أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

مالي: عمليات قتل واختفاء في أجواء من الريبة والشك

- ايرين

قام الجيش المالي بإلقاء القبض على زوج سييو سانغو في السوق المركزية في كونا وسط مالي، على بعد 900 كيلومتر شمال باماكو، وذلك على خلفية مشادة مع رجل آخر. وأوضحت سييو قائلة:"لم أره منذ ذلك الحين، وقد حصل ذلك قبل 10 أيام".

وفي حديث إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال سكان كونا أنهم يشكّون بالجميع، من رجال ملتحين ونساء محجبات، ومتسولين من هضبة دوغون والطلاب في المدرسة القرآنية، والجيش الذي من المعروف أنه يميل إلى إطلاق النار في أية مناسبة سانحة.

ويُلقى الكثير من اللوم في كل أنحاء مالي على الطوارق لقيامهم بفتح الباب أمام المسلحين ومساعدتهم على الاستيلاء على ثلثي البلاد. وقد سيطر الانفصاليون الطوارق على الشمال في شهر أبريل، لكن سرعان ما قامت الجماعات الإسلامية المسلحة باستبعادهم.

وحتى من هم من غير الطوارق ومن غير العرب يشعرون بالخوف، ففي حديث له إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال شيكو، وهو سائق من سيفاري، التي تبعد 60 كيلومتراً جنوب كونا: "أنا لا أقود سيارتي في المساء، لأنني إذا سمعت أحد الجنود يطلب مني التوقف سأعلم أنه قد انتهى أمري".

شبكة من المخبرين

وقد أعلنت السلطات الوطنية عن خط ساخن للإبلاغ عن الجهاديين المشتبه بهم، كجزء من شبكة من المخبرين للتنبيه من الغرباء. ويقول البعض أنهم يخشون من أن يتم استخدام الخط بتسرع كبير، في الوقت الذي يفر فيه العديد من الفولانيين والطوارق من بلدات ديابلي وكونا ودونتزا خوفاً من أن يُنظر إليهم على أنهم من المتسللين.

وقالت آيساتا، وهي شابة تعيش في كونا: "يختفي الناس ولا نراهم أبداً. فأي تحركات أو أشخاص غير معروفين معرضين لخطر الإبلاغ عنهم".

وفي موبتي وسيفاري المجاورتين، غيّر الناس سلوكهم أيضاً، وذلك لأن معظمهم يحاول الابتعاد عن الأضواء. وقال رئيس بلدية موبتي، عمر باثيلي: "لا نميل إلى الشك بطبعنا، فهذه مدينة عالمية. لكن كان علينا أن نتغير بسبب ما آلت إليه الأمور هنا... كما أننا لا نستهدف الطوارق أو الأعراق العربية، لكن إذا وصل شخص غريب الى مدينة، فعلينا معرفة هويته".

شهود عيان: يتم إعدام المراهقين

وفي حي برلين على مشارف سيفاري، قال العديد من السكان لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنهم شهدوا إعدام 15 شاباً. وقال الجندي المالي السابق، موسى سيديبي لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أنه شهد نقل نحو 15 رجلاً إلى الميدان، حيث تم إطلاق النار عليهم في الظهر، ثم إلقاء جثثهم في بئر. وأكد سيديبي قائلاً: "رأيت ذلك بأم عيني. تم جلب الرجال إلى الميدان حيث قام الجنود بإطلاق النار عليهم".

''يختفي الناس ولا نراهم أبداً''
كما أكدت امرأة فضّلت عدم الكشف عن اسمها تسكن بالقرب من الميدان هذه القصة، حيث قالت: "كنت في طريقي إلى البئر عندما رأيت الجيش في الميدان مع ثلاثة رجال مقيدي الأيدي والأقدام. بدا الشباب صغاراً في السن ... ربما لا يتجاوزون الـ 17 أو الـ 18 عاماً. وكان آخر ما رأيته إطلاق نار على صبي في ظهره".

وينكر كل من الجيش والشرطة المحلية في سيفاري معرفتهم بإلقاء القبض على الناس أو إطلاق النار عليهم. وأضاف القائد ماريكو، رئيس شرطة سيفاري: "إذا تم إطلاق الأعيرة النارية في سيفاري، فهذا لأن الناس يحتفلون بالتأكيد بتحرير المدينة. ما من جلادين هنا. فقد تم إرسال جميع المشتبه بهم إلى باماكو. صحيح أننا في حالة حرب، لكننا نعمل في كنف القانون".

وفي القاعدة العسكرية، نفى المتحدث باسم الكابتن فران كيتا معرفته بقتل أي من المشتبه بهم.

ويخبر العديد غيرهم قصصاً حول اختفاء أشخاص أو قتلهم. ففي قرية نمنيانا، على بعد بضعة كيلومترات من دونتزا (165 كيلومتراً من موبتي)، التي وقعت في أيدي الجماعات الإسلامية وعادت القوات الفرنسية والمالية للاستيلاء عليها في 21 يناير، سأل بعض الجنود الماليين عن "مرابط" البلدة (زعيم ديني مسلم) وألقوا القبض عليه. وبعد أيام قليلة، عثر سكان القرية على جثته محروقة في الأدغال.

وقال أحد سكان القرية، طلب عدم الكشف عن هويته، خوفاً من أن يتم استهدافه: "لم يطأ المتمردون القرية. لذا نحن لا نفهم لماذا قُتل المرابط. لا بدّ أنهم كانوا يريدون تصفية حسابات قديمة...لا يمكنك أن تفلت من العقاب أبداً."

القبض على الشماليين

وأدى نظام المخبرين إلى اعتقال أشخاص وصلوا إلى سيفاري من الشمال. وقال السكان لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن الشماليين الذين وصلوا إلى محطة الحافلات تعرّضوا للضرب والاعتقال.

وفي حديث إلى شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال أبا، وهو دليل سياحي عاطل عن العمل حالياً: "عندما وصل صديقي من غاو إلى سيفاري، تم جلبه إلى مقر قيادة الجيش حيث تعرض للضرب. وعندما أطلق الجنود سراحه أخيراً، عاد فوراً إلى الشمال".

وقال فيليب بليون، وهو باحث يعمل مع منظمة هيومن رايتس ووتش التي تحقق في تقارير انتهاكات لحقوق الإنسان في سيفاري، ويحمل قائمة بأسماء الأشخاص الموقوفين لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "معظم الناس الذين تم اعتقالهم هم من الفولانيين، وهي مجموعة عرقية من الرحل، كثيراً ما تشبه الطوارق. ويُشتبه في قيام البعض الآخر بالتدخل مع المتمردين الإسلاميين".

وأضاف فيليب: "حتى الآن، لم تعرب السلطات عن أية نية في النظر في حالات المفقودين. فهذا الأمر يجعل الجنود يشعرون بأنه بإمكانهم الإفلات من العقاب. وإذا لم يقوموا الآن باتخاذ الإجراءات المناسبة، قد نشهد المزيد من هذه الحوادث مع استمرار الصراع."

واعترف كيتا بالاعتقالات التي حصلت وأكد لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) أن "البلاد في حالة طوارئ، وهذه التدابير ضرورية من أجل حماية حياة المدنيين".

وقد دعت فرنسا إلى نشر مراقبين دوليين لحقوق الإنسان في مالي بغية ردع المزيد من العنف غير القانوني، ووقف اندلاع العنف الطائفي.

وأشار محللون إلى مخاوف حقيقية في حال قامت العديد من الميليشيات المدنية في مالي بضم جهودهم الرامية إلى القضاء على الجهاديين. ويقول العديد من الأشخاص أن ثمة حاجة إلى مراقبين دوليين أو قوات دولية لمراقبة ما يحدث.

الميليشيات مستعدة للقتال

وقد تم تدريب ثلاث مجموعات من الميليشيات على الأقل في سيفاري- العديد منهم على يد جنود سابقين - لمساعدة الجيش المالي الذي ينقصه التمويل والتدريب، على ملاحقة الجهاديين.

وفي مخيم غاندا إيزو خارج سيفاري، تستعد ميليشيا تضم العديد من الأشخاص من عرق السونغاي (يصل عددهم إلى 1,000 رجل تقريباً وغالبيتهم من اللاجئين من الشمال) للقتال. ويرتدي زياً متهالكاً وهم بالكاد جاهزون للقتال، لاسيما وأنهم يملكون عدداً قليلاً من بنادق الكلاشينكوف الصدئة. لكن زعيمهم، ابراهيم ديالو يقول إنهم مستعدون للقتال فور قيام الجيش بإعطائهم البنادق المناسبة.

وأضاف ديالو في حديثه مع شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين): "نحن على استعداد لتخليص البلاد من الإرهابيين الذين ساعدوا المتمردين على الاستيلاء على مدننا. وكل ما ننتظره الآن هو قبول الجيش بنا".

وقال كيتا من قاعدة سيفاري العسكرية أنه من المتوقع أن يقوم أعضاء من الميليشيا بتعويض ما لا يقل عن نصف عدد المجندين الجدد، فيما يعاد بناء الجيش في مالي، لكن لم يتم ضم أحد بعد. وأضاف قائلاً: "لن نقوم بزجهم في القتال هكذا، وإنما سيتلقون التدريب المناسب تماماً مثل غيرهم".

Total time: 0.0435