليل الكاتب ( تامر أبو سيدو )

Total time: 0.1928