تباينت التفسيرات للمناورات العسكرية التي أجرتها جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) على الحدود مع السعودية، تزامناً مع انعقاد اجتماع استثنائي لدول مجلس التعاون الخليجي في الرياض؛ ففي الوقت الذي بدت فيه المناورات رسالة إلى السعودية التي ترتبط مع اليمن بأكبر شريط حدودي، ولدعوات الحوار في الرياض، كان لافتاً تزامنها مع زيارة وفد حوثي إلى طهران، تجاوباً مع مطالب إيرانية.
وأكدت مصادر محلية في منطقة "كِتاف" بمحافظة صعدة، فضلت عدم نشر اسمها، لـ"العربي الجديد" أن الحوثيين بدأوا مناوراتهم بعد عصر الخميس في منطقة وادي آل جبارة، واستمروا نحو ساعة. وأظهرت صور فوتوغرافية بثها ناشطون حوثيون على الإنترنت أن المناورات استخدمت فيها الدبابات وصواريخ "كاتيوشا".
وتقع كِتاف التابعة إدارياً لصعدة على حدود نجران السعودية. وتأتي أهمية المناورات، من كونها تتحرش بالملف الأهم بين اليمن والسعودية، متمثلاً بالحدود، إذ إنّ سيطرة الحوثيين على مناطق حدودية مع المملكة تعدّ دافع القلق الأول للسعودية من عبدالملك الحوثي، الذي أجرى لأول مرة مناورات قرب الحدود.
وكان الجيش السعودي قد دخل في مواجهات مع الحوثيين أواخر العام 2009، أثناء الحرب السادسة بين الحكومة والجماعة.
وكانت المنطقة التي أجرى فيها الحوثيون مناوراتهم مركزاً لتجمع السلفيين المناوئين للحوثي، والذين تجمعوا من مختلف المحافظات وفرضوا طوقاً على صعدة أثناء محاولة الحوثي احتياج منطقة دماج، التي هجّر الحوثي آلاف السلفيين منها أوائل عام 2014.
وفي الوقت الذي أجمعت فيه غالبية التعليقات السياسية على أنّ المناورات رسالة إلى السعودية، قلّل من شأنها مراقبون، إذ ليس بوسع الحوثي رغم كل الأسلحة والآليات التي استولى عليها من مخازن الجيش اليمني، أن يدخل في مواجهة سعودية، خصوصاً أن سيطرته في الداخل هشة ومهدّدة في أي لحظة.
واللافت أن المناورات التي بدأ الإعداد لها منذ أسبوع جاءت بالتزامن مع وجود وفد حوثي رفيع بصفة حكومية في طهران، وأعلن عند عودته مساء الخميس، توقيع عدد من الاتفاقيات الاقتصادية مع إيران، ما يعزز من احتمال أن يكون الحوثيون قد قاموا بالمناورات في سياق التقرب من طهران، لكي تسخى بالدعم الاقتصادي.
وبحسب رئيس المكتب السياسي للجماعة، صالح الصماد، الذي ترأس الوفد إلى طهران، فقد تم التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجالات عديدة مع إيران، وتم التركيز على الأولويات المتمثلة بالنفط والكهرباء، وإعادة تأهيل وتوسيع بعض المرافق الحيوية من مطارات وموانئ، إذ تعهد الجانب الإيراني بتأمين احتياجات اليمن من المشتقات النفطية لمدّة عام.
كما تعهد بإنشاء محطات كهربائية يبدأ العمل فيها على مرحلتين؛ الأولى تبدأ بإنشاء محطة كهربائية بطاقة 165 ميجاواط بشكل عاجل، يتم التفاهم حول إجراءات التنفيذ خلال شهر، والثانية بإرسال خبراء لإجراء دراسة لإنشاء 3 محطات بطاقة 1200 ميجاواط"، بحسب المصدر نفسه.
إضافة إلى ذلك، أعلن الصماد أنه جرى التفاهم على قيام شركات إيرانية عملاقة بإعادة تأهيل وتوسيع ميناء الحديدة غربي البلاد. ويعد الميناء من أهم الموانئ البحرية اليمنية وهو أقرب الموانئ إلى صنعاء وصعدة والحدود السعودية. ومن شأن الاتفاق أن يجعل المنفذ معبراً لنقل دعم استراتيجي عسكري للحوثيين، كما يزيد من نفوذ إيران في البحر الأحمر.
وعلى الرغم من المرونة التي أظهرها مجلس التعاون الخليجي في الاجتماع الأخير بالرياض بالتأكيد على أن دعوة الحوار لا تستثني الحوثيين، لم يظهر الحوثيون تجاوباً، وقد اعتبر المتحدث الرسمي باسم الجماعة محمد عبدالسلام أن دعوة نقل الحوار إلى الرياض لم تأتِ استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي "فقد تم عرض نقل الحوار الى الخارج قبل طلب هادي بأسابيع وقبل أن يعرف هادي نفسه بذلك". وأضاف أن "هناك سعياً حقيقياً إلى تكريس الدور الخارجي في شؤون اليمن وترسيخ فكرة في الذهنية اليمنية مفادها أننا لا نستطيع أن نحل مشاكلنا إلا خارج الوطن".
مناورات الحوثي: رسالة إيرانية للسعودية
اخبار الساعة - العربي الجديد