أخبار الساعة » كتابات ومنوعات » اقلام وكتابات

المذهبية تقتلنا..!!

- زكريا السادة
لن يجد أي دين أو مذهب أو جماعة مبرر لإراقة الدماء والإفساد في الأرض وترويع الآمنين وتشريد الساكنين من تحت أسقف منازلهم ،  ولن يجد أي إنسان شرعية القتل تحت غطاء ديني يفسح المجال أمام ساحات الإعدام العبثية في أي مكان أو زمان ، تلك الفرق التي تواجهت في ساحات المعارك لم تعلم مصيرها إلا بعد وقع الفؤوس على الرؤوس وحقيقتها أنها كانت رحلة من  فتن طويلة ولأهداف تبدو متوافقة وكان التأريخ قد نقل تلك القصص وسردها بمجلدات نقرأ منها وقع السيف على حروف الدم ، تأريخنا الحالي يعيشه البشر أنفسهم امتدادا لتلك الحق الغابرة بأحافير أقدام الخيول التي لم تطمر رغم كثرة الرمال وتجدد الأجيال ، لا أحد عاش تلك الصفحات من التأريخ لكن خطوط دونت لنا عبر تأريخ مليء بالمعارك ضد أنفسنا حتى بقت تلك الأحاديث والآيات محل تفسير وتأويل يخدم الأهواء ، إن كان الإسلام قد قُبل بكلمات توقف إراقة دم الإنسان فكيف لنا أن نقتل لاختلاف سياسي تحول إلى مذهبي ليكون وقعه أكبر وأعمق في نفوس من يجتر لمثل ذلك..!! ، العقيدة التي يحملها قادة من دعوا إلى التنازع والاقتتال يعيشون مرحلة الطمع والشراهة للملك والسيطرة على عقول الناس وأفكارهم وأرواحهم ، الوصاية على الدين مجرد مذهب ينتهجه القتلة لفتح مقابر تضاف إلى مقابرنا تحت راية النصر أو الموت .
المرحلة التي نعيشها أثبتت صراع دموي على كرسي الزعامة وتكرر هذا الصراع لم يتوقف في تكرار تلك المشاهد الحية التي نقلها لنا التأريخ مراراً تارة بالتوسع وأخرى بالسقوط ولم تكتمل المشاهد في أي عصر زاهي حتى تسقط الحصون على ساكنيها ويلقي القلم بأحداث مؤلمة تسطر على أطلال من عاشوا تلك اللحظات ، رهاننا الحالي كان على تلك التجارب التي قادتنا إلى أن لا نكون قطعان يتخطفنا القوي بجيشه ويضعفنا الضعيف ببلادته وحمقه وكان منا من أستعان بغيره على أهله ونفسه ليكون الفاتح فينا والقائد الشجاع علينا لا نحسده على تلك الفطنة التي كانت (فتنة)  حينها وبقت هي شوكة أمام عصورنا المتتالية ، إن تكرار الصراع لن يخلق دولة فتية تحكم بالعدل وتقدم العقل على الحرب وخير ما نُقل إلينا أطلال تلك الدول الواهية والضعيفة التي لم يتبقى إلا أسمها واضمحل مجدها ، كان جدير بنا أن نتعايش تحت راية السلم طالما يعيش جميعنا على هذه القطعة من الأرض وتجارب الحروب الطاحنة في أوربا أثبتت أن العقل يحل محل الحرب والمصالح الشخصية تذوب أمام أصوات الجماهير والعدل أساس بناء نسيج اجتماعي واحد وما كرسي الحكم إلا إدارة وإرادة تخدم المجتمعات .
بقائنا في فوضى وصراع يعد هلاك لتلك العقول التي تحاول بناء الوطن من الأجيال القادمة أو الحاضرة ولن يتمكن الشعب من إدارة فرصه التاريخية بشكل يخدم الجميع دون تفرقة ، ما نخشاه وتجارب بعض البلدان العربية حاضرة أمامنا في مشهد دموي يبدو طويل الأجل أن نسلك تجربة خطرة تحول البلاد إلى مذاهب متقاتلة وشيع متناحرة وجميعنا يعي جهل من يحمل السلاح في وطن يعيش جهلاً في التعليم وفشل في إدارة البلاد على مر سنوات فائتة حكمها البعض بقوة السلاح وكانت القبلية حاضرة تتخبط في سوء فشل من حكمنا ، والتقاتل على السلطة لن يورث إلا أسوء مما نحن فيه وإدارة البلاد عبر فوهات المدافع لن يولد إلا حسرة لتلك الحكمة التي بقت عالقة على شريحة واسعة من أبناء الوطن وتراجع طموحات من هجر الوطن لعله يصقل عقله لبناء الوطن واكتوى بغربة الفراق وبأخبار لا تطاق .
وتبقى رسالتنا للجميع نحن كشعب يحلم ببناء الوطن (لن نعتنق الإسلام مرتين) وما قتل الأبرياء إلا تسلق رخيص لحكم رقابنا وإن ترغيب من أتبعكم بمغانم كثيرة لن تكون إلا كمن يحفر للبحث على الكنز فتقع الحفرة على من أنفرد بحفرها ، والنفس بطبيعتها تمقت الظلم وإن كان قائم تحت دولة قوية وكغيرها من حقوق الإنسان التي تسحق حرية الفرد الذي هو أساس هذه الطبيعة ، بناء وطن يسوده العدل ويحترم العقل بقاء لنسيجنا الاجتماعي الذي يحاول البعض تقطيع أوصاله عبر دعوات سياسية (مذهبية) خداعة تنذر بكارثة جديدة لن يكون وقودها الأبرياء بقدر ما تكون نار تحرق من دعاء إليها ، الفقر الجهل الفساد الشتات كلها عناوين عريضة لبناء مشاريع سياسية صادقة تقوم عليها برامج من أراد أن يخوض غمار إخراج هذا الوطن مما هو علية وسيكون جميع الشعب يداً واحده مع النوايا الصادقة التي تتلمس حاجة المواطن بعيداً عن المتاجرة بأرواح الأبرياء في صراع دولي ومحلي يهدف لإشعال فتيل الصراع فيما بيننا لأغراض ساذجة لن نحصد منها غير مزيد من تدهور الأوضاع . 

Total time: 0.6945