أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

ماذا يريد الحوثيون؟

- باسم فضل الشعبي

خاضت الحركة الحوثيه ستة حروب مع الجيش في ظل النظام السابق وطوال كل هذه الحروب كان هناك متعاطفون كثر مع الحوثين وضد الحرب من أساسها باعتبارهم مواطنين يمنين أولا وأخيرا لكن اليوم كما يبدو اختلف المزاج حول التعاطف إلى إدانة واسعة لأفعال هذه الجماعة وتصرفاتها ومحاولاتها الحثيثة عبر القوة والعنف فرض وجودها.

 
لقد كشفت أحداث عمران أن للحركة الحوثية مشروع عصبوي توسعي محمول على أداة القوة والعنف لا أداة النضال السلمي التي غيرت أنظمة وحكومات وأصبحت ظاهرة تقلد في عدد من دول العالم كما حدث في اوكرانيا مثلا، وذلك بعد الربيع العربي، صحيح أن الربيع لم ينجح في بعض الدول غير أن ظاهرة النضال السلمي ترسخت في الواقع كأداة نضال فعاله ومؤثرة لمن لديه مشروع وطني حقيقي ورؤية لبناء البلد ومن يتجاوز هذه الأداة إلى توظيف العنف وشن الحروب يحكم على نفسه بالفناء والزوال كما هو حال الحركة الحوثية حاليا.
 
من حق أي حزب أو حركة سياسية أن يكون لديها مشروع سياسي للوصول إلى السلطة، لكن أداة الوصول إلى السلطة اختلفت اليوم فلم تعد عبر القوة والعنف والدماء والخراب، وإنما بالسلمية والورود، ولدينا في اليمن تجربتنا التي يفترض أن يستفيد منها الجميع حيث وصل الرئيس هادي لقمة السلطة سلميا من خلال الثورة الشعبية السلمية ووصلت أحزاب المشترك أيضا بنفس الطريقة..فلماذا يريد الحوثي الوصول إلى السلطة بالحرب وقتل الأبرياء وتدمير الدولة وإضعافها وتمزيقها؟
 
لسنا مع حرب سابعة، إذ أن منطق الحروب لابد وأن يتوقف لتتاح الفرصة أمام بناء البلد، فالشعب لم يخرج في ثورة شعبية عارمة في فبراير 2011 لتعود اليمن للمربع الأول، وإنما خرج لتجاوز مربعات الحروب ومن أجل إشاعة السلم وفتح الأبواب أمام المستقبل وإشراك جميع اليمنيين في بناء بلدهم، ويقيني أن الرئيس هادي ضد الحروب ويريد أن يعمل لبناء البلد لكنه إلى الآن لم يلقى المساعدة الكاملة لا من القوى السياسية الغارقة في ثاراتها ولا من قبل الشباب الذين غرقوا في بوتقة الاستقطاب السياسي والحزبي وتحولوا إلىأدوات للأسف الشديد إلا من رحم ربي.
 
ولا يعني أن يكون الرئيس ضد الحروب معناه أن يترك الفرصة أمام حركة ثأرية عصبوية ماضوية كالحركة الحوثية أن تتوسع على حساب الدولة وسيطرة المؤسسة العسكرية والأمنية على الأرض في صعدة وعمران وغيرها، فهذا أمر خطير جدا يهدد كيان الدولة وتماسكها ومستقبلها ويعيق عملية التغيير ولا نستغرب أن تأتي اليوم التي تحظى عملية اجتثاث هذه الجماعة بدعم شعبي واسع كما هو الحال مع القاعدة فالحركة الحوثية الآن تصنع وتهيئ هذه الأرضية الشعبية بأفعالها وممارساتها الخاطئة ونلاحظ أن عملية التعاطف معها تكاد تكون انتهت في الجنوب قبل الشمال إلا عند المشتركين معها في قنوات الدعم الخارجي رغم محاولة الجماعة إعلان تعاطفها الكاذب تجاه القضية الجنوبية لتحصل على تعاطف من نوع ما يمكنها من تقويض الدولة والوصول إلى السلطة
ومن ثم فرض مشروعها العصبوي الأسري على الجميع بالقوة والعنف كما تفعل الآن.
 
لست ضد الحركة الحوثية كفكرة، فمن حق الناس أن يعتنقوا ما أرادوا من أفكار ونقبل بعضنا بعضا في ظل التعدد والقبول بالآخر، ولكني ضدها كسلوك وممارسات فنهج العنف الذي تنتهجه لا ينطبق على حركة سياسية وفكرية بل على عصابة مارقة، وكان على الحوثين الاستفادة من تسامح الرئيس هادي ووقوفه على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية لتنطلق في تأسيس حزب سياسي وتقدم
مشروعها وبرنامجها لبناء اليمن الجديد للناس وتنتظر الانتخابات القادمة لترى ويرى الناس من يستحق الفوز والانتصار وتمثيلهم في السلطة،وبهذه الطريقة ستفحم خصومها وستنتزع إعجاب العالم أما عبر العنف فهي لا تفعل إلا الشيء نفسه الذي كما يبدو اختارته لنفسها لف حبل المشنقة حول العنق لأن اليمنيين لن يسمحوا بالحروب وتمزيق الدولة وإعاقة عملية التغيير والبناء.
 
*رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والاعلام

Total time: 0.0683