ستعرت نيران الحرب بين تنظيم «القاعدة» والمتمردين «الحوثيين» في محافظة البيضاء وسط اليمن مرغمة آلاف السكان المحليين على الفرار في ظل استمرار غياب الجيش عن مشهد الصراع المحتدم هناك منذ عشرة أيام ملقياً بظلاله من جديد على الوضع الأمني في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين منذ 21 سبتمبر الماضي.
وقُتل 15 على الأقل من عناصر تنظيم القاعدة أمس في غارتين جويتين لطائرتين أميركيتين من دون طيار استهدفتا تجمعين لمتشددين في معقلهم الرئيسي في محافظة البيضاء وفي جبل استراتيجي يشهد معارك عنيفة بين المتشددين المسنودين بمليشيا قبلية سنية والمتمردين الحوثيين الذين قُتل 21 منهم في انفجارات عنيفة هزت في وقت مبكر امس أنحاء مدينة رداع، وسط البيضاء، وفي هجمات متوالية استهدفت الجماعة المذهبية المنتشرة في شوارع العاصمة صنعاء وأعلن التنظيم المتشدد مسؤوليته عنها
وذكرت مصادر أمنية وقبلية في البيضاء لـ(الاتحاد) إن 15 من عناصر تنظيم القاعدة قتلوا في غارتين جويتين لطائرتين أميركيتين من دون طيار هاجمتا متطرفين في منطقة «المناسح» بمديرية ولد ربيع، شمال غرب المحافظة، وفي جبل «إسبيل» الواقع على المناطق الحدودية بين البيضاء ومحافظة ذمار، جنوب صنعاء.
وفيما أكد المصدر الأمني سقوط قتلى وجرحى في صفوف مقاتلي تنظيم القاعدة، قال مسؤول محلي في مديرية «ولد ربيع» إن 15 على الأقل من عناصر تنظيم القاعدة قتلوا في هاتين الغارتين.
وذكرت مصادر قبلية أن ثلاثة أشخاص يعتقد أنهم أعضاء في تنظيم القاعدة قتلوا في غارة جوية لطائرة أميركية من دون طيار استهدفتهم في منطقة «المناسح»، التي معقل عشيرة «آل الذهب» المشهورة قبليا في البيضاء ويتزعم بعض أفرادها الجناح المحلي لـ«تنظيم القاعدة في جزيرة العرب». وذكر المسؤول المحلي أن مئات السكان في منطقة «المناسح» بدأوا النزوح إلى مناطق مجاورة آمنة خوفا من تداعيات الصراع المسلح، مشيرا إلى أن المنطقة تعرضت، ليل الجمعة السبت، للقصف بدبابات ومدافع من جهة جبل «إسبيل» الاستراتيجي الذي تضاربت الأنباء بشأن سقوطه بأيدي مقاتلي الجماعة المتمردة بعد معارك عنيفة خلفت عشرات القتلى منهم.
ونقلت وكالة أنباء محلية مملوكة للرئيس السابق علي عبدالله صالح عن مصدر أمني أن المسلحين الحوثيين «أحرزوا تقدماً كبيراً في سلسة جبال إسبيل، في أغلب المواقع، حيث إن الطيران ساعدهم في هذا التقدم».
وأفادت صحيفة «المصدر» اليمنية الأهلية والمحسوبة على حزب الإصلاح السني أن «مئات من رجال القبائل وصلوا منطقة المناسح لتعزيز جبهة القتال المحتدمة ضد مسلحي جماعة الحوثيين»، مشيرة إلى أن الوفود القبلية المسلحة تعهدت بالتصدي لما أسمته بـ«الغزو الحوثي لمحافظة البيضاء» التي ترتبط بحدود برية مع ثمان محافظات يمنية منها ثلاث محافظات تشكل بيئة آمنة للجماعات المتطرفة في اليمن.
وذكرت جماعة أنصار الشريعة المرتبطة بتنظيم القاعدة في بيان نشر على حساب تابع لها عبر موقع تويتر، أن الحوثيين قصفوا قبل صلاة الجمعة، أمس الأول، مسجداً وعدداً من المنازل في منطقة «الصرم» بمدينة رداع، مشيرة إلى أن «عناصر القبائل وأنصار الشريعة» شنوا هجوماً واسعاً على مواقع للمتمردين في المدينة «ما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى في صفوفهم».
وشن تنظيم القاعدة في وقت مبكر سلسلة هجمات مسلحة وبعبوات ناسفة على تجمعات للحوثيين في مدينة رداع، حسبما أفاد سكان محليون. وذكروا أن أربعة انفجارات عنيفة هزت أنحاء المدينة وأعقبتها اشتباكات نارية استمرت ساعات، مشيرين إلى أن مقاتلين من تنظيم القاعدة هاجموا بعبوات ناسفة، شديدة التفجير، تجمعين للمتمردين في مدرستين حكوميتين ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوفهم.
وقال أحد السكان: «يهاجم تنظيم القاعدة الحوثيين بوساطة قذائف صاروخية أو عبوات ناسفة يقوم متسللون بزرعها بالقرب من تجمعاتهم»، مؤكدا أن غالبية سكان مدينة رداع، الذين يقدر أعدادهم بنحو 60 ألف نسمة، فروا خلال الأيام الماضية إلى مناطق آمنة في البيضاء ومحافظة ذمار والعاصمة صنعاء.