أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

باختصار يريدوني متخلفاً عظيم

- محمد عبد الملك الشرعبي

ابني الاكبر محمد يدرس في كلية الاعلام - صنعاء - بهذه الجملة وحدها تتفاخر والدتي الغالية امام معارفها من نسوة القرية .. ومن دون ان تدري عن بقية تفاصيل دراسة ولدها محمد على مدى السنتين الماضية من دراسته الجامعية .

والدي العزيز هو الاخر كلما اتصلت به احاول اطمئنه باني لا ازال مجتهداً بنفس درجة التزامي في مرحلة الثانوية وما قبلها وان كل شيء على ما يرام .

اخبره احيانا ان الدراسة في الجامعة تشبه رحلة سياحية يقضيها عريسان في مدينة جميلة لم يدخلوها من قبل واكثر ما ينشغلون به اجازة شهر العسل هو السؤال عن اسماء شوارع المدينة واماكنها السياحية ..


هكذا يفعل طالب جامعي انتقل من الريف ليتعلم في جامعة صنعاء فوجد نفسه فجاءة وسط مظاهرات مستمرة للبحث عن رئيساً لجامعته طوال مرحلة دراسته الجامعية .

يسالني ابي مستغرباً هذا لا يعقل يا بني .. من المستفيد من كل هذه الفوضى التي تدمر مستقبل الاف الشباب الجامعي اهم شريحة يراهن عليها المجتمع في بناء الوطن واعماره ؟؟

اجيبه انت تثق فيني كثيراً وما قلته لك يعبر عن حقيقة الواقع مع الاسف .. انا لا اريد ان اقول لك كلاما واكتب في الجرائد كلاما مختلفاً فتقرأه واكون كذاباً في نضرك ..

رغم اني كنت طوال الفترة السابقة احاول ان لا اكسر خاطرك او اعكر صفوة الاحلام الجميلة التي كنت اخبرك عنها ايام طفولتي عندما كنت تسالني ماذا تريد ان تكون في المستقبل واقول لك كلاما كبيراً .. قد يحرج من يقراء كتابتي اليك الان .

المؤلم هنا ما يقارب الاف الامهات اللواتي اصبن بالإحباط بعد ان فشل ابنائهن في الالتحاق بالدراسة .

الموجع هنا الاف الاباء الذين قبلوا بالغربة لكي يتمكن ابنائهم من الدراسة الجامعية في جامعة يتم تعليق الدراسة في جميع كلياتها لمجرد شجار تافه حصل بين احد اثنين من الاكاديميين او الطلاب .

جامعة صنعاء التي تعاني منذ عامين من مخاض عسير وحالة شلل كاملة .. دون ان ندري من المستفيد من هذا الوضع ، نحن لا نفهم سوى حقيقة واحدة وهي انهم لا يريدون لنا ان نتعلم ونرتقي بأنفسنا قليلا.

باختصار هم يريدونا مشاريع تخلف وغباء مفرط ومستمر يريدون منا في الحقيقة ان نطوف على نفس المعجلة التي يدورون حولها بأدواتهم القديمة ووسائلهم البائسة ، يكرهون لان نستخدم ادوات العصر التي خلقت لنا وخلقنا لها ..

ان نتعلم فن استخدمها فنبني البلد .

عذرا امي الغالية انا لم اعد استفيد شيئا من كهف كليتنا القديمة والتي يسمونها - الاعلام –  منزلنا يا ابي صدقني انه اجمل الف مرة من هناجر كليتي الزنجية ..

رجائي منكم الدعاء لي كثيراً فلعلي اجد احلامي التي اخبرتكم عنها ذات مرة بعيدا من هذه الامكنة المقرفة والتي يسمونها بالجامعة لأنها اصبحت ثكنة للمماحكة والتصفيات ولا احد يهمه امري تماماً صدقوني .

عذراً جميع الامهات عذراً جميع الاباء لقد خذلونا ونحن في مقتبل اعمارنا وقتلوا كل طاقتنا واحلامنا الجميلة .. سنفعل ما بوسعنا لكي نحي قليلا من الامل هذا كلما نقدر عليه .

Total time: 0.0492