أخبار الساعة » السياسية » اخبار اليمن

عاصفة الحزم تحول صنعاء إلى محطة مغادرة نحو القرن الافريقي ونزوح جماعي مستمر

- صنعاء
ركت «ريان« منهجها المدرسي فوق طاولة المنزل وتركت معه أقلامها ودفاترها وأوراق نتائج الامتحانات ذات الدرجات العالية، تركت كل شيء وغادرت اليمن مع أسرتها السودانية وهي تعلم أنها لن تعود مجددًا بعد أن قضت كل حياتها بين أحضانها، غادرت وهي على بعد بضعة أسابيع لامتحان شهادة الثانوية العامة التي طالما انتظرتها لتكون بوابة دخولها التعليم العالي لصناعة مستقبلها الذي تحلم به.
 
تنتسب «ريان« ذات الربيع الثامن عشر لأسرة سودانية دخلت اليمن عام 1981م وذلك ضمن المساعدات التعليمية التي قدمتها الكويت آنذاك، والدتها «منى« عملت كمعلمة وارتبطت بالمجتمع اليمني فقررت مع زوجها «صلاح محمد فضل« أن يبقوا في اليمن بقية حياتهم بيد أن «عاصفة الحزم« كان لها رأي آخر وأجبرتهم على المغادرة.
 
في الثامنة والنصف من مساء الثلاثاء الماضي جمعني بهم لقاء أسري مفاجئ، أبلغوني فيه عن قرار رحيلهم بعد أن تصاعدت وتيرة الأحداث في اليمن وأجبرتهم على الرحيل المحزن لكلينا الذي عمل على تشتيت علاقتنا بعد أن كنا على بعد عدة أشهر لنصبح أسرة واحدة يجمعننا المصاهرة بابنتهم «ريم« التي تقدمت لخطبتها قبل عامين وكان من المقرر أن ندخل القفص الزوجي في صيف هذا العام.
 
تركوا كل أغراضهم الشخصية وذكرياتهم الجميلة في اليمن ورحلوا مع من تم اجلائهم من اليمن، عمي «صلاح« قام بوضع مفتاح منزلهم «الايجار« بين يدي وبنبرة حزينة قال: انتبه على «السيكل – دراجته الهوائية التي يتنقل بها« دون أن نتحدث عن: «ماذا بعد« ومازال هذا السؤال يؤرقني حتى الآن.
 
مائة ألف يمني نازح:
 
هذه الأسرة ليست الوحيدة التي رحلت وتركت خلفها كل شيء لتنجو بحياتها، هناك الكثير، منظمة اليونسيف تحدثت عن أكثر من 100 ألف يمني فروا من منازلهم منذ بدء عملية «عاصفة الحزم« وصحيفة «حديث المدينة عدد 5 ابريل« تحدثت عن 2000 يمني نزحوا إلى القرن الأفريقي عبر ميناء المخا، والعدد قابل للارتفاع كل لحظة.
تقرير صدر الاثنين الماضي عن حركة طلائع شباب اليمن الثورية قال إن حوالي من 15 إلى 17 ألف مواطنًا قام بالنزوح من مكان اقامته الدائمة، فيما تعرض 114 تجمعًا سكنيًا للقصف بالإضافة إلى 936 منزلًا بينها 17 منزلا تم تدميرها بالكامل فوق رؤوس ساكنيها، وبالتأكيد ارتفع ذلك العدد.
وفي أسواق السلع الكمالية بصنعاء تجد المحال التجارية تبرز «حقائب السفر« بشكل ملفت حتى تلك المحال التي ليست لها علاقة ببيع الحقائب ولكن الكثير من المواطنين يقبلوا على شراءها استعدادًا للرحيل بحسب أحد أصحاب المحلات في سوق شارع هايل بالعاصمة الذي قال: «باقي معانا أربع شنط بتشتري أو بتتفرج؟«.
 
رحلة نزوح من محطات الوقود:
 
في طوابير محطات النفط تجد سيارات «البيجوت« بكثرة التي تختص بنقل المسافرين من صنعاء وإلى أي مدينة أخرى، تجد الكثير يتحدى الساعات الطويلة في الطابور حتى يتمكن من الحصول على (40 لتر) من البترول ليتمكن من السفر بسيارته الخاصة، لا يستطيع الحصول على أكثر من هذه الكمية بحسب تعميم اللجنة الثورية بعدم حصولهم على أكثر من هذه الكمية بسبب انعدام النفط، الحل الوحيد الذي يمكنهم من الحصول على كمية أكبر هي العودة لبداية الطابور ليحصل على المزيد بعد ساعات طويلة يقضيها في سيارته منتظرًا الفرج، ربما تصل الساعات إلى 48 ساعة.
 
ناهيك عن اغلاق محطات البترول في الثامنة مساء من كل يوم تخوفًا من استهدافها بعد أن تم استهداف محطتي وقود في يريم ورازح ومصافي صافر لتكرير النفط وقافلتي نفط بحسب تقرير طلائع اليمن الثورية.
شوارع صنعاء تبدو فارغة في وقت ذروتها المعتادة، الكثير غادر هربًا من الموت الذي قد يتعرض له من طائرات التحالف التي لا تتوقف عن القصف، والكثير تجاهل امتلاكه سيارة وقام بركنها امام منزله أو في المكان الذي انطفأت فيه بعد أن فرغت من الوقود، والأكثر دومًا هم أولئك الذين يقفون في طوابير النفط.
 
ردود فعل قاصرة:
 
الناطق الرسمي لحملة عاصفة الحزم «أحمد عسيري« يتحدث يوميًا عن إنجازات الضربات التي تقودها حكومة بلاده بتحالف مع دول أخرى، لكنه يتغافل أنهم يضربون الجيش اليمني وليس الجماعات المُسلحة، ينسى أن يتحدث عن الأزمة الإنسانية التي تقتل الشعب اليمني بهدوء سيما تدهور الوضع الاقتصادي في عموم محافظات البلاد نتيجة الحظر الجوي الذي يمنع دخول المنتجات والأغذية ومساعدات الاغاثة الدولية والهلال الاحمر والصليب الأحمر مما يهدد حياة أربعة وعشرين مليون مواطن يمني.
يتناسى إن الحظر الجوي تسبب في منع أكثر من 10۰۰۰ مواطن يمني من الوصول إلى أراضيهم -معظمهم حالات مرضية، وبحسب نائب رئيس مجلس إدارة شركة الخطوط الجوية اليمنية للشئون التجارية «محمد عبدالحميد المخلافي« والنائب للشئون المالية «عادل سعيد العطاس« أوضحا إن خسائر الشركة وصلت خلال الأسبوعين الماضيين إلى 11 مليون و 404 آلاف دولار وهي خسائر ستؤدي بالضرورة إلى إحداث أضرار كبيرة على الاقتصاد اليمني.
 
مركز الإعلام الاقتصادي تحدث عن هذه الأضرار بقوله إن أكثر من مليار دولار هي خسائر الاقتصاد اليمني منذ بدء الضربات الجوية على اليمن وإن 12 مليون مواطن بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
 
ناهيك عن أن الحصار على الموانئ تسبب في منع وصول الحاجات الأساسية للعيش مما يعمل على تفاقم أزمة اقتصادية لليمنيين سيما أن اليمن تستورد 90% من احتياجاتها الغذائية وان الطرق البحرية والجوية والأرضية مقطوعة بحسب ما تحدثت عنه المتحدثة الرسمية باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء «ماري كلير فغالي« لوكالة «فرانس برس« الإخبارية والتي أكدت أن الحرب تؤثر بشكل كبير على البنى التحتية لاسيما شبكات المياه الشحيحة أصلا في صنعاء.
 
وأضافت أن الوضع الإنساني في عدن كارثي وأن «الجثث لا تزال ملقاة في الشوارع« فيما «يتعرض العاملون في الهلال الأحمر للقنص عند محاولتهم انتشالها.«
 
انعدام اللوازم الطبية:
 
وفيما يعلن مجلس الأمن أنه مع الحملة العسكرية متناسيًا إن واجباته الأساسية هي منع الحروب والاقتال في العالم؛ أعلنت كافة المستشفيات عن انعدام شبه كلي للأدوية ومواد الإسعافات الأولية، وبحسب «ماري كلير« فإن «الوضع الأخطر هو في المجال الصحي إذ نفدت اللوازم الطبية والجراحية كما لا توجد الخبرات المطلوبة للتعامل مع الإصابات«.
 
واختمت بقولها «الأولوية بالنسبة للصليب الأحمر حاليا هي أن تستمر المستشفيات بالعمل وان نقوم بإنقاذ حياة أكبر عدد من الأشخاص«.
 
«عاصفة الحزم« هي عدوان على اليمن وجيشها وليس جيش الحوثي وتعمل على تدميره ومعداته ولا ندري ما هو القادم، وهي موت بطيء بحق الشعب اليمني في الداخل والخارج الذي يعاني الكثير.
إنها حرب غير مشروعة وغير مُقننة سيما أن الذي دعا للتدخل هو رئيس مُستقيل كان الشعب اليمني والقوى السياسية اليمنية قد قدمته كرئيس توافقي وانتخبه الجميع وانتظروا منه كرئيس بعد ثورة أن يعمل على النهوض باليمن والقضاء على الفساد لكن الوضع في عهده شهد انفلاتًا أمنيًا كبيرًا وزيادة في معدل الفساد والمحسوبية ويقوم الآن بمكافئة اليمن بتدميرها وإدارتها من الخارج بطريقته القديمة وهي إصدار قرارات التعيين فقط التي تقدمه بأنه رئيس التعيينات وليس رئيسًا للشعب اليمني بأكمله.

Total time: 0.0458