اخبار الساعة - محمد حسين النظاري
كان
يدوس الشباب الطامح تحت قدميه إذا ما اعترضوا طريقه , بدأ يبكي الآن عليهم, مع أن هؤلاء هم أنفسهم من تحطمت أحلامهم على أيديهم .
• كنت أتمنى لو أن كل مستقيل امتلك الشجاعة الأدبية واعترف بأن المرحلة الآن ليست مع من كان معهم لسنوات طويلة بدل إن يجعل الشباب شماعة يعلق عليها هروبه من موقع طالما كان فيه الجلاد , فكيف بالجلاد يتباكى اليوم على ضحيته , إنها مفارقات عجيبة , تجعلك تشعر بازدراء من أناس كنت تظنهم على مبدأ ولو كانوا مخطئين وإذا بك تكتشف سريعا زيف واقعهم الذي كانوا يتسترون ورائه , لست هنا من موقع المدافع عن الحزب الحاكم أو أحزاب اللقاء المشترك , ولكني أناقش قضية خطيرة إلا وهي لمن كان ولاء هؤلاء ولمن سيصبح , الأكيد بأن ولائهم هو لأنفسهم فقط , وأينما وجدت
مصالحهم فهم إليه سائرون .
• ما يجعلك تضحك على كل هؤلاء أن انقلابهم على أحزابهم خصوصا المنتمين للمؤتمر الشعبي العام كان سخيفا لدرجة لا يتصورها احد , فكيف يؤمَن جانب أناس كان لحزبهم الفضل الكبير في وصولهم إلى ما وصلوا إليه ولولا انتمائهم إليه لما وصلوا إلى البرلمان أصلا , ولما أصبحوا أثرياء من قوت الشعب , أعلنوا توبتهم , فهل كان دم الشعب قبل هذه الأحداث مباحا وأصبح بين ليلة وضحاها من اكبر الكبائر .
• أيها الشباب يا من جعلتم الجميع يستمع إليكم ويضرب لكم إلف حساب ولو لم تكونوا كذلك لما انقلب المنقلبون , أحذركم من مكر هؤلاء فهم ألذ الأعداء , لأنهم يتلونون بتلون المكان والزمان , وكما كانوا عونا في السابق عليكم سيكون غدا كذلك ولكن برداء جديد , هيهات أن يخدعكم تباكيهم عليكم و أو تسمحهم بكم, فهم ما غير ولائهم إلا لأنهم شعورا بأن الكفة ستتغير , ومثل هؤلاء هم اشد خطرا من أي عدو , فالذي يبيع ولاء ثلاثين عاما من اليسير عليه أن يجعلكم مطية لمآرب جديدة و وان يبيعكم لآخرين تحت مسميات جديدة أيضا.
• أيها الشباب لو كان فيهم خيرا فكيف سكتوا على الفساد الذي يتبرؤون منه اليوم, أليسوا بذلك شركاء فيه بالأمس , لو كانوا ناصحين لنصحوا من قبل ولغيروا الأوضاع ولنادوا بإنصافكم خصوصا أنهم كانوا من القيادات , ولو كانوا غير راضين عن المؤتمر لما اكتفوا أن يقدموا استقالاتهم الحزبية بل لأتبعوها باستقالاتهم من المجلس ذاته , لان المؤتمر هو أوصلهم لمجلس النواب أو للمراكز القيادية الأخرى .الأكيد أنهم فاسدون ومتورطون في قضايا كثيرة , وظنا منهم بان مجرد الاستقالة هي من ستبيض صفحتهم لدى الشباب , الشباب لم تعد تنطلي عليهم هذه الحيل التي يعرفها
ابن
ذات الخمس سنين .
• العجيب أن المستقيلين لم يكونوا هم الوحيدين الذين وقعوا في الخطأ , فأحزابهم أيضا تمارس نفس الخطأ حين تعلن بأن هؤلاء فاسدون وما استقالوا إلا لخوفهم من أن يقدموا للمحاكمة , فإذا كانوا متورطين في قضايا فساد فلماذا لم يحولوا من قبل , ولماذا أعيد انتخاب بعضهم وترقية البعض الآخر لمناصب ارفع, ولماذا ننتظر حتى يطل علينا هذا أو ذاك باستقالته وعندها فقط نتذكر انه فاسد ومتهرب ومرتشي وغاصب للأراضي والممتلكات العامة , ورغم أن بعضهم فعلا مفسدون إلا أن تأخير التهم إلى ما بعد تقديمهم للاستقالات يجعل منهم أبطالا رغم أنهم ليسوا كذلك , وهنا
ينبغي
على الدولة أن تسارع في تقديم المتورطين في كل أنواع قضايا الفساد إلى النيابة العامة , ولا يصح أن تكون القرابة أو الانتماء أو الولاء أو المنصب حاميا له من العقاب , وسوف تضيع المصداقية إذا ما ارتبط الفساد بأسماء المستقيلين فحسب .
• فخامة الأخ الرئيس والله إنها فرصتك التي منحك الشعب إياها فاغتنمها بتقديم كل الفاسدين إلى القضاء , لا تدعهم يخدعون الشعب مرتين ولا تجعل منهم أبطالا , وسارع بكشفهم أمام الرأي العام , فالشعب لن ينتظر كثيرا ولن يصدق فيما بعد إذا ما استقال احدهم وقلتم عنه انه فاسد , ففي ذلك الوقت موقفه سيكون اقوي لأنه سيعتبر إن ذلك جاء ردا على رفضه للفساد مع انه غارق فيه من رأسه حتى أخمص قدميه , فخامة الأخ الرئيس الكل ينتظر قوائم الفاسدين , لان الشباب ما خرجوا للشارع إلا لان الفساد قهرهم وذلهم , فلا تجعل ممن ذلوهم بالأمس أسيادا علهم في الغد .
• فخامة الأخ الرئيس اجزم لك بأن الواقفين مع الشباب هم على أربعة أوجه , الأول شاب غاضب من الفساد والثاني فاسد يريد أن يمسح فسادة ببطولة مزيفة , والثالث طامع بالسلطة وسيجعل من الشباب مطية لأهدافه , والرابع متآمر على الوطن لا يريد له الخير لا في أمنه ولا في استقراره ووحدته , فلا تمكنهم من الشباب , أحمى شباب الوطن من مثل هؤلاء , والحماية لن تكون إلا إذا بدأت بالتغيير الشامل .
• شباب الوطن يا من ملئتم ساحة الجامعة والتحرير وساحات عديدة في مختلف مناطق الوطن , انتم تدعون إلى التغيير والتغيير آت لا محالة , ولكن كيف يعقل أن تشكوا من الاستبداد , وتستبدلوه باستبداد أفظع منه , انه أمر لا يعقل , يا ليت وان الأمر سيؤول إلينا معشر الشباب , انظروا إلى تونس ومصر هل آل الحكم إلى الشباب أم إلى من كانوا يتربصون بالشباب .
• إخوتي الشباب أمامنا فرصة ذهبية كي نقود تغييرا حقيقيا بصورة مغايرة لما حدث في الدول الأخرى , أوضاع بلادنا ليست كدولهم فمستوى الوعي السياسي مرتفع لديهم ومعم من الثروات ما يمكن أن تعوض خسائرهم فالسياحة في مصر وتونس تعادل النفط في ليبيا , أما نحن الساعون إلى التغيير بالتدمير لن نجد من يعيننا , وعندها فقط سنخسر نحن الشباب لان كل من حولنا من أحزاب وقبائل وتجار سيلوذون بالفرار ونبقى نحن تحت أطلال الدمار , فهل نتعظ قبل فوات الاوان؟.
mnadhary@yahoo.com
باحث بجامعة الجزائر