المتتبع للشأن الداخلي في اليمن هذه الأيام يدرك بما لا يدع مجالا للشك، أن هناك أزمة ثقة بين بعض المحافظين ومواطنيهم، فالمواطنون لا يعرفون محافظهم وبالكاد يتذكرون اسمه في الأعياد والمناسبات الوطنية.. أما عند الأزمات والنكبات فإن بعض المحافظين يتبعون طريقة النعامة، التي لا ترى طريقة للهروب سوى بإخفاء وجهها بين الرمال.
بوابات بعض المحافظين أصبحت أشيه بقلاع محصنة لا يدخلها إلا ذو النفوذ، ورجال المال والأعمال، أما الشاكون وأصحاب المظالم، فحجابهم يمنعونهم من الدخول.. خوفا من أن ينالوا شيئا من حقهم في الحياة، لأن ذلك سينقص الدخل اليومي لحراس أولئك المحافظين ومرافقيهم.
متى يفهم المحافظون أنهم خدام للمواطنين لا سلاطين عليهم؟ ومتى يشرعون في فتح قلوبهم قبل أبوابهم الموصدة؟ ومتى يصرفون عنهم من يحجبون المظالم، ومن يرفسون الناس بنعالهم، في مظهر لا أشد منه مذلة واحتقارا.. ومتى يدركون أن بقاءهم ليس بقدرة رجال المال الذين يدعمونهم.. فرجال المال والأعمال لا يدعمون إلا أنفسهم ويتخذون بعض المحافظين مطية لتمرير أعمالهم.
كلما أفتح ايميلي أجد وابلا من الرسائل التي أصبحت استحي أن افتحها، فكلها تناشد الأخ الرئيس إنقاذ الحديدة وانتشالها من وضعها المزري، من خلال تعيين محافظ للمحافظة، لا محافظة لبعض مرافقيه ومقربيه، يقولون في شكواهم أنهم لا يرون المحافظ وان سمعوا به في النادر من الأخبار، وإن ذهبوا للمحافظة لم يجدوه في مكتبه لعدم قدرته الوصول إليه بسبب أمراضه –شفاه الله وعافاه- فمحافظ الحديدة الأديب والشاعر والمثقف، منعته الأمراض من أن يؤدي مهامه على أكمل وجه.
في رسالة أخرى يشكوا البعض وبمرارة من أن مقربون من المحافظ تم استقدامهم من مكتب التربية والتعليم، تولو زمام إدارة المحافظة وغيبوا الأخبار الصحيحة عنها وضعها للأستاذ الفاضل أكرم عطية، الذي لم تكن ثقته فيهم في محلها، فقد أساءوا استخدام تلك الثقة ووجهوها نحو مصالحهم التي أفقدت صندوق النظافة والتحسين جل موارده، فيما المحتاجون من المواطنين لا يستطيعون لقاءهم فما بالنا بلقاء المحافظ شخصيا.
فخامة الاخ الرئيس زيارتكم للحديدة استبشر بها المواطنون خيرا، خاصة في الشق المتعلق بتعيين محافظ يستطيع إدارة محافظة مهمة كالحديدة، فالاستاذ أكرم عطية شخصية لها مكانتها في أوساط تهامة من الناحيتين الأدبية والثقافية والبرلمانية، ولكنه من ناحية ادارة شؤن المحافظة أظهر ضعفا شديدا، مما جعل الهوة كبيرة بينه وبين المواطنين، الأمر الذي دعا ببعضهم لمناشدة الاخ الرئيس تعيين محافظ جديد قادر على التعاطي الايجابي مع محافظة مهمة كالحديدة.
محافظات كثيرة من وطننا الحبيب جثم عليها محافظون ليسوا مؤهلين لقيادتها، فيما محافظات أخرى حباها الله بمحافظين داعمين من أمثال الاستاذ شوقي أحمد هائل –محافظ محافظة تعز- الذي سخر وقته وجهده وماله للنهوض بالمحافظة وانتشالها مما هي فيه، ولكن هيهات فالقوى السياسية التي نقلت مماحكاتها الى المحافظات تأبى ان تدع المجتهدين يعملون، فيما تبقى على الضعفاء من المحافظين الذين يسهل قيادتهم وتوجيههم، كذلك هو الحال بأمين العاصمة الاستاذ عبد القادر هلال..
الاخ الرئيس إن اردت أن تستتب الأمور في الداخل فما عليك الا بحركة كبيرة وجريئة لتغيير المحافظين الغير فعالين ومن بينهم الحديدة، واستبدالها بشخصيات تشارك الناس حزنهم قبل فرحهم، تنزل إليهم ولا تتكبر عليهم، تنقل همومهم إليكم بصدق وامانة، لا أولئك الذين ينقلون إليكم أن الأوضاع عال العال، فيما هي أوضاعهم وحاشيتهم التي هي عال العال، أما المواطنون ففي أسوء حال.
فخامة الأخ الرئيس الوضع في بعض المحافظات ومنها الحديدة يزداد احتقانا، ولو كانت هناك قيادات ألغت الحواجز وعرفت كيف تتقرب من المواطنين، لما وصلت الأمور لما هي عليه الان.. فوضع البلد أمانة في أعناقكم فخامة الرئيس، وأؤلئك المحافظون الضعفاء هو أول من سيضعفونكم، وينقلون كل اللوم عليكم.. فتدارك الامر سريعا سيسهم في تهدئة الامور والانتقال نحو البناء والتعمير.
نتمنى أن تشهد الأيام القادمة حركة تصحيحية في عموم المحافظات، شبيهة بتلك التي شهدتها القيادات العسكرية، بعض القيادات المدنية هي من تقود إلى توتير الأجواء والتصعيد غير الحميد لها.. عاشت اليمن آمنة مطمئنة محاطة بقيادات مخلصة لله محبة لوطنها طائعة لرئيسها، خادمة لمواطنيها.
.أستاذ مساعد بجامعة البيضاء
تغيير المحافظين ضرورة حتمية
اخبار الساعة - د. محمد حسين النظاري