أخبار الساعة » دراسات ومتابعات » دراسات وتقارير

قصائد شعر : نمر سعدي

- ادريس علوش
قصائد
 
 
نمر سعدي
 
 
 
فتنةُ الماءْ

 

 

 

أُحدِّقُ في كُوَّةٍ

لا أرى غيرَ صفصافةٍ من ضلوعكِ

شفَّافةِ الماءِ والدمعِ

فاتنةِ اللذعِ

أرمي سهامي كما الخيلِ

فوقَ الرمالِ التي موَّجتها أكفُّ الحريرِ

أعضُّ دمي

عندما لا يُصيبكِ

ينهرُني الإثمُ  حينَ أضُمُّ

فضيلةَ جسمكِ يوماً إليَّ

ويُنكرُني في الضحى ندَمي

فتنةُ الماءِ تجتاحني

ويُعرِّي دمائي هواءُ العذابِ المُقدَّسِ

في كُوَّةِ الرغبةِ الناصعةْ.

 

 

*******

 

فُلٌّ أسودْ

 

 

فُلُّها أسودٌ ناعمٌ قاتمٌ

نائمٌ في الدهاليزِ

مُستوحشٌ كالذئابِ الصغيرةِ

أو كحنينِ الغريبِ إلى بيتهِ

خلفَ أرضِ الضبابِ

وخلفَ نجومٍ مجوسيَّةٍ في الترابِ المُضاعِ...

يُلملمني فلُّها كالمحارِ

ويُشعلُ عينيَّ كالنيزكينِ الفقيرينِ

في قاعِ أعلى البحارِ

يُحوِّلني في دقيقةِ عشقٍ خُرافيَّةٍ

من يمامٍ أليفٍ إلى طائرٍ

يُشبهُ الرُّخَ ملءَ حرائقَ هذي البلادْ

ومن شاعرٍ عذَّبتهُ المعاني

ونارُ الغواني

إلى سندبادْ.

 

*********

 

نصاعةُ الإثمْ

 

 

في اختلاجاتِ أحلامهِ

يتحسَّسُ فكرتهُ وخطاهُ التي سَلمتْ

من وحوشِ الجحيمِ

ويُمعنُ في قلقٍ لا يؤدِّي إلى جنَّةٍ افتراضيَّةٍ

هو أجملُ من أن يُقالَ

وأكملُ من حبقٍ يتلألأُ

في ثغرِ أنثى

وأكبرُ من سطوةِ النسوةِ القاتلاتِ

وأروعُ من ضدِّهِ

ثملٌ كانتباهِ القصائدِ من نومها

المُخمليِّ الطقوسِ

ومُغرورقٌ بالشموسِ

ولستُ أرى فيهِ إلاَّ....

نصاعةَ آثامهِ.

 

*******

 

 

حينَ يشتدُّ ظلمكِ لي

 

 

حينَ يشتدُّ ظلمكِ لي

أتنفَّسُ مثلَ جذورِ الشجَرْ

في ظلامِ الحياةِ العميقِ

وأسعى على زهرتينِ

إلى الانعتاقِ السحيقِ

كأنِّي رفيفُ القمَرْ

حينَ يشتدُّ كرهكِ لي

أتدَثَّرُ مثلَ النبيِّ الكريمِ

بشمسِ النصاعةِ

أو أحتمي بحفيفِ الحجَرْ

أُساوي قوافي الكلامِ المُباحِ

بما ظلَّ في حقلِ عاطفتي

من فخاخِ الطيورِ

وأستلُّ بحراً يُربِّي النوارسَ

يرفعُ حتى السماءِ

صدى قلبيَ المُنكسرْ.

 

********

 

 

في مكتبِ العمَلْ

 

 

في مكتبِ العملِ الموظَّفةُ الدميمةُ والرخيصةُ والحقيرةُ..
تجمعُ الحشراتِ في كُرةٍ من الوهمِ الهُلاميِّ

النهارُ يزوغُ منها

من ظلامِ دمائها أو نفسها الحجريَّةِ الأغصانِ..
تلعنُ طالبَ العملِ الحزينَ

تسبُّهُ قدَّامَ كُلِّ الضائعينَ...

هناكَ كنتُ محاولاً بالسرِّ

كشفَ قناعها الدمويَّ عن عينَيْ يهوذا

بالكلامِ الحلوِ

فيما طالبُ العملِ الحزينُ

يثورُ في الدهليزِ منهارَ العصَبْ

_ هذا التصرُّفُ لا حضاريٌّ

تقولُ بلا اهتمامٍ

ثمَّ تكنسُ كالغبارِ خطى العرَبْ.

 

*********

 

ظالمة

 

شيطانةٌ شمطاءُ في المدينةِ العمياءِ

صبَّتْ حقدها عليَّ

حبلُ المسَدِ الملعونُ يعلو جيدَها القبيحَ

والغسلينُ يعلو قلبها

أظلمُ من أبرهةَ الأشرمِ

من نيرونَ

في اليقظةِ تأتيني وفي المنامِ مثلَ الأعورِ الدجَّالِ

تُبكيني من الخوفِ

تسوطُ الروحَ بالظلامِ

أو تُحرقها في حفرةِ الزمنْ

كأنَّها ذو النونِ

أو كأنَّ قلبَ الشاعرِ المسكينِ

نقطةٌ من الدموعِ ذابتْ

في ثرى عَدَنْ

شيطانةٌ كأنَّما نظرتها تكشيرةُ الكفَنْ.

 

**********

 

 

 

مرايا الربيعْ

 

 

 

أُحلِّلُ معنى انتهائي من الصيفِ

عن كثَبٍ علَّني أستطيعْ

الوصولَ إلى آخرِ الشفقِ الأُنثويِّ

على شهقةٍ من زهورِ الصقيعْ

أُحلِّلُ معنى انتهائي من الصيفِ

عن كثَبٍ...

وأبوسُ مرايا الربيعْ.

 

*******

 

مطرٌ قابلٌ للدموعْ

 

 

مطرٌ مثلُ طلٍّ خفيفٍ على وجنةٍ ذابلةْ

مطرٌ يتساقطُ من هالةٍ أقحوانيَّةٍ

ويحُطُّ على قامةٍ ناحلةْ

مطرٌ يتواصلُ طولَ النهارِ

وطولَ اندلاعِ الظلامِ الكثيفِ

بحقلِ فراشاتهِ السائلةْ

مطرٌ يتسلَّلُ من قُبلةٍ قاتلةْ

مطرٌ يتناسلُ من أعينِ السابلةْ

مطرٌ قاحلٌ كأكُفِّ الرمالِ

يهبُّ على جهةٍ قاحلةْ

مطرٌ قاتلٌ... مطرٌ آيلٌ للسقوطِ

كناطحةِ الاشتهاءِ على زهرةٍ

مطرٌ قابلٌ للدموعِ على جنَّةٍ زائلةْ.

 

*********

 

 

بحرُها قُدَّ من قُزحٍ

 

 

بحرُها قُدَّ من قُزحٍ مرَّتينْ

مرَّةً عندما لم تجدْ ليدَيها هلالاً

يليقُ بأحزانها الذهبيَّةِ... والثانيةْ

عندما زوَّجتْ ماءها للحصى السُكريّْ

بحرُها قُدَّ من قُزحٍ

يتراقصُ في قاعِ قلبي بمليونِ لونٍ

وينحلُّ في آخرِ الجسدِ الكوثريّْ

بحرُها قُدَّ من قُزحٍ

دمُها قُدَّ من فرحٍ

طاهرٍ... غابرٍ مثلَ ضوءِ اللُجينْ.

 

**********

 

الحزنُ لا يخافْ

 

 

الحزنُ طفلٌ يعرفُ الدموعَ والرمادَ والظلامْ

ويألفُ الأشباحَ والأشجارَ والليلَ ولا يخافْ

الحزنُ طفلٌ غاضبٌ يُكسِّرُ الأشياءْ

فينا.... ولا يُريدُ أن ينامَ أو ننامْ

.........................

وفي المساءِ عندما يغمرُ قلبي عبقُ الصفصافْ

أسيرُ وحدي غارقاً بالفكرِ في طفولةِ اليمامْ

وفي كرومِ اللوزِ والزيتونِ غيمةً من الضبابْ

فتملأُ الضلوعَ رغبتانِ للبكاءْ

الحزنُ في الدماءِ لا يخافْ

من هذهِ الأشجارِ من أشباحها المفزعةِ السوداءْ

الحزنُ طفلٌ حالمٌ

يُريدُ أن يبارزَ السماءْ

يُريدُ أن يفترسَ الضياءْ.

 

************

 

يكفيكِ رقصاً

 

 

Total time: 0.0582