واصلت أسعار النفط رحلة الصعود التي بدأتها منذ مطلع الأسبوع المنصرم بحافز من تهاوي أسعار صرف الدولار أمام العملات العالمية الأخرى وسط قلق شديد من احتمال وشيك لنشوب حرب أسعار تدفع إلى مزيد من الهبوط للعملية الأمريكية التي تعتمد في تسعيرة النفط ما يرفع من مخاوف الدول المنتجة للنفط الخام من تأثير ذلك على مدخولاتها وتآكل أرباحها الأمر الذي سيعيق من تنفيذ كثير من المشاريع الطاقوية العملاقة الذي يتطلب تنفيذها بلايين الدولارات خلال الخمس السنوات القادمة.
استمرار انخفاض الدولار إلى أدنى مستوى له في 28 عاما مقابل العملة الاسترالية وأدنى مستوياته في تسعة أشهر مقابل اليورو دفع أسعار النفط في مستهل تعاملاتها الإلكترونية بالأسواق الأمريكية ليوم أمس الجمعة إلى الارتفاع إلى 88.58 دولارا للبرميل لخام ناميكس القياسي متحفزا بتوجه المستثمرين إلى المتاجرة بالسلع الأخرى ومنها النفط والذهب لتعزيز مراكزهم المالية وتعويض خسائرهم جراء هبوط الدولار.
وتتوقع جهات مالية وبنكية عالمية أن تلامس أسعار النفط 100 دولار للبرميل مع بداية العام القادم 2011م على الرغم من استبعاد أمين عام الأوبك لذلك، غير أن مجموعة جي بي مورغان المالية والبنك الأمريكي ميرلنش وبنك تيش اند كو، توقعت أن تتضاعف أسعار النفط في العام القادم للمرة الأولى منذ بداية الأزمة المالية عام 2008 نتيجة إلى ضخ البنوك المركزية سيولة إلى اقتصاديتها لإنعاش النمو وتخطي تبعات الأزمة المالية.
وتجاهلت أسعار النفط عوامل كثيرة مثل ارتفاع المخزونات الأمريكية من النفط الخام التي أظهرت تناميا ملحوظا في الأسبوع الماضي وكذلك ارتفاع حجم البطالة وزيادة الفائض من النفط في أسواق النفط بسبب تراجع الطلب من الدول المستهلكة الرئيسة وجميعها موجبات لانخفاض أسعار النفط غير أن مشهد الاقتصاد العالمي غير المستقر والقلق الذي يساور المستهلكين أدى إلى تذبذب أسعار النفط وهو عامل يفضي إلى رفع السلع الأساسية الأخرى وتشكيل مساقات من التضخم التي تضر بالتنمية.
دول الأوبك التي تزود العالم بما نسبته 40% من احتياجاته من مصادر الطاقة ترقب الوضع بعين حذرة وتخشى من تهاوي أسعار صرف الدولار إلى مستويات تؤدي إلى تآكل أرباحها وتؤثر على مدخولاتها المالية وعلى تنفيذ المشاريع البترولية وخاصة في مجال الصناعات التحويلية، ومع أن الخارطة النفطية من حيث حجم الطلب غير واضحة المعالم بالنسبة للمنظمة إلا أنها توقعت في تقريرها الذي صدر الأسبوع الماضي أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع حتى عام 2014 بنسبة ال5% إلى 89.9 مليون برميل يوميا، بيد أن المنظمة لا تزال تعاني من التكاليف الباهظة للطاقة الإنتاجية الفائضة التي تجاوزت 6 ملايين برميل يوميا وهي تشكل قلقا حقيقيا للمنظمة تسعى إلى وضع حلول مناسبة له وامتصاص الفائض بما لا يؤثر على الأسواق.
من ناحية ثانية أدى إقبال المستثمرين على المتاجرة بالمعادن النفيسة إلى دفع الذهب لتسجيل مستويات قياسية جديدة ليصل سعره إلى 1394.41 دولارا للأوقية في التعاملات الإلكترونية الصباحية ليوم أمس الجمعة، قبل أن يتراجع إلى 1387 دولارا للأوقية وسط التعاملات، فيما ارتفعت أسعار الفضة إلى 26.33 للأوقية، بينما هبط البلاتنيوم إلى 1773.57 دولارا للأوقية.