أثار موقف الرئيس اليمني الانتقالي عبد ربه منصور هادي من الأحداث التي أطاحت بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، تساؤلات عديدة وجدلا بالشارع اليمني الذي رآها مخالفة لمبدأ رفض الانقلاب على الشرعية، في بلد اشتعلت فيه ثورة شعبية وفرضت إرادتها عبر انتخابات حرة.
وقد بعث هادي برسالة تهنئة إلى نظيره المصري المعيّن من الجيش عدلي منصور، على ما أسماها "الثقة التي منحكم إياها الشعب المصري والقوى الوطنية في مصر الكنانة استجابة للمطالب الشعبية"، واعتبر في ذلك "تحقيقا لأهداف ثورة 30 يونيو التي استعادت وهج وألق ثورة 25 يناير".
وأبدى نشطاء اعتراضهم على تهنئة هادي لنظيره الانتقالي في مصر، خاصة أنه تحدث باسم الشعب اليمني، وطالبوا بأن يكون موقف اليمن مماثلا لموقف رئيس تونس الرافض للانقلاب على الثورة والشرعية، ولموقف المستشار العسكري للرئيس اليمني اللواء علي محسن الأحمر الذي اعتبر ما جرى في مصر انقلابا عسكريا على الشرعية.
عبد السلام محمد: اليمن تعرض لضغوط خليجية وخصوصا سعودية ليعترف بالانقلاب (الجزيرة نت) |
اعتراف بانقلاب
وقال مدير مركز "أبعاد" للدراسات في صنعاء عبد السلام محمد إن "تهنئة هادي للرئيس المصري الانتقالي المعيّن من الجيش المصري اعتراف بالانقلاب العسكري ضد رئيس منتخب جاء من أوساط ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكم المخلوع حسني مبارك".
ورأى محمد في حديث للجزيرة نت أن ثمة أسبابا وراء موقف الرئاسة اليمنية من انقلاب مصر، أهمها أن الرئيس هادي كلف وزير الخارجية أبو بكر القربي الموالي للرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بكتابة وإرسال تهنئة هادي إلى نظيره المصري، "فجاءت متفقة مع موقف صالح وأنصاره المبتهجين بعزل مرسي".
وأشار إلى أن "اليمن تعرض لضغوط خليجية وخصوصا من السعودية ليعترف بالانقلاب في مصر وليحذو موقفها المؤيد لما جرى، خاصة أن اليمن بحاجة إلى دعم ومساندة السعودية في ظل الظروف الاقتصادية والأمنية السيئة التي يعيشها".
ويعتقد محمد أنه "كان يفترض بالرئيس اليمني أن يحذو موقف الرئيس التونسي المنصف المرزوقي الرافض للانقلاب العسكري، لأن اليمن بلد شهد ربيعا وثورة شبابية أطاحت بحكم استبدادي فاسد"، واعتبر أن ما صدر عن هادي فيه نوع من التخبط، سببه انعدام الضغط السياسي من شركائه في الحكم المناصرين للثورة اليمنية.
من جانبه رأى الباحث والأكاديمي سعيد عبد المؤمن أن تهنئة هادي لنظيره المصري المعين من الجيش "تصرف بروتوكولي فقط، وربما حررت الرسالة دون علم منه".
سعيد عبد المؤمن: موقف هادي قد يكون مبررا لإسقاطه وحكومته كما تخطط لذلك بعض القوى (الجزيرة نت) |
مجاراة السعودية
وأشار عبد المؤمن في حديث للجزيرة نت إلى أن "سرعة اعتراف السعودية بالانقلاب العسكري الذي عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي، دفع بالرئيس اليمني إلى مجاراة الموقف السعودي طمعا في الدعم السعودي والأميركي، باعتبار أن السعودية هي المسؤولة عن الملف اليمني أمام الولايات المتحدة التي تدعم انقلاب مصر وإن لم تعلن ذلك".
وأضاف أنه "لم يكن أمام الرئيس هادي أن يخرج بموقف قد يغضب حلفاءه في السعودية وأميركا"، وأن موقفه قد يكون مبررا لإسقاطه وحكومته كما تخطط لذلك بعض القوى المؤيدة للنظام السابق والمخلوع صالح.
ورأى عبد المؤمن أن "التدخل الإقليمي والأجنبي في قضايا اليمن هو المشكلة الكبرى، كما أن هادي لم يحترم شعبه الثائر الذي كانت ثورته ضد نظام صالح سببا في وجوده في سدة الحكم اليوم".
وتوقع الباحث اليمني أن الثورة على هادي قادمة، وستكون حركة شعبية ثورية جديدة لتصحيح مسار الثورة اليمنية والمجيء برئيس يحترم إرادة الشعب اليمني".