اولا أهنيء وابارك للزميل السفير عبدالوهاب العمراني لاختيار كتابه الأخير المعنون ( رؤية يمنية في ادب الرحلات مشاهدات وانطباعات من الشرق والغرب ) في الموسوعة العالمية ، الى جانب اسمه شخصيا في صفحات اخرى ، ويعتبر هذا فخر لليمن والمثقفين وللدبلوماسية اليمنية باعتبار الكتاب يشكل موسوعة مصغرة لقضايا اجتماعية وسياسية وفكرية وثقافية وابعاد حضارية، ورغم قصر المدة لصدور هذا الكتاب إلا انه قد ترك إهتماما لافتا بين قرأ عرب ويمنيون رغم ان الكتاب لازال في في سنته الأولى ، إلا انه لقي له أصداء واسعة في أوساط المتابعين والمهتمين لهذا النوع من الأدب ، لقد نشرت مؤخرا مطلع العام الجاري الموسوعة العالمية نبذة عن هذا الكتاب واستطلعت ردود الافعال في الوسط الأدبي والقراء بصورة عامة ، ومعلوما بأن الموسوعة العالمية ( ويكبيديا) لا تنشر ملخص تعريفي لأي كتاب جديد أو حتى شخصية معروفة ولها تأثير اجتماعي او سياسي وغيره ، إلا بعد تحري وتدقيق كاملين ، فلجنة التحكيم للموسوعة العالمية قد أقرت مضمون الكتاب ومفرداته ، ومدى مطابقته للمعايير الأكاديمية من جهة وكذا فائدته في الوسط الثقافي ومدى تقبل القارئ له في عالم الثقافة والنشر في الوطن العربي ، لقد أبرزت الموسوعة في سياق سردها تفاصيل مفردات كتاب رؤية يمنية في أدب الرحلات وأشارت بأن هذا المؤلف قد تضمن الحد الأدنى من متطلبات تلك النوعية من الكتب فقد تضمن مناهج متعددة في آن واحد سوى من حيث أسلوب الكاتب، ومنهج الكتابة، والغرض من الكتابة، والجمهور الذي يتوجه إليه الكاتب.
وفي هذا السياق أشارت الموسوعة بأن فكرة الكتاب تعتمد على الجمع بين أسلوب السيرة الذاتية وأدب الرحلات إلى جانب الرؤية الاجتماعية والفكرية للمجتمعات التي وصفها المؤلف وهو بهذا يصبغ عليه بعداً ثقافيا وحضاريا ولاسيما وأنه في أكثر من محطة في مفرداته يتلمس القارئ البعد التاريخي إلى جانب سرد لملاحظات والمشاهدات للبلدان التي زارها مؤلف الكتاب سوى كان ذلك اثناء غربته الدراسية في جامعة بغداد اواخر السبعينيات او حياته العملية كدبلوماسي او كزائر بعيون الباحث العاشق للتاريخ وليس السائح العابر ، وهكذا فأن هذا الكتاب خلاصة رحلات لأكثر من ثلث قرن ، وحسب مقدمة الكاتب فقد ذكر بأنه قبل إخراجه الكتاب بهذه الصورة كان قد رجع لعدد كبير من أمهات كتب الرحلات في العصور والغابرة والمعاصرة ناهيك عن استناده لدوريات عربية ومقالات ومواد إعلامية عن تلك البلدان التي وصفها في كتابة ، ومما جاء في الموسوعة في هذا السياق « اللافت بأن الكتاب ليس محصورا في رصد رحلة الكاتب في عدد من البلدان بصيغة أدبية ، وإنما تضمن في مقدمته الطويلة طرفاً من التعمق في هذا النوع من الأدب كدراسة نظرية لأدب الرحلات عند العرب والمسلمين منذ أكثر من ألف عام مضت وهو بداية ظهور هذا الجنس من الأدب في التراث العربي الإسلامي . حيث يؤرخ الكاتب بداية هذا النوع من الأدب في التراث العربي الإسلامي منذ القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي وما يليه من أكثر القرون إنتاجًا لأدب الرحلات».
وتشير الموسوعة بأن الشئ المميز والجديد في هذا المؤلف بأنه تناول في مقدمته النظرية الطويلة و دور اليمنيين في أدب الرحلات فيذكر المؤلف العمراني بأنه رغم موقع اليمن الجغرافي المنعزل بين صحاري وبِحَار فإن ذلك لم يمنع دوره ومساهمته في الشأن الثقافي والفكري عبر العصور ومن ذلك أدب الرحلات فبقدر مكانة اليمن في أفئدة الغربيين والعرب لاكتشافهم هذا البلد بِقدر ما خرج منه رحّالة يمنيون جابوا الآفاق وساهموا بتدوين رحلاتهم ، ولعل الكثير ممن لايشدّهم أدب الرحلة من اليمنيين وغيرهم يجهلون إسهامات أعلام يمنيين مغمورين في إثراء المكتبة العربية من هذا النوع من الأدب
وقد وصف أديب اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح الكتاب بأنه ليس دراسة في أدب الرحلات فحسب لكنه فصل من فصول الرحلات المهمة التي حرصت على تقديم اجزاء عن هذا العالم عبر الانطباعات العميقة والمشاهدات المتأنية ، مظيفا بقوله في المقدمة التي كتبها المؤلف اكثر من اشارة إلى أهمية الترحال وإلى ضرورة أن يكون الرحالة واعياً لهدفه باحثاً في البلدان التي يزورها – كما يقول- عن القيمة والمعنى، وليس عن التسلية وشغل القارئ بالسطحي من الأمور، وهذا ما يؤكد أنه كان قد استعد لذلك بقراءة قائمة من كتب الرحلات القديم منها والحديث ليتمكن في رحلاته الشرقية والغربية من تمثل القيمة والمعنى لهذه الرحلات، وأعتقد أنه نجح إلى حدّ بعيد فجاءت رحلاته تحقيقاً لأهدافه ، كما جاءت لغة الكتاب بديعة تلقائية خالية من التكلف والتصنع يمكن للقارئ متابعتها بسلاسة ويسر، وكلما قطع جزءاً من الكتاب زاد شوقه إلى استكمال بقية الأجزاء. وبوصفي واحداً من أوائل قرائه أتمنى أن يواصل السفير عبدالوهاب العمراني كتاباته عن أسفاره الجديدة بالمستوى الأدبي الراقي وإخلاص الأديب المبدع.
في حين وصف الدكتور حميد العواضي وهو أكاديمي ومختص في علم اللسانيات وسفير سابق لليمن في اليونسكو في مقدمة الإصدار الثاني من هذا المؤلف واصفا الكتاب بالجهد المميز مشيرا إلى ان المكتبة اليمنية تفتقر لهذا النوع من الكتب مقارنة بمجمل محتويات المكتبة العربية ولعل المؤلف العمراني بكتابه هذا يعد أول مؤلف تناول بهذه الشمولية نطاقاً واسعاً من الدول والأماكن التي شملتها تلك المشاهدات أو في وصف أدب الرحلات كجانب نظري؛ حيث تضمنت مقدمة الكتاب طرفاً من تاريخ أدب الرحلات عند العرب وغيرهم منذ أقدم العصور وحتى عصرنا الحاضر . كما يحسب له أنه أوجز في هذا السياق دور اليمينين في هذا الجنس من الكتابة.
وتكمن أهمية الكتاب في نظر الدكتور العواضي في أنه قد نجح في أن يجمع بين المنزع التقريري والمنزع التفسيري من ناحية ، وبين الوجهة الأدبية والوجهة الإعلامية من ناحية ثانية ، كما جمع بين الملاحظة الفردية والرأي العام المشهور، والخاطرة المرتجلة والمعلومة الموثقة. وبالتالي فإن قراءة متأنية له تبوؤه موضعاً وسطاً بين أدب الرحلات والجغرافيا الثقافية والخواطر الذاتية. باعتبار أن الجغرافيا الثقافية تقربه من الاختصاص العلمي التقريري بما يتضمنه من معلومات فكرية وأدبية وفنية وتاريخية وسياسية واقتصادية وسياحية.