يواصل المتمردون الحوثيون محاولاتهم الحثيثة من أجل السيطرة على كافة محافظات شمال البلاد، وباتوا أمس على مشارف الجنوب، باقتحامهم مدينة «رداع» في محافظة البيضاء، دون مقاومة تذكر، في حين أسفرت مواجهات، وقعت أمس، في مدينة إب، بوسط اليمن، عن سقوط العشرات بين قتيل وجريح في مصادمات جديدة شهدتها المدينة بين جماعة أنصار الله (الحوثيين) ومجموعة مسلحة من حزب الإصلاح بإسناد قبلي يعارضون تواجدهم المسلح في منطقتهم، قبل أن تتدخل وساطة قبلية يقودها محافظ المحافظة يحيى الإرياني لوقف الاشتباكات. ولم ترد أنباء مفصلة عن اقتحام رداع، وهي مدينة استراتيجية، في اليمن.
وذكر مصدر في وزارة الداخلية اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن جزءا كبيرا من منتسبي الوزارة خضعوا لتعليمات أمنية عليا بعدم المقاومة للمسلحين الحوثيين، وأشار المصدر إلى أن التوجيهات الأمنية صدرت عن وزير الداخلية اللواء الركن عبد حسين الترب. وأكد منتسبو عدد من الأجهزة الأمنية لـ«الشرق الأوسط» أنهم تلقوا تعليمات بعدم مقاومة استيلاء الحوثيين على مناطق بالمحافظات.
وكانت مصادر محلية أفادت أن مسلحي الحوثي شنوا هجوما مباغتا على منزل مدير أمن المحافظة العقيد فؤاد العطاب، وإذاعة إب، فيما أكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن الهجوم كان ردا على قيام بعض من رجال الأمن بمنع بعض عناصر الحوثي من التجول بالأسلحة بشوارع مدينة إب لتندلع على إثرها الاشتباكات جوار مبنى الإذاعة وفي منطقة السحول بين الحوثيين ومئات المسلحين من أبناء مديريات محافظة إب الذين توافدوا لإخراج مسلحي الحوثي من المحافظة التي سيطروا عليها الأسبوع الماضي. فيما شهدت المدينة نزوح عشرات الأسر إثر المواجهات.
يأتي ذلك في الوقت الذي سمحت السلطات المحلية للجماعات الحوثية بدخول المحافظة وفق اتفاق سلام، وهو ما استفز القبائل التي تطالب بخروج كافة المسلحين من المدينة من جميع الأطراف، وتجنيبها أي مظاهر عنف مجددا وإقلاق الأمن والسكينة العامة. وكانت حشود قبلية جابت شوارع المدينة وتجمعوا أمام منزل المحافظ للمطالبة برفع نقاط الحوثيين من المدينة قبل أن تندلع الاشتباكات. فيما تسيطر جماعة الحوثي المسلحة على معظم مناطق مدينة إب ويطالبون برحيل مدير أمن المحافظة المحسوب على حزب الإصلاح، وإحلال شخصية توافقية.
وجاء توقف الاشتباكات وسط مخاوف من عودتها في ظل استمرار تمركز المسلحين من الطرفين في مواقعهما قبل أن تنجح وساطة قبلية في رفع كافة النقاط المسلحة للطرفين. فيما دعا محافظ إب ما وصفها بالجماعات المسلحة إلى الخروج من المحافظة وحقن الدماء، ونقلت وكالة سبأ الحكومية عن المحافظ الإرياني قوله «إن محافظة إب لن تقبل أن تكون مسرحا لعمليات العنف والاقتتال والفوضى بين الجماعات المسلحة والمتصارعة وإنها ستتخذ جميع التدابير وفقا للإجراءات القانونية والدستورية المحددة بهذا الخصوص لحفظ النظام والقانون والسكينة العامة بما يضمن استقرار المحافظة وسلامة أبنائها».
يأتي ذلك فيما بدأ الحوثيون إزالة مخيمات الاعتصام يوم أمس من خط المطار بالعاصمة صنعاء تنفيذا لاتفاق الشراكة الذي ينص على رفعها فور الإعلان عن تسمية رئيس الحكومة الذي تم التوافق عليه قبل أيام بعد مخاض عسير. ويعيش اليمن حاليا على وقع مخاوف غير مسبوقة من اندلاع حرب طائفية في شماله وأخرى انفصالية في جنوبه، بعد سيطرة الحوثيين الشيعة على نحو 7 محافظات شمالا بينها العاصمة صنعاء، وعمران وصعدة وذمار والحديدة، فيما تدور في الأثناء اشتباكات ضارية في محافظة البيضاء المتاخمة لمحافظة إب بين مسلحين حوثيين توافدوا للمحافظة؛ ومجاميع مسلحة من «القاعدة» مدعومة بإسناد قبلي يرفض تواجدهم. الأمر الذي هيأ للطيران الحربي الحكومي فرصة تنفيذ طلعات جوية استهدفت عناصر من «القاعدة» التي تتواجد في المنطقة بكثافة.