في ميدان الكتابة الصحفية، وصياغة وتحرير ونشر الأخبار في الوسائل الإعلامية اليمنية المختلفة ،هناك الكثير من الأخطاء ، إملائياً ولغوياً ، وأسلوبياً ( صياغياً) ، صرفاً ودلالة وتركيبا ، وما يتصل بضبط العلاقات التي تربط بين الكلمات، وأخطاء في المعنى وفي المرادفات والأسماء والأفعال والإيقاع اللفظي والحركي، وغير ذلك ، وهي أخطاء بلا شك غير مقصودة حتما ،تقع فيها هذه الوسائل على اعتبار أن العمل بها يتطلّب السرعة تماشيا، ، مع الحدث اليومي المتسارع والمستمر، وتسجل أخطاء، هنا وهناك، ولاسيما على مستوى الصحف اليومية (الورقية والإلكترونية) ، ووكالة الأنباء اليمنية "سبأ " والقنوات التلفازية والإذاعات، فهناك الخطأ اللغوي ،والخطأ الإملائي ،والخطأ الأسلوبي (الصياغي )، والخطأ الفني ( المطبعي ) وهو الخطأ الناتج من عملية الطباعة ، سواءً بسبب خطأ بشري أو فني من آلة الطبع أو النسخ .
ولأن الخطأ إنساني كما يُقال، فإن صحافتنا المقروءة والمرئية والمسموعة ، شأنها في ذلك شأن الصحافة العربية وفي العالم أجمع، بما فيها تلك التي تصدر عن مؤسسات تملك سمعة عالمية وتتمتع باحترافية أكبر، تقع هي الأخرى في أخطاء من هذا القبيل .
وعودا إلى الحديث عن الأخطاء التي تقع فيها صحافتنا اليمنية ،وهو موضوع مقالنا المتواضع هذا ،فالمتابع المدقّق ،لما تحرّره وتنشره صحافتنا اليمنية (المقروءة والمرئية والمسموعة) ، من أخبار، وعلى وجه الخصوص الأخبار المحلية سيجد أن بعض هذه الأخبار تعتريها أخطاء لغوية وإملائية وأسلوبية (صياغية)، وفنية ( مطبعية )، ومنها ما يعرف بالأخطاء الشائعة في اللغة العربية ،أما الصحف والمواقع الإلكترونية فحدّث ولا حرج ،إذ أن أنواع الأخطاء كافة تقع فيها هذه الصحف والمواقع بصورة لافتة للنظر .
ولأنني أرمي من خلال تناولي وطرقي لهذه المسألة إلى لفت الانتباه تجاهها ، ليس إلا ، بصورة سريعة وغير مفصلة ، وبغير قصد للتشهير، أو وضع نفسي موضع الاختصاصي في اللغة العربية وبحورها ، أو المتمكّن في الكتابة الصحفية والتحرير الصحفي السليم ، أو الادعاء بمعرفة كل شاردة وواردة من الأخطاء اللغوية والإملائية والأسلوبية (الصياغية) التي تكتنف ما تنشره صحافتنا من أخبار ؛ فإني أكتفي بالإشارة إلى ما لفت نظري ولفت نظر الآخرين من قبلي ، فيما يتعلق ببعض الأخطاء اللغوية والأسلوبية التي تقع فيها صحافتنا عند تحريرها ونشرها وإذاعتها للأخبار المحلية ،كمثال لا للحصر.
وفي هذا المقام أسرد بعض الأمثلة من هذه الأخطاء كما يلي :
- الكتابة والقول :
(القى المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الدكتور عبد الكريم الارياني- كلمة في الندوة ).. وهكذا بالنسبة لبقية أخبار ونشاطات مستشاري رئيس الجمهورية ، مثل : ( قال المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية محبوب علي إن حرية الصحافة هي البوابة الرئيسة للحريات العامة في أي مجتمع من المجتمعات)، وهناك من يكتب (أكد مستشار الرئيس عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية للشؤون الاعلامية أن ثورة الشباب ...الخ). وهذه الصياغة لمثل هكذا أخبار تندرج في سياق الخطأ في الأسلوب (الصياغي )، وتحدث لبساً واضحاً عند القارئ أو المستمع في تحديد من هو المستشار ومن هو رئيس الجمهورية .
والصحيح أنه ينبغي في هذه الحالة تقديم اسم المستشار أولاً ثم منصبه أو صفته على النحو التالي: (القى الدكتور عبد الكريم الارياني- المستشار السياسي لرئيس الجمهورية ...الخ).
( قال محبوب علي المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية ..الخ..)
ومن الأخطاء اللغوية ما يتعلق بأخبار مجلس النواب اليمني ونشاطاته ، فيكتب ويقال :
(صادق مجلس النواب في جلسته اليوم على اتفاقية القرض ...الخ) والصواب (صدّق مجلس النواب في جلسته اليوم على اتفاقية القرض ..الخ) ، لأن "صادق " تعني اتّخذ صديقاً ،بينما "صدّق " تعني أقرّ.
ومن الأخطاء اللغوية والأسلوبية ( الصياغية ) شائعة الاستخدام أيضاً في وسائلنا الإعلامية الكتابة والقول :
- (المادة الحاديةَ عشَرَ، والمادة الثانيةَ عشرَ من القانون، إلى التاسعةَ عشرَ من القانون ).والصواب ( المادة الحاديةَ عشْرة من القانون، والثانيةَ عشْرةَ من القانون، والثالثةَ عشْرة من القانون؛ وهكذا ، إلى التاسعةَ عشْرةَ من القانون).
- الآنفُ الذكر، والصواب أن يقال: المذكورُ آنِفاً، أي: المتقدم ذكرهُ، أو السالف الذكر؛ لأنّ (آنِفاً) ظرف زمان وليس اسماً مشتقاً من الفعل الثلاثي «أنِفَ» على صيغة اسم الفاعل و" أنِفَ منه: استنكفَ وتنزّه...».
- اجتمع فلان بفلان والصواب : اجتمع فلان إلى فلان . اعتمادًا على قول اللسان والتاج ( كانت قريش تجتمع إلى كعب بن لؤي فيخطبهم ) .
- كافة الصحف، أو كافة المحافظات ، والصواب: الصحف كافة، والمحافظات كافة ؛ لأن «كافة» تعني: جميع، أو كل، ولا تقبل (كافة) الإضافة إلى ما بعدها، أي: لا تقبل الوقوع في ضمن الجُملة، وهي هنا منصوبة على الحالية دائماً.
- نفذ الشيء يريدون انتهى، « الحكم نافذ – ونفاذ المهلة الممنوحة آخر الشهر، والصواب: نفد؛ « الحكم نافد – ونفاد المهلة الممنوحة آخر الشهر ،و"نفد " تدل على الشيء إذا انتهى وفنى، قال تعالى: (لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر) الكهف 109، وقوله: (ما عندكم ينفد وما عند الله باق) النحل 96.
- يقولون ويكتبون : مُدَرَاء ، والصواب مديرون . فنقول : مديرون وهو الصواب لا مدراء وهو خطأ شائع . - لازال الحوار قائماً، ولا يزل قائماً، ولازلت أقرأ؛ والصواب : مازال الحوار قائماً ، وما يزل قائماً ، فوضع (لا) في مثل هذه التعبيرات بدل (ما)، خطأ ، فلا يستقيم استعمال (لا) مع فعل الاستمرار (زال)، إلا بأحد شرطين: إما تكرارها، وإما أن تكون الجملة للدعاء، أو للرجاء.
- الغير متدرّب ؛ والصواب غير المتدرّب ، فدخول اللام (خطأ ) على الجزء الأول من النفي .
- فلان يؤدي اليمين الدستورية اليوم كسفير في الصين، ومثلها عمل كوزير للإعلام ثلاث سنوات ، والصواب : فلان يؤدي اليمين الدستورية اليوم سفيراً في الصين، وعمل وزيراً للإعلام ثلاث سنوات.
- بعد عودته من الخارج وزير الخارجية يعقد مؤتمراً صحفياً، والصواب : وزير الخارجية يعقد مؤتمراً صحفياً بعد عودته من الخارج .
- الحكم الصادر والذي صادق عليه الاستئناف ، والصواب : الحكم الصادر الذي صدّق عليه الاستئناف . - وأخيرا من أكثر الكلمات المستخدمة استخداما خاطئا كلمة (تمّ) مثل: تم افتتاح المؤتمر، وتمّت ترقية فلان، وهكذا، وقد ورد الفعل (تمّ) في القرآن الكريم بصيغه المختلفة للدلالة على الإتمام وإكمال ما نقص؛ كما في الآية: (فتمّ ميقات ربه أربعين ليلة) الأعراف 142، . ونلحظ أنّ الاستخدام الحديث ليس فيه ما يدل على إكمال شيء ناقص، بل هو مجرد فرار من صيغة الفعل المبني للمجهول، فبدلا من قولهم: أُفتتح المؤتمر، يقولون تمّ افتتاح المؤتمر، وبدلا من رُقي فلان يقولون تمت ترقية فلان... وصاروا يعبرون عن المعنى بثلاث كلمات: تم افتتاح المؤتمر، بدلا من التعبير بكلمتين: أفتتح المؤتمر، وهذا أسلوب ركيك .
وهناك أخطاء شائعة في الكتابة والتحرير الصحفي، يقع فيها كثير من الكتّاب والصحفيين والمحرّرين والإعلاميين في وسائل الإعلام اليمنية المختلفة ،لنا معها وقفات أخرى إن شاء الله