وجه المرجع الإسلامي الإمام الشيخ حسين المؤيد خطابا الى الشعب اليمني وشباب الثورة في اليمن الشقيق هذا نصه :
أيها الشعب اليمني العظيم يا شباب الثورة الأبطال الصامدين .. تمر ثورتكم الجماهيرية المجيدة في اليمن في هذه المرحلة بمنعطف دقيق وخطير يتطلب درجة عالية من الوعي ورهافة الحس وإدراك المسؤولية وتمثلها .لقد إقتربتم بعد نضال دامٍ و شاق وصبر و جلد و ثبات من الوصول الى الاهداف التي ثرتم من أجل تحقيقها وقدمتم في سبيلها الدماء الزكية والضحايا الذين إستعدوا للفداء وضربوا مثلا رائعا في الإيثار من أجل مصلحة الوطن والامة و في سبيل الإنتصار للكرامة الإنسانية وتحقيق المستقبل الزاهر لليمن و أجياله ، ولم يبق من الشوط الا أقله لتحقيق الإنتصار الحاسم بإسقاط النظام الفاسد و إقامة الحكم الرشيد الذي يجسد العدالة والمدنية ويعمل على تغيير الاوضاع الفاسدة والسلبية وفتح صفحة جديدة في تاريخ اليمن بفعل كفاح جماهيري تاريخي بلورته إرادة الشعب اليمني المستندة الى مطالباته العادلة والمشروعة وطموحه الخلاق في إضاءة الحاضر وصناعة المستقبل .ان الامة العربية والاسلامية وهي تتابع أحداث ثورتكم و نضالها الذي إمتزجت فيه الشجاعة بالحكمة و السياسة بالتضحية والبطولة بالوعي منبهرة بكم و بهذا المستوى الرفيع والنموذج الفذ الذي قدمتموه للتاريخ والذي سيكون بلاريب درسا بليغا للامم و تجربة نضالية مكتنزة بأروع المعاني و أسمى العبر وهي مثار فخر وإعتزاز للأمة كلها وقد أفصحت عن جوانب السمو ومكنونات الإبداع و الرقي في الشعب اليمني العريق .انني مهتم بالغ الإهتمام في هذا المقطع التاريخي من ثورتكم بالتأكيد على النقاط التالية :
اولا : ضرورة إستمرار الثورة و بالزخم الثوري ذاته وبالحرارة التي إنطلقت بها الثورة وثبتت رغم كل محاولات قمعها و بعثرتها .في هذا الظرف الحساس قد تحاول جهات مشبوهة العمل على خفض حرارة الثورة و إيقاف غليانها لتمرير حلول سياسية باهتة لاتصب في مصلحة اليمن وشعبه .
ان من المنطقي ان تبقى الثورة مشتعلة بالزخم نفسه حتى تحقيق أهدافها التي نادى بها شباب الثورة والتي هي تعبير عن استحقاقات طبيعية ومطالب عادلة وطموح وطني مشروع .
ثانيا : ضرورة حفاظ الثورة على جوهرها الإنساني والقيمي الذي يشكل محتواه عناصر أساسية في شخصية المواطن العربي و المسلم عامة والمواطن اليمني خاصة .
ان هذا الجوهر الانساني و القيمي هو الذي منح الثورة حقانيتها وهو الذي أكسبها التعاطف والتأييد وهو الذي أعطاها صفتها النضالية العادلة و كان له الدور الأكبر في إنجاح خطواتها وهي تغذ السير نحو أهدافها ، فلابد أن تستمر الثورة محافظة على هذا الجوهر الانساني و القيمي لتبقى مطبوعة بطابعه الذي قدم للثورة كل تلك المعاني والمعطيات ، ومن الضروري جدا ان يعمل شباب الثورة على وأد اي حركة خارجة عن هذا السياق ربما تكون من أناس مندسين بهدف وصم الحراك الثوري النضالي بسمات العبث والتخريب وفصله عن جوهره الانساني والقيمي .
ثالثا : ضرورة الوقوف بوعي وحزم امام التدخل الاجنبي المباشر وغير المباشر الذي يرمي الى تكريس النفوذ الاستعماري و الالتفاف على الثورة و تفريغها من محتواها و تجييرها لسياساته المناهضة لإرادة الشعوب و طموحاتها و تطلعاتها .
اننا نعبرعن بالغ قلقنا من التدخل الامريكي في شؤون اليمن وثورتها ومحاولات فرض الوصاية على الشعوب العربية بمختلف الوسائل وعبر النفاق السياسي المفضوح .
ان الامة امام حقيقة تبلورت من خلال تجاربها النضالية الماضية وتجاربها النضالية الحاضرة في حركة الجماهير العربية وثوراتها وكذلك في تاريخ ممارسات التدخل الاجنبي حقيقة ان التدخل الاجنبي لم يكن الا عاملا سلبيا مضرا بنضال الامة وحركتها نحو اهدافها ، فلابد أن يكون الشعب اليمني وشباب الثورة -وهم كذلك -على درجة عالية من الوعي ورهافة الحس إزاء هذا التدخل مدركين انهم بما يمتلكونه من طاقة ثورية وقوة على الارض قادرون على فرض ارادتهم فلا مبرر للركون الى الاجنبي الذي لايتحرك الا بوحي مصالحه الاستعمارية ونظرته للسياسة والحياة والتي لاتتطابق مع منظومتنا القيمية و المفاهيمية .
رابعا : ضرورة رفض الحلول التي تؤدي في واقعها الى إجهاض الثورة او حرفها عن مساراتها او تمييع تماسكها او تفريغها من محتواها او ابعادها عن كامل اهدافها او تغليب مصالح الاخرين على مصلحتها تحت مختلف الاقنعة والمبررات .
ان الشخصيات السياسية المعارضة يجب أن تتصرف بمسؤولية عالية على هذا الصعيد وأن تضع نصب عينها مصلحة شعبها الذي قدم التضحيات الجسيمة في ثورة أدهشت العالم كله في هذا العصر ، وإنني على يقين بأن شباب الثورة وهم الذين خاضوا في الميادين تجربتهم النضالية وعاشوها ليلا ونهارا وعبروا عن وعي وطني كبير لن يسمحوا بتمرير مثل هذه الحلول ، انهم تعبير عن الارادة الجماهيرية للشعب اليمني فلابد أن يتصرفوا بمستوى هذه الارادة .
ان اي تهاون في هذا المجال سيترك أعمق الاثار السلبية ليس على مستقبل اليمن فحسب و إنما على مستقبل الوضع العربي كله فلا مجال للمساومة على حساب مستقبل اليمن والامة ، ولابد ان يأتي الحل منسجما مع متطلبات التغيير الذي خاض الشعب اليمني نضاله من أجل الوصول اليه .
خامسا : ضرورة الحفاظ على وحدة اليمن أرضا و شعبا والحفاظ على تماسك النسيج الوطني المجتمعي و عدم فسح المجال امام اية ثغرات ربما يتم العمل على فتحها لضرب أبناء اليمن و جرهم الى معارك داخلية أو جانبية و إثارة النعرات القبلية او المناطقية او المذهبية .
ان الثوابت الوطنية يجب ان تكون الاساس الذي تتحرك في ضوئه الثورة و الاطار الذي يؤطر العمل السياسي و الاجتماعي لشباب الثورة و للقوى السياسية المناضلة و ادعو كافة القوى السياسية المناضلة الى وحدة الكلمة و التماهي مع متطلبات التغيير في اليمن .
انني اذ احييكم و اعبر عن عظيم تقديري لنضالكم و ثورتكم أسأل الله تعالى أن يتوج هذا النضال بالنصر الحاسم و المؤزر الذي يفتح افقا جديدا واعدا لمستقبل اليمن و الامة كلها و بالله التوفيق .