أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

صنعاء القديمة تحاصر

- عبدالخالق عطشان

 تغنى بها وبجمالها وعراقتها ليس المبدعون العرب وإنما تعدى التغني بصنعاء القديمة حتى الأجانب فسكنت أرواحهم كما سكنت أبدانهم ( الطيرمانة والمفرج والديوان ) و تنقلت أرواحهم وأنفسهم كماتتنقل الفراشات في بساتين صنعاء القديمة يعزفون سيمفونية التاريخ والجمال والحضارة مستمتعين بما أبدعته أنامل التاريخ من فن معماري وتخطيط هندسي عكَس عبقرية الأجداد وحسهم المرهف..
فعلا اليمن تعاني من أزمات مفتعلة وتقاعس مفتعل لمسه المواطن في شحة وانعدام بعض احتياجاته والخدمات التي تتكفل بها الدولة إلا أن صنعاء القديمة لها خصوصياتها فقد كساالشحوب وجهها ترى ذلك في ساكنيها رجالا ونساء وأطفالا فهم في رحلة دائمة في البحث عن الماء متنقلين من حارة إلى حارة ومن مسجد إلى مسجد فيما المشروع الحكومي قد تصلبت شرايينه واعترى تلك الشرايين الصدى فضاقت تلك الشرايين لعدم ضخ الماء من مصدره ولأيام متتالية قد تتعدى الأسبوع والأسبوعين .، لايدري ساكني صنعاء سبب ذلك لتعدد الحجج الواهية من المسؤلين القائمين على ذلك..
إن مايثير الشك في أن مايجري لصنعاء القديمة هو أشبه بالحصار والأزمة المفتعلة ، فتارة يأتي الماء بضغط مرتفع فيصعد للدور الثاني والثالث دون أن تحتاج إلى مضخة لرفعة وتارة يأتي المشروع حسيرا كسيرا عاجزا لا يستطيع أن يرتقي إلى فواهة ( الدبة الخمسة لتر ) الملقاة في الدور الأرضي إلا إذا كانت مستلقية على ضهرها وتارة يأتي المشروع ليومين متتالين وتارة ينقطع لأسبوعين ويزيد ، ومن مكر القائمين على المشروع فلا يرسلونه إلا بعد منتصف الليل وقبل ساعات الفجر الأولى والناس نيام لايستطيعون الإستيقاظ لتعبئة رذاذ ولعاب وعرق المشروع للتعب الذي نال ساكني صنعاء بحثا عن الماء طيلة النهار ، القائمون على المشروع في أكثر من مرة لايرسلونه إلا إذا خرج الأطفال واليافعين وكبار السن  الى السائلة لقطعها بتلك ( الدباب ) وحينها يحظر بعض القائمين على المشروع ف(يطبع وجهه)و - كأن المشروع - من حوش داره بأن المشروع سيأتيهم الليلة فيضل ساكني صنعاء على أهبة الإستعداد قد اعدوا ماستطاعوا لاستقبال المشروع الذي وصل منهكا لأن القائمين عليه يعبثون به وبمفاتيحه كيف ومتى يشاؤن ولأغراض لايعلمها إلا الله ثم القائمين عليه  والذين يصطنعون الحجج المفضوحة.
صنعاء القديمة لقد أضحى عاشقاه الإهمال والإستعباد ، بساتينها الخلابة اعتراها التصحر ومساجدها زحف إليها الإهمال بل واليوم تتعرض للإغلاق والتواطؤ المباشر لإغلاقها من بعض القائمين على المديرية ممن وقعوا في مستنقع دعاة الفتنة والمذهبية ، منازلها بدأت تتهاوى وتترنح وميزانية المحافظة عليها قد صرفت في غير مصارفها.
للمسؤولين عن اليمن عامة وصنعاء القديمة خاصة نقول لا يكفي التغني بعراقتها وبأمجادها الغابرة والإهمال يسوقها إلى الإندثار وتحولها إلى أطلال وخرائب وساكنيها إلى أشباح.
 

Total time: 0.0501