أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

وصايا رئيس مخلوع

- تيسير الغول
أنا الرئيس المخلوع الذي خلعني الشعب قبل أيام، نصيحة أوجهها الى كل حاكم ما زال على عرشه وملكه.

أقول لكم جميعاً: لا يغرّنكم الجنود والحشود والوفود كما غرّتني. لا تغتروا بما تملكونه من قبضة فولاذية على الناس، ولا يغرنّكم ما يأتيكم من تقارير أمنيّة تقول لكم إن الأمر بخير وإن الشعب مفزوع مقروع.

صدقوني فإنكم لن تبلغوا معشار ما كنت أملك من جبروت وتسلّط وقهر، كنت أعدم بالجملة وأقتل بالشبهة، أضع جاسوساً على كل جاسوس؛ فلم ينفعني كل ذلك، ففر الجاسوس ومن كان جاسوساً عليه، وبقيت وحدي أتخبط ندماً على ما اقترفت يداي. وها أنا ذا طريد أسير غريب لم تسعني الدنيا.

إياكم ثم إياكم أن تراهنوا على أمريكا و"إسرائيل" فها هم قد تخلّوا عني بطرفة عين وبسهولة لم أكن اتوقعها. وأنا الذي جوّعت شعبي لأجلهم، وأذللت أمتي وخذلت أهل فلسطين وقهرتهم وسلّطت عليهم الويل والثبور ليرضوا عني ويثبتوا ملكي ويرفعوا من شأني. فما هي إلا لحظات حتى انقلب سحري على رأسي وخرّبت بيتي بيدي. يا ليت لو أني لم افعل ما فعلت، يا ليت لو أني انحزت الى شعبي وبلدي ووطني وأمتي، يا ليت لو أني مت جائعاً شريفاً ولم أمت مقهوراً حزيناً على ما اقترفت جوارحي وما عملته يداي.

لعن الله زين العابدين، فهو السبب لكل ما حصل لنا؛ أما كان باستطاعته أن يصنع عربة من ذهب لذلك البوعزيزي بدل من أن يحطمها زبانيته؟ أما كان يعرف زين العابدين أن الأمة العربية تحمل نفس المشاعر ونفس الهموم وأن دواليب عجلة البوعزيزي سوف تتدحرج على صدورنا وتأخذنا في طريقها الى مزابل التاريخ؟.

أيها الحكام الباقون على عروشكم، لا تهملوا طفلاً رضيعاً ولا شيخاً كبيراً، إياكم أن تغفلوا عن آلام عجوز أو آهات جائع؛ فربما يكون ذلك سببا وجيها في اندثار حكمكم وزوال عروشكم التي تعتقدون أنها متينة.

لقد كنت أعتقد أن المكالمات ستنهال عليّ من أوروبا وأمريكا والغرب كله مشجعة لي ومؤيدة لموقفي إبان محنتي، ولكنني فوجئت أنهم يطالبون بخلعي قبل شعبي ويتاجرون بكرامتي ويعلنوها للبيع في أسواق البورصة، رغم أني أطبقت الحصار على غزة كما طلبوا مني، وأحرقت الأنفاق على من فيها كما أرادوا، ومنعت وصول الأسلحة والطعام والهواء عنهم كما أمروني. ألم أسمح لهم أن يدكّوا بغداد بالصواريخ من أرضي وبحري؟. ألم أحشد لهم الجيوش وشاركت في حصار بغداد؟. ألم اساعدهم في إعدام صدام؟. أفلا يكون ذلك كله سبباً في بقائي على عرشي؟.

أيها الحكام، خذوها نصيحة من رئيس مخلوع كان يجتمع بكم في القمم العربية وكان له الهيبة والصولة والجولة. لقد هُنت على الغرب لأني أهنت أمتي ولم أجلب لها الكرامة؛ فكيف يعطونني الكرامة والعزة وهم يعلمون أني أهدرتها في أبناء شعبي وأمتي؟ كيف أطلب منهم النصرة وقد خنت جيراني وأهل مودتي وشاركت في إعدام أحد زملائي ممن كانوا يطالبون بالشرف والعزة؟. لم أكن اعلم أيها الحكام أن اعدام الرئيس صدام حسين سيكون وبالاً عليّ وعليكم أجمعين. لم أكن أعلم أن كفني كان يُنسج منذ أعدم صدام وماتت معه آخر كرامة للعرب. أيها الحكام: افهموا مطالب شعوبكم فإنهم والله لكم ناصحون إن أحسنتم رفادتهم وأبقيتم على مودتهم. لن ينفعكم إلا شعوبكم الذين تسومونهم سوء العذاب وتحجبون عنهم الحرية والكرامة والعزة. ليس لكم إلا أمتكم إن أردتم أن تكونوا أصحاب نفوذ وسيادة وعزة.

وأخيراً أيها الحكام أقول لكم: إنني وزين العابدين والقذافي أيضاً فهمنا ووعينا متطلبات شعوبنا متأخرين؛ فهل ستتفهمون مطالب شعوبكم يا من بقيتم على عروشكم؟ أم ستكابرون وتلاقون ما لقينا من خلع؟.
تعليقات الزوار
1)
حميد -   بتاريخ: 03-03-2011    
طاحظك وحظ صدام يا غباره ،جاولك صدام يمثل كرامة العرب ؟ ياجرب !!
2)
trdi -   بتاريخ: 04-03-2011    
يبدو أن حميد طايح الحظ فعلا !
فنحن العرب والعراق خاصة لم يجدوا العز إلا تحت البسطار الأمريكي ، وحكم أذناب الصفويين وربائبهم الذين دخلوا العراق تحت الدبابة الامريكية والمباركة الصفوية والحماية الماسونية .
3)
أحمد الشمري -العراق -   بتاريخ: 04-03-2011    
صدام مثله مثل باقي الروساء مستبد ظالم أذى شعبه طيله 35سنه من حكمة وكم حاول معه الشعب العراقي ان يتنحى وكان يقمع الشعب الثائر بالطائرات وعمل مجازر جماعية ,.؟ وله 76 قصر لاتمر عليه الا الطير.؟ ولم يستجب لدعوات الشيخ زايد بالتخلي عن الحكم والاقامه مع عائلته في قصر منيف .؟ لكن الامريكان ارغموه وهرب كالجرذان ولم يواجه هو وانصاره البعثين ؟ فأين هي قوته وشجاعته يامدعين؟ ياخدم السلطان

Total time: 0.0471