المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية يوضح معنى استدعاء السفير
معنى استدعاء السفير / السفراء
بحكم الآلية واختصاصات المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية فقد رأينا توضيح معنى استدعاء السفيربتوسع دون التدخل في عمل واختصاصات وزارة الخارجية ، ومن أجل إزالة اللبس الذي حصل في حينه جراء استدعاء وزارة خارجية الجمهورية اليمنية ل 14 سفيراً أو أكثر لازالوا على رأس بعثاتهم في الخارج رغم قضاء معظمهم المدة القانونية المحددة بأربع سنوات أحد هؤلاء لم يكمل الأربع سنوات ، وحيث أن الخارجية في بيان صدر عنها يوم 6 يوليو الماضي أوضحت فيه أنها قامت باستدعاء عدد من السفراء المعتمدين لدى عدد من الدول الشقيقة والصديقة وذلك بعد إنتهاء فترة عملهم القانونية في الخارج وأكد البيان (أن هذا الإجراء روتيني تقوم به الوزارة بشكل دوري في إطار حركة التنقلات الدبلوماسية ) ولاأرى ضرورة التعليق على هذه العبارة لأن الحركة السنوية تخص بقية درجات موظفي الوزارة وليس السفراء الذين عادةً ما يكون عددهم محدود ، وما يهمنا هو توضيح معنى استدعاء السفير حيث توجد عدة معاني وذلك على النحو الآتي :
متى ولماذا يتم إستدعاء السفير / أو السفراء :
جرت العادة في جميع بلدان العالم بأن تقوم وزارة خارجية الدولة المعنية باستدعاء سفيرها من الدولة التي يعمل فيها بحكم إنتهاء فترة عمله المحددة قانوناً إما بثلاث أو أربع سنوات أو قد تزيد ، وقد جرت العادة في معظم دول العالم أن تمارس وزارة الخارجية اختصاصاتها وقبل انقضاء الفترة القانونية بحوالي شهرين تقوم بإبلاغ عدد من رؤساء بعثاتها في الخارج بالعودة في الوقت المحدد أي عند انتهاء فترة الثلاث سنوات أو الأربع سنوات طبقاً لنظام السلك الدبلوماسي في كل دولة الذي يحدد وينظم فترة عمل السفير في الخارج حينها يقوم السفير / رئيس البعثة بتحرير مذكرة رسمية إلى وزارة خارجية الدولة المعتمد لديها يعلمها عن إنتهاء فترة عمله وأنه تقرر عودته إلى بلاده ويطلب البدء في إجراءات مراسيم توديعه لعد من المسؤولين في الدولة والحكومة .
كما يقوم السفير الذي انتهت فترة عمله بإبلاغ عميد السلك الدبلوماسي بقرار عودته ويجري كذلك اتصالاته الهاتفية الروتينية مع نظرائه سفراء الدول المعتمدة في العاصمة إياها برغبته في توديعهم وخاصة أولئك السفراء الذين تربط بلاده وبلدانهم علاقات خاصة ، والسفراء الذين كانوا على صلة قوية به خلال فترة عمله ، خلال هذه الفترة يتفرغ السفير للتوديع المسؤولين في الدولة ونظرائه وحضور كافة الحفلات التكريمية التي تقام له استعداداً للمغادرة.
وفي حالة استدعاء سفير من عاصمة البلد الذي يعمل فيه قبل انتهاء فترة عمله فإن استدعاء مثل هذا مؤشر على تدهور في علاقات البلدين ، والبلد الذي يشعر أن الدولة الأخرى تدخلت أو تتدخل في شؤون بلاده الداخلية ، في هذه الحالة لا تقوم الدولة الأخرى في استدعاء سفيرها عملاً بالمثل لأنها تشعر في قرارة نفسها عدم تدخلها في شؤون الدولة التي استدعت سفيرها وأن عملية سحب أو استدعاء السفير مسألة وقت وهذه العملية تعبر عن امتعاض دولة السفير المستدعى لمواقف وسياسات الدولة الأخرى التي تعارض سيا ستها أو سلوك السفير نفسه ، وعملية استدعاء السفير إلى بلاده لا تأخذ وقتاً طويلاً ، إذ أن طرفاً ثالثاً أو وسيط من أبناء البلد نفسه يتدخل لحل المسألة الطارئة في علاقات البلدين ، وقد يتم الإتفاق على عودة السفير من خلال إتصالات هاتفية أولقاءات تجمع بين وزيري خارجية البلدين ، وفي نهاية الأمر يعود السفير لممارسة عمله أو يمكن نقله إلى دولة أخرى ، وفي هذا الصدد لابد من توضيح بعض الإشكاليات التي تعالج موضوع الإستدعاء وعلى النحو الأتي :
الشكل الأول : يتم إستخدام هذا التعبير عندما تقوم دولة من الدول باستدعاء سفيرها من دولة أخرى (ب) بسبب تدخل الدولة الأخرى (ب) في شؤون الدولة (ا) الداخلية واستدعاء الدولة (أ) لسفيرها يعبر عن عدم رضاء الدولة (أ) لتدخل الدولة (ب) في شؤونها الداخلية بطرق مختلفة ، وقد قامت بلادنا قبل سنوات وتحديداً عام 2007م باستدعاء سفير اليمن الأسبق الدكتور / حسين علي حسن من ليبيا واستدعت في الوقت نفسه السفير السابق في طهران الأخ / جمال عبد الله السلال ، و في وقت لاحق إستدعت من قطر السفير /عبد الملك سعيد ، غير أن السفارات الثلاث خلال تلك الفترة ظلت مفتوحة لممارسة أعمالها اليومية الروتينية حتى عودة السفراء الثلاثة وكانت سفارة بلادنا في دولة الكويت قد أغلقت نهائياً بسبب موقف قيادة بلادنا المنحاز لإحتلال العراق للكويت في أغسطس 1990م والذي تضررت بلادنا بسببه الكثير ، بل أن آثاره لازالت ماثلة إلى اليوم ، ومع ذلك فإن سفارة الكويت في صنعاء ظلت مفتوحة إلى أن عادت العلاقات بين البلدين الشقيقين إلى طبيعتها عام 1990م.
الشكل الثاني لعمليات الإستدعاء : هو قيام إدارة المراسم بالدولة (ب) باستدعاء السفير الذي يمثل الدولة (أ) لمقابلة أحد مسؤوليها ولفت نظره إلى عدم رضاء الدولة بالسياسات المعادية / غير الودية التي تنتهجها دولة السفير(أ) تجاه الدولة (ب) أو أن تعرب الدولة (ب) عن عدم رضاها لبعض الأنشطة التي يقوم بها السفير في الدولة (ب) والتي لا تتفق واتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية الصادرة عم 1961م مثل زياراته وإتصالاته برموز في المعارضة وتشجيعه أو تشجيع دولته لقوى سياسية معارضة / أو تحركات السفير داخل البلاد وخارج العاصمة دون إذن مسبق من وزارة الخارجية.
الشكل الثالث : وهو الذي يعتبر من أهم وأخطر أنواع الإستدعاءات ، هذا النوع يتم عندما تكون العلاقات بين البلدين في وضع تطلب القيام بهذا الإجراء و تتخذ دولة من الدولتين( أ) أو( ب) قرارها بطرد السفير من عاصمتها وتعتبره شخص غير مرغوب فيه ، ويحق للدولة التي قامت بعملية الطرد توضيح الأسباب من عدمها ، وعادة ما يتم هذا الإجراء عندما يقوم السفير بعملية التجسس على نشاط وسياسة الدولة التي يعمل فيها ، أو عندما يكون مستوى العلاقات بين البلدين قد وصل إلى أسوأ الحالات كما سبق إيضاحه ، وقد قامت وزارة خارجية جمهورية مصر العربية باستدعاء السفير التركي لديها في نوفمبر 2013م وأبلغته أنه شخص غير مرغوب فيه وطلب منه مغادرة القاهرة بسبب تدخل تركيا في الشؤون الداخلية المصرية ، غير أن أبواب السفارة ظلت مفتوحة ولم تقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وقد إستمرت الحرب العراقية الإيرانية ثمان سنوات دون أن تقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ، وهناك قائمة كبيرة لعدد من الحالات التي أدت بالدول إلى سحب سفرائها من العواصم التي يعملون فيها لمختلف الأسباب ، وفي كل الحالات عند إستدعاء رئيس البعثة / السفير أو غيابه أو نقله فإن الشخص الثاني في السفارة الأكبر درجة يقوم بأعمال السفير بصفة قائم بالأعمال بالنيابة .
الشكل الرابع : وهو أن تقوم دولة السفير أياً كانت( أ )أو( ب) باستدعاء سفيرها من مقر عمله للتشاور حول مسألة ما وتؤجل إرسال سفير جديد يحل محله لفترة من الوقت وهذا يعد تعبير عن عدم رضاء دولة السفير للعلاقات القائمة بين البلدين ، قامت بهذا الإجراء التضامني في الأول من أغسطس 2014م عدد من دول أمريكا اللاتينية التي إستدعت سفرائها من تل أبيب جراء حرب الإبادة العدوانية البرية والبحرية والجوية الشرسة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة والتي بدأتها يوم 8 يوليو الماضي حتى بداية الهدنة يوم 5 أغسطس مستخدمة كل أنواع الأسلحة أمام شعب أعزل يقاوم الإحتلال الصهيوني الغاصب بما يملك من أجل نيل حقوقه المشروعة في الحرية والكرامة والإستقلاال إسوةً ببقية شعوب المعمورة .
الشكل الخامس : وهو الإجراء القوي عندما تقوم الدولة (أ) بسحب سفيرها من الدولة (ب) وهذا الإجراء إتخذته السعودية ودولة الإمارات والبحرين في مارس الماضي 2014م عندما سحبت سفرائها من قطر ، وكانت مصر قد سبقت الدول الثلاث واستدعت سفيرها من الدوحة لنفس الأسباب ، وقد قام في يوليو الماضي أمير قطر الشيخ تميم بن حمد بزيارة السعودية وهي الزيارة الأولى له منذ توليه الحكم والتقى الملك عبد الله بن عبد العزيز ، وهذه بادرة لتلطيف الأجواء وصولاً إلى عودة السفراء إلى الدوحة .
الشكل السادس للإستدعاء : وهو الشكل الطبيعي الذي تقوم به دولة السفير عندما تستدعي سفيرها عند إنتهاء فترة عمله القانونية والمحددة طبقاً لنظام الدولة الموفدة للسفير إما بثلاث سنوات أو أربع سنوات أو قد تطول الفترة لمحدودية السفراء في بعض الدول ، والمعروف أن عدداً كبيراً من الدول لا تستثني أحداً من سفرائها ولا تمدد لأي سفير حرصاً على مبدأ النظام والقانون وأن الجميع سواسية في ظل القانون ، وأن قانون ونظام وزارة الخارجية يطبق على الجميع دون إستثناء مهما كان إنتساب السفير سواًء كان إبن الملك أو الرئيس أو الشيخ إلا ماندر ، وفي تاريخ مصر الحديث لم تمدد الخارجية المصرية إلا ل 3 سفراء أحدهم د/ محمد العربي في ألمانيا لمدة 3 سنوات ونبيل فهمي في واشنطن لمدة 3 سنوات وسفير ثالث في موسكو ، أما في اليمن فحدث ولا حرج والقائمة تطول سواءً بقي في نفس الدولة أو يتم نقله من عاصمة إلى أخرى ولو لعشر سنوات أو 20 سنة وقد يتم نقله إلى دولة ثالثة ورابعة وهناك حالات كثيرة ، ومسألة التمديد للسفراء أو لبعض الموظفين إستثنائية ويصادف أن السفير أصبح عميد السلك الدبلوماسي في الدولة التي يعمل فيها بحكم طول الفترة التي أمضاها فتعمل دولته على تمديد فترة عمله لحركة أو حركتين أو ثلاث وقد تمتد لعشر سنوات أو أكثر، حصل ذلك مع السفير المرحوم / عبد الله صالح الأشطل عندما كان مندوب اليمن الدائم في الأمم المتحدة وظل في نيويورك أكثر من 20 عاماً ، وقد ظل في منصبه إلى أن توفاه الله ، ومع سفير سلطنة عمان السابق في صنعاء عبد الله بن حمد البادي التي عمل فيها مدة تزيد عن 13 عاماً من اكتوبرعام 2000 وحتى أغسطس 2013م وتعمل كثير من الدول في الإبطاء من إستدعاء سفيرها عندما يكون قد أصبح أو أوشك أن يكون عميداً للسلك الدبلوماسي .
لذلك لا نجد سبباً يدعو للإستغراب في أن وزارة الخارجية اليمنية إستدعت 14 سفيراً / أحدهم لم يكمل الأربع سنوات وبعضهم أمضى الفترة القانونية والبعض الآخر تجاوزها بسنوات أو تكرر نقله مثل السفير/ شائع محسن والسفير الكاتب والأديب / مصطفى نعمان ، وقد تأخر إستدعاء هذه المجموعة من السفراء بسبب الأوضاع السياسية الحالية والمحاصصة الحزبية التي راجت كثيراً في السنوات الأخيرة بسبب عصلجة ورغبات رئيس النظام السابق الذي كان بيده كل شيئ . والتعيين لم يتم في عدد من السفارات ذات الأهمية القصوى برغبة من القيادة السياسية الجديدة وتوخيها بأن يظل الحال هكذا .
وعدم الإستعجال في تعيين سفراء جدد في 39 سفارة يمنية فارغة حتى الأن في عواصم أوربية كبرى مثل موسكو وبروكسل وباريس وأمستردام وبكين وطوكيو وبرلين وواشنطن لا يوجد بها سفراء لأسباب معروفة ولا يجهلها المهتمون بشأن العلاقات الدبلوماسية وأهمية التمثيل الدبلوماسي المتبادل بين الدول ،فهذه الدول هي التي نعتمد على مساعداتها ، كما أن عدداً من الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية لايوجد بها سفراء ، مما يزيد الوضع إحباطاً بين موظفي وزارة الخارجية وخاصةً الكفاءات الجديدة القادرة على الدفع بعلاقات اليمن مع الدول الشقيقة والصديقة إلى الأمام وبما يخدم عملية التسوية السياسية والتحول الثوري الحاصل بعد 11 فبراير 2011م ، علماً أن الخارجية يحكمها هيكل تنظيمي لم يطبق بالشكل المطلوب منذ قيام الوحدة في 22 مايو 1990 وحتى يومنا .
الشكل السابع لعملية الإستدعاء : هذا الشكل يتم متى قررت الدولة (وزارة الخارجية )عودة سفيرها إلى بلاده عند إنتهاء فترة عمله القانونية أو غير القانونية أو عند إحالته للتقاعد ، وعدد من موظفي وزارة الخارجية اليمنية بكل أسف توفاهم الله دون الوصول إلى أو الحصول على درجة سفير ، والبعض الأخر حصل على صفة سفير عند إحالته للتقاعد ،والبعض الأخر بلغ بمذكرة رسمية من الخارجية عن تقاعده وكان مثلاً في العطاء والنزاهة ومن من أعطى الكثير لليمن ،وطبعاً مثل هذه الإجراءات لاتطبق على الجميع ، فالإستثناءات والتمييز وعصلجة رئيس الجمهورية أو وزير الخارجية هي سيدة الموقف فبعض السفراء يحصل على درجة السفير وهو نائم وهو في الأصل بدرجة وزير مفوض أو مستشار ويرشح سفيراً في الخارج فوراً ، والبعض الأخر يحصل ليس بحكم القانون وحده ومرور المدة القانونية على درجة السفير فحسب ولكن بحكم كفاءته المشهود له بها ويظل يراوح في ديوان الوزارة لماذا ؟ لأن الرئيس معصلج عليه ربما لا يعرفه أو أنه ليس من جماعته أو من حزبه ، هكذا كنا نسمع ولا داعي للمزيد ، بذلك يكون المركز اليمني للدراسات الدبلوماسية والعلاقات الدولية قد ساهم وأوضح معنى إستدعاء السفير .
والله من وراء القصد ، ، ،