أخبار الساعة » فنون وثقافة » ابداعات ادبية

ارستقراطية العشرينيات تنشئ المتاحف وتدعم الفنون خالد ربيع السيد

- ادريس علوش
أرستقراطية العشرينيات تنشئ المتاحف وتدعم الفنون..
 و' أرستقراطية' الحاضر تسرقها
متحف محمد محمود خليل بين ضياع ' زهرة الخشخاش' وضياع بلد:
 
 
2010-08-31

فجرت سرقة لوحة ' زهرة الخشخاش' للفنان العالمي ' فان كوخ ' من متحف محمد محمود خليل أزمة واسعة في الأوساط المصرية بكافة طوائفها. فهي من ناحية تعيد إلى أذهان المثقفين عددا من الكوارث التي حاقت بالعديد من القلاع الثقافية على مدار عشرين عاما مضت وعلى رأسها حريق المسافر خانة والمسرح القومي وحريق قصر ثقافة بني سويف الذي راح ضحيته أكثر من اثنين وخمسين من المسرحيين والنقاد والفنانين، بالإضافة إلى الحكم على عدد من كبار رجال وزير الثقافة في قضايا فساد هزت الرأي العام وآخرها ما سمي بقضية الرشوة الكبرى في وزارة الثقافة التي قضي فيها على السيد أيمن عبد المنعم مدير مكتب الوزير ورئيس صندوق التنمية الثقافية بالسجن عشر سنوات. وعلى مستوى آخر بدت سرقة لوحة ' زهرة الخشخاش' مثيرة للعديد من التساؤلات والشكوك لدى الرأي العام الذي يربط بينها وبين المناخ العام المكلل بالفساد، والذي يقوده رجال يفتقرون إلى الكفاءة السياسية والإدارية والأخلاقية.
وينظر الكثيرون إلى الإجراءات القانونية التي تم اتخاذها حيال هذه القضية حتى الآن على أنها طريق لإنقاذ وزير الثقافة من تحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية عن هذه الجريمة كما يحدث في العالم المتحضر، وهي طريقة اعتادها وزير الثقافة في معالجة الأزمات التي تعرض لها طيلة سني توزيره التي بلغت أربعاً وعشرين سنة، حيث يقوم بالتضحية بالمسؤول الأكبر خلفه، وهو الأمر الذي حدث مع محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية أحد رجال الوزير المقربين كما حدث مع سابقيه، وهو الآن محبوس على ذمة القضية مع عدد آخر من العاملين في متحف محمود خليل.

محمد محمود خليل.. أنفق عمره من أجل الفن

متحف محمد محمود خليل واحد من أهم المتاحف في مصر. وهو في الأصل قصر لصاحبه، جمع فيه مختارات من كنوز الفن العالمي، ثم وهبه مزارا ومتحفا للمتذوقين.
محمد محمود خليل، واحد من اثنين تدين لهما حركة الفنون في مصر الحديثة. الأول هو الأمير يوسف كمال الذي أنشا مدرسة الفنون الجميلة. أما محمود خليل، فقد وهب نفسه وماله لاقتناء الأعمال الفنية ورعاية الفنانين.
في منزله.. قصره.. متحفه.. تتجاور اللوحات والعصور تصرح بأن للرجل فضلا ً كبيراً في عالم الفنون، ليس في مصر فحسب، بل في العالم أجمع.
وفي الوقت الذي يملأ الإعجاب فيه عيوننا بلوحات وتحف نادرة يضمها متحف محمود خليل وحرمه، فإن نفوسنا تفيض إكبارا لذلك الرجل الذي عشق الفن وأنفق عليه بسخاء، ومن جراء تآزر ذلك العشق السامي للفن والذي عُرف به محمود خليل وهواية زوجـتـه إميلين هكتور باقتناء الروائع التشكيلية والتحف الفنية ولد هذا المتحف الذي يعد من أروع الثروات الفنية في مصر.
وتبقى روحا محمود خليل وزوجته إميلين أسمى وأعظم حيث تنازلا وبطيب خاطر عن هذا المتحف لشعب مصر لقيمته الفنية التي لا تقدر بثمن.
وبين عظمة لوحات ديلاكروا ورينوار وفان كوخ وأعمال رودان وغيرهم من كبار فناني العالم يعيش الزائر في رحاب متحف محمود خليل..
أمام البوابة الخارجية للقصر، شيدت على النيل لوحة من الرخـام البـارز بالخط الكوفي العريض تستقر وسط فسقية من المياه تبرز منها لوحة بفخر واعتزاز' متحف محمد محمود خليل وحرمه' باللغتين العربية والإنكليزية.
ترفع رأسك فـيفاجئك البناء حالما، وقادما نحـوك من عصر مضى، تفصلك عنه حديقة موشومة بنخيل ملكي باق من زمن صاحبه، والحديقة على الطراز الكلاسيكي بها أعمدة نور لها أبهة قديمة.
تبدأ الحديقة بمحور رئيسي من شارع الجيزة حيث يتجه نحو مدخل القصر ومحور فرعي يتجه ناحية تمثال صاحب القصر.
نخطو ناحية التمثال وفي داخلنا قدر من حنين الاكتشاف، إلى عصر منتفض بجلال هؤلاء الذين أحبوا الفنون يوما واقتنوها، منتزعين إياها من أزمانها وأوطانها، وقـدموها - تلك التحف واللوحات والتماثيل النادرة - إلى شعوبهم منحا لا ترد. هؤلاء رعـاة الفنون في النصف الأول من القرن العشرين، ومنهم صاحب التمثال بشاربه التركي وطربوشـه المميز، وبسمته الغامضة الصارمة، الذي حلم يوما بأن يقيم متحفا على غرار اللوفر، والذي جمع أعدادا لا تحصى من اللوحات والتماثيل النادرة.
لقد شيد متحف محمد محمود خليل في العام 1920 وافتتح بإنجـازه الجديد في تشرين الاول ( أكتوبر) 1995، وبعد نصف قرن من وفاة صاحبه أمكن تحقيق وصيته بتحويل قصره إلى متحف فني يحتوي على روائع الفن، وأقيم في افتتاح المتحف احتفال بهيج حضره كل عشاق الفنون الجميلة في مصر، وكان لافتتاحه صدى عالمي اهتمت به كل الأوساط الفنية على المستويين المحلي والعالمي.
كان البناء يبدو مثل قلعة بطرازه الفرنسي ' الأرديكو' بضلعين بارزين لكل ضلع شـرفـتان، واحـدة مشغولة بالحديد وأخرى بعرائس تجريدية إيطالية، فيما يلوح الدور الثالث مزينا بعقود منقوشة بزخارف، والواجهة الشرقية للقصر والتي تطل على النيل بطراز ' ارنوفـو'، الذي ظهر في فرنسا في العام 1875.
نخطو على ممر من رخـام يحـيطه العشب والنباتات المزهرة لنقف أمام البوابة الخـارجية للقصر ننتظر الإذن بالدخول لنجوب عصر الفن حيث تتواتر الصور والتحف ناطقة بلغة الفنون الجميلة.

الحركة المتحفية جزء من النهضة المصرية

ترتبط حركة النهضة في مصر منذ أواخر القـرن الماضي بمدى اهتمام الحاكم، وطبقة الأغنياء بالعلم والفنون، وهذه حقيقة أكدتها حركة تطور الفنون في مصر.
فمنذ إرسال البعثات الأولى التي أرسلها محمد علي إلى فرنسا، وتبني حفيده إسماعيل فكرة إعادة صياغة مصر لتكون قطعة من أوروبا باستيحائه فكرة الحضارة الحديثة عبر البرلمان، والأحزاب، وفتح المدارس الحديثة، وطرز العمارة، وتبني أفكار التنوير، والاهتمـام بنشر الثقافـة من خـلال الجرائد والمجلات والترجمة.
منذ ذلك التاريخ ومشروع النهضة يتبناه الأغنياء وطبقة متوسطة تعلمت في إطار المشروع العلوي المؤمن بالمساواة والتعليم كأساسين من أسس النهضة.
تدين حركة الفنون في مصر الحديثة لرجلين من أبناء هذه الطبقة الأرستقراطية، الأول هو الأمير يوسف كمال ' الذي أنشا في العام 1908 مدرسة الفنون الجمـيلة، وأوقف لها الأطيان والأموال، واستدعى من الخارج أساتذة الفنون لاكتشاف المواهب الجديدة من بين أبناء طبقات الشعب الكادحة لتعليمهم، ومن ثم إرسالهم في بعثات إلى أوروبا لاسـتكمال مشاريعهم في تعلم الفن، ومشاهدة تجلي الحضارة الغربية في أهم مرابعها ' باريس'، والثاني هو' محمد محمود خليل بك'، ابن الأسرة الإقطاعية الذي وهب نفسه وماله لاقتناء كنوز الفنون، والذي انشأ أهم جمعية لرعاية الفنون الجميلة في العام 1923 ليساهم في تكوين جـيل جـديد من الفنانين، الذين تخـرجـوا مع الدفعة الأولى من العام 1908 حتى 1911م.
لقد استطاع الرجلان ( الأمير والبك) أن يناضلا من أجل إرساء مبـادئ جديدة، وقيم عصرية حتى يمكن خلق ذوق جديد يواكب الحركة التي مهدت لثورة 1919 لتتضافر مع أفكار لطفي السيد ومحمد عبده وفرح أنطون وسلامة موسى وطه حسين والعقاد ومحمد حسين هيكل، ساعين نحو بلورة مشروع جديد يرسي مبادئ للسياسة والفكر و الفنون.
كانت الفنون في هذا الوقت بمعناها الحديث بعيدة عن الفهم والإدراك، تبلورت داخل الأفكار الجديدة، يقول الفنان مصطفى الرزاز: ' يؤكـد رفـاعـة الطهطاوي على دور الفنون الجميلة في تكوين الوعي، ويؤازره الشيخ محمد عبـده الذي يذلل العقد الشرعية التي تعوق الاهتمام بالفنون، وتتواصل في مطلع القرن سياحات المصريين في أوروبا، ويعود قاسم أمين من رحلة إلى فرنسا مبهورا بما شاهد في متحف اللوفر، وينادي لطفي السيد بإدخال الفنون في مجمع علومنا ' ليلحق الذوق بركب العـقل'. وتشترك دعوة المشايخ مع الأفندية مع المستشرقين الرسامين والنحاتين المقيمين في مصر أمثال فور شيلا ولا بلان في تمهيد الطريق أمام يوسف كمال لتأسيس مدرسة الفنون الجميلة، وأمام محمد محمود خليل للاقتناء، واقتحام مزادات أوروبا للبحث والشراء عن كنوز الفنون المتنوعة للقرن التاسع.
يقول الكاتب محمد سلماوي: ' سيبقى محمد محمود خليل من أكثر الشخصيات التي يحيط بها الغموض وتتضارب حولها الآراء، فهو من ناحية رجل سياسة مقتدر شغل منصب الوزير وعضو مجلس الشيوخ ثم انتخب رئيسا للمجلس ثلاث دورات متتالية، لكنه يذكر أكثر بمجموعته الفنيـة النادرة التي تحـولت إلى واحـد من أهم المتاحف في مصر وهو آخر الأمر صاحب واحدة من أكثر الهبات العامة سخاء، فهو قد وهب أبناء بلده متحفا فنيا نادرا رغم أنه لم يوص بذلك في وصيته.
من ذلك الذي عشق الفن، وانفق عليه بسخاء، وجعله بديلا لمتع كثيرة كانت جديرة به، وبمن على شاكلته من أهل طبقته؟
ما تلك الرغبة، وهذه الدوافع التي تجعل واحدا مثله كجامع للمقتنيات الفنية يمنح وقته وماله لهذه الهواية الغريبة؟
أهو الارتبـاط بالتاريخ؟. أهي اللذة الحسية وحب التملك؟ كما يتساءل ' ارجمان' أهي حالة من حـالات البحث عن الخلود وتثبيت ذاته هناك في قصر على النيل؟.
هل كـان الرجل يتمتع بموهبة الخيال، وقراءة طالع ذاته حتى يريد أن يلغي المسافة بين فنائه ليصل إلى حالة من حالات التسامي المحض؟.
كـيف صنع مـا صنع وهو ينتمي إلى أمـة من الفقراء، كسرت الحاجة أرواحهم؟ أسئلة لا تنتهي حول الرجل وطموحه.

سيرة مأخوذة بالفن كباب للخلود

ولد محمد محمود خليل العام في عام 1877 وهو ابن إبراهيم باشـا خليل الذي كان يشغل وظيفة مهمة في الديوان الخديوي، وكانت أمه يونانية تنتمي إلى إحدى حضارات البحر المتوسط، وجد نفسه يسعى بين القصور ويشاهد أعمال الفنانين، ويسمع الموسيقى بآلاتها الغريبة مع الفرق التي كانت تزور قصر الخديوي الجديد.
يلتحق بمدرسة الليسيه الفرنسية في القاهرة ثم يسـافر إلى باريس ليـدرس القـانون في جـامعة السوربون، وهناك تفتح له مدينة النور أبوابها ليتعرف على روح الحضارة.
في العام 1903 يلتقي براقصة مغمورة تدرس الموسيقى في معهد كونسرفتوار بار شرا اشتهرت باسم ' زورو' واسمها الحقيقي ' إميلين هكتور روس'، أحبها، وكانت عاشقة للفنون والاقتناء، فاختلطت عنده العاطفة مع عشقه لاقتناء كنوز الفن. تزوجها في القاهرة في العام نفسه، وكثيرا ما يذكر اسمها عند الحديث عن تاريخ اقتناء الكثير من الأعمال الفنية.
حدث انه عندما كان في باريس العام 1903 أن دفعت ' إميلين' أربعمئة جنيه كاملة في لوحـة ' الفتاة ذات رباط العنق التل الأبيض' لـ 'رنوار' وعندما راجعها محمد محمود خليل في الأمر أجابته ضاحكة: سوف يقدر التاريخ قيمة هذه اللوحة، ( سعرها الآن يزيد على الخمسين مليون دولار في سوق الفن العالمي).
شارك في تأسيس جـمعية محبي الفنون الجميلة مع الأمير يوسف كمال وأصبح رئيسا لها من العام 1924 وحتى العام 1952. أصبح رئيسـا للجنة الاستشارية للفنون الجميلة في وزارة المعارف في العام 1927.
في العـام 1937 أشـرف على الجناح المصري في معرض باريس الدولي، وبه عرض الكثير من أعمال الفنانين المصريين في ذلك الوقت.
وفي العام 1949 أقيم معرض في باريس عرضت فيه مختارات فنية من المتاحف المصرية والفرنسية وبعض لوحات لفنانين مستشرقين من مجموعته، ولقد أشرف على هذا المعرض فنانون مصريون وفرنسيون، وكان محمد محمود خليل رئيسا للجانب المصري.
حصل الرجل لكفاحه، وعشقه للفنون، ولدوره في تعريف الفن، وإقامة الجسر بين الثقافتين الفرنسية والمصرية في ذلك الوقت، على الكثير من الأوسمة والنياشين مثل ' وسام جوقة الشرف' و' وسام المجمعيين'.
كان لمحمد محمود خليل رأي سلبي في الفن المصري، ويرى فـيـه: أنه لا يرقى إلى فنون العـالم المتقدم. حدث مرة أن زاره الفنان عزت مصطفى في قصره، وعندما لم يجـد لوحة واحدة لفنان مصري سأله: لماذا لا توجد لوحة واحـدة لفنان مصري؟
أجابه الرجل: لأني لا أجد من أعمالكم ما يستحق أن يقتنى.
ومن يومها أطلق عليه الفنانون المصريون لقب ' الدكتاتور'.
ورغم موقف محمد محمود خليل من الفن المصري، فإنه كان يتمتع بنفاذ بصيرة، فلقد كان يرى أن الفن الحقيقي لا يتحقق إلا بتأثير دافع قوي يفتقده الفنانون المصريون في زمنه.
في المتحف أعمـال الذين مهدوا الأرض للمدرسة التأثيرية، هنا ' ديغا' ولوحاته التعبيرية، ' تولوز لوتريك' وأعمال روما نسية، ' ديلاكروا' إلى جانب واقعية ' ميليه' وكلاسيكية ' فيترهالتر' وجمع من المستشرقين الذين عشقوا شمس الشرق وإنسانه، وعاداته وتقاليده أمثال فورمنتان، وبيرشيد، وماريلات، وجبرييل بيسي، نصعد على درجات مفروشة بسجاد احمر، على بسطتها فترينات مزدحمة بتماثيل وقطع صغيرة من الكريستال.
فازات نادرة من ' السيفر' الفرنسي، ومن الفن الصـيني واليـاباني والتـركي والإيراني، وقطع صغيرة أتقن إبداعها الفنان الصيني من أحجار الجاد والزمرد والكرشمتال والمرجـان. قنينات صغيرة لحفظ التبغ والنشوق، وتماثيل من البرونز والرخـام والجص لكبار مثـالي القرن الماضي كأعمال ' رودان' الرهيب، قمة النحت الفرنسي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، في الممر تمثال للروائي الفرنسي ' بلزاك' نحته المثال نفسه ليؤكد الاتجاه التأثيري.
هنا أعمال لـ' كاربو'، و' باري'، المتخصص في نحت تماثيل الحيوان، وهنا اعمال لـ' هودن' الذي أبدع البورتريه الكلاسيكي الرصين.
نتأمل لوحات ' ديلاكروا' حـوريات تستحم، ودراسات لـ ' لادوار مانجيه'، بالحبر الصيني، ويتألق المتحف بالمجموعة الفرنسـية من اللوحات والتماثيل لأنجب فناني القرن التاسع عشر ' هوابين'، ' رينوار'، ' مـاري كـانت'، ' شاسيـرو'، 'كوربيه'، ' ديغـا'، ' هنري بلاتور'، ' غوغـان'، ' مانيه'، ' مونيه'، ' جوستاف مورو'، ' بيارو'، ' فان كوخ '، ' تولوز لوتريك'، ' كا ربيو'، 'فونتان'، وغيرهم. ندخل من باب الى صالة صغيرة... أنت الان لا تشعر بنفسك، أنت ولجت الباب لحضرة الفن الجميل، تهيأ فأنت تسير بالقرب من حجرة، ' فان كوخ ' و'غوغان'، انت على موعد ليغمرك ضوء الشمس وزهرات الخشخاش. على جدار الحجرة من الخارج لوحتان: ' الطواحين' لـ ' شارل فرانسوا' و' في ظلال الغابة' لـ' هارييتي '.
تدخل إلى حجرة غوغان وفان كوخ ، الآن صمت فوق الصمت، وسواد يغلف الجدران، وبعض من كراس مصفوفة على الارض، ويسقط من السقف ضوء لمصباحين على لوحة ' زهرة الخشخاش ' ( أقصد إطارها الفارغ الآن)، ولوحة ' المستحمات أو الحياة والموت' لغوغان.
أعتقد ان مجموعة محمد محمود خليل من أكبرالمجموعات الفنية الشخصية في الشرق التي تنتسب إلى فنانين عظام قادوا الحركة الفنية في أوروبا ( بالذات في فرنسا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر) والتي مهدت للاتجاهات الجديدة من فن القرن العشرين.
وبجانب اللوحات المتنوعة، مجموعة الفازات النادرة والأحجار الكريمة مثل الزمرد والكريستال وأعمال اللاكر من العلب والمشغولات وتلك التي صنعها الفنانون الصينيون والتماثيل البرونزية والرخامية والجصية وبعض التماثيل الفرعونية التي صنعها الفنان المصري القديم..
هذا جانب مما يوثقه تاريخ الفن في مصر والعالم وكذلك يوثقه موقع المتاحف العالمي. أما ما تتداوله الصحف عن فضيحة سرقة ' زهرة الخشخاش'، والحال التي بات عليها متحف محمد محمود خليل وغيره، فيمثل الصورة التي نتركها شاهدا علينا وعلى عصرنا وعلى ما فعلناه وما نفعله بتاريخنا .

 

 

المصدر : بريد بريس-ادريس علوش

Total time: 0.0515