كلمة الأستاذ / حمود علي الطاهش في المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية بمناسبة مرور 45 عاما على ملحمة السبعين يوما التاريخية
بسم الله الرحمن الرحيم
دولة الاخ الدكتور / حسن محمد مكي رئيس الندوة
الإخوة الأعزاء الحضور
يسعدني في هذه المناسبة التاريخية مناسبة مرور 45عاماًعلى (( ملحمة السبعين يوماً )) أن أتحدث إليكم بإيجاز عن أهم حدث تاريخي عرفته في حياتي عند حصار صنعاء عاصمة الثورة والجمهورية بقدر ما جادت به الذاكرة وبما يسمح به الوقت لدينا فقد تشرفت كثيراً
بدعوة الأخ د / علي عبد القوي الغفاري رئيس المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية بالمشاركة في هذه الحلقة الهامة باعتباري احد المشاركين عند حصار صنعاء ضمن القطاع الطلابي الذي كان الرديف الثاني للقوات المسلحة والامن والحفاظ على امن العاصمة صنعاء ،وبالمناسبة أشعر بالسعادة لحضور هذه الرموز من قادة ثورة 26 سبتمبر وأنتم أيضا من شارك في حرب السبعين يوما وفك الحصار عن صنعاء ، فالشكر للمركز على جمعه هذه الكوكبة من الشخصيات الوطنية .
وبادئ ذي بدء كلنا يعرف نتائج حرب الخامس من يونيو عام 1967 حينها كانت الجمهورية العربية المتحدة ( مصر عبد الناصر ) قد تعرضت للعدوان الصهيوني وانهزمت في [5 حزيران عام 1967] وترتب على هذه الهزيمة انعقاد موتمر الخرطوم بين مصر والسعودية بحضور الرؤساء وملوك العرب وأرسلوا لجنة ثلاثية إلى صنعاء للتساوم على النظام الجمهوري وخرجت صنعاء عن بكرة أبيها إلى القيادة ألعامه [المصرية ] حيث نزلت اللجنة الثلاثية وخرجت مسيرة جماهيرية ترفض المساومة على النظام الجمهوري وتم طرد اللجنة الثلاثية من صنعاء .
وفي تلك الفترة وبعد هذا الحادث ونكسة يونيو بدأت القوات المصرية الباسلة تغادر الاراضي اليمنية ’ وبسبب الأوضاع في اليمن وفي مصر أخذت القوات المصرية التي كان عددها تقريبا (ً000 , 75) إلف جندي التي جاءت لمساعدة اليمن تنسحب من مواقعها في الجبال والسهول والوديان من مختلف المناطق والمحافظات وتجمعت في صنعاء بسرعة فائقة لم تكن في الحسبان وتركت فراغاً وفجوات كبيرة في المناطق والمعسكرات التي انسحبت منها
وبدأ الرحيل من صنعاء إلى الحديدة ولم يكن هناك بديل في الصف الجمهوري (قوات وعتاد ) لتحل محل القوات المصرية في المواقع والمعسكرات التي انسحبت منها .
فاستغلت الدول المعادية الظروف الحرجة في البلاد لتحقيق أهدافها فأرسلت المرتزقة إلى اليمن من إيران ، وألمانيا ، والكونغو ، وإسرائيل ، وجنوب أفريقيا ، ومن أوربا ودفعت الدول المعادية للثورة والجمهورية بقوى التخلف والملكيين با لهجوم على صنعاء وزودتهم بمبلغ يزيد عن [300مليون دولار فضلاً عن العدة والعتاد لمحاصرة صنعاء والنيل منها للقضاء على النظام الجمهوري ...
فا شتدت وطأة الحصار على صنعاء من مختلف الإتجاهات وتكا لبت عليها كل القوى إبتداءً من بني حشيش وهمدان وأرحب والحيمتين وبنى مطر وسنحان و النهدين وجبل عيبان والازرقين وغيرها من المناطق المحيطة بصنعاء وكما قامت بقطع الطرق الرئيسية عن صنعاء (( طريق صنعاء الحديدة ،ويسلح وطريق عمران )) وصارت صنعاء على وشك السقوط .. ولكن ؟
ولكن كان هناك في الصف الجمهوري قيادات فتية وحكيمة قامت بترتيب أمورها وأندفع الجميع من اجل فك الحصار عن صنعاء والنظام الجمهوري كا الأسود .
حيث تم تشكيل قيادةً للمقاومة الشعبية من مختلف القطاعات الطلابية والقبائل وغيرها
بقيادة العميد غالب الشرعي رحمه الله وكان مقر القيادة مجلس النواب الحالي وتم تكوين وتنظيم فرق للمقاومة الشعبية بمختلف تخصصاتها وتم تسليحهم بالبنادق التشيكي وتدريب إفرادها وتأهيلهم للقتال وتوعيتهم وتم توزيع المحاور وتحديد المهام والمسؤوليات ورفعت الشعارات القتالية :
( الجمهورية أو الموت ) و ( النصر أو الموت ) معتمدين على الله وعلى قواتنا الذاتية وكان يتم توزيع الفرق من أ فراد المقاومة الشعبية على مختلف المواقع الحربية تحت مختلف الظروف : ( مطار صنعاء الدولي الأزرقين جبل عيبان .. المطار الجنوبي .. الحفاء .. ومنطقة شعوب وغيرها ) وكان لأ فراد شباب المقاومة الشعبية وتواجدهم الأثر الفعال والكبير لإ سناد القوات المسلحة وكان دورنا أيضاً أفراد المقاومة الشعبية هي حماية العاصمة صنعاء وتنظيم كل شيء فيها ومراقبة المرجفين والمندسين ونقل الموتى وإسعاف الجرحى .. وقد كنا الدرع الواقي والحصين للعاصمة صنعاء بفضل تلاحم الجيش والأمن والمقاومة الشعبية ورجال القبائل الأ بطال جنباً الى جنب .
و ملحمة السبعين لا يستطيع المرء إن يفي بحقها حيث استطاع الأبطال من داخل صنعاء المحاصرة ومن القادمين من كل الجهات ( بل ومن كل المحافظات الجنوبية والشمالية) أن يحافظوا على صنعاء ويفكوا الحصار و يدمروا وإلى الأبد أحلام المغامرين والحالمين وانتصرت صنعاء بصمودها كما انتصرت اليمن با أبطالها الذين بفضل أبنائها المخلصين تم طرد جحافل المرتزقة القادمة من مختلف دول العالم وتأكد للعالم أن إرادة الشعب اليمني لايمكن أن تقهر إرادة الجماهير التي اختارت النظام الجمهوري سبيل لها وآمنت به وكافحت من أجله ولاتستطيع تلك القوى أن تقف في وجه الغضب العام للجماهير .
هذا وإن النصر العظيم الذي تحقق يدل على تضامن جميع أبناء اليمن مدنيين وعسكريين في إتحاد وقوة .. وكيف اندمجوا أبناء الشعب مع قواتهم المسلحة ليكونوا قاعدة متينة للنضال المسلح وكيف انخرط الشباب في سلك المقاومة الشعبية بعزم وإصرار وكافح الجميع طيلة السبعين يوماً كفاحاً مريراً ولم يستكينوا ولم يضعفوا بل ودافعو عن العاصمة صنعاء دفاعاً مستميتاً وقاتلوا عن أعراضهم وشرفهم قتالاً عنيفاً وصمدوا صمود الجبال الراسيات حتى كتب الله النصر والظفر ..
وفي الأخير أتمنى مخلصاً إن نتمسك بهذه السلوك الوطنية كلما المتّ بنا الأ خطار عند أي ظروف كما أتمنى من قيادة الهيئة العامة لمناضلي الثورة اليمنية أن تعطي جل اهتمامها برصد وتسجيل من ساهموا با أروحهم ودمائهم للدفاع عن صنعاء عام 1967م
والله يوفق الجميع وبلادنا إلى ما فيه الخير والأمن والاستقرار.