أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

لماذا لم يقل احد لعبدالحليم:كفاية؟

- حسن حسين

لاينكر أحد على عبدالحليم أن صوته كان معبرا عن مرحلة في التاريخ العربي شهدت تحولات عميقة على كافة المستويات وفي كل الاتجاهات؛وضمنها الغناء العربي خروجا من حالة الطرب الصرف والتخت التقليدي إلى الأداء التعبيري الذي تخلص من عبائات شيوخ الغناء القديم وصالوناتهم المغلقة على شرائح اجتماعية لم تعر الهموم الوطنية والاجتماعية أى اهتمام.

ساعتها كان المجتمع العربي يحتاج إلى صوت عبدالحليم صادقا صافيا متوحدا مع أحاسيس جيله وهموم شعبه؛فاكتسح مدّه الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه بلا مقاومة ولا مزاحمة،والتف من حوله الشعراء والملحنون يشكلون كتيبة حملت لواء الأغنية العربية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي،وبقيت هذه الكتيبة وفية للألام وآمال وطموحات شعبها،فانتصر لها كما انتصرت له.

وبمرور الزمن وتبدل الأحوال جرت سنة الحياة على صوت عبدالحليم كما تجري على سواه،ففقد بعضا من بريقه واتكأعلى رصيده القديم،وأصر على الاستمرار في الغناء رغم ماطال صوته من خفوت وذكائه ـ الذي تميز به ـ من القدرة على التفاعل الإيجابي مع الأحوال الجديدة،وبدلا من أن ينسحب بكبرياء حفاظا على صورة وتاريخ طالما شكلا له فخرا يستحقه،إذا به يركب رأسه ويخرج عن قضبان قطاره،كان عبدالحليم المتحدث الرسمى بإسم الثورة وأراد أن يتمسك بموقعه في زمن الردة .

من يستمع اليوم إلى أغنيات عبدالحليم في سنواته الأخيرة يلحظ بلا جهد ذلك التراجع على مستوى الكلمات والألحان والأداء الصوتى،المثير للدهشة أن أحدا لم يقل وقتها لعبدالحليم (كفاية)،ولكن هل لوكان أحدا قالها كانت ستحدث إستجابة ما،؛أشك؛ عبدالحليم في أيامه الأخيرة كان الوحيد الذي يستمع إلى عبدالحليم،وماكان يسمع إلا صدى صوت قديم..

السؤال الآن: كم من عبدالحليم نحتاج اليوم أن نقول لهم(كفاية).

Total time: 0.0422