أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » من هنا وهناك

الكويت: الحكومة تسحب جنسية ناشط شيعي تعرض بالسب لزوجة النبي

- عبد الكريم الحزمي
بعد أسابيع من الجدل المحتدم في الشارع الكويتي، قررت الحكومة الكويتية، أمس، سحب جنسية الناشط الشيعي ياسر الحبيب، ومطالبة «الإنتربول» بإحضاره، بعد التعميم عليه عربيا ودوليا، «وذلك على خلفية محاولته بث الفتنة والشقاق بين أبناء المجتمع الكويتي».
وقال بيان نقلته وكالة أنباء الكويت، أمس، إنه «استكمالا لاجتماع مجلس الوزراء الذي عقد يوم الخميس الماضي، فقد تابع المجلس الإجراءات التي تم اتخاذها في مواجهة التطورات المتعلقة بتطاول الحبيب على الرموز الدينية، ومحاولته بث الفتنة والشقاق بين أبناء المجتمع الكويتي، وإثارة النعرات الطائفية البغيضة».

وبقرار الحكومة الكويتية إسقاط جنسية الحبيب، تكون قد استجابت لمطالب الشارع السني في الكويت، الذي كان إسقاط الجنسية هو المطلب الرئيسي له، على خلفية تصريحات أدلى بها الحبيب في لندن، واعتبرت أنها مساس بالسيدة عائشة بنت أبي بكر، زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

وأصدرت الحكومة الكويتية أمس الأول قرارا بحظر التجمعات العامة، في خطوة نحو الحد من التوتر الطائفي بين الشيعة والسنة، إثر تصريحات الحبيب المقيم بلندن منذ عام 2004، وهو ما استدعى أن يحذر رئيس مجلس الوزراء بالنيابة الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح، من ما سماه بـ«الفتنة المذهبية»، معتبرا أن «السكين وصلت للعظم».

وإذا كان قرار الحكومة الكويتية بإسقاط جنسية الحبيب قد وجد ترحيبا من قبل عدد من النواب السنة، الذين هم من تقدم بطلب إسقاط الجنسية، فإن القرار وجد معارضة من قبل النواب الشيعة، الذين بدورهم اعتبروه نتيجة حتمية لتعرض الحكومة لـ«الابتزاز السياسي» و«خضوعها للضغوطات».

ورحب النائب الدكتور علي العمير بالقرار الذي اتخذه مجلس الوزراء بسحب جنسية ياسر الحبيب، متمنيا أن تنتهي بهذا القرار الأزمة التي سادة الساحة مؤخرا.

وقال العمير في تصريح للصحافيين في مجلس الأمة إن القرار «وإن جاء متأخرا إلا أنه قرار صائب، حيث انتهى اليوم انتماء ياسر الحبيب إلى هذا الوطن بحمد الله، وأصبح عبرة لكل من يتطاول على عرض أمهات المؤمنين أو يتسبب في مشكلة تتعلق بأمن الدولة».

وأضاف: «نثمن الجهود التي بذلت اليوم، ونتمنى أن ينزع هذا القرار فتيل الأزمة ويهدئ الشارع والفيض الذي اكتنف قلوب محبي أم المؤمنين عائشة من الشيعة والسنة».

وبين العمير أن «موضوع ياسر الحبيب انتهى بالنسبة إلينا، ولم يعد هذا الشخص ينتمي إلى هذا الوطن، أما ما يمارسه من سباب فهو مردود عليه والحجة بالحجة، وهناك أمور خاضعة للأمور العلمية».

لكن النائب الشيعي صالح عاشور قال: «من الواضح أن الحكومة تعرضت للابتزاز السياسي وخضعت للضغوطات باتخاذها قرارا خطيرا في سحبها جنسية ياسر الحبيب، كون أن قرار سحب أي جنسية لأسباب سياسية أو دينية خطير ويفتح أبوابا نحن في غنى عنها، وكان يفترض أن يكون قرار سحب أي جنسية سياديا دون ضغوط ومساومات».

وأضاف عاشور أنه كان من المفترض تطبيق القانون على ياسر الحبيب وإحالته إلى القضاء «الذي نثق به وبنزاهته، وهو يحدد العقوبة وبالتالي يتم ملاحقته، إلا أنها بهذا القرار عملت نوعا من الحصانة عليه، ولا تستطيع ملاحقته، حيث إن الإنتربول رفض طلب الكويت ملاحقته وهو مواطن كويتي، فكيف يتم ملاحقته الآن وهو غير كويتي. وبهذا المنحنى الخطير، تكون الحكومة قد فتحت الباب على مصراعيه لإثارة ملف مزدوجي الجنسية».

وأكد عاشور «إننا سنتبنى فتح ملف المزدوجين، وسنطالب بسحب الجنسية من كل من يثبت لديه جنسية أخرى، وسيكون هناك تنسيق نيابي بدأنا به من اليوم لفتح الملف ومطالبة الحكومة باتخاذ الإجراءات القانونية تجاه كل من يحمل جنسية بلد آخر مع الجنسية الكويتية، حيث إن الولاء والانتماء يكون لبلد واحد وليس لأكثر، كما نؤكد المطالبة بأن تتعامل الحكومة بنفس المسطرة ضد كل من يتطاول على أهل البيت عليهم السلام وعلى عقائد الشيعة».

وقال بيان مجلس الوزراء الكويتي: «استعرض المجلس حصيلة الجهود التي قامت بها مختلف الجهات المعنية من أجل احتواء تلك التطورات وإخماد الفتنة التي حاول البعض افتعالها جراء تصرف عبثي خبيث، أدانه ورفضه جميع الكويتيين».

واستمع المجلس إلى تقرير من وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد شرح فيه تفاصيل الخطوات والإجراءات التي قامت بها وزارة الداخلية والفريق المكلف متابعة تطورات «تطاول الحبيب وافتراءاته الخبيثة في الإساءة إلى رموزنا الإسلامية والمساس بالثوابت الوطنية، ومحاولة بث الفتنة والفرقة بين أبناء المجتمع الكويتي»، وأوضح للمجلس أن الحبيب قد صدر ضده الكثير من الأحكام القضائية، في شأن جرائم تنطوي على التطاول على الرموز الدينية والمساس بالمصلحة الوطنية والنظام الاجتماعي في البلاد، «وإثارة البغضاء وروح الشقاق بين أبناء المجتمع»، مبينا أن الإجراءات التي تمت في شأن التعميم على الحبيب عربيا ودوليا جاءت بناء على طلب النيابة العامة، وكذلك مخاطبة الإنتربول الدولي بهذا الشأن وعدم تجديد جواز سفره، كما أشار وزير الداخلية إلى قيام المذكور باستخدام جواز سفر دولة أخرى في تنقلاته وسفره بموجب اعترافه الشخصي.

وزاد بيان الحكومة الكويتية «وفي ضوء توجهات مجلس الوزراء التي أعلن عنها مسبقا في شأن مدى استحقاق المذكور لشرف الجنسية الكويتية بعد اقترافه لأعماله وجرائمه المشينة، التي أدانها المجتمع الكويتي بكافة أطيافه وشرائحه، بما تمثله من إساءة ومساس بكل كويتي ومسلم، وبما اقتضاه ذلك من استكمال الجوانب القانونية الإجرائية في هذا الخصوص، وبناء على المادة (13) من المرسوم بقانون لسنة 1959 في شأن الجنسية الكويتية وتعديلاته، وتلبية لمقتضيات المصلحة العليا للبلاد - فقد اعتمد المجلس مشروع مرسوم بسحب الجنسية الكويتية من المدعو ياسر يحيى عبد الله حبيب غلام الحبيب وممن اكتسبها معه بطريقة التبعية».

وعبر رئيس مجلس الوزراء بالإنابة ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك عن بالغ الارتياح والتقدير إزاء ما سماه «التجاوب المشكور والتعاون الواعي، الذي أبداه الإخوة أعضاء مجلس الأمة والمواطنون من جميع الطوائف والشرائح الاجتماعية، التي تشكل نسيج المجتمع الكويتي، وكذلك وسائل الإعلام المحلية وتجسيدهم لروح المسؤولية والوعي الوطني في تفهم الإجراءات الأمنية التي قامت الجهات المعنية باتخاذها، لتجنب أي مظاهر من شأنها بث المزيد من الإثارة والشحن والتصعيد وبذور الفتنة والشقاق، وهو ما يعكس الصورة الحقيقية لأهل الكويت في تماسكهم وتلاحمهم وحرصهم على وحدتهم الوطنية في مواجهة كافة التحديات والحفاظ على أمن البلاد واستقرارها».

وأكدت الحكومة الكويتية حرصها «الصادق على الالتزام بأحكام القانون وتطبيقه على الجميع وعلى صيانة الحريات العامة وعلى التمسك بنهجنا الديمقراطي الذي نفتخر به ونعتز»، موضحة أن الإجراءات الأخيرة «قد جاءت كخطوة ضرورية للحفاظ على أمننا الوطني وحماية مكتسباتنا الوطنية وتجنب فتنة سعى البعض لإشعال فتيلها وتعريض الوطن لمخاطرها ومحاذيرها المدمرة»، كما شدد مجلس الوزراء الكويتي على أنه لن يتردد في القيام بجميع الإجراءات الكفيلة بصيانة أمن البلاد «ومواجهة أي تهديد لوحدتنا الوطنية وثوابتنا الراسخة، وهي سياجنا الواقي ودرعنا الحصينة».

وحث مجلس الوزراء الفريق المكلف متابعة هذا الموضوع على استكمال أعماله في اقتراح البرامج والآليات الآنية والمستقبلية على مختلف الأصعدة، من أجل صيانة الوحدة الوطنية وتعزيز التلاحم الوطني والاندماج الاجتماعي وغرس قيم الاعتدال والتسامح وقبول الرأي الآخر «لينعم أهل الكويت دائما بالأمن والاستقرار ويعمل الجميع من أجل بناء وطنهم ورفعته وتقدمه».

Total time: 0.0837