أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

برد في مدينة تشيخ

- *صقر عبدالله ابوحسن

البرد القارص في صنعاء , يجعلني دائما اتذكر دفئ عيونك عندما تحتمي بها اطرافي , وتدثرها بكحل رمشك , تحتوني كطفل خرج للتوا من حمام ساخن , يذكرني البرد بتفاصيل جميلة في حياتي .. هدى : اتذكر اناملك وهي تلمس اطرف اصابعي لتخلق فيها الدفء , كنتي مصدر كل شئي دفئ , وما زلتي .. هذه الليلية من منتصف شهر يناير , احن الى ابتسامك , كما احن تماما الى رائحة اغطيتك.

هدى : يدثرني الان , صوتك الذي اختزل في ذاكرتي , وجعل منها مسرح مظلم سلطت الاضواء الى مقدمة المسرح , انتي المسرح وأنتي الضوء .. يخترق صوتك كل ومضات صمتي , وجهك وحده يجعل من هذا الليل جميل , وممتع , ويوحي بالتفاؤل , ويتحول الى انتظار لذيذ لصباح مشرق.

هدى : كنت اقاسم معك البرد ونكون اقويا ونحن نصمد امامة ..  كنتي مصدر كبير لقوتي تلك. الان اشعر برد بدونك , واستطاع ان يهزمني , ويخلق مني جندي ضعيف وهش فقد قوته في معركة ما.

هدي : انقيه وأنتي تشعلين ذاكرتي بأيام البكر للحب الكبير , عندما مررت من جوار محلي الصغير , كنت اشعر بالانتماء الى مكان اخر , واأم وجهي شطره بدون اكتراث للقادم , ايماني بالثورة كان يشبه تماما ايماني بالله عز وجل .. اعتنقت الحلم بالثورة والانتفاضة ضد الاصنام , ولم اتخيل اني في نشوة الانتصار بالنصر ..  سيجد حبك الى انتصاراتي طريقا لنكون طريقاً جديدا لثورة اخرى لابد ان تكتمل .. تتشابه الوجوه وملامح , لذا لم اعرفك . كنت ساذج في ان اجد في عيونك ذلك البوح والتعبير غير المفهومة.

هدى : كنتي ثورتي يومها , وكنت اقترب لعلي اجد الى قلبك سبيلاً , ولم اعرف ان الحب يبدأ يلملم شتات غربتنا عن بعض.

هدي : اتذكر جيداً ذلك الصباح البارد عندما اخترقت برودة الشارع , طيفك , وابتسامتك التي اخفيتها خلف الاسود , صدقيني الاسود يليق بك , ويجعل الضوء يتسرب من بين رموشك , الاسود يجعلك اكثر نوراً وبهاءً , اعرف اني هنا اناقض حديثي معك , ذات مساء ونحن تستمع الى سنفوانية البحر , لكن ان تعرف الحقيقة متأخرا خيرا من ان لا تعرفها ابداً .

هدى : هل تعرفين اني بدأت اغار ايضا من البرد , فقد يلتف حولك ... وأنا الذي يحتاج منك ان تطوقيه بيديك , ليشعر بالدفء وهو ينظر لى عيونك لينام طولاً اثر يوماً مطني... وصنعاء باردة , وعتيقة , وسيدة عصرية بدأت تشيخ , وساكنوها يشعرون دائما بالضجر , انا ايضا تملكني الضجر , واشتد بي البرد وحفرت يوميات هذه المدينة في ذاتي علامات الشيخوخة , فعلا يا هدى الاحلام ايضا تشيخ والمطوحات المعلقة تشعر بالضجر.

يجلدني الشوق الى غرفتنا الصغيرة و احلامنا التي لا تتجاوز ان يكون لنا احلام وأطفال , وبضع ابتسامات نتقاسمها دائماً ,, البرد يا هدى .. جميل ورائع ما دامت ذاكرتي طريه به .

هدى : افتش عنكي بين دفاتري و اجندتي اليومية لاكتشف انك حضارة مثل حضور الدواء لمريض هزمه المرض , او قولي مثل الهواء لشاب يتعلم السباحة .... وبين كلام الجميل هناك وحي يتصل الى قلبك , لا تشبه احاديث البشر , واللغة المتاحة لنا هي احرف العيون , عندما لا اجد طيفك يطوق مخيلتي اجد العالم ضدي وملامح الشوارع والظلام ضدي ,, يشعرني الزمن اني اقتال خيالي , وأنا مهزوم لا محالة , هدى : انتي تسافرين في اوردتي مثل دمي , ويسافر ظلك بعيدا ويتداخل بظلي , واشعر دائما بالسعادة حين يعترني قشعريرة حبك.

* saqr770@gmail.com 

Total time: 0.0415