أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

بنعمر في حوار ساخن: تعرضت للسب والشتم و لم أفكر يوماً بالانسحاب أو خشيت على حياتي، ولم أر في بلد آخر فبركة الأخبار مثل إعلام اليمن

- حاوره:علي محمد البشيري - محمــد محمـد إبراهيم

يصف المبعوث الأممي الدكتور جمال بنعمر الأمين العام المساعد بالأمانة العامة للأمم المتحدة والمستشار الخاص لأمينها العام، ومبعوثه إلى اليمن نجاح مؤتمر الحوار بالانجاز التاريخي، مشيرا إلى أن المخرجات تؤسس لمنظومة حكم جديدة تنهي الاستئثار بالسلطة والثروة.
ولا يخفي بن عمر تحيزه للشباب الذين يعود لهم الفضل في تحقيق انتصار كبير لليمن والمتمثل في بناء دولة مدنية حديثة والتي خرجوا من اجلها بصدور عارية .
في الحلقة الثانية والاخيرة يتحدث بنعمر عن دهاليز أكثر عمقاً عن جوهر التحديات التي واجهته في هذه التسوية.. فرغم ما تعرض له من صعوبات وحملات اعلامية إلا أنه بدا مُقْنعاً في طرحه ومتفائلاً جداً بمخرجات الحوار الوطني. مؤكداً أن مخرجات الحوار هي الحل الذي لا مفر لأي يمني من تنفيذها، معززاً ذلك بإشارته إلى استعداد مجلس الأمن الذي سيعقد اجتماعه في 28 من هذا الشهر، اتخاذ قرارات داعمة لمخرجات الحوار الوطني الشامل، وسيتخذ الاجراءات المناسبة تجاه كل من سيحاول عرقلة تنفيذ هذه المخرجات..
جمال بن عمر أيضاً اعتبر ما تحقق في إطار وثيقة حل القضية الجنوبية، مكسباً كبيراً للجنوبيين ولجميع اليمنيين، وانتصاراً لليمن لأنها تضمنت مصفوفة ومنظومة من المبادئ التي تكفل بناء دولة جديدة موحدة مبنية على سيادة القانون والديمقراطية والمواطنة المتساوية، مؤكدا أن القوى القبلية والدينية باستطاعتها أن تتحول إلى قوى مدنية مساهمة في مسارات التنمية، كما تتطرق في الحوار لبعض الجوانب التي تحكي قصته المهنية والانسانية في اليمن، ومواقف واجهته أثناء مهمة جمع أشتات الأطراف السياسية المتصارعة ..

# # هل تعتقدون أن اليمن قطعت شوطاً كبير في حل المعضلات التي تواجهها من خلال إقرار وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية وعدد من مخرجات الحوار؟
# هذا المؤتمر أسس لبناء دولة جديدة، دولة مدنية حديثة، دولة قوية، وهذا ما يتطلع إليه المواطن اليمني، هذا المؤتمر يؤسس لمجتمع عادل يضمن حقوق الإنسان وجميع الحقوق والحريات.. كذلك المخرجات تضمن بناء مجتمع آمن وتضع قواعد مجتمع سلمي ومزدهر، هذا هو ما توصلت إليه مخرجات الحوار الوطني.. هذا ما سماه الأخ رئيس الجمهورية "بناء منظومة حكم جديد".. هذه بداية عملية تغيير حقيقي في الحوكمة في اليمن.. فعندما ندرس عدداً كبيراً من التجارب الدولية وعدداً كبيراً من الحالات الانتقالية، أرى أن ما تحقق في اليمن عن طريق مؤتمر الحوار الوطني هو تأسيس لتغيير جذري من نظام فساد وظلم واستبداد واستئثار بالسلطة والثروة إلى مجتمع ويمن جديدين يضمنان الشراكة والمواطنة المتساوية والحوكمة الرشيدة، وهذا ما تم إنجازه، وهو أمر رائع يجب أن يفتخر به اليمنيون، وسيكون هذا قدوة ومثالاً لعدد من الدول الأخرى في المنطقة التي بدأت من الآن تدرس التجربة اليمنية، وقد زارتنا مجموعة من الشخصيات من ليبيا في اليمن لتدرس تجربة مؤتمر الحوار، واتصل بنا عدد كثير من الأطراف في دول أخرى.. أصبح اليمن من خلال تحقيق عملية نقل السلطة بشكل سلمي وعبر اتفاق سياسي تفاوضي مثالاً يقتدى به.

# # هل كانت وثيقة حلول وضمانات القضية الجنوبية الحل الأنسب لحل مشكلة اليمن وبالذات القضية الجنوبية.. ؟
# كان الاتفاق منذ البداية وفي إطار الآلية التنفيذية على ضرورة معالجة القضايا المستعصية ذات الطابع الوطني، ومنها القضية الجنوبية، خلال هذه المرحلة الانتقالية، وتم لأول مرة الاتفاق على هذه الصيغة، لأن البعض كان معترضاً عليها.. البعض كان معترضاً على وجود قضية اسمها القضية الجنوبية، البعض تحدّث عن مشاكل في محافظات جنوبية وشرقية وإلى آخره، لكن الصيغة الموجودة في الآلية التنفيذية واضحة أن هناك قضية اسمها قضية جنوبية يجب حلها حلاً عادلاً.. وعلى هذا الأساس كان أحد محاور مؤتمر الحوار الوطني القضية الجنوبية، وعملنا مع مختلف الأطراف على الدفع بجميع مكونات الحراك الجنوبي السلمي للمشاركة في مؤتمر الحوار، ولم يكن هناك أي سقف.. فمثلاً، طرحت أطراف في الحراك في ثاني جلسة برنامجها لحل القضية الجنوبية، ودافعت عن فكرة استعادة الدولة والاستقلال وفك الارتباط ولم ينسحب أحد من القاعة.. وكان هذا حقيقة موقفاً حضارياً لليمنيين أكدوا للعالم عبره أنهم يحترمون الرأي والرأي الآخر.. ولما بدأ الحوار الجدي حول القضية الجنوبية استبعدت رؤيتان، لأن الهدف كان يصبو إلى البحث عن توافق... مؤتمر الحوار الوطني كان البداية لمناقشة هذه القضية والخروج بحل عادل توافقي تفاوضي، وفي هذا السياق تم الاتفاق في فريق القضية الجنوبية على استبعاد خيار ما سمي بالدولة البسيطة، هذا لا يمكن أن يكون أساساً للتوافق، وكذلك من جهة أخرى تم التوافق على أن خيار استعادة الدولة والانفصال لا يمكن أن يؤسس لتوافق، وبدأ البحث عن حلول كلها تدور حول بناء هيكل جديد للدولة، وتم في نهاية المطاف التوافق على حلّ القضية الجنوبية في إطار معالجة آثار الماضي، لأن هناك اعترافاً من الجميع أن الجنوبيين عانوا من انتهاكات جسيمة، والتزم الجميع بحل القضية الجنوبية حلاً عادلاً في إطار دولة موحدة على أساس اتحادي ديمقراطي وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية، كان هذا هو الاتفاق، وهذا من أهم جوانب الوثيقة المتعلقة بالقضية الجنوبية. وتم الاتفاق على أن هذه الدولة الجديدة ستشكل قطيعة كاملة مع تاريخ الصراعات والاضطهاد وإساءة استخدام السلطة والتحكم بالثروة.. هذا أهم ما ورد في هذه الوثيقة وتم الاتفاق عليه بالتوافق.. وبعد هذا تم التفاوض ما بين الأطراف على عدد من المبادئ التي ستؤسس لبناء هذه الدولة.

# # وما تعليقكم على ما تسمية بعض القوى بوثيقة بنعمر ... ؟
# يشرفني أن يتم ربط هذه الوثيقة باسمي، لكن الحقيقة أنه تمت صياغتها في إطار اللجنة المصغرة لفريق القضية الجنوبية المعروفة أيضاً بلجنة 8+8، وتمت صياغة الوثيقة بشكل جماعي وبمساهمات ومشاركات واقتراحات من مختلف الأطراف.

# # - مقاطعاً - لكن هناك مخاوف يذهب أصحابها إلى أن الوثيقة ستؤسس لمشاكل أو لمستقبل ملغوم بالمشاكل السياسية والجهوية، خصوصا وثقافة اليمنيين لم تهيأ بما يكفي لتطبيق نظام فيدرالي أقاليمي..؟
# النقاش حول القضية الجنوبية كان معقداً، وقد حاول الجميع أن يحل مشكلتين، الأولى كيفية إيجاد حل عادل للقضية الجنوبية، والثانية هي تطلعات اليمنيين في أنحاء اليمن إلى نظام حكم جديد، وهيكل جديد للدولة، وشكل جديد لدولة جديدة ذات طبيعة اتحادية، يشكل قطيعة مع تاريخ الدولة التي اتسمت بالمركزية المفرطة منذ عقود في اليمن، وكذلك تقريب القرار من المواطنين وتمكينهم ومساعدتهم على حل مشاكلهم.. وهكذا تطلع الجميع في نقاشاتهم، وصولاً إلى الاتفاق على المبادىء العامة ووضع هيكل وعقد اجتماعي جديدين يُوصلان إلى دولة جديدة موحدة على أساس ديمقراطي يشكل قطيعة على الماضي.. وكل هذا ما تضمنته الوثيقة..

# # رغم أن الوثيقة أشارت إلى حل القضية الجنوبية في إطار الوحدة وبالرغم من إصدار هيئة رئاسة المؤتمر بأن حل القضية الجنوبية يأتي في إطار الوحدة، وبالرغم أيضا أن مجلس الأمن الدولي في قراراته التي أصدرها وفي نقاشاته أكد أيضا على وحدة اليمن.. إلا أن هناك بعض القوى مع الأسف تحاول دغدغة مشاعر بعض المواطنين بأن هذه الوثيقة بداية لتقسيم اليمن.. نريد منك رسالة تطمينية للمواطن بخصوص هذا الأمر.. ؟
# ثمة فقرات مختلفة من الوثيقة تؤكد على وحدة وسيادة واستقلال اليمن وسلامة أراضيه، والوثيقة تنتهي بالتزام رسمي، ويقول هذا الالتزام "يعلن الموقعون أدناه ثقتهم الكاملة بأن هذا الاتفاق يضمن تسوية عادلة وانعكاساً دقيقاً لفهمنا المشترك ونعتقد أن هذا الاتفاق يصب في مصلحة الشعب اليمني.. وعليه نلتزم احترام ودعم هذا الاتفاق بحسن نية ونظرة مستقبلية بهدف بناء دولة اليمن الاتحادية الديمقراطية الجديدة والحفاظ على وحدتها وسيادتها واستقلاليتها وسلامة أراضيها".. وهذا مُثْبَت بشكلٍ واضح في الوثيقة وليس هناك أي مجال للمغالطة.. الوثيقة من البداية إلى النهاية أسست لبناء دولة موحدة، دولة مبنية على الديمقراطية وسيادة القانون، ولم يكن هناك أي نقاش في صياغة الوثيقة على أية صيغة قد تهدد وحدة الجمهورية اليمنية الاتحادية، بل بالعكس تم التأكيد على هذا بشكل واضح.. هناك بعض الأطراف لأسباب سياسية وحزبية ضيقة قامت بحملة، تحاول إيهام اليمنيين على أن هذه الوثيقة ستهدد وحدة أمن اليمن، كانت هذه مغالطة، وكل من قرأ الوثيقة اتضح له أنها تؤسس لدولة موحدة ذات طبيعة اتحادية من أجل حل القضية الجنوبية وكذلك بناء شكل دولة يتناسب مع متطلبات القرن الواحد والعشرين ومتطلبات الديمقراطية والتنمية في اليمن وهذا هو ما اتفق عليه اليمنيون وبالإجماع.
محاربة الوثيقة

# # ما هو تفسيرك لتوقيع جميع القوى السياسية على الوثيقة وفي نفس الوقت ظهور بعض الأطراف في محاولة خلق مشاكل سواء في شمال الوطن أو جنوبه.. ؟
# واضح من خلال الإعلام أن بعض الأطراف حارب الوثيقة لدرجة أن البعض سماها: "وثيقة الخيانة" لكنه وقع عليها.. فكيف توقع على وثيقة ومن ثم تسميها وثيقة الخيانة..؟.. هذه الوثيقة تم التوافق عليها ما بين اليمنيين، وأظن أن هذا الاتفاق يؤسس لحل عادل للقضية الجنوبية.. يجب أن لا ننسى أن هناك احتقاناً في الجنوب، الذي حصلت فيه مظالم وانتهاكات، تتبعتها وتعرَّفتُ عليها منذ زيارتي الأولى لليمن، في إطار هذه المهمة في إبريل 2011م، وإلى الآن اضحت لي الصورة أكثر، حجم المظالم كان أكبر مما كنت أتصور.. ولدينا جميع الأدلة المتعلقة بتلك المظالم، نهب الأراضي، التمييز ضد الجنوبيين.. يجب أن لا ننسى أن النظام السابق خلق وضعاً جعل الناس في الجنوب يكرهون الوحدة، وأصبحوا يتحمسون لفكرة الانفصال واستعادة الدولة، وكان من الضرورة إيجاد صيغة حل تمتص هذا الاحتقان، وهذا ما تحقق في اليمن، حيث اجمعت القوى السياسية على أنه فعلا كانت هناك مظالم، واعترف الجميع بهذا، وبحث الجميع عن صيغة لبناء دولة جديدة موحدة في إطارها يتم حل القضية الجنوبية.. وأظن أن الصيغة التي توصلت إليها هذه الأطراف لم تكن بالأمر السهل طبعاً، لأن هذا الحوار كان يجمع أطرافاً كثيرة، هناك أنصار الله، ومجموعات من الحوار تدافع عن تقرير المصير واستعادة الدولة، وكانت هناك آراء ترفض الاعتراف بشيء اسمه الجنوب، حتى تسمية الجنوب كانت ترفضها، كذلك كانت هناك أطراف لها رؤى مختلفة.. وهنا أثني على الجهود المخلصة والبناءة التي أدت باليمنيين بجميع اتجاهاتهم إلى الاتفاق، والصيغة الموفقة التي تضمن شراكة حقيقية للجنوبيين في السلطة والثروة..
عهد وحدوي

# # هل تعتقد أن هذا الاتفاق سيفضي إلى عهد وحدوي جديد يكون الجنوب فيه شريكاً فاعلاً في الدولة الاتحادية الجديدة.. ؟
# ما تحقق في إطار وثيقة حل القضية الجنوبية، مكسب كبير للجنوبيين ولجميع اليمنيين، وانتصار لليمن، لأنها تضمنت مصفوفة ومنظومة من المبادئ التي تكفل بناء دولة جديدة موحدة مبنية على سيادة القانون والديمقراطية والمواطنة المتساوية، وهناك بند خاص ركَّز على مسألة المواطنة المتساوية، كذلك هناك إنصاف للجنوبيين وتعهُد كذلك من الجميع ببناء هيكل جديد للدولة، لا يضمن فقط الاستجابة لتطلعات اليمنيين في التغيير، بل وتطلعاتهم في دولة حديثة تقرب القرار من المواطن وتشكل قطيعة مع ماضي الاستبداد والاستئثار بالسلطة.. كذلك يجب أن لا ننسى أن هذه الوثيقة هي مجموعة مبادئ، ليست دستوراً، وليست قوانين مفصلة، لأن العملية وكما تم الاتفاق عليها في إطار مؤتمر الحوار الوطني، هي مجموعة مبادئ يبنى عليها الدستور، هناك مرحلة تالية هي مرحلة صياغة الدستور، سيتم من خلالها التفصيل في موضوع الاختصاصات والسلطات على المستوى الاتحادي، الأقاليم، والولايات.

تجربة اليمن
# # عودة أخرى إلى مجريات مؤتمر الحوار، وها هو قد نجح باختتامه.. هل يمكن استنساخ التجربة اليمنية للدول الشبيهة بأوضاع اليمن وبالذات دول الربيع العربي.. ؟
# لن أقول استنساخاً، بل ستستفيد الدول الأخرى من تجربة اليمن.. وقد طرُح عليَّ سؤال من قبل أحد الصحفيين "كيف سيؤثر الوضع في مصر الآن على اليمن.. ؟".. قلت: تاريخياً كان هناك تأثير مصري كبير على اليمن، والدليل أن هناك أحزاباً ناصرية وهذه حقائق تاريخية معروفة، وقلت هذه المرة قد تستفيد مصر من التجربة اليمنية، التي سيكون من المهم جداً الاستفادة منها.. وأظن أن عدداً كبيراً من المفكرين والسياسيين في دول عربية أخرى بدأوا البحث في كيفية وصول هذه القوى المتناحرة في مجتمع مسلح، إلى اتفاق سياسي، وكيف تم التوافق على هذه الترتيبات في عملية انتقالية، وكيف نجح اليمنيون في الإعداد لمؤتمر حوار وطني شامل، وخلال هذا المؤتمر تطور عدد من المواقف حتى داخل الأحزاب نفسها.. قبل مؤتمر الحوار الوطني كنت قد طرحت جملة من الأسئلة على عددٍ من الأحزاب: ما هو موقفكم من شكل الدولة والقضية الجنوبية ؟ لم يكن هناك وضوح، ولكن خلال مؤتمر الحوار الوطني كانت ثمة صراعات حتى داخل الأحزاب كلها حول هذه المواضيع، وهذا ما جعل الرؤية تتطور مع تطور الحوار في مؤتمر الحوار الوطني وتم التوافق على عدد من المخرجات..

القرارات الجمهورية
# # كان ثمة تحديات كثيرة تكتنف مسيرة الحوار الوطني.. لكن كانت هناك قرارات سياسية كانت شجاعة على صعيد حلحلة الملفات والقضايا العالقة في مسار التسوية السياسية.. إلى أي مدى نجحت القرارات السياسية التي أصدرها الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية في امتصاص الاحتقان السياسي داخل القوى المختلفة.. ؟
# الدرس الأول الذي يمكن أن تتعلمه الدول الأخرى من التجربة اليمنية، هو أن عملية حوار وطني تتطلب قيادة حكيمة، وقد لعب الرئيس عبدربه منصور هادي دوراً قيادياً في الدفع بعملية الحوار. طبعاً لأول مرّة في التاريخ يجتمع كل هذه الاتجاهات السياسية، التي تمتلك برامج سياسية مختلفة ومصالح مختلفة، والتوافق لم يكن سهلاً، والدور الذي لعبه الرئيس عبدربه منصور هادي وهيئة الرئاسة ككل كان دوراً جوهرياً مهماً جداً ساعد في تقدم مؤتمر الحوار الوطني.
ثانيا هذا الحوار لم يتم فقط في قاعة مغلقة، إذ صاحب هذا النقاش في المؤتمر حوار مجتمعي واسع، كون أن جلسات المؤتمر كلها يراها المواطنون على شاشات التلفزيون، ما خلق اهتماماً خاصاً جعل المواطن يهتم بالقضايا الوطنية ويفكر كذلك بصوت عال ويؤثر على المتحاورين. ولعبت منظمات المجتمع المدني والشباب والمرأة دوراً مهماً في هذا السياق.
القرارات التي اتخذها الرئيس عبدربه منصور هادي شجاعة ساعدت على إنجاح مؤتمر الحوار الوطني.. وأهم قرار هو قرار إعادة هيكلة الجيش.. وكان لقراراته تأييد شعبي واسع بالإضافة إلى قرارات أخرى خلقت جواً مناسباً جعل المتحاورين يرون أن مؤتمر الحوار الوطني محطة من محطات التغيير السلمي في اليمن.. وخلال المؤتمر كانت هناك خلافات وكان الرئيس عبدربه منصور هادي مرجعية لأنه الرئيس التوافقي الشرعي المنتخب وكان هناك إقبال كبير على صناديق الاقتراع وكان هذا بمثابة استفتاء في الحقيقة على اتفاق نقل السلطة، حيث عكس الإقبال الشديد على صناديق الاقتراع بدون شك اقتناع اليمنيين واليمنيات بأنه حان وقت التغيير وأنه لا رجعة إلى الماضي، وعلى هذا الأساس تم انتخاب الأخ عبدربه منصور هادي، وفعلا كانت هناك عراقيل داخل مؤتمر الحوار وصعوبات ومشاكل لكن تم تجاوزها ووصلنا الآن إلى نهاية مؤتمر الحوار وتم الاتفاق على مخرجات مهمة تؤسس لبناء الدولة اليمنية الجديدة.

# # لنتحدث بصراحة أكثر.. وسأنقل لك مخاوف بعض اليمنيين حول مدى تعثر تطبيق مخرجات الحوار الوطني وتكرار سيناريو 94م والمتمثل في وثيقة العهد والاتفاق التي وقعت عليها آنذك كافة القوى السياسية.. ما رأيك في مثل هذا الطرح.. ؟
# # هذه المخاوف طُرحت في إطار الحوار الذي تم في إطار اللجنة المصغرة لفريق القضية الجنوبية، لجنة 8 + 8 ، وفعلا ناقشنا وثيقة العهد والاتفاق وطرحتُ سؤالاً على المتحاورين "كيف يمكن أن نستفيد من تجربة وثيقة العهد والاتفاق.. ؟"، بمعنى لماذا لم تشكل حلاً ؟، لماذا تلا التوقيع على هذه الوثيقة حربا ؟ وكان هناك نقاش جِدِّي.. وأظن أن الظرف مختلف الآن.. أولاً هناك حوار وطني شامل، ثانياً هناك رغبة حقيقية للتقدم في عملية التغيير.. وعلى من يحلم بإعادة عجلة التغيير إلى الخلف، أن يدرك أنه لن يستطيع تحقيق هذا.. فعملية التغيير انطلقت وتقدمت، ولا رجعة إلى الماضي..
أيضاً الظرف الدولي الآن مختلف، هناك اجماع دولي داعمٌ لجهود الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يقود عملية التغيير، والمرحلة الانتقالية في اليمن، وهو دعم لا مثيل له في المنطقة، وعلى مستوى مجلس الأمن الذي يجتمع كل (60) يوماً تقريباً لتقويم تنفيذ بنود التسوية السياسية في اليمن، ومتابعة مدى تطبيق قرارات مجلس الأمن، وسيستمر مجلس الأمن يتحدث بصوت واحد لدعم عملية الانتقال السلمي، ومخرجات الحوار الوطني، واتخاذ أي إجراءات يراها مناسبة، إزاء أية عرقلة للجهود الرامية لإنجاح التسوية السياسية في اليمن.

# # هل ثمة ضمان واضح يكفل تطبيق مخرجات الحوار.. ؟
# أُولى هذه الضمانات الإرادة اليمنية التي عكسها التفاعل الصادق مع مجريات الحوار الوطني حتى نجاحه رغم كل التحديات، وثاني هذه الضمانات هو دعم الدول الراعية للمبادرة الخليجية، وثالثها مجلس الأمن الدولي، هذه الضمانات ستلتقي جميعها في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني الشامل، الذي حظي منذ البداية بمساندة ودعم المجتمع الدولي الذي يعتبر ما جرى في اليمن بمثابة تجربة فريدة من نوعها، للوصول الى الدولة الديمقراطية الجديدة، فجميع أعضاء مجلس الأمن يدعم التغيير السلمي في اليمن، وسيواصل دعمه للجهود اليمنية المخلصة الرامية إلى تنفيذ مخرجات الحوار وسيجتمع مجلس الأمن يوم 28 يناير، وسأقدم تقريراً حول ما تحقق في الحوار ومخرجاته..

# # هل تتوقع ان يصدر مجلس الأمن في الوقت القادم قرارات تدعم مخرجات الحوار .؟
# اعتقد أن مجلس الأمن الدولي في اجتماع 28 يناير سيتخذ ما يراه مناسباً من القرارات التي تحدد كيفية دعم مخرجات الحوار الوطني..

# # هل سيظل باب فرض العقوبات ضد أي طرف يحاول عرقلة مخرجات الحوار قائما في فترة ما بعد الحوار ؟
# مجلس الامن أصدر القرار 2051 ضد أية عملية أو عراقيل تهدد العملية السياسية في اليمن، وصدرت بيانات أخرى من المجلس، وهو مستعد لتنفيذ عقوبات ضد المفسدين والمعرقلين، وهناك إرادة اقليمية ودولية تساند اليمنيين للخروج باليمن من محنته..

# # كل هذه الاحترازات هل هي كافية لضمان تنفيذ كل مخرجات الحوار الوطني.. ؟ وما رأيكم في المدى الزمني لتنفيذ هذه المخرجات..؟
# ثقتي كبيرة أن هذا الشعب العريق الذي حقق عملية الانتقال والانجاز الذي لا مثيل له في المنطقة العربية، يمضي نحو الدولة المدنية الحديثة، وصيانة هذه المكاسب والدفع بعملية التغيير للمستقبل الأفضل الذي طمح اليه الشباب والشعب..
وبالنسبة للمدى الزمني للتطبيق، فمهمة التنفيذ أهم بكثير من عامل الزمن، وكان هناك نقاش مع مختلف الاطراف السياسية حول هذا الموضوع. ما اتفق عليه اليمنيون في مؤتمر الحوار هو مهام صعبة تتطّلب سنين طويلة، لكن اليمنيين استطاعوا انجازها في أشهر، الآن ستأتي محطة أخرى، هي انجاز صياغة دستور يمني جديد، بعد هذا سيكون التحدي التهيئة للانتخابات، وهذا يتطلب انجاز جوانب تقنية، وانجاز سجل انتخابي جديد، والاتفاق على قانون جديد، وبشكل عام تقدمت العملية السياسية بنجاح الحوار ولا يمكن أن تتم هذه المهام بحلول فبراير 2014 م لا بد من وقت كاف لانجازها، ولكن اتفق اليمنيون على ضرورة التقيد بجدول زمني حتى يتمكنوا من تطبيقها باحسن وجه واسرع وقت...

# # هل نفهم من هذا بأن نهاية الحوار بداية جديدة لمحطة ثانية من المرحلة الانتقالية تقتضي التمديد للرئيس هادي وحكومة الوفاق ومؤسسات الدولة ..؟
# مصطلح تمديد هو مغالطة، وأقول لكل من يحاول تضليل الشعب اليمني: لا داعي للديماغوجية .. وقد وضحت لليمنيين في الصحافة والاعلام أن هذه مغالطة كبيرة، فالمادة 24 من المبادرة الخليجية تؤكد أن ولاية الرئيس تنتهي عند انتخاب رئيس جديد، وقامت القيامة وشنت حملة ضدي لأني دافعت عن نص موجود في المبادرة بخصوص هذه الفكرة، رغم أنها من الدستور، وأكد مجلس الأمن على ذلك، وباختصار ما تم الاتفاق عليه، هي مرحلة انتقالية تنتهي عند انتهاء مهامها، في اطار جدول زمني وانتخابات جديدة، في أطر جديدة، رغم أن هذه المرحلة تأخرت بسبب العرقلة.. فاليمنيون يعرفون ما جرى عندما أعلن الرئيس هادي عن التعيينات العسكرية الأولى، بعد استلامه السلطة، حيث كانت هناك مقاومة شديدة، وتمرد على قرارات القائد الأعلى ورفض بعض الضباط من النظام السابق هذه القرارات، وعدم الامتثال لها، وكان الوضع خطيراً جداً، وكان اليمن على حافة الدخول في صراع مسلح ، فأي بلد في العالم يتم فيه رفض التسليم بقرار عسكري سيادي ويغلق المطار.. !! وهذا فقط مثال على أسباب تأخير العملية الانتقالية، والبطء في التوصل إلى توافق على خطة متكاملة لهذا الموضوع الحساس في ظل مقاومة من أفراد منتمين إلى النظام السابق.. ومثال آخر على عرقلة سير العملية السياسية هو اتفاق جميع الأطراف على انجاز العمل الفني التحضيري للحوار الوطني وبمدى زمني هو ستة أسابيع، لكن الظروف والعراقيل جعلت من المدى الزمني ستة اشهر، وتطلبت مجريات الحوار عشرة اشهر أيضاً.. ولهذا فإن الاتفاق المجمع عليه في مؤتمر الحوار الوطني يتركز على انهاء المهام الموقع عليها في المبادرة الخليجية وانجازها في أسرع وقتٍ، لكن ليس على حساب جودة الانجاز..

# # هل نفهم من هذا أن المرحلة المقبلة هي مرحلة أهداف تنتهي بتحقيق وإنجاز هذه الأهداف .. ؟
# نحن مازلنا في المرحلة الانتقالية، وما بعد المؤتمر سيكون انجاز وتنفيذ مخرجاته، فهناك وثيقة الآن تم الاتفاق عليها تفصّل كل الاليات التي وردت في الالية التنفيذية، ويجب التعاون من الاطراف السياسية كلها لتنفيذ ما تضمنته هذه الوثيقة...

# # مقاطعاً – لكن هناك قوى سياسية وقّعت على مخرجات الحوار وهي للأسف لا تزال تحمل السلاح وتدين بالولاء لرجال الدين والمشائخ دون الولاء لسيادة دولة القانون.. هل ترى أنه آن الأوان بأن تتحول الى قوة مدنية.. ؟ وهل انت متفائل بإمكانية تطبيق ذلك على ارض الواقع ؟
# مخرجات مؤتمر الحوار الوطني واضحة جدا لا تسمح بوجود دولة داخل دولة.. هناك فقط جمهورية يمنية اتحادية، دولة مؤسسات، دولة قانون اتفقت جميع القوى السياسية عليها كدولة قانون تفرض سيطرتها على جميع أنحاء اليمن، حان الوقت لانهاء القطاعات المسلحة، والالتزام بالقانون في اطار الدولة اليمنية الاتحادية التي بدأت عملية سياسية جديدة، تشارك فيها كل الاطراف السياسية.. صحيح أن اليمن مجتمع له خصوصيته، لكني مقتنع بأن القيادات القبلية يمكنها وبامكانها أن تتحول إلى قوة مدنية ذات اسهام مؤثر في البناء والتنمية، كما أن باستطاعتها ان تلعب دوراً رئيسياً وايجابياً للدفع بعملية التغيير في اليمن، هذه قيادات لها تاثير ولها وجود وكما لاحظنا منذ بداية عملية التغيير ساهم معظمها في الدفع بعملية التغيير السلمي، كما شارك أغلبها في مؤتمر الحوار الوطني، ومنهم عدد من الشخصيات القبلية ورجال الدين، وساهموا كذلك في صنع القرارات والمخرجات، ولاحظت في اليمن أمراً جيداً هو التعاون ما بين كل القوى السياسية والاحزاب والشباب والمرأة ومنظمات المجتمع المدني في الحوار الوطني وفي عملية التغيير الذي ينشده اليمنيون، كما يلعب رجال الدين والقبائل دوراً مهماً، ولكن يجب أن تتضافر كل الجهود وألا نغفل هذا الجانب فالمجتمع اليمني تقليدي قبلي.. نحن لدينا تواصل مع هذه القيادات.. وخلاصة القول: اليمنيون خلقوا مصطلحاً جديداً هو التوافق، سموا حكومتهم حكومة الوفاق، المبدأ الجديد الذي بني عليه مؤتمر الحوار، والتوافق الذي بنيت عليه لجنة التوفيق وبهذا اتضحت في اليمن ملامح تأسيس فكرة الديمقراطية والقانون، وهذا لن يتم ولن يكتمل الا بتضافر كل الجهود.. وعلى الجميع ان يدرك انه ليس من مصلحة اليمن ان يبقى سجين الماضي، يجب ان يبدأ الجميع صفحة جديدة، يجب ان يكون الجميع شريكاً في عملية التغيير المنشود، لان هذا ما يسعى اليه الشعب اليمني..

أوجه الدعم الدولي
# # ما هو وجه الدعم الذي يمكن ان تقدمه الأمم المتحدة لليمن في المرحلة المقبلة وبالذات مرحلة صياغة الدستور والسجل الانتخابي.... ؟
# دورنا في الأمم المتحدة هو مساندة اليمن في الانتقال السلمي للسلطة بعيداً عن الصراع والنزاعات المسلحة، من خلال تبني ما اتفق عليه اليمنيون سواء في المبادرة الخليجية أو ما تم الاتفاق عليه في مخرجات الحوار الوطني.. وما أود الاشارة إليه هو أن الأمم المتحدة هي الطرف الوحيد الذي ليست لديه مصلحة خاصة، فلا حدود لها مع اليمن، ولا شركات نفطية، ولا مصالح خاصة تنقب عن البترول وتتفاوض مع الحكومة من أجل ذلك، وليست لدينا طائرات من دون طيار، فاليمن جزء من الامم المتحدة ونعمل في اطار قرارات مجلس الامن، لانها واضحة، ونحن طرف له قيم واعراف ومبادئ لا نخرج عليها، وفي هذا السياق ندعم الجهود في هذه العملية التي يقودها اليمنيون، ونقدم الخبرات كلما طلب منا ذلك، فنحن منظمة دولية وخبرنا عدداً من المراحل الانتقالية في دول امريكا اللاتينية واوروبا واسيا.. ونريد أن يعرف اليمنيون الحل المناسب والاستفادة من تجارب اخرى.. صحيح أن لليمن تاريخه وعاداته وخصوصياته لكن خبراءنا قدموا تحليلات حتى يستفيد منها اليمنيون، وهناك اجماع أممي بالنسبة لنا، إذ سنبقى داعمين لمخرجات الحوار الوطني فلدينا منظمات انسانية ومنظمات تعمل في الجانب التنموي ومئات آلاف العاملين في الامم المتحدة، ولدينا خبراء من الشمال الى اقصى الجنوب يعملون في المجال الانساني..

# # دكتور جمال ألا ترى ان الدعم الدولي يقتصر على جانب الدعم السياسي دون التركيز على المناخ الاقتصادي والاجتماعي .. فما هي دعوتكم للدول المانحة إزاء الجانب التنموي والاقتصادي اليمني ؟
# منذ بداية العملية الانتقالية، بذلنا جهوداً من أجل حث جميع أصدقاء اليمن على دعم الجهود اليمنية في اعادة اعمار اليمن، وفي هذا السياق تم تنظيم مؤتمر اصدقاء اليمن في الرياض وتعهد الاشقاء بدعم الجانب الاقتصادي، واكبر دولة مانحة هي المملكة العربية السعودية، وأول دولة وفت بعهودها، وندعو بقية الدول إلى الايفاء بتلك التعهدات، لكن مسألة التنمية تتطلب جهوداً يمنية في الأمن ومكافحة الفساد وشفافية في تنفيذ المشاريع.. فالتخريب والهجمات المستمرة ضد البنى التحتية، تكلف الدولة خسائر كبيرة بمئات الملايين من الدولارات، وفي بلد فقير، يعيش ازمة انسانية.. ويجب الا ننسى ان نصف سكان اليمن تقريبا يعاني من سوء التغذية، والمخربون مستمرون في تنفيذ الهجمات على هذه المشاريع التنموية، خطوط الكهرباء، أنبوب النفط والغاز الخ.. ثانيا الاموال المنهوبة حان الوقت لليمنيين لتنفيذ ما اتفقوا عليه في الحوار الوطني لاسترجاع الاموال المنهوبة لهذا الشعب الذي يعاني من أزمةٍ تستفيد منها حفنة من المتنفذين.. وأعبر هنا عن سعادتي لتوافق مؤتمر الحوار الوطني على بنودٍ تقضي باسترجاع الأموال المنهوبة من الخارج، ويجب ألا ننسى أن هناك جهوداً وتعهدات دولية في طريقها للوفاء مع استقرار الاوضاع..

جوانب شخصية
# # دكتور جمال .. لو عدنا للجوانب الشخصية وازدياد الأزمة في اليمن واشتداد الصراع بين الأطراف اليمنية هل فكر بنعمر يوما بالانسحاب ؟
# لا.. أبداً.. نحن ملتزمون بقرار مجلس الأمن الدولي، ولعل هذه طبيعة الأمم المتحدة ومن يعمل في إطارها.. قرار مجلس الأمن دعا اليمنيين الى تسوية سياسية، مبنية على المبادرة الخليجية وعملية سياسية يقودها اليمنيون، وكنا على يقين بان اليمنيين قادرون على تجاوز المحنة، فهم شعب له تاريخ وحضارة، وأن القيادة السياسية قادرة على حل المشاكل وفق عملية سياسية.. صحيح كانت هناك صعوبات ولازلنا الى حد الان نواجه العديد من الصعوبات، ولكن رغم ذلك وبفضل ارادة اليمنيين وشجاعتهم تم الاتفاق السياسي على نقل السلطة وتذليل الصعوبات والعراقيل وانجز اليمنيون انجازاً عظيماً هو مؤتمر الحوار الوطني، ويجب الا ننسى ان اليمن له وضع خاص، فاليمن بلد له تاريخ وحضارة عريقة ومعروف بأنه مجتمع مدني، ذو احزاب سياسية عريقة، وقناعتي أن اليمنيين قادرون على بدء صفحة جديدة وبناء بلدهم بأيديهم

# # هل خشي جمال بنعمر على حياته في يوم من الأيام وهو يخوض جهود السلام في ذروة الصراع ؟
# الأقدار بيد الله.. ونحن في الأمم المتحدة تواجدنا في ذروة الصراعات والحروب في بلدان كثيرة، وتجربتي كلها في الامم المتحدة في بلدان حروب وصراعات أهلية، سبق لي أن عملت في بلدان مختلفة كانت في منها إبادة جماعية مثل رواندا وبوروندي وافغانستان والعراق، وفي اوضاع كانت أخطر مما هو عليه في اليمن عام 2011 لكن تعلمنا الكثير من هذه التجارب، خصوصاً الاصرار على مواصلة الجهود الانسانية التي ترسي السلام بين الأمم والشعوب..

# # هل تعرضت لموقف صعب خلال هذه المهمة المتعبة ؟
# الموقف صعب منذ البداية ولازال صعباً الى الان ولكن كما قلت: نحن طرف نعمل في اطار قانوني هو القانون الدولي وقرارات مجلس الامن ونقف كذلك على نفس المسافة من كل الاطراف، ليس للامم المتحدة مصالح. نحن فخورون باننا لسنا محايدين حين يتعلق الأمر بحقوق الإنسان، مثلا الامم المتحدة دائماً مـدافعة عن حقوق الانسان وحقوق المرأة ولهذا لا نقف مع من انتهك هذه الحقوق ولم يلتزم بالمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان، نحن طرف محايد فعلا ولكن له مبادئ واعراف ملتزم بها ويعمل ما هو متفق عليه من خلال قرارات مجلس الامن ولن تخيفنا أي تهديدات

# # هل تعرضت للتهديدات اثناء مهامك ؟
# طبعا تعرضنا للذم والقدح ومحاولات تشويه صورتنا لكن هذا لم ينل من عزيمتنا..
# #خلال فترة التسوية التي قضاها بنعمر في اليمن، ورغم جهوده الا انه تعرض لحملات إعلامية كبيرة، فهل تأثرت نفسيا في يوم من الايام ؟
# لا .. نحن في اطار مهمة حددها لنا مجلس الامن وهي متابعة المساعي الحميدة للأمين العام للامم المتحدة في اليمن لمساعدة اليمنيين على الخروج من الصراع، ونحن ملتزمون بما هو متفق عليه في قراري مجلس الامن، القرار الاول الذي دعا الى تسوية سياسية مبنية على المبادرة الخليجية، والقرار الثاني الذي حذر المعرقلين من مغبة عرقلة المرحلة الانتقالية.. وعملنا في هذا الاتجاه ودافعنا دفاعاً قوياً على تطبيق المبادرة الخليجية والآلية التنفيذية، ولهذا اراد البعض ان يوهم الشعب اليمني ان شرعية الرئيس هادي تنتهي في 2014 ، فواجهناهم رغم الحملة المسعورة التي قاموا بها، لم نتراجع، وبنفس الفكرة التي دافع عنها مجلس الامن والموجودة في بند 24 ، ولم ولن يسمح لأي عراقيل، وتم الاجماع على ضرورة انهاء ما تبقى من المرحلة الانتقالية والتاكيد على شرعية الرئيس المنتخب وان مدة الرئاسة تنتهي بانتخاب رئيس جديد.

# # يتهمك البعض بانك متحيز للشباب، ما ردك على ذلك ؟
# هذا شي اكيد، وافتخر بهذا، لأن الشباب هو فخر اليمن، فما وصلنا اليه الآن هو بفضل الشباب الذين خرجوا بصدور عارية مطالبين بالتغيير السلمي وبعهد جديد، والشعارات التي رفعوها تتطابق مع اعراف الامم المتحدة، لكننا اكدنا للشباب ان عملية التغيير لا بد ان تكون سلمية، ولا بد أن يكون الشباب طرفاً فاعلاً في العملية السياسية وسنبقى دائماً من الأوفياء لما وعدنا به، لتطلعات الشباب نحو التغيير وبناء الدولة المدنية الحديثة.

# # هل لبّت مخرجات الحوار تطلعات الشباب في التغيير ؟
# اعتقد ان الشباب في 2011 كانت تطلعاتهم تهدف في مجملها إلى عمل قطيعة مع الماضي بفتح صفحة جديدة ودولة مدنية حديثة. وهو ما أكدت عليه مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وبهذا فإن حركة الشباب في اليمن حققت انتصاراً كبيراً لليمن ككل، وماهو موجود في الوثيقة النهائية لمخرجات الحوا ر الوطني يعبر عن ذلك، فقد تضمنت الوثيقة مصفوفة من المبادئ تؤسس لحوكمة جديدة في اليمن وقطيعة مع دولة الظلم والاستبداد والاستئثار بالثروة والسلطة لصالح الاسرة والقبيلة، وما تحقق في اطار الحوار الوطني لم تعرفه اليمن ولم تعرفه المنطقة ككل، وسيكون مثالاً للشعوب العربية ممن لا تزال تعاني من الظلم والاستبداد والاستئثار بالسلطة وكما قلت ثقتي بان اليمنيين قادرون ان يكونوا مثالاً للانتقال السلمي للسلطة وللحوار والتأسيس لعقد جديد..

رسائل أخيرة
# # أخيرً دكتور جمال ما هي رسائلك للرئيس عبد ربه منصور هادي، والحكومة ،والقوى السياسية والشباب وعلماء الدين ؟ وكذلك للإعلام اليمن بمختلف توجهاته ..؟
# رسالتي لهادي هي رسالتي لحكومة الوفاق والقوى السياسية والشباب ولجميع اليمنيين انه بفضل القيادة الحكيمة للرئيس عبد ربه منصور هادي وبفضل جهود جميع القيادات السياسية المتعاونة حقق اليمن انجازاً تاريخياً رائعاً، وأسس لدولة اتحادية جديدة تشكل قطيعة مع ماضي الظلم والاستبداد، فهنيئاً للرئيس هادي ولليمنيين هذا الانجاز الوطني العظيم، وأقول لهم : تنتظركم مهام كبيرة وصعبة، لكني واثق بانكم قادورن على انجاز هذه المهام حتى يبقى اليمن نموذجاً..

وللإعلام أقول: لقد عملتُ في دول كثيرة لكني لم ار في أي بلد هذه الفبركة الكبيرة في الاخبار والكذب على الشعب، فأحياناً أرى بعض وسائل الإعلام الممول من الأموال المنهوبة، يقود حملة مسعورة على ما حققه اليمنيون في الفترة الانتقالية، حملة تريد ان توحي للمواطن بان هذا الرئيس والحكومة هما سبب هذا التدهور والتراكمات، الشعب اليمني لا يثق بهذا التهريج، الشعب اليمني قادر على فهم الحقيقة، والشعب اليمني ينتظر اداء اكبر من الحكومة تتوفر فيه الخدمات الاجتماعية والتنموية والامن، لكن في نفس الوقت واجه تحديات كبيرة منها الحزبية الضيقة التي نراها في بعض وسائل الاعلام المضللة والتي لا تخدم العملية السياسية..


اتمنى ان تعلم هذه الوسائل ان التضليل لن يخدم مصالح الوطن العليا واتمنى ان يساهم الاعلام كطرف ايجابي في العملية السياسية وفي تثقيف المواطن حتى يكون على علم بالحقيقة، وان يشارك مشاركة فعالة في العملية السياسية، يجب أن تبذل جهود كبيرة حتى يكون الإعلام مهنياً، وهناك جهود تبذل في هذا الإطار..

Total time: 0.063