ظل معارضو الرئيس محمد مرسي، يستنكرون دعوات التظاهر المؤيدة له، والتي كانت تخرج بين الحين والآخر طوال عام حكم مرسي، معتبرين أن المظاهرات لا يعقل أن تقوم بها السلطة أو مؤيدوها، بل إن هذه المظاهرات هي حق أصيل، وربما حصري لمعارضي النظام، أما المظاهرات المؤيدة فكانت المعارضة ترى أنها لا تتم إلا بتكليف من مكتب إرشاد الإخوان، ويساق إليها المؤيدون دون أدنى معرفة لهم بأسباب التظاهرة وأهدافها، فقط مجرد تكليف يصدر لتمتلأ الميادين.
إلا أنه، ومع صدور «التكليف العسكري»، لمؤيدي نظام الانقلاب، بالنزول للميادين لتفويض الجيش في مواجهة الإرهاب، غابت هذه الاعتبارات السابقة، ولم يخرج أحد من الذين ملئوا الدنيا ضجيجاً في السابق عن مظاهرات «التكليف»، ليبدي ولو حتى اعتراض على هذه الدعوات التي وصفها البعض أنها ترقى لدعوات الاقتتال الأهلي.
بيد أن مواقف هؤلاء المعارضين تغيرت 180 درجة، بل أعلنوا صراحة التأييد الكامل لدعوات وزير الدفاع للتفويض لمواجهة الإرهاب دونما أي تفكير حول ما هو الإرهاب وما المقصود بالتفويض وما صفة من يطلب التفويض، بل ذهب بعضهم لتبرير دعوات التفويض التي لم تخرج من رئيس دولة، أو حكومة مفترض وجودهما وقالوا إن المستشار عدلي منصور أعطى الأمر بالموافقة للسيسي للتحدث وهو مؤيد تمًامًا لكل ما قاله السيسي على الرغم من كون الرئيس لم يخرج على شاشة التلفاز ليقول ذلك وكأن القائلين شهود عيان!!.
وذهب التيار الشعبي ليقول إن دعوة السيسي جاءت «تدعيماً لدعواتنا التي طالما دعونا إليها الأسابيع الماضية ولم تجد ملبى للنداء إلا شرذمة وسط ثبات رافضى الانقلاب واتساع عدد المؤيدين، والمتعاطفين مع المجازر التي ترتكب في حق رافضى الانقلاب».
أما جبهة الانقاذ فقالت «إن الجيش لا يحتاج تفويضاً فحماية أمن الوطن في مواجهة الإرهاب واجب وطني، والنزول ضرورة لتحميل الجيش والشرطة المسئولية» فيما قال حسين عبد العني، القيادي بجبهة الانقاذ، في أول ظهور لجبهة الانقاذ إلى جانب تمرد في مؤتمر خاص بتمرد، «نفوض الجيش والشرطة فى مواجهة الإرهاب عملا بالقانون».
الغريب في الأمر أن الاستجابة للتفويض ضد الإرهاب جاءت وكأنها تتعمد الفتك برافضي الانقلاب، والذين شيطنهم الإعلام ووصل به الحال لوصفهم بـ «الإرهابيين»، وتعلن بوضوح أن فترة السماح بالمصالحة قد انتهت، وذلك الذي ظهر جليا عندما قال أحد متحدثي تمرد في مؤتمرهم اليوم «دعينا لمؤتمر للمصالحة ووافقنا على المصالحة مع أي فصيل نختلف معه سياسيًا ولكن لا صلح مع الإرهاب ...لن نفرط أو نفاوض على دماء وأرواح المصريين»، وكذلك عندما ذكرت جبهة الانقاذ نصًا في بيان لها اليوم «سيخرج الملايين من أبناء الشعب المصري غدا الجمعة 26 يوليو ليؤكدوا رفضهم القاطع لسفك دماء المصريين وإرهابهم من قبل أنصار تيار سياسي رفض بشكل متكرر دعاوى المصالحة الوطنية، والمضي قدما في تنفيذ خريطة الطريق».
أما الفريق أحمد شفيق،- المرشح السابق لرئاسة الجمهورية فراح يهدد رافضي الانقلاب أمس في كلمة له دعماً لدعوة السيسي، قائلاً «أيها المارقون الخونة، القضاء عليكم واجب، فلتعيدوا حساباتكم فلم يبق أمامكم من الساعات إلا القليل وبعدها لا تلومن إلا أنفسكم».
«غزوة السيسي».. كما يحلو للبعض تسميتها، كشفت، ضمن ما كشفت، عن نزعة عنصرية ودموية، في خطاب العديد من وجوه النخبة والسياسة، نزعة رأى الكاتب الصحفي وائل قنديل، أنها تخطت «الهولوكوست»، حيث بات قطاع عريض من المصريين متعطشاً لرؤية دماء معارضيه، دونما أدنى احترام لحقوق الإنسان أو المواطنة، والتي اتضح أنها لم تكن إلا كذبة كبيرة استغلها البعض كمصطلح للهجوم، والآن بات يحشد الحشود من أجل وأد هذه المواطنة.
ويبقى السؤال، إلى أي مدى سوف يتحمل الجيش تبعات ما سيترتب على هذه الدعوة، والتي يتخوف كثيرون من أن تسفر عن حرب أهلية، خاصة وأن تصريحات قائد الجيش الثالث رداً على هذه الدعوة - والذي قال إنه سيتم اتخاذ إجراءات لمنع الاحتكاك والاشتباكات بين التيارات المختلفة مؤكدًا أن هدف الجيش الحفاظ على السلام العام وتأمين أرواح المواطنين - تشير إلى أن الجيش ربما لا يكون على قلب رجل واحد إزاء دعوات النزول والحشد، وأن الجيش ما يزال متخوفاً من تورطه في أعمال عنف بالشارع المصري؟.
«غزوة السيسي».. تفضح عنصرية وإرهاب مؤيدي الانقلاب، وشفيق يقول: أيها المارقون الخونة، القضاء عليكم واجب، فلتعيدوا حساباتكم فلم يبق أمامكم من الساعات إلا القليل وبعدها لا تلومن إلا أنفسكم
اخبار الساعة - متابعة