الموت هو النتيجة الطبيعية حين نصر على الاحتكام للماضي
بتاريخ 2012-12-12T00:11:26+0300 منذ: 12 سنوات مضت
القراءات : (2443) قراءة
اخبار الساعة - محمد شمسان
يستمر مسلسل الاغتيالات في بلد الايمان والحكمة ليحصد المزيد من الارواح فيما نجهل ما ينتظرنا من البؤس والشقاء والموت الذي يترقبنا و يتربص بنا دون كلل او ملل .
يالله ما اقسى ان تعيش لتنتظر دورك في الحصول على سلعة الموت المجاني او في ان يزف اليك خبر اغتيال او قتل صديق او قريب بطريقة او بأخرى , وهذا حالنا نحن اليمنيين منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود
توقفت الألات والمعدات العسكرية عن اصدار اصواتها المخيفة , لكن لم تتوقف الاحقاد والكراهية من تشغيل عقول الاخوة المتخاصمين والاعداء في التفكير بكيفية ان ينال كلا من الاخر , لذا لم يتوقف الموت ولم تتوقف وسائله وادواته المختلفة في بلد هو احوج ما يكون الى الامن والاستقرار.
جلس الطرفين على طاولة واحدة ليتقاسموا حصصهم من القتلى والشهداء القادمون دون ان تغلق ملفات الماضي ودون ان تضمد جراحات واوجاع الماضي ليكون القادم هو الاسوء بجراحه واوجاعه .
والسؤال هو الى متى سنضل نحن اليمنيون نخطط لمستقبلنا ونصنع حاضرنا بموروث الماضي ؟
الدما التي تسال في مختلف المناطق اليمنية هي دمائنا والارواح التي تزهق هي ارواحنا والمزيد من ذلك لا يؤسس الى بنا مجتمع حضاري متقدم ولا يقود الى نهضة ترتقي ببلدنا الى ما نصبوا اليه بين البلدان والامم , وانما يزيد من احقادنا على بعضنا البعض ويجعلنا في سياق خارج الزمن بعيدا المهام الاساسية التي هي مناطة بنا والتي يجب علينا القيام بها كخلفاء لله في الارض .
في الوقت الذي ينتظرنا الكثير مما علينا انجازة لنتمكن من السير الى الامام وتجاوز كافة الصعوبات والمعوقات التي تعترضنا , وليتمكن العالم من مساعدتنا ودعمنا , وفي الوقت الذي تنتظرنا المزيد من الامال والطموحات في بنا دولة مدنية ديمقراطية حديثة تصون حقوقنا وحقوق ابنائنا واجيالنا القادمة , نصر نحن اليمنيون على العودة الى الماضي والاحتكام للماضي وهذه هي مصيبتنا .
نتغافل عن الماضي دون ان ندرك ان ذلك يحجب عنا التعامل مع الحاضر او المستقبل بالشكل والاسلوب السليم والصحيح , في حين ان معالجة الماضي بجميع جراحاته وألامه واوجاعه صراعاته وانهاء كافة الاسباب والدوافع التي تسببت في حدوثها , هي الطريق الامثل و الانجح في صناعة الحاضر والتخطيط للمستقبل .
حوادث الاغتيالات والانفجارات والقتل التي نصاب بها كل يوم هي محصلة طبيعية لتراكمات الماضي الذي يحكمنا ويحدد مسارنا ولكي تتوقف هذا الاعمال الاجرامية علينا اغلاق ومغادرة الماضي ,علينا النظر الى الامام والتفكير بمستقبل ابنائنا والاجيال القادمة التي لا شك انها ستضع تجاربنا واعمالنا وافعالنا محل التقيم والتدقيق ومن خلال ذلك ستحاكمنا و تكتب تأريخنا .
ستكون هذا المرحلة التأريخية من حيتنا نحن اليمنيين من اهم المراحل لاسباب عدة اهمها توفر فرصة الحوار بين مختلف شرائح المجتمع اليمني وهو الحوار الذي سيمكننا من صياغة عقد اجتماعي جديد وفق الارادة الوطنية وبعيدا عن التدخلات او التأثيرات الخارجية ودون ان يكون لطرف او جماعة او حزب او فئة أي فرصة لفرض ارادتها او تمرير مشروعها الخاص على حساب المشروع الوطني .
الدستور الجديد بمدخلاته المدنية والديمقراطية هو الذي سيجعلنا نتطلع الى المستقبل وسيمكننا من الانتصار للهوية الوطنية , ويعزز من الولاء للوطن , ومن خلال ذلك سنتخلص من الماضي بكل ما فيه , وحينها يمكننا العيش بسلام دون اقتتال او حروب او اغتيالات او تفجيرات .
فقط علينا تغليب المصلحة العليا دون المصالح الشخصية او الحزبية, فنحن من سيحدد مصير اليمن ومستقبلها اما ان ننطلق الى الامام دون الالتفات الى الخلف , او نغلق على انفسنا اسوار الماضي ونحتكم للسلاح .