مع إطلالة الذكرى العشرين لإعلان الوحدة اليمنية نتوجه إلى جماهير شعبنا اليمني على امتداد الوطن وخارجه بالتهاني والتبريكات سائلين المولى تعالى أن يعيدها على الوطن وأبنائه وقد تجسدت مجمل الحاجات والضرورات المعززة للاستقرار والوئام والنماء والأسس المحققة لوحدة قابلة للاستمرار، وانجلت مختلف الأزمات والمخاطر المحدقة بحاضر الوطن والمهددة لمستقبله. لقد تابعنا باهتمام بالغ مضامين الخطاب السياسي الذي وجهه فخامة الأخ/ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية، عشية الذكرى العشرين لإعلان الجمهورية اليمنية، وإننا إذ نؤكد على إيجابية توجيهات فخامته لإطلاق سراح المعتقلين على ذمة حرب صعدة والحراك الجنوبي، ثم توجيهاته بإطلاق سراح الصحفيين وإلغاء كل القضايا والأحكام التي صدرت بحقهم، لنعبر عن أملنا في أن يتم وضع حد مانع لتكرار مثل هذه الاعتقالات الخارجة عن نصوص الدستور والقوانين، والكف الفوري عن استخدام العنف والرصاص لقمع الاحتجاجات السلمية. وإزاء ما تضمنه الخطاب من دعوة لحوار يستثني، من الناحية العملية ومن حيث النتائج، مجمل مكونات الوطن ويختزلها في بضعة أحزاب، فإن ما يدعو للغرابة أن تكون صناعة مستقبل الوطن بناء على نتائج انتخابات تمت قبل ما يقرب من الثماني سنوات، تجمع كل القوى على أنها كانت انتخابات غير سوية وتفتقر لأدنى معايير تكافؤ الفرص والنزاهة، وان يكون ثمن أي عمل وطني تقاسم وظائف الدولة وهو الأمر الذي قاد دولة الوحدة، منذ إنشائها، للفشل وانزلق بمكوناتها للصراعات. إن توازنات القوى السياسية لم تعد تلك التي كانت عام 1990م ولا 1993م ولا عام 1994م ولا حتى عام 2006م، فضلا عن أن الأزمات القائمة ليست نفسها التي احتدمت في تلك الأزمنة، والمعالجات بالترضيات المادية والوزارية لم تعد مقبولة، فنحن الداعون لحكومة وحدة وطنية تنفذ مخرجات الحوار، لا العودة إلى تحزيب الوطن والقسمة الحزبية التي حولت الوطن إلى إقطاعية، فالأزمة هي أزمة فشل نظام الدولة البسيطة العاجز عن حمل متطلبات دولة وحدة وبناء وطن، ولم تعد قضية اتفاقات تقاسم دوائر انتخابية آو لجان انتخابات آو حتى نظام انتخابات ووزارات، وان الهروب إلى العودة إلى تقاسم مناصب وزارية آو أدوات واليات إجراء انتخابات، هو رفض للاعتراف بحقيقة الأزمات المستحكمة وللتعاطي الخلاق مع الواقع الذي أفرزته، مما سيقود الوطن إلى كوارث محققة.
لقد ظللنا ومازلنا نؤكد على إننا مع الحوار الوطني غير المشروط والذي لا يستثني أحدا، وإن ربط الحوار باتفاقيات اقتصرت على جزء من مكونات المنظومة السياسية فأمر مستغرب، خاصة وقد تجاوزت المرحلة مثل تلك الاتفاقيات المخالفة للدستور أصلا، وإن الوطن اليوم في ظل استحكام أزماته في حاجة شديدة إلى تحرك عاجل وجاد وفاعل لتفعيل مقتضيات المواطنة السوية المرتكزة على العدالة في توزيع السلطة والثروة والديمقراطية المحققة للشراكة الفعلية التي تشمل كل مكونات الوطن والتوازن السياسي والاقتصادي والاجتماعي بين مختلف فئاته ومناطقه والتنمية الشاملة المستدامة، من خلال التوجه لإعادة هيكلة نظام الدولة على نحو يلبي الحاجة لاعتماد نظام الدولة الفيدرالية على أساس إقليمين (شمال وجنوب)، المعمقة لأسس استمرار الوحدة والمعززة للاندماج والوئام والاستقرار الوطني. إننا نرحب بالحوار الذي لا يستثني أحدا ويستهدف تحقيق تلك الأهداف ونرى أن يحضره ممثلون عن أشقاء اليمن وأصدقائه للمساعدة الفنية والمادية للتنفيذ السوي لمخرجاته.
وفقنا الله جميعا وسدد على طريق الخير والصلاح والفلاح خطى الجميع ..