أكد خبير سياسي متخصص في شؤون العراق وإيران أن الخطر الإيراني على دول الخليج حقيقة وليس مجرد تضخيم كما يشاع أحياناً، مشيراً إلى تصاعد روح الاستعلاء والاحتقار لدى (الفرس) من بين أطياف الشعب العراقي نحو العرب والخليجيين.
وكشف الخبير المعروف عن وجود صفقة إيرانية - أمريكية يرى أن دول الخليج ستكون ضحيتها الأولى، معتبراً أن العلاقات بين إيران وأمريكا متنامية، ومؤكداً وجود نظرية "أم القرى" الإيرانية التي تشير إلى خلع تلك الصفة عن مكة المكرمة ومنحها لمدينة "قم" الإيرانية.
جاء ذلك ضمن حلقة جديدة من برنامج "واجه الصحافة" الذي يعدّه ويقدمه الإعلامي داود الشريان، واستضاف فيه المتخصص الكويتي في الشأن العراقي والإيراني د. عبدالله النفيسي.
قم بديلاً لمكة
وأضاف النفيسي أن المستأثرين بالحكم في إيران هم (الفرس)، متطرقاً تاريخياً إلى جوانب من تحالفاتهم خلال فترة الدولة العثمانية مع دول أوروبية لمحاولة الوصول للأماكن المقدسة، ومشيراً إلى أن محاولاتهم لم تتوقف، وليس آخرها ما صرح به قبل شهر ونصف الجنرال فيروز أبادي الذي أكد التمسك بتبعية الخليج لإيران.
وقال إن المؤسسات الصلبة كالجيش والباسيج ونحوهما تتبع للمرشد الأعلى في إيران مباشرة، ومذكراً بأن نظرية "أم القرى" الإيرانية التي يقف خلفها د. محمد لاريجاني، والذي وصفه النفيسي بأنه "من أخطر الشخصيات التي لا يتنبه لها الخليجيون"، جاءت بطلب المرشد الأعلى لتكون خارطة إيران خلال الخمسين سنة القادمة، وكان من أهم معالمها خلع صفة مكة على مدينة "قم" الإيرانية. وكذلك أهمية الزحف السلمي والإعلامي وحتى العسكري على دول الخليج.
انتماء "براجماتي"
وأكد النفيسي أن انتماء إيران للتشيّع إنما هو في حقيقته انتماء "براجماتي"، وأيضاً يمثل لإيران "حصان طروادة" نحو دول الخليج. معتبراً أن الكثير من الشيعة اكتشفوا على إثر الحرب العراقية – الإيرانية زيف وعود النظام.
واعتبر أن الثورة الإيرانية في مرحلتها الثالثة التي تمر بها الآن نجحت في الوصول لأماكن بعيدة مثل تشيلي.
ورأى النفيسي أن روح الاستعلاء والاحتقار للعرب تتنامى وسط الشعب الإيراني خصوصاً (الفرس)، وأن إيران نفسها تشعر بأنها في "عزلة ثقافية ونفسية" في المحيط الخليجي، وأن الأعراق الأخرى داخلها مثل الأكراد "مهمشون تماماً".
تعاون إيراني – أمريكي
وأشار النفيسي إلى أنه لم يعد يخفى وجود علاقات حقيقية بين إيران وأمريكا من جهة، وإيران وإسرائيل من جهة أخرى، وأن تلك العلاقات لها جذور تاريخية، معتبراً أن إسرائيل وجدت في تلك العلاقة بالإضافة لعلاقتها مع تركيا "مخرجاً من عزلتها".
واستشهد بمقولة لأوساط إيرانية رفيعة ترى أن "إيران تضيع وقتها مع العرب"، نافياً توقعات خلال المرحلة الحالية بحدوث "أي تنسيق تركي - إيراني"، خصوصاً في ظل أن المؤسسات التركية والحرس القديم خصوصاً في تركيا بدأ يشهد ولادة نظرة جديدة إيجابية نحو العرب.
وحذر من نجاح إيران الغنية بالثروات، حسب وصفه، في شراء ولاء الأحزاب والتنظيمات في كل الاتجاهات، وقال إنه لا يضرها أن تمنح "حماس" 23 مليون دولار شهرياً.
سوريا "رئة إيرانية"
واعتبر النفيسي أن سوريا تمثل "الرئة الإيرانية" في العالم العربي، وأن خسارة إيران للنظام السوري كارثة لمصالحها وحضورها في المنطقة العربية، وأنها في ذات الوقت تتكئ على القضايا العربية مثل القضية الفلسطينية لتمرير أهداف من خلال إظهار مساندتها والتعاطف معها وصولاً إلى هدفها الحقيقي وهو "اختراق العرب".
وفيما رأى أن الأهمية الكبرى للنظام السوري الحالي هي خدمة ودعم "حزب الله" في لبنان، إلا أنه اعتبر أن الأخير لن يخسر بسقوط ذلك النظام سوى "الوسيط الجغرافي".
خيارات الأمن الخليجي
وعاد النفيسي للتأكيد على التعاون السري بين أمريكا وإيران، مؤكداً أن "الأمريكان استخدموا الدعم الإيراني لإسقاط حكومة طالبان"، وأن ذلك كان سعياً من إيران لكسب "ود أمريكا"، مثلما تعاونت معها أيضاً في عام 2003 لإسقاط "نظام صدام حسين".
وكشف عن أن التعاون الإيراني مع أمريكا يعمل لتغيير النظرة نحو إيران "إيجاباً" لدرجة أنه يوجد تكتل من أعضاء الكونغرس يعرف بـ"اللوبي الإيراني"، يدعو باستمرار إلى اعتبار إيران "حليفاً استراتيجياً".
واستغرب النفيسي "تجاهل دول الخليج لحقيقة التواصل الإيراني –الأمريكي"، مطالباً بسرعة قيام الكونفيدرالية الخليجية لتكون على رأس الخيارات العاجلة لمواجهة إيران، ومطالباً بمنع الإيرانيين من الدخول إلى دول الخليج العربي.
ودعا دول الخليج العربي إلى "استكشاف حيثيات العلاقة الإيرانية – الأمريكية"، مؤكداً أنها ستكون "الضحية الكبرى لصفقة خطيرة بين أمريكا وإيران يتم التجهيز لها".
وتطرق د. النفيسي إلى التحذير من خطورة التغلغل الإيراني في الجزر الإريترية واستئجار الحرس الثوري ثلاثاً منها واستئجار إسرائيل للبعض الآخر، حيث يمثل ذلك خطراً كبيرة على أمن المنطقة، محذراً من أنه يجب على دول الخليج "اعتبار أمن اليمن أمنها" وسرعة وضع حلول ناجعة لـ"الملف الحوثي".