بسم الله الرحمن الرحيم
{وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}
الحمد لله رب العالمين القائل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا } [آل عمران: 103] ونصلى ونسلم على سيدنا نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم القائل: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ شَيْءٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)
وبعد:
فتنة وعقاب لا مفرَّ منه:
قال تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: 49، 50],
فيفهم من هاتين الآيتين أن هذا خطاب للأمة بالحذر من أن يفتنهم الناس عن التمسك ببعض ما أنزل الله من دين وهدى وشريعة وأحكام؛ لأن المقصود بالخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم هو خطاب لأمته, والتحذير له هو تحذير لأمته لأنه معصوم من الخطأ, كقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65] فالخطاب لأمته وليس له فهو كما يقول البلاغيون تعريض بلاغي.
ـ من يُصِّر على أن يتنازل عن بعض أحكام الشريعة فإن الله يعلن له وللناس أنه سيعاقبه في الدنيا قبل الآخرة بسبب تنازله عن بعض أحكام الله, الذي لا يقدم عليه إلا الفاسقون كما في الآية, وقد بيَّن الله أن بني إسرائيل قد وقعوا في الكفر بسبب إيمانهم ببعض الكتاب وكفرهم بالبعض الآخر, كما قال تعالى: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 85]
إعراض ونفاق:
ـ كما بيَّن الله أن من يصد عن الدعوة إلى التحاكم إلى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يقع في النفاق قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: 61]
وإن الذين يصرون على إزالة المواد الدستورية المتعلقة بديننا الإسلامي وشريعتنا الإسلامية, ويطالبون بإلغائها أو تعديلها, أو الانتقاص منها يقعون تحت طائلة هذه الآية الكريمة, ويتجلى ذلك في موقف الذين يصرون على إلغاء ما نصت عليه المادة الثالثة في الدستور النافذ من أن الشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات, وهذا نص يفيد العموم, لأن لفظ جميع من أصرح أدوات العموم, والاحتمال منفي فيها قطعاً,كما يقال (حضر جميع الأعضاء في مجلس النواب) فهذه العبارة تدل على أنه لم يتغيب أحد, وهي تختلف عن عبارة (حضر الأعضاء مجلس النواب) فإنها تحتمل تغيب بعض الأعضاء وهكذا يريدون أن ينزعوا من الدستور الإقرار بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد وأن الحكم لله وحده وأن يجعلوا معه شريكاً في الحكم وهو القائل: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا } [الكهف: 26] وأن يجعلوا لله أنداداً في عبادة التحاكم إليه وحده كما قال تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [يوسف: 40] وذلك يفتح الباب لتقرير مصادر أخرى للتشريع غير شريعة الله وحكمه.
وقد بيَّن هؤلاء المطالبون بتغير المادة الثالثة الشريك الذي يريدون لله في الحكم فطالبوا بأن تكون الاتفاقيات والعهود والأعراف الدولية التي لا تلتزم بالإسلام ولا بشريعته وتبيح كثيرا مما حرمه الله وتحرم كثيرا مما أحله الله مهيمنة على أحكام شريعتنا الإسلامية النافذة في بلادنا, وطالبوا بتطويعها لتكون متوافقة مع تلك التشريعات الدولية, ومثل هذا العمل فضلاً عن كونه مخالفة لديننا وسببا ًلضلالنا فانه يمثل اعتداء على سيادتنا وتدخلا ًفي شؤوننا الداخلية الأمر الذي تأباه كل دولة في العالم تحترم سيادتها واستقلالها.
وثيقة تمزيق ووصاية
ـ وقد كان علماء اليمن يحذرون من طريقة تكوين مؤتمر الحوار, وقيامه تحت وصاية لدول أجنبية, حريصة لتحقيق أهدافها, وفرض مفاهيمها وثقافتها التي تتعارض مع ديننا وثقافتنا وقيمنا, ففاجئنا المبعوث الدولي باتفاقية تدمر عقيدتنا وشريعتنا كما تدمر وحدتنا وتمزق وطننا, وتلزم أعضاء المؤتمر بالتوقيع على مطالبة مجلس الأمن والأمم المتحدة, ودول الاتحاد الأوروبي ودول الجامعة العربية, وغيرها من الدول بالتدخل في شؤوننا, وفرض الوصاية علينا عن طريق مطالبتها بالإشراف والمتابعة والضمان لتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني, والتي أولها هذه الوثيقة التي تصدى لها علماء اليمن, وبينوا ما فيها من مخاطر في بيان نشروه, فجزاهم الله عنا وعن شعبنا وأمتنا خير الجزاء.
مخرجات الحوار انقلاب على الثوابت الدينية والوطنية
ـ كما تضمنت مخرجات الحوار الوطني بفرقه التسع مقررات تمثل انقلاباً مقنعاً ناعماً على ديننا ومقومات وجودنا وثوابتنا ووحدتنا وأمننا واستقرارنا وتمزيقنا أرضاً وشعباً, وتحطيم أخلاقنا وإفساد بيوتنا, وتدمير أسرنا, وسيكون للعلماء بإذن الله بيان يجلي كلما أشرت إليه بالإجمال.
ومن أراد أن يعرف حقيقة معرفة الحوار الوطني فيطلع على صحيفة الفضيلة على الرابط التالي:
http://www.gulfup.com/?uvn1cJ
ما هو المطلوب؟
المطلوب من الرئيس:
ـ نطلب من رئيس الجمهورية ألا يتورط في اتخاذ قرارات باسمنا تنقض شريعتنا أو تمزق وحدتنا, أو تدعو لفرض الوصاية الأجنبية علينا أو تخل بمصالحنا وثرواتنا وخيراتنا, ونذكره بالقسم الذي أداه إثر انتخابنا له ونطالبه بالالتزام به, وأن يحافظ على هذا الدستور وألا يسمح بالعبث به, وألا يقبل أي تعديل له إلا بالطريقة التي أقرها الدستور نفسه في تعديل مواده حذفا أو إضافة, كما نطالبه بتنفيذ ما التزم به لعلماء اليمن ومشايخ قبائلهم من أنه لن يقبل أي مصدر تشريع غير الشريعة الإسلامية, ولن يقبل بأي تشريع أو اتفاقيات دولية تعارض شريعتنا وديننا.
المطلوب من الحكومة:
كما نطالب الحكومة ورئيسها بما طالبنا به رئيس الجمهورية وبما التزم به.
المطلوب من القادة والمسئولين:
ونطالب جميع المسئولين من جميع قادة البلاد مدنين وعسكريين الذين أدَّوا اليمين الدستورية بأن لا يحنثوا في يمينهم.
المطلوب من مجلس النواب:
ونطالب مجلس النواب الذي انتخبه الشعب أن يقوم بواجبه في مراقبة السلطة التنفيذية والتعبير عن إرادة الشعب, ومسائلة المسئولين عن أي خروج عن الدين أو الدستور أو القانون أو تبني أي سياسة تخل باستقلالنا ووحدتنا وأمننا واستقرارنا فهو نائب عن الشعب وهذا واجبه الأول ويسأل عنه بين يدي الله كما سيسأل عنه أمام شعبه, وأمام التاريخ.
المطلوب من أهل اليمن:
ـ ونطالب من كل يمني غيور على دينه ووطنه فردا أو جماعة أو تنظيما أو قبيلة أو حزبا أو أي تكوين من المكونات أن يرفع صوته بالاستنكار والتبرؤ من وثيقة المبعوث ألأممي جمال بن عمر ومن مخرجات الحوار الوطني بالطرق السليمة المشروعة, كما نطالب من كل غيور على دينه ووطنه وقيمه ومثله ومستقبله وخيرات بلاده, وحريته واستقلاله أن يعلن براءته من هذه الوثيقة, ومخرجات هذا الحوار الذي لا يمثل الشعب, ولا يحق له ذلك؛ لأنه لم يأتي عن طريق انتخابات ولا منحه الشعب تفويضا أن يصدر باسمنا ما يضرنا, ويتبنى باسمنا استدعاء الهيمنة الأجنبية والخضوع للاستعمار الجديد كما سبق البيان.
المطلوب من جميع أبناء اليمن حكاماً ومحكومين:
ونطلب من جميع أبناء اليمن حكاما ومحكومين أن يوحدوا صفوهم ويجمعوا كلمتهم ولا يستجيبوا لدواعي الفرقة والنزاع وأن يرجعوا في نزاع يقع بينهم إلى تحكيم شرع الله كما تعالى : {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59]
ونسال الله أن يحفظ لنا ديننا ويصلح دينانا ويحفظ علينا أخوتنا ووحدتنا وسيادتنا واستقلالنا في بلادنا
والحمد لله رب العالمين,,,
أخوكم: رئيس هيئة علماء اليمن
الشيخ/ عبد المجيد بن عزيز الزنداني
صنعاء ـ الخميس: 16/3/1435هـ الموافق: 17/1/2014م
بيان عاجل من الشيخ عبد المجيد الزنداني للشعب اليمني
اخبار الساعة - محمد العمراني