أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

"سوق حرة" لتجارة البشر على الحدود السعودية اليمنية

أحد المهاجرين الناجين من يد عصابة يمنية يعرض آثار التعذيب على جسده
- صنعاء

تجارة البشر تعرف "ازدهارا" استثانئيا باليمن في ظل أوضاعه الأمنية الهشة وارتخاء يد السلطة المركزية على عديد المناطق… وشهادات مقززة عن أعمال وحشية تمارسها عصابات بحق مهاجرين أفارقة فارين من الجوع والفقر ببلدانهم وحالمين بالوصول إلى دول الخليج.

كشفت تقارير حقوقية وإعلامية عن تعرض مهاجرين أفارقة يحاولون الوصول إلى المملكة العربية السعودية عبر اليمن إلى أعمال تعذيب وحشية، معيدة فتح ملف الاتجار بالبشر… هذه التجارة التي يبدو أنها تعرف انتشارا كبيرا في ظل الأوضاع الأمنية الهشة في اليمن وأيضا، في ظل الأوضاع الاجتماعية المتردية في بلدان أفريقية على الضفة الأخرى من البحر لا سيما بلدان القرن الأفريقي.

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن حوالي 12 ألف مهاجر أفريقي يحطون الرحال شهريا في اليمن على أمل عبوره إلى بلدان الخليج العربي الثرية والمزدهرة بحثا عن فرصة عمل، لكن أيادي المتاجرين بالبشر تتلقاهم سواء لاستغلالهم ماديا بانتزاع ما يكون معهم من أموال قليلة وأمتعة بسيطة لقاء وعود بمساعدتهم على الوصول إلى وجهتهم الخليجية، أو باستعمالهم في أعمال السخرة، وحتى باستغلال النساء والأطفال منهم جنسيا.

وورد في تقرير حديث للمنظمة المذكورة أن عصابات باليمن تعمد أحيانا لاحتجاز المهاجرين، في محاولة لابتزاز عائلاتهم والحصول على فديات ممن لهم أهل عاملون في الخليج. وكثيرا ما يتعرض المحتجزون لأعمال تعذيب وتنكيل وحشية.

وفضلا عن الجانب الإنساني، في القضية تحمل ظاهرة تهريب البشر المنتشرة في اليمن مخاطر كبيرة على أمن منطقة الخليج التي تتجه بلدانها للحد من استقبال العمال الوافدين حفاظا على توازنها الديمغرافي من جهة.

كما أن موجات المهاجرين الأفارقة يمكن أن تضم متطرفين يرغبون في الوصول إلى الخليج لممارسة أعمال إرهابية، وخصوصا وأن بلدا مثل الصومال حيث ينشط متطرفون مسلحون تعد مصدرا رئيسا لآلاف المهاجرين إلى اليمن على أمل التسلل إلى السعودية لكنهم يسقطون بأيدي المتاجرين بالبشر.

وكثيرا ما تورد مصادر حقوقية ومحلية قصصا مروعة عن تعرض عشرات من اللاجئين الصوماليين في اليمن للاحتجاز وعمليات تعذيب بصورة مستمرة من قبل عصابات مسلحة بالقرب من الحدود مع السعودية أثناء محاولتهم التسلل إلى الجارة الغنية، حيث يتم نقلهم عبر عصابة تهريب دولية من السواحل الصومالية إلى السواحل اليمنية الغربية القريبة من الحدود السعودية، مثل الخوبة واللحية وميدي مقابل مئات الدولارات تدفع مقدما إلى المهربين في ميناء المصوع وبعض الموانئ على السواحل الافريقية، على أن يتم إيصالهم إلى الأراضي اليمنية ومن ثم يتم نقلهم إلى المملكة العربية السعودية برا حسب الاتفاق.

وما إن يصل هؤلاء إلى السواحل اليمنية يتم تسليمهم من قبل المهربين إلى عصابات مسلحة تمارس "عملها" في مناطق مختلفة على الحدود السعودية وتقوم بنقلهم إلى أحواش بداخل مزارع نائية في مديرية الزهرة ومنطقة بني حسن بمديرية عبس ليمارس ضدهم أبشع طرق التعذيب والابتزاز ليتم إجبارهم على التواصل مع أقربائهم في السعودية أو الدول الأخرى تحت وطأة التعذيب لإرسال مبالغ مالية مقابل إطلاق سراحهم.

وتعرض الكثير من المهاجرين لعمليات تعذيب بحسب منظمات حقوقية رصدت تلك الانتهاكات التي تعرض فيها بعض المهاجرين لعملية بتر أعضائهم بصورة وحشية تمارس ضدهم مقابل الحصول على المبالغ المالية.

وبحسب المصادر، فقد رُفعت مناشدات عديدة إلى الجهات الحكومية من قبل منظمات رصدت تلك الانتهاكات، لكن لم يتم الاستجابة لها منذ شهور، فيما لا يزال عشرات المحتجزين من الصومالين يعيشون وضعا سيئا تحت رحمة المسلحين.

وسبق وزار أحد المصورين منطقة الزهرة لرصد وتوثيق تلك الانتهاكات، وتمكن من الدخول إلى مزرعة بإحدى القرى محاولا تصوير المحتجزين في سجن مبني من الخشب ويتبع أحد المشائخ، وما إن بدأ بالتصوير بصورة سرية، حتى هجم عليه عدد من أفراد الحراسة على السجن، ولكنه تمكن من الفرار بأعجوبة.

وأكدت مصادر محلية ان المسلحين احتجزوا في وقت لاحق عددا من المواطنين الذين ساعدوا الصحفي في الوصول إلى المزرعة، وقاموا بضربهم وتعذيبهم.

ويقول عدد من سكان المنطقة إنهم يسمعون صراخ المحتجزين في بعض الأحيان في الليل يستغيثون جراء التعذيب، لكن الأهالي لا يستطيعون عمل شيء لهم في ظل اتهامات بتواطؤ السلطات.

ونقل عن مسؤول محلي إن السلطات المحلية سبق وحاولت بمديرية حرض الاطلاع على تلك السجون، لكن المسلحين واجهوها بالأسلحة النارية.

ويتهم حقوقيون مشائخ نافذين في عبس والزهرة واللحية وبني حسن بالتواطؤ مع تلك العصابات التي تنشط في منطقتهم دون أن يتم مواجهتهم، مضيفين أن بعض تلك العصابات وبالتحديد في منطقة الزهرة يعمل المسلحون لصالح مشائخ عرف امتلاكهم لسجون خاصة، ورصدت خلال السنوات الماضية عدد كبير من الانتهاكات بحق المواطنين. وأكدت مصادر أن أحد شيوخ القبائل لديه سجن خاص تجري داخله عمليات تعذيب للاجئين صوماليين.

Total time: 0.0479