فجأة حولت موجة حرب اليمن غير الحاسمة اتجاهها لتعطي دفعة معنوية وربما قوة دفع عسكرية حاسمة للقوات المدعومة من دول الخليج العربية والتي تسعى لكسر شوكة الحوثيين الذين تراهم ألعوبة في يد إيران.
ويقف ضياع ميناء عدن الجنوبي الاستراتيجي من يد الحوثيين في غضون أيام قلائل شاهدا على هذا التحول.
كانت جماعة الحوثي يوما جماعة مغمورة تنشط في الريف قبل أن تستقطب الأضواء العامة السنة الماضية ثم تصبح لها اليد العليا في حرب أهلية على مدى أربعة أشهر.
والخطوة القادمة ستحدد مصير استقرار بلد تعتمل فيه أجواء التنافس بين القوتين الإقليميتين السعودية وإيران ويطل على طرق بحرية مهمة ويوفر ملاذا لأجرأ أجنحة تنظيم القاعدة.
قال عبد الخالق عبد الله خبير العلوم السياسية بالإمارات العربية المتحدة إن دول الخليج العربية ترى في اليمن أرضا تثبت فيها عزيمتها على مواجهة طهران مشيرا إلى إن السيطرة على عدن الأسبوع الماضي تبرهن على قوة هذا العزم.
وأضاف “إذا كانت أمريكا وإيران على وفاق الآن… فهذا يصور ما هو آت – نحن مستعدون للدفاع عن حلبتنا” في إشارة إلى الاتفاق النووي الذي توصلت إليها القوى العالمية الكبرى مع إيران والذي يمكن أن يمهد لتقارب بينها وبين الولايات المتحدة.
ومضى قائلا “في هذه اللعبة التي تكون محصلتها صفرا تحول ميزان القوى بالمنطقة لصالح دول الخليج بعد خسارة إيران في اليمن.”
وتمكن آلاف من أفراد القوات المناهضة للحوثيين من انتزاع السيطرة على عدن لأسباب منها جهد عسكري أعدت له دول الخليج العربية على مدى أسابيع طويلة ودربت لأجله متطوعين يمنيين.
ونشرت الدول الخليجية بما فيها السعودية والإمارات بعضا من قواتها الخاصة وساندت المجهود الحربي بمئات من الضربات الجوية.
* التحالف مع صالح
لكن ما تحقق من تقدم ربما يعود في جانب منه لجهود إضعاف دعامة رئيسية من دعائم قوة الحوثيين تتمثل في التحالف مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي تدين له بالولاء وحدات بالجيش ربما كانت أقوى قوة عسكرية في البلاد.
وتكمن جذور هذه العلاقة في التكتيك لا في التعاطف الأيديولوجي. فصالح والحوثيون كانا يوما خصمين عتيدين لكن جمعت بينهما العام الماضي قضية مشتركة ضد أعداء مشتركين.
وهذه الخطوة التي تتماشى مع التحولات المستمرة على الساحة السياسية باليمن أعطت الحوثيين تميزا واضحا على أرض المعركة.
ويقول دبلوماسيون وسياسيون يمنيون إن ممثلين عن صالح -الذي حاصر الموالون له عدن مع الحوثيين في مارس آذار وابريل نيسان- يتفاوضون مع دبلوماسيين من الإمارات.
فإن كللت الخطوة بالنجاح فقد تعطي قوة دفع حاسمة للدول الخليجية المتحالفة مع الولايات المتحدة التي تدخلت عسكريا في مارس آذار لإعادة السلطة إلى الرئيس عبد ربه منصور هادي واحتواء نفوذ إيران بالمنطقة.
وقال فارع المسلمي خبير الشؤون اليمنية في مركز كارنيجي للشرق الأوسط “تعمل دول الخليج على التدريب العسكري والتزويد بالسلاح الذي ساق الأحداث في اليمن لكنها تعمل في نفس الوقت من خلف الأبواب على فصل صالح عن الحوثيين.”
وقال عادل الشجاع القيادي بالحزب الذي يتزعمه صالح في حديث لرويترز إن المفاوضات بين ممثلي الرئيس السابق والولايات المتحدة وبريطانيا والإمارات “لإيجاد حل سياسي للأزمة… حققت تقدما كبيرا حتى الآن.”
وقلل دبلوماسي غربي اتصلت به رويترز من أهمية الاتصالات قائلا إنها تأتي في إطار مناقشات معتادة مع المسؤولين اليمنيين. ونفى حزب صالح عقد أي لقاءات في بيان رسمي وكتب مسؤول بالحزب تغريدة قال فيها إن صالح يعارض فكرة مغادرة البلاد.
وقال سياسي من الحكومة اليمنية إن المحادثات تركزت على رحيل صالح عن اليمن. وكان الرئيس السابق خلال عقوده الثلاثة في السلطة قد نجح في الحفاظ على توازن حساس بين الجماعات المسلحة والجماعات القبلية المتنافسة.
* السياسة رأسا على عقب
رغم أنه أرغم على التنحي عام 2012 في إطار خطة انتقال سياسي توسط فيها الخليج عقب احتجاجات حاشدة على حكمه ظل صالح لاعبا سياسيا مؤثرا يعمل من خلف الكواليس متمتعا بحصانة بموجب الاتفاق.
والآن.. بات مصير صالح محل تساؤل من جديد. وقال دبلوماسي إن صالح “يراهن كدأبه.. لكنه يراهن الآن على البقاء أكثر منه على السلطة.”
أيد صالح الحوثيين عندما سيطروا على العاصمة صنعاء في سبتمبر ايلول وزحفوا جنوبا باتجاه عدن مع قوات صالح مما دفع العرب للتدخل في 26 مارس.