أكد حقوقيون أن اختطاف المرأة أسلوب دخيل على المجتمع اليمني يتنافى مع عاداته وتقاليده وقيمه النبيلة، وأن القانون اليمني يشدد العقوبة في حالة تعرضت المرأة أو الطفل للاختطاف. ودعو حكومة الوفاق الوطني إلى بسط سيطرتها على محافظة صعدة واخضاعها للنظام والقانون كبقية المحافظات اليمنية.
وقال المحامي والناشط الحقوقي خالد الآنسي إن اختطاف المرأة ظاهرة جديدة على المجتمع اليمني؛ لأن المرأة تحظى بخصوصية في المجتمع اليمني سواء بحكم بنيته القبيلة أم كونه مجتمعا متديّنا محافظا، فالمرأة تحظى بحماية بأكثر من طابع منه الديني، وكذلك الاجتماعي والأخلاقي باعتبار اختطاف المرأة عيب أسود واختطاف النساء مؤشر خطير ومقلق أينما كان هذا الاختطاف.
وأضاف الآنسي – في تصريح للصحوة – أن اختطاف النساء في محافظة صعدة التي هي بحكم الرقعة الجغرافية الخارجة عن سلطة الدولة التي تتحمل مسئوليتها الجماعة المسلحة التي تسيطر عليها أن الاختطاف - لاشك - بمثابة فضيحة للنظام السياسي الذي يتحكم في صعدة ويسيطر عليها، ويكشف عن طبيعة هذا النظام وما يمكن أن يقوم به، والنظام الذي لا يتردد باختطاف النساء على هذا النحو الصارخ هو نظام مقلق وغير إنساني ومتجرد من الأخلاق.
وأعاد الناشط الحقوقي الآنسي لجوء هذه الجماعة إلى مثل هذه الأساليب لإرعاب الطرف المخالف وأن هذه الأشياء تأتي في سياق مايسمى بالإرهاب، إرهاب الخصوم والمخالفين، إرهاب من يرفضون الخضوع لقوة هذه الجماعة وفكرها ومعتقداتها، وهي عملية إرهاب.
وأكد أن الحركة الحوثية بكلها متأثرة بإيران، ونستطيع أن نقول ليس لها من الطابع اليمني سوى منفذيها، وواضح أنها مشروع لا يعبر عن ثقافة المجتمع اليمني ولا عن أخلاقه أو قيمه بالكامل، وليس له من اليمن إلا أن من يقاولون بهذا المشروع هم يمنيون، أما هذا المشروع فهو واضح أنه مشروع خارجي بالمجمل والتفاصيل.
وقال المحامي الآنسي إن هذه الانتهاكات الصارخة تكشف عن القناع الحقيقي لهذه الحركة، وفي نفس الوقت لاشك أنه سيكون لها تداعيات على المستوى القريب والبعيد لأنه اجتماعياً مثل هذه الأعمال هو إعلان أن هذه الحركة تقدم نفسها كحركة بشعة تعرف المجتمع بها. وأضاف: وأنا أقول إنها ستؤدي إلى تداعيات على المستوى القريب رفض لهذه الحركة وهذه الأساليب وعلى المستوى البعيد أنها ستخلف صراعات، وستتحول إلى صراعات اجتماعية بين من قاموا بمثل هذه العمليات بشكل مباشر وبين هذه القبائل التي تنتمي لها هذه الفتيات، وستصبح إرثاً من الصراع وإرثاً من المشاكل الاجتماعية تتحمل مسئوليتها الحركة التي تبنت مثل هذا الأمر.
ودعا الحكومة الحالية الى أن تتواجد في صعدة، وأن تقوم بوظائفها، وجزء من هذه الوظائف التي على الدولة هو توفير الأمن وكفالة حرية الناس، وأعراضهم، وعلى الدولة أن تتواجد وأن تقوم بوظائفها وأن تمنع أي حركة سواء حركة الحوثي أو غيرها أن تحل نفسها محل الدولة أو أن تنتهك حريات وحقوق المواطنين أو تنتهك أعراضهم.
وأشار إلى أن الحركة تتعاطى مع مؤتمر الحوار كما تعاطت مع الثورة كفرص تستفيد من الانشغال، انشغال المجتمع بالحوار لتكريس وجودها على أرض الواقع بقوة النار والحديد بالإرهاب والتخويف والعنف.
وعن الرسالة التي توجه إلى عقلاء في هذه الحركة، قال بشكل عام رسالتي إلى هذه الحركة أنه إذا أردت أن تستمر هذه الممارسات يعني أنها تحفر قبرها بنفسها، في الوقت الذي يمكن أن تتحول إلى حركة سياسية حركة وطنية، حركة تشارك في عملية البناء وتشارك في صياغة مستقبل البلد. وعد الحركة بهذه الطريقة تدخل في مواجهة مع المجتمع سواء المحلي، الذي هو صعدة، أم المجتمع اليمني، وستدخل فيما بعد في مواجهات مع المجتمع الدولي والإنساني؛ لأنه لن يبقى يتفرج على مثٍل هذه الجرائم. ربما أن المجتمع الدولي والإنساني لم يستوعب بعد أن هذه الجرائم ترتكب ويعتقد أنها تنسب لهم في إطار تشويه الخصوم، لكن عندما يترسخ لدى المجتمع الدولي أن ماتقوم به الحركة هي حقائق لاشك أن هذا سيؤثر بالمعادلة. وأضاف: أنا أقول إن حركة الحوثي حققت مكاسب خلال الفترة الماضية فترة الثورة، لكن يبدو أن هذه المكاسب التي حققتها بشكل سريع ستخسرها بشكل أسرع.
*للنساء حرمة خاصة
أما المحامي عبدالله الذبحاني فقد عد الانتهاكات التي تحدث في صعدة انتهاكات خطرة لم تحدث من قبل، واعتبر الإقدام على اختطاف نساء مؤشر خطر لم تحدث من قبل في كل الأحداث والحروب السابقة، كون المجتمع اليمني يعطي حرمة خاصة للنساء، لكن في هذه الفترة في صعدة انتهكت المساكن ودمرت بيوت ليس كما كانت تظهر في التقارير في الفترات الماضية وانتهكت الحقوق والحريات بشتى أنواعها ولم تقتصر على النوع السياسي فقط وإنما امتدت إلى الطفل والمرأة وهذه ظاهرة خطيرة وهي تعتبر جرائم ضد الإنسانية، وتعتبر هذه الأعمال مجرمة محلياً ودولياً، ولا يرضى بها عاقل.
وأضاف المحامي الذبحاني – في تصريح للصحوة – أن هذه الأعمال لا تستند لا إلى عرف أو قانون، والثورة الآن قد نجحت والمبادرة الخليجية قد أخذت مكانها وطبق منها الشيء الكثير، ولكن لا ندري ما الاستثناء الغريب في محافظة صعدة حتى الآن، وحكومة الوفاق لم يشمل نفوذها محافظة صعدة، وهذا استثناء عجيب. وقال إن الانتهاكات متكررة وحركة الحوثيين لم تؤد دورها في حماية الحقوق والحريات، وهذه الجرائم ضد الإنسانية ولا تسقط بالتقادم وعلى الدولة أن تحكم النظام والقانون والدستور في هذه المحافظة مثلها مثل أي محافظة في الجمهورية.
وأكد أن هذه الأفعال تؤدي إلى فتن ليس لها نهاية قد تؤدي إلى ردود فعل ربما تكون سيئة من البعض الذين لا يتحملون مثل هذه الأفعال خاصة في محافظة مليئة بالسلاح ومحافظة مشحونة مثل صعدة، ومثل هذه الأفعال ربما تؤدي إلى أفعال سيئة من كل النواحي، إضافة إلى الظلم الذي يمارس فهناك أسر لم تستطع أن تعود إلى صعدة حتى الآن بسبب هذه الانتهاكات.
واشار أن هذه الحركة لم تتخذ الشكل السياسي ولا الطابع القبلي، إلى الآن ولم تقدم نفسها سياسياً وتشكل حزباً سياسياً وتمارس عملها السياسي مثلها مثل أي حزب آخر، وتشارك في كل الفعاليات وليس لها شكل قبلي وتتحرك بالطابع القبلي، وإنما اتخذت أسلوب العصابة، جماعة مسلحة تسلح كبير، وتتلقى دعماً غير عادي.
وقال المحامي الذبحاني إن الحركة بمثل هذه الأفعال لن تكسب الناس بل ستخسرهم، وفي النهاية مآل هؤلاء الناس إلى الزوال. الأصل أننا في عصر الحرية والديمقراطية وأن عملنا عمل ديمقراطي وأي شكل يخرج عن الشكل الدستوري والقانوني مآله إلى الزوال، وهو عبارة عن عصابة خرج عن الشكل الدستوري والقانوني، والأصل على النائب العام والجهات الأمنية أن تتخذ إجراءاتها في أي جريمة من هذه الجرائم التي تحدث.
ودعا المجتمع إلى استنكار مثل هذه الأحداث وأن يتم نزول جانب حقوقي وإعلامي إلى هذه المناطق وهذه الأماكن وعمل لقاءات مع الذين حدثت لهم انتهاكات وتوثيقها ورفع هذه التقارير إلى الدولة والمنظمات المحلية والدولية حتى تبين للرأي العام في هذه القضية وحتى يصل الناس بعد ذلك إلى حلول وحتى تتحرك منظمات حقوق الإنسان في هذه المحافظة.
*تشديد العقوبة
المحامي أحمد الرحابي من جانبه قال إن اختطاف النساء ظاهرة جديدة على المجتمع اليمني فكثير ما تحصل اختطافات وتقطعات في بعض مناطق القبائل لكن المعتاد أن يـؤخذ سيارات ورجال لكن أن تختطف امرأة فلم تحصل هذه من قبل وهذا يعد مؤشراً خطيراً.
وأضاف – في تصريح للصحوة - نحن نسمع مسألة الأيديولوجية مؤثرة لو استعرضنا مسائل الاحتجاجات الموجودة في العراق ربما كان سببها اعتقال النساء، ربما يوجد رابط بالتفكير والقيام بمثل هذه الافعال مسألة ضغط أو تركيع جهة معينة أو شخص معين واختطاف امرأة فالموضوع حساس لحساسية المرأة عند القبائل والمجتمع اليمني ككل.
وقال الرحابي: لو أتينا لمسألة القانون، فهو يجرم ويشدد عقوبة الاختطاف على امرأة أو على صغير فتكون العقوبة أكبر إذا كان المختطف امرأة أو طفل، فالمسألة هي حساسة هنا.
وأضاف: نظرا لحساسية هذا الموضوع وشدة خوف الرجل اليمني سواء كان في الشمال أم الجنوب وحرصه على المرأة سواء كانت أخته أو زوجته أو أمه، فالمسألة هي استفزازية بشكل كبير جداً وقد يكون الهدف منها اجبار الطرف المخالف للحوثيين مغادرة المكان، وأيضاً المستهدف الذي يخالف الحوثي برؤاه وتوجهاته قد ربما يفر حفاظاً على شرفه أو أهله أو ماله فيترك المحافظة وتصبح صعدة للحوثي.وكثير ما يفعلها اليمنيون نتيجة لحساسية المجتمع تجاه المرأة.
وقال المحامي أحمد الرحابي إن المسئولية الآن تقع كما يسمونها في القانون خصوصاً القانون الدولي، مسئولية الأمر الواقع، من الموجود واقعاً على الأرض، من المتحكم في أرزاق معيشة الناس وأمنهم وطرقهم وذهابهم وإيابهم المتحكم هم جماعة الحوثي والمسئولية القانونية والسياسية والجنائية هي تقع على عاتق هذه الجماعة التي هي موجودة على سلطة الأمر الواقع والدولة – كما نعرف - هي حامية المجتمع وأمنه والمسألة تتعلق بسيادة وطن. وأضاف: لاشك أن أي مواطن يمني سيقول تقوم الدولة بواجبها في فرض سيطرتها على أرض صعدة وإعادتها إلى حاضرة الجمهورية اليمنية، وهذا هو المطلوب.
وقال مثل هذه الأفعال يخالف قيمنا وديننا الإسلامي والقيم العربية قبل الدين الإسلامي، فالعرب كانت عندهم قيم النخوة والكرم وإغاثة الملهوف وغيرها من القيم. وكان العربي يدفن ابنته خوفاً على عرضه قبل أن يأتي الإسلام ويشدد على مكانة المرأة وحمايتها.
وأشار الى أن جماعة الحوثي تتهور في ممارسات كثيرة وهذا يؤدي إلى أن المجتمع ينفر منها، وأي فكر دخيل على مجتمع ما, سواء كان المجتمع اليمني أو غيره, حتماً سيؤدي إلى أن ينكر المجتمع وستؤدي إلى ردة فعل؛ لأن استعداء الشعب اليمني ستشكل كل القوى الوطنية سواء قبلية أو سياسية وستكون في مواجهة أي فكر دخيل يهدد النسيج الاجتماعي وسيقف الجميع في مواجهته. وقال عند النظر إلى تصرفات جماعة الحوثي، لايوجد رؤية سياسية، ولا حتى رؤية فكرية وضعت للناس معلنة، عندهم فكر معين معروف منشور في الوثيقة الفكرية، لكن لم يقدم للناس على أن هذا فكر الحوثين ولم يقدم إلى مؤتمر الحوار لأنهم معتمدون أصلاً على مسألة السلاح وعندهم في أدبياتهم التاريخية وغيرها وهم يقولون لابد من الخروج بقوة السلاح لفرض الإمام الذي تتوفر فيه الشروط ويخرج يعلن نفسه للناس، ليس عندهم رؤية، وهم منتظرون انهيار دولة كي يخرجوا للناس بقوة السلاح، ومن يعتمد على السلاح لنشر أيديولوجيته وإقناع الناس بأفكاره هو لن يعرض نفسه بغير هذه الطريقة، ولن يقدم للناس رؤية لا سياسية ولا اجتماعية ولا فكرية ولا غيرها ليعرضها للناس، ويقول هذا ماعندي أروني ماعندكم. وأضاف: عنده رؤية واحدة هو تحين الفرص ويساهم في صنع الاختلالات والأزمات من أجل أن تتوفر الفرصة الملائمة للانقضاض على المجتمع وعلى الدولة.
تجدر الاشارة أن قائدا ميدانيا أقدم على اختطاف امرأة الجمعة الماضية بمديرية ساقين محافظة صعدة، فيما لا تزال فتاة مختفية في صعدة منذ 8 يونيو الماضي.
حقوقيون: خطف المرأة أسلوب دخيل يهدد النسيج الاجتماعي وعلى الدولة حماية مواطنيها
اخبار الساعة - ناجي قدام