تحتاج السعودية وحلفاؤها إلى اعادة النظر في أهداف غاراتهم على اليمن، فهي لم تنجح في كسر إرادة الحوثيين ولا بأي شكل.
بدأ الحوثيون حملتهم في اليمن، وتمكنوا من السيطرة على صنعاء بدعم من أنصار حليفهم الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
على إثر ذلك شكل العاهل السعودي الجديد الملك سلمان تحالفا في شهر مارس/آذار الماضي ، حين كان الحوثيون يقتربون من السيطرة على مدينة عدن في الجنوب.
ومنذ ذلك الوقت شنت طائرات التحالف غارات يومية على اليمن، أفقر بلد عربي.
عدو مشترك
خلال إحدى الغارات على صنعاء قبل بضعة أيام تجول محمد علي الحوثي في محيط القصر الرئاسي، غير آبه لأصوات قاذفات الصواريخ وأزيز الطائرات.
قال ضاحكا "لسنا قلقين. الشعب اليمني يستطيع أن يقاتل، وهم يدركون ذلك".
كرئيس للمجلس الثوري للحوثيين، يعتبر الحوثي رئيسا لليمن كذلك، لكنه لا يحظى باعتراف دولي.
حين سألته إن كان مستعدا لقبول إعادة عبد ربه منصور هادي إلى السلطة، ضحك مرة أخرى.
تبنى مجلس الأمن المطالب السعودية بإعادة هادي إلى السلطة.
ويجد محمد علي الحوثي هذه المطالب غير معقولة، ويتفق معه في ذلك آخرون من خارج دائرة الحوثيين.
وبعد حديثنا تابع الحوثي جولته في محيط القصر، ثم مضى في شارع تجاري، لوح للمؤيدين ووزع النقود على الأطفال.
ينظر الكثيرون إلى الرئيس هادي على أنه خائن، ترك البلاد لمصيرها وهرب.
والكثير من اليمنيين لا يحبون ولا يثقون بالحوثيين، لكن مع استمرار الغارات بإمكانهم الاتفاق على عدو مشترك.
سألته عن اتهامات السعودية بأن الحوثيين أدوات في يد إيران، نفى ذلك، وقال "نحن لدينا أسلحتنا، لدينا جيشنا، لدينا بلدنا.قلنا لهم إذا كانت لديكم عداوة مع إيران فهاجموها لماذا تهاجموننا؟".
حرب باردة
وبالنسبة للسعودية فإن إرسال رسالة إلى إيران بنفس أهمية لي ذراع الحوثيين.
حين تحدثت إلى مسؤولين سعوديين رفيعي المستوى في بداية الحملة العسكرية لم يذكروا الحوثيين، بل تحدثوا عن الخطر الذي تشكله إيران.
ويعد أكبر نزاع في الشرق الأوسط الآن الحرب الباردة بين السعودية وإيران، وهو ليس السبب الوحيد للقلاقل في المنطقة، لكنه من بين أهم الاسباب، ويؤدي إلى تفاقم العنف وعدم الاستقرار في لبنان، واذكاء الحروب في العراق وسوريا.
وقال دبلوماسيون غربيون ممن لديهم خبرة في الشأن اليمني إن الحوثيين تلقوا التدريب في إيران وحصلوا على الأسلحة منها، ولديهم منها الكثير.
وتعتبر اليمن واحدا من البلدان الأشد تسليحا في العالم.
أما الغرب فهو يعتقد أن للحوثيين مصالح وأهدافا مشتركة مع إيران والشيعة في المنطقة، لكنهم لا يتلقون أوامر من طهران.
ومهما كانت درجة التعاون بين الحوثيين وإيران فإن السعودية وحلفاءها اختاروا اليمن ليرسلوا عبره رسالة صارمة إلى إيران مفادها أنهم لن يسمحوا بالعبث في الجوار.
وكما هي العادة في الحروب الحديثة، يسقط المدنيون ضحايا.
زرت إحدى المدارس الإحدى عشر التي تستخدم لإيواء النازحين في صنعاء.
جلس أحد الرجال واسمه محمود مع زوجته وابنته وكانوا قد نزحوا عن بلدتهم بعد أن قتل 24 من جيرانهم جراء إحدى الغارات الجوية.
روى لي محمود قصته.
لم تكن في بلده قاعدة عسكرية، لكنها كانت قريبة من الحدود السعودية. ودمرت الغارات كل شيء فيها: المدارس، المنازل، المساجد، المستشفيات.
وتساءل محمود بمرارة "لماذا يقتلون النساء والأطفال ؟ لماذا يدمرون منازلنا وممتلكاتنا" ؟
وأصبح التمرد والحرب الأهلية من الأشياء المألوفة في اليمن، لكن ما يحدث الآن مختلف، حيث يجري جر اليمنيين إلى مواجهة أكبر.
ويقول اليمنيون إنهم لو تركوا لشأنهم لاستطاعوا التفاهم فيما بينهم، لكن المشكلة أنهم نادرا ما يمنحون هذه الفرصة.