أخبار الساعة » السياسية » عربية ودولية

غزة ..انتصار من بين ركام الحصار

- عمر عبدالله الخياري

لم يخض العدو الصهيوني معركته الأخيرة على قطاع غزة جزافا وإنما رأى أن هناك من يشاركه هم الإطاحة بالمقاومة الفلسطينية بل ويدفعه إليها دفعا كقادة الانقلاب في مصر وبعض حكام العرب والخليج على وجه أخصوالذين وصل عداءهم لحركة الإخوان المسلمين حدا اللامعقول،هذا من جانب، ومن جانب آخر فقد ضاقت ذرعا ساسة بني صهيون وهي ترى الفلسطينيين يسيرون في طريق الوحدة الداخلية متناسين الماضي وآلامه مبادرين للملمة الجراح ورأب الصدع وتوحيد الخطى، فراعه ذلك لأنه يعلم أن وحدة البيت الفلسطيني خطر داهم يهز معاقله.
إضافة إلى هذين السببين ضمان الصهاينة للموقف الدولي المنحاز إليهم دوما واعتقادهم أن تنازل حركة حماس عن السلطة التي وصلت إليها بطريقة شرعية إنما هو بسبب ضعف شديد اعتراها جراء التغيرات السياسية التي طرأت على الواقع العربي منذ الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي. كل هذه الإرهاصات قادت الصهاينة إلى اتخاذ قرار جريء جدا هو كسر شوكة المقاومة وتجريدها من السلاح، وهذا يعني القضاء عليها نهائيا وقتل أحلام الشعب بالتحرر، ووئد آمال اللاجئين بالعودة، وفرض سلطة الأمر الواقع...
ولتنفيذ هذا المخطط فقد ابتدأ الصهاينة بشن غارات جوية زعموا أنها معاقل تابعة للمقاومة واعتقدوا أن تلك الضربات ستفرش لهم طريقا مفروشا بالورود إلى غزة إلا أنهم تفاجئوا بمقاومة شرسة من تحت الأنفاق الأرضية تصدت ببسالة للعملية البرية التي فشلت في اقتحام غزة، عندها استشاط غيظا قادة الكيان من هذه الهزيمة فأنزلوا لجام غضبهم على المدنيين في غزة وقادوا ضدهم حربا لا أخلاقية وضربات عشوائية على مدار الليل والنهار، وهذا الفعل فعل الجبناء والعاجزين، وإلا فما ذنب الأطفال والنساء والمدنيين...!!.
رغم الحصار المقاومة تطور أدائها وتكشف عن بعض صناعاتها
استطاعت المقاومة توسيع رقعة المعركة فلم تعد غزة هي وحدها من تتلقى الضربات فقد تمكنت صواريخ المقاومة أن تمتد إلى مدن وقرى لم يتوقعهاقادة الكيان كتل الربيع التي يطلق عليها المحتل تل أبيب، وليس هذا فحسب بل وصل رجال المقاومة إلى عقر المعسكرات الصهيونية ونفذوا عمليات عمليات نوعية باغتت العدو في مربضه.
كما كشفت المقاومة عن تطورها الصناعي، وفاجئت العالم ببعض صناعاتها العسكرية كالطائرة بدون طيار التي استخدمتها المقاومة لأغراض معلوماتية، وبعض الصناعات الأخرى كالقناصات والقنابل التي هدد الناطق الرسمي للمقاومة أنه في حال اندلعت انتفاضة جديدة فلن يواجه أطفال فلسطين المحتل بالحجارة كالانتفاضات السابقة ولكن بربع مليون قنبلة ستوزعها المقاومة على المنتفضين، وليس كل ما سمعناه ورأيناه من إبداعات المقاومة على كل المستويات إلا 10% فقط من قدرات وإمكانيات المقاومة كما أكدت مصادرها ذلك.
وهذه الأداء وتلك الصناعات الغزاوية رغم الحصار الغاشم منذ ثمان سنوات قد سببا إحراجا بالغا للأنظمة العربية التي عجزت عن صنع دراجة نارية لانشغالها بصناعة القمع والاستبداد.
ولئن كان من العرب من يمتلك الجرأة على السخرية من هذه الصناعات أو التقليل من شأنها فلا نملك إلا نقول لهم: أرونا صناعاتكم؟!.
أثر صواريخ المقاومة على المحتل
يستصغر البعض أثر صواريخ المقاومة على العدو،إلا أن الواقع الميداني أثبت أن لها أثرا فعالا لا يكمن فقط في حجم الانفجارات الذي تحدثها، وعدد القتلى والإصابات التي تخلفها، ولكن لها أثرا أكثر من القتلخاصة في مجتمع كالمجتمع الإسرائيلي الذي يلاحقه الهاجس الأمني ليل نهار،فهذه الصواريخ لا تقذف المواد المتفجرة فحسب بل تقذف -أيضا- كميات كبيرة من الرعب؛فما إن تدوي صافرات الإنذار حتى يهرع الملايينإلى الملاجئ،وتصبح المدن خاوية، والشوارع خالية، والمحلات مقفلة، فهل يمكن القول بعد هذه الآثار إنها صواريخ عبثية؟!!.
ولئن كانت كذلك فلماذا أنفقت الحكومة الصهيونية الأموال الطائلة على ما سمته بالقبة الحديدية، والتي أثبتت صواريخ المقاومة فشل هذه المنظومة مما سبب حرجا شديدا وضغوطا شعبيا وصل حدإدانة حكومتهم بالفشل في حمايتهم من هذه الصواريخ. ولئن كانت هذه الصواريخ عبثية فعلا فلماذا أغلقت أماكن سيادية كـ“مطار بن غوريون" -أكبر المطارات الإسرائيلية-.
هلع الصهاينة يبشر باندحار الاحتلال
إذا كانت صواريخ المقاومة رغم أنها محلية الصنع قد أرقت المحتل، وأدخلته في دوامة من الرعب، وخلفت آثارا نفسية كبيرة على المجتمع الصهيوني فإنها من جانب آخر قد قربت أمل انهيار هذا الكيان حال امتلكت المقاومة صواريخ أشد فتكا وبعض الدبابات والطائرات المقاتلة ولعل انهياره سيكون شعبيا وذلك بخلو الكيان الغاصب من السكان وفرارهم من الأرض المحتلة وعودتهم إلى مواطنهم الأصلية، ويؤكد هذا الاحتمال ثلاثة عوامل:
•       كثرة أعداد الصهاينة الفارين إلى الملاجئ والذي يوصل رسالة مفادها أن هذه الملاجئ إذا ما تمكنت نيران المقاومة يوما ما من الوصول إليها فلن يجد الصهاينة بعدها أي ملجأ آخر سوى الفرار خارج الأرض المحتلة.
•       كثرة أعداد المسافرين الإسرائيليين إلى خارج الأرض المحتلة عند اندلاع أي حرب.
•       ضعف ثقة المواطنين الصهاينة بقدرة الجيش والحكومة على تأمينهم ويؤكد هذه الحقيقة أن مواطني هذا الكيان ما يزالون يحتفظون بجنسياتهم الأصلية وبجوازات السفر إلى بلدانهم حال تغيرت الظروف واستيقظ العرب.
المقاومة تحرج الأنظمة العربية وجيوشها
ثبات المقاومة الأسطوري سبب إحراجا بالغا لبعض زعماء العرب وللقيادات العسكرية للجيوش العربية، فإذا كانت الجيوش التي ينفق عليها المليارات سنويا قد عجزت أن تخطو خطوة واحدة باتجاه القدس، بل عجزت عن حفظ ماء وجه شعوبها، وقبل قادتها بالهوان والرضوخ للضغوطات الدولية، بل وصل الحد بأكثرهم أن جعلوا من الجيش أداة لقمع الشعوب وإطفاء ثوراتها، وإذا كانت تلك الجيوش قد تساقطت في بضعة أيام أبان مواجهتها مع الاحتلال في الستينات، وإذا كان جيش كجيش العراق قد انهار كذلك في بضعة أيام أبان الاحتلال الأمريكي فإن المقاومة المحاصرة المحاربة محليا وعربيا وعالميا وبأسلحتها المحلية الصنع وبجناحها العسكري الذي يتكون من بضعة ألوف صمدت أمام أقوى جيش في المنطقة وتصدت ببسالة لترسانته الضخمة، وألبسته ثوب الخزي والعار.
وكان الأولى أن يتباهى القادة العرب بهذا النصر، ويرفعوا رؤوسهم كما فعلت شعوبهم إلا أن انسلاخهم من عروبتهم أفقدهم حلاوة هذه النصر، وأذاق بعضهم مرارة الهزيمة كونهم ملكيون أكثر من الملك...
ولم يطلب أبناء غزة من العرب في الوقت الراهن تحريك تلك الجيوش باتجاه غزة -وإن كان هذا واجبا عليهم- وإنما جل ما يطلبونه كف أذاهم عنها، ورفع حصارهم لها، ومد المقاومة ببعض الأسلحة أسوة بما تفعله دول أخرى من مدد عسكري منقطع النظير للجانب الإسرائيلي. الانتصارات التي حققتها المقاومة:
أكبر انتصار حققته المقاومة أنها أفشلت خطة العدو في كسر شوكتها ونزع سلاحها أو شراء ولاءها، وهشمت كبرياءه على أبواب غزة هاشم ومرغت في التراب أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وهزت معنويات جنوده وألبستهم أثواب الخزي وذيول الندامة، واعترف الاحتلال بالأثر الفعال لقدرات المقاومة وأن حماس حد تعبيره "استطاعت تطوير قذائف الهاون وأنها أصابت وقتلت الجنود في مرابضهم" ووفقًا لبيانات رسمية إسرائيلية قُتل في هذه الحرب (64) عسكريًا و(3) مدنيين، وأصيب حوالي (1008)، بينهم (651) عسكرياً و(357) مدنياً. بينما صرحت كتائب الشهيد عز الدين القسام أنها قتلت (161) عسكريا وأسرت الجندي (أرون شاؤول)، ولم تكشف بعد عن مصير آخرين، وأسر جندي أو أكثر انتصار للأسرى الفلسطينيين في المعتقلات الصهيونية.
كما أثبتت المقاومة في غزة أنها صاحبة القرار، ومضت خطوات في رفع الحصار الجائر على أبناء غزة، فإنها أكدت أنها تنمو يوما بعد يوم وأن الأيام تزيدها قوة وخبرة وعلما وتقدما وتطورا، وبالمقابل فإن الكيان الصهيوني يضعف يوما بعد يوم.
ويحسب للمقاومة –أيضا- أنهاكسبت المزيد من المؤيدين والمناصرين لقضيتها العادلة عربيا وعالميا، رسميا وشعبيا، وأعادت لقضيتها العادلة رونقها وصداها الإعلامي، ورفعت رؤوس الشعوب العربية وكل الأحرار في العالم الذين يقفون إلى صف الحق والعدل، وأضاءت بارقة أمل لكل المستضعفين في العالم أن قوة الحق أقوى من قوة السلاح، وأن كل المشاريع العنصرية والطائفية والاستيطانية مصيرها البوار طال الزمان أم قصر.
كما أفصح ثبات المقاومة عن حجم الإخفاقات الاستخبارية التي مني بها الصهاينة، وفشلهم الذريع في اكتشاف منظومة القيادة والتحكم لدى حماس، وأكدت بعض الاستطلاعات أن 75% من الصهاينة يقرون بهزيمتهم، وقد وجهوا العديد من الضغوطات والانتقادات والتساؤلات لقادة الكيان الصهيوني اتهموهم فيها بالفشل في الحصول على المعلومات وأنهم تفاجئوا بجيش حماس المنظم والمدرب والمسلح والذي يمتلك القدرة على إطلاق آلاف الصواريخ إلى تل أبيب والقدس وغيرها. وفي الجانب الاقتصادي فقد مني الصهاينة بخسائر اقتصادية فادحه قدرتها وزارة المالية الصهيونية ب(3.5) مليار دولار، وكان قطاع السياحة أكثر القطاعات تأثيرا من هذه الحرب حيث ألغى 50%من السياح زيارتهم إلى الكيان الإسرائيلي.
ويضاف للمقاومة –أيضا- انتصارها الأخلاقي وذلك بترفعها عن استهداف المدنيين، وعلى النقيض فقد خسر الإسرائيليون أخلاقهم تماما وذلك باستهدافهم الغاشم للمدنين العزل.
كما يحسب للمقاومة أنها عرت بعض الحركات التي تتاجر بقضايا الأمة وترفع الشعارات البراقة وتهتف بالموت لقوى الاستكبار العالمي ثم توغل قتلا وذبحا بحق أبناء جلدتها، فالمقاومة الفلسطينية لا تتقن فن الشعارات، ولكنها تتقن فن مقاومة العدو، ولم توجه سلاحها يوما لقتل أبناء شعبها وإنما وجهته للعدو الذي اغتصب أرضها. الجرائم الصهيونية في حق المدنيين من أبناء غزة
الشيء الوحيد الذي يتفنن فيه العدو الصهيوني هو قتل المدنيين العزل وقد أفصحت إحصائية وزارة الإعلام الفلسطينية عن جرائم مهولة بحق المدنيين أنبأت عن تعطش صهيوني شديد لدماء الأبرياء فقد راح ضحية القصف العشوائي على المدنيين في غزة حتى ساعة كتابة هذا التقرير إلى (1.959) شهيد بينهم (469) طفلا و(243) امرأة، و(88) مسنا، و(10.193)جريحا بينهم أكثر من (3400) طفل، و(2000) امرأة، و(400) مسن.
وأكدت رئيسة المكتب الميداني (لليونيسيف) في غزة أن نحو (400) ألف طفل أصيبوا بصدمة ويواجهون مستقبلاً "قاتماً للغاية" حسب ما نصت، وتشير تقديرات /اليونيسيف/ الى أن نحو (373) ألف طفل أصيبوا بنوع من التجربة الصادمة المباشرة ويحتاجون الى دعم نفسي واجتماعي.
كما تسبب هذا العدوان في تهجير أكثر من نصف مليون مواطن، وتدمير (10.604) منزل، منها (1724) منزلا دمرت بشكل كلي، ولم يقتصر التدمير على المنازل فحسب بل دمرت (12) سيارة إسعاف، وتم إلحاق أضرار ب(10) مراكز صحية، و(13) مستشفى.
وأفصح هذا العدوان عن حقد دفين على العلم فقد استهدف (188) مدرسة يدرس فيها أكثر من (152.000) طالب، واستهدفت كذلك (6) جامعات يرتادها أكثر من (10.000) طالب.
ولم يراعي هذا العدوان الأماكن المقدسة من غيرها فقد استهدف أكثر من (132) مسجدا وكنيسة واحدة، ولم تسلم حتى المقابر من القصف حيث وصل الدمار إلى (10) مقابر للمسلمين ومقبرة واحدة للمسيحيين.
وأنبأ هذا العداون الغاشم عن حجم الحقد على أبناء غزة فلم يكتفي العدو بزهق الأرواح وذبح الطفولة وتشريد الآمنين ووئد النساء وإنما استهدف أيضا سبل الحياة كمحطات الكهرباء والمياه والصرف الصحي والمرافق الصناعية والتجارية ومصادر دخل المواطنين فقد دمر (52) قارب صيدوبلغ إجمالي المتضررين من تدمير قوارب الصيد والتي تعتبر المهنة الأساسية لـ(2950) فلسطينيا غزيا.كما استهدف (150) مصنعا.
كما دمر هذا العداون (22) جمعية خيرية حيث بلغ عدد المتضررين من تدمير هذه الجمعيات الخيرية(180) ألف فلسطيني.
وأكد هذا التقرير إلى أن الاحتلال استخدم جميع أنواع الأسلحة الفتاكة ضد المدنيين في غزة جوا وبرا وبحرا، وبلغ اجمالي القذائف التي أطلقت على الأطفال والمدنيين بغزة آلاف القذائف منها (59200) قذائف أطلقت من السفن الحربية الإسرائيلية وبلغت (15580)، أما القذائف التي أطلقت من الطائرات الحربية الإسرائيلية (7178) فيما بلغت القذائف التي أطلقت من الدبابات الحربية الإسرائيلية (36442

Total time: 0.0489