تملك الشاب خالد عبد العزيز سعيد (30 عاما) شعور باليأس والضياع بعد ان نفذتْ فيه "المحاكم الشرعية" الخاصة بجماعة انصار ِالشريعة التي تنتمي الى تنظيم ِالقاعدة أواخر العام الماضي حكماً قضى ببتر يدهِ اليمنى. الجماعة المسلحةُ التي سيطرتْ على محافظةِ ابين جنوبَ البلادِ لاكثرَ من عام ٍوفرضتْ قوانينَها في المحافظة اتهمت خالد بالسرقة والتجسس ِلصالحِ الحكومة ، وهو ما نفاه هذا الشاب. وقال انه جرى اعتقالة واخذه من مدينة زنجبار عاصمة ابين ونقلة الى جعار التي كانت معقل الجماعة الرئيسي. واضاف انه بعد قرابة خمسة ايام جرى تنفيذ الحكم فيه.
وقال خالد ل"الرياض" اثناء زيارتها له في قرية جول: "اتهموني بالتجسس والسرقة. خدروني ولم افق والا ويدي مبتورة. صعقت عندما رأيت يدي مبتورة. اخذوني الى المستشفى ليومين ومن ثم اطلقوا سراحي". ويؤكد خالد ان هذا العمل دمر حياته وقضى على مستقبلة ومستقبل طفليه، حيث لم يعد بعد الآن قادرا على العمل. وقال: "سرقوا ونهبوا المعسكرات والبنوك ولم يحاسبهم احد او ينفذ أي حكم عليهم".
فاجعة بترِ يدِ هذا الشاب لم تفقدْ اسرتَه المكونةَ من اربعةِ اشخاص ٍمصدرَ رزقِها فقط ، بل ولّد في قلبِ والدتِه مرارة لا تفارقها ، وهي ترى ابنَها الشاب حبيسَ منزلِه المكونِ من غرفةٍ من الطين، ووصمة اجتماعية ًتطاردهُ في كل ِمكان.
حالة هذا الشاب الذي ينتمي الى جماعة المهمشين المعروفين ب "الاخدام" ليست الوحيدةَ التي شهدتها ابين خلال حكم انصار الشريعة ، اذ رصدت منظمة العفوِ الدولية في تقرير لها الاسبوع الماضي عددا من مثل هذه الانتهاكات في هذه المحافظة التي قالت انها َتعرضت لكارثة ٍفي مجالِ حقوقِ الانسان خلالَ عام ونصف العام ِمن العنف ِوالقتال ِبين الحكومةِ والجماعةِ المسلحة بما فيها عمليات القتل الميداني والصَلب وبتر الأعضاء والجَلد على الملأ.
ودعت المنظمة السلطات اليمنية الى اجراء تحقيقات محايدة وشاملة ومستقلة في جملة الانتهاكات ، وضمان أن يشمل نطاق عمل لجنة التحقيق التي أُعلن عن إنشائها في سبتمبر 2012 الانتهاكات الرهيبة الحقيقية التي اقتُرفت ، "إذ إن مأساة أبين ستظل شبحاً يقضُّ مضجع اليمن لعقود قادمة ما لم تتم محاسبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات وإنصاف ضحاياها".
وخلال حكم جماعة انصار الشريعة في ابين كانت الجماعة مسؤولة عن ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع، بما في ذلك ما قامت به من خلال "المحاكم الشرعية" التي أُنشئت كجزء من هياكل الحكم في الجماعة. وقد فرضت تلك المحاكم عقوبات قاسية ولا إنسانية ومهينة على المجرمين المزعومين والجواسيس الذين يُشتبه في أنهم كانوا يعملون ضد أنصار الشريعة والأشخاص الذين يتعدون على المعايير الثقافية. ومن بين تلك العقوبات عمليات القتل الميداني وبتر الأعضاء والجَلد، وفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية. وتعرَّضت حقوق النساء والأطفال بشكل خاص للاعتداء، وفُرضت قواعد صارمة للباس، إلى جانب الفصل الصارم بين الجنسين وفرض القيود في أماكن العمل والمدارس.