إلى الأستاذ محمد طارق السباعي رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب :
الحمد لله و الصلاة و السلام على أشرف المخلوقين و إمام النبيين و خاتم المرسلين.
لقد مرت هيأتكم الموقرة من محطات عدة منذ نشأتها سنة 2005، و كل متتبع منصف لا بد و أن يستحضر في كل لحظة و حين مواقفها الشجاعة في الكثير من القضايا حماية للمال العام الذي هو مال الشعب، و كذلك مواقفها الشجاعة في الكثير من القضايا التي لها علاقة بالرشوة التي تمنع الوطن من تحقيق التقدم المنشود.
يمكن أن نعتبر أن الهيئة انتصرت في بعض القضايا، كما يمكن أن نعتبر أن صوتها خفت مؤقتا في بعض القضايا الأخرى، و في هذه الحالة نحسب أن مردّ هذا التراجع يعود لكون كل هيئة واقعية، في بلد نامي، تناهض تفشي الرشوة و نهب مال الشعب، لابد و أن تراعي المراحل السياسية التي يجب تجاوزها بذكاء حتى لا تعرض نفسها إلى التهلكة مما لن يخدم أبدا مصلحة البلاد و العباد.
الآراء تختلف، و لابد لها أن تختلف. لا شك و أن هناك من يدفع بأن الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب تمارس السياسة عن دراية، كما أن لا شك في أن هناك من يجزم بأنها تمارس السياسة من حيث لا تدري... لا يهم، ما دامت كل الطرق تؤذي إلى روما... المهم هو الثبات عند الخطوط الحمراء و المبادئ الكبرى التي تضخّ بلا حساب في نفوس الشرفاء العزيمة و الإرادة لخوض كل المعارك حماية لمال الشعب.
لقد كانت للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب انطلاقة قوية بإثارتها لعدة قضايا، في غاية الأهمية، لها علاقة بالرشوة و بنهب مال الشعب، مما جعل تجربتها الطيبة تتخطى الحدود الوطنية و مما جعل صوتها يعبر البحار في اتجاه الشمال. ازداد إذا حجم الهيئة و بالتالي ازدادت التزاماتها فمسؤوليتها و مسؤولياتها...
إن المواطنين العاديين، -و أنا منهم-، يعرفون تمام المعرفة أن الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب لا تخفى عنها التطورات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية الرائجة في الجرائد المحترمة و الصحف و الإعلام، و لا تتردد في إصدار البيانات و البلاغات، و عقد الندوات و الوقفات، و تنظيم اللقاءات الصحافية لتقديم التوضيحات القانونية في شأن كل ما له صلة، من قريب أو من بعيد، بالرشوة و نهب مال الشعب، و كثيرا ما تكون الهيئة هي السباقة في إثارة ملفات الفساد و تقديم الأدلة و الحجج و المستندات، آملة في أن توجّه تهم الرشوة أو نهب مال الناس، أو تهم نهب المال العام و هو مال الشعب، لكل من يستحقها، من طرف الجهات القضائية المختصة.
السيد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب،
لقد ارتضى المغاربة بالملكية حكما و حاكما يترجم إرادة المجتمع إلى أرض الواقع. و أما المجتمع فهو مع الحق و التبات عليه، و كذلك هو موقف الشعب الذي يقف مع كل من يقول كلمة حق أولا و قبل كل شيء، و ثمة جوهر و كنه المصداقية التي لا بد و أن تنالها كل جمعية حقوقية محترمة من المجتمع المدني كحال الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب.
يا ما دافعت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب على فاضحي الفساد الذين واجهوا الرشوة و نهب المال العام و كان مصيرهم العقاب الشديد، و يا ما دافعت الهيئة الوطنية على المطالب المشروعة لضحايا فضح الرشوة و نهب مال الشعب، و كان ما كان من انتصارات و انتصارات جزئية تحسب للهيئة الوطنية و لكل شرفاء الوطن.
و سيبقى باب الأمل مفتوحا إن شاء الله في الوصول إلى المبتغى، ألا و هو ترسيخ الحق في العمل في سبيل الوطن حقا و حقيقة، لكل مستخدم أو عامل أو موظف شريف نزيه، -كل من موقعه-، لا يرضى لنفسه و لوطنه الانحناء أمام أمواج الفساد العالية و تقبّل استئسادها بالباطل. إنما الشرفاء لا بد و أن يتواجدوا في الخطوط الأمامية عند انطلاق كل المعارك ضد الفساد و نهب المال العام، فإن هم أدبروا و تولّوا هلك الوطن لا محالة.
السيد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب،
المغرب صاحب قضية. المغرب صاحب حق ساطع واضح وضوح الشمس لا يجادل فيه سوى جاهل أو حاقد حاسد. الصحراء المغربية في مغربها و المغرب في صحرائه. و لكن المغرب يحتاج إلى مساندة الرأي العام الدولي و شعوب الدول الأخرى، و هذا ما تأتى له إلى حد ما، ولكن يمكن أن يتأتّى له ذلك بشكل أكبر و أوسع إذا انخرط شرفاء العالم في التعريف بعدالة قضيتنا الوطنية، بالمجان، بكل الوفاء و الإخلاص الضروري لنصرة الحق.
و ها نحن اليوم نحتفل بذكرى المسيرة الخضراء، و هي مسيرة فعلية مكنتنا من استرجاع صحرائنا المغربية، و نتمنى أن تستمر المسيرة الحقوقية، كمسيرة للمغرب و المغاربة لنصرة الحق و القضايا العادلة في كوكب الأرض. لقد استرجع المغرب و المغاربة الصحراء المغربية لأن الشعب المغربي الأبي، -و إن كان صبورا حكيما متزنا مرنا...-، لا يقبل أبدا بالظلم في تجلياته العظمى التي تقفل نهائيا باب الأمل في الوصول إلى نور الحق و العدل و العدالة.
لقد تزامنت هذه السنة ذكرى المسيرة الخضراء مع حلول يوم فاتح محرم، و هو يوم عظيم أغلقت فيه كل الخمّارات مما أسعد مرتدي الحانات أنفسهم احتراما و تقديرا لإسلامية الدولة الديمقراطية، و تعظيما لهذا اليوم العظيم، يوم تأمّل فيه الجميع بخشوع لكل قضايا الوطن و الدين.
تزامنت إذا ذكرى المسيرة الخضراء الإسلامية مع فاتح محرم العظيم في بشارة تعد المغرب و المغاربة بخير كثير، بشارة ستمكن، -إن شاء الله أولا ثم بفضل الشرفاء في الإدارة و خارجها-، كل من انتزعت منه مهنته ظلما لأنه فضح الفساد أو الرشوة و نهب المال العام، و ما إلى ذلك، من استرجاع حقوقه كاملة غير منقوصة، بشارة ستمكن، -إن شاء الله أولا ثم بفضل الشرفاء في الإدارة و خارجها-، من وضع حد للمتابعات القضائية ضد كل من فضح التلاعب بالمال العام و الاستفادة منه دون موجب حق، بشارة ستمكن، -إن شاء الله أولا ثم بفضل الشرفاء في الإدارة و خارجها-، المغرب من الالتحاق بالركب الحضاري، و هو التحاق يبدو وشيكا بالنسبة للمغرب شريطة الثبات على الحق و الالتزام بنصرة كل القضايا العادلة من طرف جميع الفعاليات المغربية لاستكمال المسيرة الحقوقية التي يغبطنا عليها البعض إلى حد محاولة عرقلتها.
السيد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب،
اسمحوا لي بالتأكيد على ثلاثة فقرات أساسية مما جاء أعلاه:
"لقد كانت للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب انطلاقة قوية بإثارتها لعدة قضايا، في غاية الأهمية، لها علاقة بالرشوة و بنهب مال الشعب، مما جعل تجربتها الطيبة تتخطى الحدود الوطنية و مما جعل صوتها يعبر البحار في اتجاه الشمال. ازداد إذا حجم الهيئة و بالتالي ازدادت التزاماتها فمسؤوليتها و مسؤولياتها..."
" لقد ارتضى المغاربة بالملكية حكم و حاكما يترجم إرادة المجتمع إلى أرض الواقع. و أما المجتمع فهو مع الحق و التبات عليه، و كذلك هو موقف الشعب الذي يقف مع كل من يقول كلمة حق أولا و قبل كل شيء، و ثمة كنه و جوهر المصداقية التي لا بد و أن تنالها كل جمعية حقوقية محترمة من المجتمع المدني كحال الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب."
"يا ما دافعت الهيئة الوطنية على فاضحي الفساد الذين واجهوا الرشوة و نهب المال العام و كان مصيرهم العقاب الشديد، و يا ما دافعت الهيئة الوطنية على المطالب المشروعة لضحايا فضح الرشوة و نهب مال الشعب، و كان ما كان من انتصارات و انتصارات جزئية تحسب للهيئة الوطنية و لكل شرفاء الوطن."
السيد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب،
لقد تم الانقلاب على رئيس مصر محمد مرسي منذ بضعة شهور.
و اليوم، 6 نونبر 2013، نقرأ في الصحافة المغربية أن رئيس مصر تم إخفاؤه، و احتجز في مكان مجهول، ثم نصبت له محاكمة لا تمت بصلة للقواعد الخاصة بالقضاء. و نقرأ اليوم أيضا، في نفس الصحافة المغربية، أن منظمة العفو الدولية (آمنستي) لم تدن المحاكمة تلك لأول رئيس مدني مصري -فاز في انتخابات ديمقراطية رئاسية نزيهة و شفافة-. فيا للعجب.
و لكن لا تهم "آمنستي" بقدر ما تهم الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، لأن لا يخفى على أحد في العالم اليوم على أن الرئيس محمد مرسي عدو لذود للرشوة، و عدو لذود لنهب المال العام. و أما عدو الرشوة و نهب المال العام، فلا يمكن إلا أن يكون حليفا استراتيجيا للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، ناهيك عن خصال نفس الهيئة التي لا تقبل الظلم و العبث بالديمقراطية، و التي تدافع عن الحق بكل تجرد و موضوعية.
يومه، 6 نونبر 2013، نقرأ في الصحافة المغربية أيضا بعض ما قاله الرئيس محمد مرسي في المحكمة التي نصبت له ظلما و عدوانا :
" ...ما يحدث ضربة في مصر و يقلب كل الموازين المؤسسية، فما معنى المؤسسية:...التشريع.. نحن في حالة انقلاب... ما يحدث الآن صراع بيننا و بين إسرائيل..متى تعود مصر مرة أخرى لتحمي السلطات الثلاث.. نريد أن ننتج غذاءنا و دواءنا و سلاحنا..لكن طالما هناك توتر في مصر فهذا يصب في صالح إسرائيل.."
نعم، فالسؤال هو هل كانت إسرائيل لتترك مصر تتقدم و تزدهر...؟ و أما السبيل للتقدم و الازدهار فهو طبعا التخلص من النهب المسترسل للمال العام و تبذيره، و التخلص من ظاهرة تفشي الرشوة على مستويات عدة عديدة كثيرة.
السيد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب،
الوضعية كالتالي:
لا محاربة لنهب المال العام بدون مساءلة و بدون محاسبة منصفة عادلة، و أما إن سكت الجميع عن اختطاف، و سجن، و طرد، و معاقبة، و تهميش، كل موظف نزيه أراد محاسبة المرتشين و ناهبي المال العام في إطار اختصاصاته، و من موقعه كمسؤول في إدارة من الإدارات العمومية، أو في جهاز السلطة القضائية، فتلك مصيبة.
و أما و إذ تم الانقلاب على الرئيس الديمقراطي الشرعي و الصادق لدولة إسلامية شقيقة أراد لبلده الخروج من ذل التبعية لمعانقة العزة، و الكرامة، و الحرية، و التقدم، و الازدهار، و ذلك بالحد من الرشوة و نهب المال العام بإيمان صادق، بدءا بإصلاح القضاء و كافة القطاعات المعطوبة، وأن يسكت الجميع في هوان مريب، فثمة الكارثة و المصيبة العظمى، ليس بالنسبة لمصر وحدها، و لكن بالنسبة للمغرب و المغاربة أيضا، و لاسيما و أن المغرب و المغاربة يفتخرون -عن حق إن شاء الله- بجمعياتهم المدنية و هيئاتهم الحقوقية المتقدمة نسبيا على أقرانها في العديد من البلدان النامية.
السيد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب،
إن مساندة الرئيس المصري محمد مرسي لمساندة لكل الشرفاء من مناهضي الرشوة، و نهب المال العام، و فاضحي الفساد في كل أنحاء العالم عامة، و في كل البلدان النامية خاصة، و في المغرب أيضا بطبيعة الحال.
و بالتالي، فمساندة الرئيس محمد مرسي، بلا قيد و لا شرط، تدخل في صميم اختصاصات الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، إلى أن يتم إطلاق سراحه و إعادته إلى منصبه ليتابع عمله كرئيس لدولة مصر يحارب الرشوة و نهب المال العام حسب الاستطاعة، و ما مساندته سوى مساندة للديمقراطية و لنزاهة الانتخابات و شفافيتها التي قلّما وجدت في الدول النامية.
السيد رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب،
الملتمس إذا واضح المعالم:
مساندة الرئيس محمد مرسي بالاستماتة المعروفة لدى الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، حتى تنتصر الديمقراطية و يعود الرئيس الشرعي إلى منصبه، و حتى لا يتكرر ما وقع من وأد للديمقراطية في الجزائر الشقيقة في تسعينات القرن الماضي، مما أوصل هذا البلد الشقيق إلى ما وصل إليه اليوم من هوان و أوضاع حقوقية مؤسفة للغاية، بما فيها انعدام الحرية و الكرامة و تفشي ظاهرة سوء التغذية رغم عائدات النفط و الغاز التي لا تحصى و لا تعد.
مع كامل التقدير و الاحترام. و السلام.
قضية الرئيس محمد مرسي قضية المغرب و المغاربة
اخبار الساعة - يونس فنيش