أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

لماذا لم يستثمر الخليج في مجاهدي خلق!

- *د. ظافر محمد العجمي

يتحمل الصبار الظروف البيئية القاسية. باستطاعته النمو بالأرض المجدبة حين تتعذر على غيره الحياة. وهو نبات قاسي المنظر ومؤذٍ، إلا أنه ينفرد بمركبات لها فوائد طبية كما يدخل في صناعة مستحضرات التجميل. وعلى بعد 100 كلم شمال بغداد، ونفس المسافة عن الحدود الإيرانية الغربية، يختلط نبات الصبار مع صبار بشري قاسي المنظر والملمس مؤذ لمن يحاول اقتلاعه.

ففي معسكر أشرف يتمركز جيش التحرير الوطني الإيراني الذراع المسلحة لمنظمة «مجاهدي خلق»، أكبر وأنشط حركة معارضة إيرانية.

وقد مر على تأسيس المنظمة على أيدي مثقفين وأكاديميين 48 عاما حاربت خلالها الشاه 13 عاما وحاربت الجمهورية الإسلامية 35 عاما أخرى.

وقد أظهرت المنظمة قدرة على البقاء رغم قسوة الظروف التي زادت من صلابتهم وتماسك صفوفهم رغم تكفيرهم وإعدام قادتهم.

وكما تمتص شجرة الصبار الماء من الهواء أكثر مما تمتصه من الأرض، امتص «مجاهدي خلق» قوتهم من مصادر غير تقليدية، ففي سجلهم تكبيد نظام طهران أكبر خسارة في تاريخه، حيث فجروا مقر الحزب الجمهوري الإسلامي 1980م فلقي %80 من أتباع ورجال الإمام الخميني الكبار حتفهم وعلى رأسهم آية الله بهشتي. ثم ارتموا في حضن عدو إيران التاريخي، حين جعلوا من أنفسهم فصيلا في جيش الطاغية صدام طوال حربه ضد إيران.

ولدى هذا الصبار الإيراني مرونة أيدلوجية عجيبة، فهم حركة وتنظيم علماني يعلو شعارهم الآية الكريمة «وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا»، وهم طائفة دينية تؤمن بحق المرأة في قيادة التنظيم الذي يطلب من أعضائه طلاق زوجاتهم، فالحب والزواج وحب الأبناء يشتت انتباههم ويبعدهم عن جهادهم ضد طهران.

وبدون أبناء أو زوجات رغم أن نصف المعسكر نساء، تعقد جلسات للاعتراف الجماعي بأحلامهم وتخيلاتهم. ورغم أنه ليس متوافقا مع المزاج الخليجي المعتاد أن يتجاسر على طهران بتحريك بيادقه بينما تتحرك هي كالملكة، إلا أننا ما زلنا نتساءل: لماذا لم ينقدْ صانع القرار السياسي الخليجي للانتهازية كطبيعة بشرية وليعتبرها أحد تعاريف الاستراتيجية ذات المفاهيم المعقدة؟ ولماذا لم يقم ببناء مشتل صبار ل»مجاهدي خلق» التي تحاول بغداد بضيق أفق التخلص منهم إرضاء لطهران؟ وكما تستخدم طهران «الملفات» في تحريك الأمور لصالحها في الكويت تجسسا والقطيف والبحرين تحريضا وأبوموسى احتلالا، بإمكاننا تحريك الصبار الإيراني لوخز طهران في خاصرتها كلما تحركت.

وتحريك الملفات هذا إجراء قديم قدم العلاقات الدولية نفسها، فلعله يرقى بالدبلوماسية الخليجية المثالية أحادية الأبعاد، مع الأخذ بعين الاعتبار الأمور التالية: - الاستثمار في «مجاهدي خلق» واعد بحكم صلابة جعلتهم المناوئ الأقوى لطهران، فرغم جميع الأعمال التي قامت بها طهران إلا أنها عجزت عن القضاء على المجاهدين منذ 32 عاما. وإذا كان لديهم أعداء ألدّاء فلديهم أيضا أصدقاء متحمسون. وقابلية وصولهم للسلطة عالية. والفرصة متاحة لهم أكثر من غيرهم.

- ما زالت الأمم المتحدة تعمل على نقل عناصر المنظمة البالغ عددهم أكثر من ثلاثة آلاف إلى بلد غير العراق، وليس علينا بالضرورة توطينهم في دولة خليجية، فأمام الخليجيين فرصة ممارسة نوع من الضغط أو الإغراء لإبقائهم في العراق من باب احترام اتفاقيات الأمم المتحدة للأغراض الإنسانية، فقد يتغير نظام المالكي أو تتغير قراءته قصيرة النظر للأمور، بحكم أن «مجاهدي خلق» كالمساجين لديه وليسوا تهديدا للعراق.

كما يمكن نقلهم لسوريا، ففصائل من المنظمة تقاتل ضد الأسد وحزب الله رغم الدعوات غير الجادة لإخراج المقاتلين الأجانب.

- في قرار أحمق جُرّد «مجاهدي خلق» من أسلحتهم بعد الغزو الأميركي للعراق 2013م. وتتولى مريم رجوي مسؤولية الإشراف على «نقل السلطة بشكل سلمي إلى الشعب الإيراني بعد سقوط النظام الحالي»، حسب تعبير المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو الجناح السياسي للمنظمة.

ويمكن دعم هذا الجهد السياسي خليجيا بافتتاح مكتب لهم وتشجيعهم على إقامة حكومة منفى، خصوصا أن الجنوح للعمل السياسي جعل الأوروبيون يسقطون عنهم تهمة الإرهاب.

لقد كانت المذبحة التي جرت قبل شهر في سبتمبر 2013م ضد «مجاهدي خلق» وقتل 44 من عناصرها على يد فصائل عراقية تأتمر بأوامر طهران عملية ذات أهداف عدة، أهمها إحراق الحل الموضوعي والمتاح الوحيد لتوفير الأمن لمنتسبي المنظمة، والقاضي بنقلهم من معسكر أشرف قرب الحدود الإيرانية وتوزيعهم في معسكرات بعيدة عن الحدود قبل نقلهم للخارج.

وفي ذلك مؤشر على ثقل وزن هذه المعارضة التي جعلت طهران تحاول إفناء هذا الصبار قبل نقله لأرض أخرى.

فإذا كان لصبار «مجاهدي خلق» قدرات علاجية وتجميلية فلماذا لا نعالج أو نجمل به وجه جارتنا العزيزة طهران، فقد جربنا كل شي!

المصدر : صحيفة العرب القطرية
تعليقات الزوار
1)
علي حسين نجاد -   بتاريخ: 25-12-2013    
هذه المنظمة قد فقدت شعبيتها تماما داخل إيران وخارجها وليس الشعب الإيراني لم يعد يدعمها إطلاقا فحسب وإنما يكرهها بشدة بسبب تعاونها مع عدوهم في الحرب أي صدام حسين لأنها كانت جزءا من جيش صدام خلال الحرب الإيرانية العراقية وارتكابها أعمالا إرهابية داخل إيران تسببت في قيام النظام الإيراني وبحجة الثأر من المنظمة بقتل عشرات الألوف من خيرة أبناء الشعب الإيراني ولذلك لا يخاف النظام الإيراني إطلاقا من هذه المنظمة المنهارة تماما ولم تعد تعتبر ورقة يمكن استخدامها أو استثمارها تجاه النظام الإيراني ولهذا أقول: السيد ظافر العجمي، إن أولادنا وأصدقاءنا في العراق ليسوا أوراقا!! للاستثمار لأن النظام الإيراني لا

Total time: 0.0443