نص كلمة بلادنا في الدورة الواحدة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان
بتاريخ 2012-09-26T09:35:03+0300 منذ: 12 سنوات مضت
القراءات : (3114) قراءة
اخبار الساعة - خاص
اليوم الـ 26 سبتمبر 2012م، تم إستعراض تقرير أوضاع حقوق الإنسان في بلادنا في الدورة الواحدة والعشرين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، وقد ألقت وزيرة حقوق الإنسان/ حورية مشهور، كلمة بلادنا في هذه الدورة
حضر اللقاء الأخ / محمد الفقمي - الوزير المفوض نائب رئيس بعثتنا الدائمة في جنيف، والأخ/ أوسان العود- السكرتير الأول في وزارة الخارجية والاخ/ صدام القفيلي - مدير إدارة التقارير الدولية في وزارة حقوق الإنسان والأخت/ حنان الشيخ- السكرتير الثالث في وزارة الخارجية ومسؤولة حقوق الإنسان في المندوبية
موقع "اخبار الساعة" ينشر نص الكلمة الكاملة لبلادنا أمام المجلس فيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيدة/ رئيسة الجلسة
السيدات والسادة... المحترمون
الحاضرون جميعاً
أصالة عن نفسي ونيابة عن وفد الجمهورية اليمنية نحييكم ونتشرف بحضورنا معكم أعمال هذه الدورة لنتبادل المعلومات ونطلع على أفضل التجارب والممارسات في مجال إعمال وتعزيز حقوق الإنسان . ولاشك بأن نجاحات تتحقق هنا أو هناك في أكثر من مكان وأكثر من دولة وتظل صعوبات وتحديات ومعوقات تحول دون تحقيق كافة الأهداف المنشودة لتحسين أوضاع الإنسان وتهئية كافة الظروف له للإستمتاع بحقوقه الأساسية ، ونحن في اليمن جزء من الأسرة الدولية نتقدم في مجالات وتواجهنا صعوبات في مجالات أخرى.
السيدات والسادة قبل أقل من عام وتحديداً في فبراير- مارس الماضي كنا نقف معكم هنا في أعمال الدورة التاسعة عشر للمجلس وكانت اليمن تمر بأعقد الظروف في تأريخها المعاصر وتحيط بها تهديدات واسعة تمس أمنها الإنساني والإجتماعي وإستقرارها بل وكيانها ووجودها المادي بعد ثورة شعبية سلمية كانت نتاج طبيعي لأوضاعٍ متردية إقتصادياً وإجتماعياً وسياسياً.وحقناً للدماء وتجنباً لدوامات عنف وصراع مكلف توافقت القوى الوطنية على تسوية سياسية ووفاق وطني يرعاه الأشقاء والأصدقاء ونعيش اليوم نتائجه وثماره.ونحن الآن نمر بالمرحلة الإنتقالية وقد إنقضت منها عشرة أشهر تقريباً وستمتد حتى فبراير 2014 لتنتهي بإنتخابات برلمانية ورئاسية جديدة واضعين نصب أعيننا الإستفادة من دروس الماضي المؤلمة والقاسية لنؤسس لدولة مدنية حديثة يسود فيها حكم القانون ويتعزز فيها إحترام حقوق الإنسان.
ولعل أهم الإنجازات التي يمكن الإشارة إليها وقد تحققت خلال العشرة الأشهر الماضية وفقاً للآلية التنفيذية لمبادرة مجلس التعاون الخليجي هي تشكيل حكومة الوفاق في منتصف ديسمبر من العام الماضي وتشكيل اللجنة العسكرية والأمنية ثم الإنتخابات الرئاسية في فبراير من هذا العام وإقرار مجلس النواب لبرنامج الحكومة الإنقاذي للبلاد والذي أستهدف تحقيق نجاحات نسبية في زمن قياسي قصير لتحسين أوضاع الناس المعيشية الأساسية وتحقيق الأمن والإستقرار ومعالجة تداعيات آثار إنتهاكات حقوق الإنسان التي حدثت في الفترة الماضية وخاصة تلك الأحداث الإستثنائية التي حدثت في عام 2011 وسقط فيها المئات بل الآلاف ضحايا بأيدي قوات نظامية أو مليشيات مدنية مسلحة .
وتأتي خطة الإستجابة الإنسانية كأحد الأولويات الأساسية لتغطية الحاجات الملحة لأكثر الفئات تضرراً وفي مقدمتها معالجة الجرحى ورعاية أسر الشهداء وتغطية الإحتياجات الضرورية للنازحين واللاجئيين.
وفي إطار هذا البرنامج الحكومي العام فإن سياسات حقوق الإنسان مثلت مكوناً أساسياً والتزمت فيه الحكومة بمعالجات تفضي أولاً لتجاوز آثار الإنتهاكات الواسعة والخطيرة التي حدثت في عام 2011 فسعت لتشكيل لجنة التحقيق المستقلة في أحداث ذلك العام إنفاذاً لتوصية الدورة الثامنة عشر لمجلس حقوق الإنسان في سبتمبر الماضي وإلتزاماً تجاه مواطنينا لتمكينهم من الوصول إلى العدالة بدلاً عن الإستمرار بالشعور بالظلم والغبن وتجنيباً للمجتمع من اللجوء إلى الثأرات والإنتقام . وإن كان تشكيل هذه اللجنة قد تأخر كثيراً إلا إن قرار مجلس الوزراء في إجتماعه الدوري كان قد وافق عليها مؤخراً ، وصدر يوم السبت الموافق 22 سبتمبر القرار الجمهوري رقم 140 بتشكيل اللجنة وفقاً للمعايير الدولية وقريباً سيسمى أعضائها الذين أشترط بهم تمتعهم بمعايير النزاهة والحيادية والموضوعية . وبهذا الصدد ووفقاً لطبيعة عملها وحدود الوقت المتاح لها ولحكومة الوفاق برمتها فإن الدعم الفني والإستشاري لهذه اللجنة سيكون ضرورياً جداً وعاجلاً.
كما يتوقع أن يصدر قانون العدالة الإنتقالية قريباً ليصبح نافذاً ويعالج أيضاً إنتهاكات حقوق الإنسان لفترة تمتد خلال فترة حكم المشمولين بالحصانة ، وكان المشروع قد تعثر وواجه مقاومة من أطراف مختلفة ووفقاً للآلية التنفيذية فإن الأمر يؤول إلى رئيس الدولة ورئيس الحكومة وإن لم يصلا إلى إتفاق فإن القرار النهائي يكون لرئيس الدولة ، والمشروع الآن محل تشاور بينهما ويتوقع إصداره من رئيس الجمهورية وإحالته لمجلس النواب للمصادقة عليه وإنفاذه.
ووافقت الحكومة على إنشاء الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان وقد شرع الفريق الفني بإعداد الإطار القانوني لعمل الهئية وتلقت الحكومة اليمنية دعماً من الحكومة السويدية والهولندية عبر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة لدعم إنشاء هذه الهيئة في مرحلة التأسيس وتعزيز قدرات وزارة حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال الدفاع عن الحقوق والحريات العامة .
وفي شأن ذا صلة التزمت الحكومة بإنفاذ التوصيات الدولية الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان ولجنة الحقوق المدنية والسياسية ، وقضى قرار مجلس الوزراء أن تقوم كل وحدات الجهاز التنفيذي كل فيما يخصه بإنفاذ هذه التوصيات وسوف تقوم وزارة حقوق الإنسان بمتابعة ومراقبة وتقويم مستوى الإنفاذ وتقديم التقارير الدورية للحكومة عن ذلك ، وكذلك تقارير المراجعة الدورية الشاملة للجان الإتفاقيات الدولية.
وفي إطار تطوير سياسات حقوق الإنسان تجري حالياً الترتيبات لوضع إستراتجية وطنية لحقوق الإنسان تضع الأهداف المتوسطة والبعيدة المدى لتعزيز حقوق الإنسان. كما يتم الإستعداد أيضاً لإعداد إستراتيجية وطنية لمكافحة الإتجار بالبشر في قضية ظلت مسكوت عنها فترة طويلة ولكن مناخ التغيير الإيجابي الراهن سمح لنا بإعداد تصورات ومشاريع كثير من السياسات التي كانت عبارة عن خطوط حمراء يصعب تجاوزها ناهيك عن الإشارة إليها.
وفي قضية إنسانية وحقوقية بامتياز أشار إليه تقرير المفوضة السامية لحقوق الإنسان عن الأوضاع في اليمن بناءاً على الزيارات المتكررة لبعثة المفوضية وهي قضية المعتقلين السياسيين ونشطاء الثورة الشعبية وأصحاب الرأى من الكتاب والإعلاميين فإن جهوداً مكثفة تجري من قبل أجهزة الدولة وكذلك جهود شعبية لمنظمات المجتمع المدني الحقوقية للوصول إلى أولئك الذين تتحرق أسرهم لمعرفة مصائرهم سواء أكانوا أحياء أو أمواتاً.
وبهذا الصدد فإننا سنسعى في الحكومة للإنضمام والتوقيع على الإتفاقية الدولية لمناهضة الإخفاء القسري لترتفع مسؤولية وإلتزام الدولة تجاه مواطنيها وإعمال التشريعات الوطنية والدولية التي تجرم الإخفاء القسري. كما ستتواصل جهودنا لمعرفة مصير العشرات من ضحايا التوقيف والإحتجاز غير القانوني والمخفيين قسرياً ، ومساءلة ومحاسبة الجهات أو الأطراف المتسببة.
وتحتل مسألة تجنيب الأطفال خوض غمار الصراعات والنزاعات المسلحة مساحة واسعة نصيب كبير من إهتمامنا في الحكومة ونتشارك العمل مع منظمات المجتمع المدني حيث نسعى للتوعية بخطورة الظاهرة ومنع الأسباب التي تفضي إليها وهي مرتبطة أساساً بفقر الأسر التي تقوم بتوقيف تعليم أبنائها ودفعهم للحصول على أي فرص عمل متاحة وبالتالي فإن توفير الرعاية الإجتماعية لهذه الأسر الفقيرة سيكون من أهم المداخل لمعالجة المشكلة ، كذلك إتباع الإجراءات القانونية والإدارية لتسجيل المواليد حيث أن أعمار هولاء الأحداث غير معروفة تماماً ويتم تقديرها وذلك بسبب الولادة في المنزل في المناطق الريفية وعدم إدراك الأسر أهمية الحصول على الأوراق الثبوتية.
وفي شأن ذا صلة بإعمال الحقوق فإن ترتيبات حثيثة تجري للتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي ستشارك فيه كل القوى الوطنية وينظر إليه كخطوة مفصلية في تأريخ اليمن الحديث لأنه يدعو مختلف القوى الوطنية على إختلاف مرجعياتها السياسية والثقافية والجهوية والإجتماعية ليكونوا معاً في رسم خارطة طريق اليمن الجديد وليشاركوا مشاركة فاعلة في إعادة بنائه بعد دورات متفرقة من الصراع ودوامات العنف والتهميش والإقصاء لبعض الأطراف . وكان مجلس الوزراء قد كلف لجنة وزارية برئاسة وزيرة حقوق الإنسان للتواصل مع الشباب بهدف إدماجهم في الحياة السياسية وإشراكهم في الحوار الوطني كطرف أساس وقائد وحامل مشروع التغيير الوطني الذي نعيش الآن لحظاته وطرف فاعل في حاضر ومستقبل البلاد. ويتهيأ الشباب لعقد مؤتمرهم الوطني تمهيداً لمشاركتهم الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني على غرار ما فعلت النساء في مؤتمرهن العام في مارس من هذا العام ووصلن إلى الأجندة الوطنية لمطالب النساء لوضعها في مقدمة الأولويات الوطنية ، إلا أن صعوبات مرتبطة بالتمويل وقفت حاجزاً دون إنجاز هذه المهمة ، وحيث تدافع الممولين لتمويل مؤتمر المرأة فإن أحد منهم لم يتقدم حتى الآن لتوفير الدعم للشباب وما قدمته الحكومة لم يغطي سوى 20% من الإحتياج.
وجدير بالإهتمام الإشارة إلى إقرار مجلس الوزراء في إجتماعه الأخير للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب في خطوة نوعية ستتطلب عملاً وجهوداً كبيرة لتصبح أدأة ووسيلة فاعلة لتجفيف منابع الإرهاب التي تفاقمت في الفترة الأخيرة وقوضت السلم الأهلي والإجتماعي بل وتدمر مقدرات البلاد الإقتصادية والأمنية . ونثق ثقة عالية لا يرقى إليها أي شك بأن شركائنا الدوليين والمتضررين أيضاً من هذه الظاهرة التي صارت عالمية ولابد من جهد دولي لمكافحتها سوف يلعبون دوراً لا يستهان به في دعم اليمن لإجتثاث الإرهاب الذي يتصادم ويتعارض كلياً مع أبسط حقوق الإنسان في العيش بأمان وتهديد حياته بل وسحق آدميته وكرامته الإنسانية.
وقبل الختام فإننا نتوجه بالشكر والتقدير لمجلس حقوق الإنسان والمفوضية السامية لحقوق الإنسان وكل وكالات الأمم المتحدة والدول الشقيقة والصديقة التي أبدت إهتماماً عالياً بقضايا حقوق الإنسان في بلادنا وكان لبعضها بصمات وتدخل مباشر في تقديم الدعم المادي أو الفني أو المؤسسي أو الإستشاري في مجال حقوق الإنسان ولا يساورنا الشك في إستمرار هذا الإهتمام بل وتطويره وإكتساب شركاء وحلفاء جدد يؤسسون معنا نقلة نوعية في مجال حقوق الإنسان إبتداءاً بتعزيز الحقوق الأساسية للفئات الضعيفة كالنساء والأطفال والمعاقين والنازحين واللاجئين وإنتهاءاً بالحقوق الإستراتجية بالمشاركة في صنع القرار والشراكة في الفرص والموارد وتعزيز الحريات العامة وإرساء مبادئ الحكم الرشيد ، ومن ناحيتنا في الحكومة فإننا لن نذخر أي جهد في تحسين وتطوير أدائنا بما يعزز من سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان وفتح المجال واسعاً للشراكات والتحالفات مع المجتمع المدني على المستويين الوطني والدولي.
وإذا كنا قد إستقبلنا تقرير المفوضة السامية عن أوضاع حقوق الإنسان في بلادنا للفترة يناير إلى يونيو 2012 بإهتمام كبير وأدرنا حوله نقاشات واسعة في الحكومة والمجتمع المدني وأعددنا بصورة تشاركية التعليق الرسمي للجمهورية اليمنية وبعض تلك الأنشطة رعتها مشكورة المفوضية السامية فإننا نرحب بالتوصيات التي ستصدر عن هذه الدورة بما يؤدي إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان وتطوير شراكتنا معكم في هذه المجالات ذات الصلة . واليوم وفي نيويورك وعلى هامش أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة وعلى هامش مؤتمر أصدقاء اليمن يتم توقيع بروتكول فتح مكتب المفوضية في بلادنا بين وزير خارجيتنا السيد/د . أبوبكر القربي والمفوضة السامية السيدة نيفاي بيلاي ، مما سيكون له أثر إيجابي لتطوير الشراكة مع المجتمع الدولي في هذا المجال.
وختاماً نشكر السيدات والسادة المحترمين جميعاً ، الحاضرين أعمال هذه الدورة والمشاركين في هذه الجلسة والسلام عليكم ونشكركم لحسن الإنصات والإهتمام والمتابعة